تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » رحــــــلة الشـــــارقة !!

رحــــــلة الشـــــارقة !! 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم
( قصــة قصيــرة )

رحـــلة الشـــارقة !!

( القصــة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( القصــة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )

تعلن الخطوط الجوية العربية ( ……… ) عن قيام رحلتها رقم 219 والمتجهة بمشيئة الله إلى مطار الشارقة الدولي .. المرجو من السادة الركاب التوجه إلى بوابة السفر رقم 22 استعداداَ للصعود إلى متن الطائرة .. ثم أعقب النداء نداء باللغة الانجليزية مفتوحاَ بكلمة ( أتنشن ) .. ويبدو أن تلك الإشارة هي الأخيرة في جملة النداءات .. تنبيه قد أفزع قلب ذلك المودع .. ونزع الوقار والاتزان عن ملامح الصبر في وجهه .. فتململ في مقعده خلسة دون أن تلاحظه العيون في الجوار .. وتلك الدموع تحدت صمود الزيف لتجري مدراراَ .. فكان الستار يتمثل في تلك المناديل الورقية التي أخفت الأسرار .. فاللحظة تمثل اللحظة القاتلة التي تعني إمرار السكين فوق الخنجرة والحلقوم .. وتعني النهايات في مشوار الآمال والأحلام .. ومن الأعلى في صالة المودعين كان يجلس عند زاوية خفية .. يراقب ويشاهد ركاب الطائرة وهم يتجهون صوب البوابة رقم 22 .. وعيناه كانت حريصة للغاية تتفقد الركاب راكباً تلو راكب .. ثم لاحت من بعيد وتقدمت في جملة الركاب صوب بوابة السفر .. فها هي تلك الظبية ذاهبة تترفل في ثوب من الوقار .. عزيزة هيفاء رشيقة القوام .. كانت تتقدم نحو الطائرة الميمونة واثقة الخطوات ومليئة بالعزيمة والافتخار .. فيا سعادة الركاب وفي الزمرة تلك الجوهرة الفريدة .. ويا سعادة الطائرة وفي جوفها تلك الدرة الثمينة .. حظوظ نالت ( صدفة المحار ) لتحتوي في عمقها روعة لؤلؤة بأعلى المعيار والجمال .. وقف هنالك يراقب حتى اختفى الجميع عن الأنظار .. وسكتت الساحة من الحركة والضوضاء .. ثم دقائق ودقائق قليلة حين بدأت الطائرة تتحرك ببطء نحو المسار في طريقها إلى الطيران .. لم يغادر المكان رغم أن الآخرين قد رحلوا من حوله .. وأصبح فريداَ في صالة المودعين .. كان ينتظر تلك اللمحة الأخيرة لطائرة تحمل الآمال في جوفها .. تلك اللحظة التي تعني نهاية المطاف .. وفي لحظات كانت تلك الزمجرة العنيفة لطائرة بدأت تتسارع بتلك السرعة الجنونية الهائلة ثم برشاقة عجيبة بدأت عجلاتها تفقد ملامس الأرض .. وتنطلق نحو السماء في رشاقة وثقة فاقت كل معدلات المعقول .. ثم أخذت تطوي أقدامها في جوفها وتخفي عيوب المسار فوق سطح الأرض .. وفي دقائق معدودة بدأت الطائرة تتقلص وتفقد حجمها رويداَ ورويداَ حتى اختفت أخيراَ عن الأنظار في كبد السماء .
…..لقد رحلت تلك العزيزة عن الأنظار .. وحين رحلت ضاعت روعة اللحظات في الحياة .. حيث العيون التي كانت تهنأ بجديد الزينة وروعة الخصال .. مولودة في الشارقة ثم عادت لأرض الوطن في زيارة للأهل .. وأصبحت صديقة الأخت الوفية بحكم الجيرة .. وكذلك أصبحت صديقة الأسرة الإناث .. أما هو فقد هام قلبه بها من أول نظرة .. وملئت كل جوارحه بالحب والغرام .. ومع ذلك لم يصفح يوماَ لأحد بذلك الإحساس .. بالرغم من أن كل تصرفاته وحركاته كانت توحي بقوة العشق والهيام .. وقد لاحظت الأخت ذلك التحول وذلك الجديد في قلب الأخ .. وأدركت أن الأخ قد تعلق قلبه بالزائرة الضيفة .. فحاولت أن تفتح الموضوع معه مراراَ وتكراراَ .. ولكنه كان يرفض الحوار في ذلك الموضوع ويغلق السيرة بغضب شديد .. بل في بعض الأحيان كان ينفي صريحا مزاعم الأخت عن الحب وعن الضيفة .. ثم يأمر الأخت بعدم فتح السيرة من جديد .. وجرت المجريات حتى جاء وقت سفر الضيفة والعودة إلى الشارقة .. فقرر الذهاب إلى المطار لوداعها في سرية تامة دون علم الأهل والأقارب .
……وفي ذلك اليوم بعد أن غادرت الطائرة عاد إلى الدار في خلسة وهو مكدور المزاج .. وفي نفس الوقت عادت الأخت التي ودعت صديقتها من المطار .. ثم لحقت به وأعطته ورقه مطوية .. تناول تلك الورقة من يد الأخت وهو في دهشة .. ثم وجد الرسالة التالية : وداعاَ أيها الشهم المغوار .. أراك في خلسة تلاحق ركبي إلى المطار في غفلة الأعين والأهل .. تريد أن تكون في جوقة المودعين .. وتظن أن الأعين لا تراك ولا تلاحظك .. ولكن كل خطواتك مكشوفة رغم ذلك الحذر الشديد .. لا تظن أن النفوس في غفلة عن مجريات الإحساس .. ومن اللحظات الأولى قالت عيونك تلك الأسرار .. وفضحت مكامن صدرك .. رغم محاولات الإخفاء خلف الستار .. وتلك أختك اقرب الناس إليك وهي الصديقة الوفية العزيزة إلى قلبي قد أدركت أنك في هاوية عشق .. ولكنك لا تملك عدة الشجاعة والإقدام .. وكل حركاتك وسكناتك كانت توحي بذلك الوله والهيام الشديد .. ولكنك كنت تتحاشى لحظات المواجهة بطريقة تجلب العجب والتعجب .. وكم ضحكنا أنا وأختك عن تصرفاتك تلك المشوبة بأقصى درجات الحياء .. كنت تحاول التواجد بالقرب ولفت الأنظار ثم فجأة كنت تهرب من الميدان !! .. وتلك الملاحظات كنا نتداولها أنا وأختك حين كنت تبدي وحين كنت تخفي !!.. وفيك صفات كثيرة أعجبتني ومنها صفات النقاء والحياء .. فأنت شهم حين تتوارى خلف سياج الأخلاق والعفاف .. ولكنك بذلك الحياء وعدم الجرأة لا توجد مساحة إفصاح لتقف على حقيقة المردود !! .. وتهدر الأوقات سداَ في جدل يفقد الوسيلة .. فتظل قضاياك معلقة مهمشة إلى قيام الساعة !! .. انتظرت طويلاَ لحظة جرأة منك تريحني وتريحك لأكشف لك حقيقة قلبي .. فأنا يا صديقي صاحب قلب قد نال الخيار من قبل .. ومخطوبة لابن عمي .. ولو أنت كاشفت أختك في أمري صريحاَ لوجدت الحقيقة في حوزتها .. ولكنك صاحب حرب عنيد تخفي المشاعر حتى عن أقرب الأقربين إليك !! .

( القصــة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

يسلمواعلى الطرح المميز
مشكوووووور والله يعطيك العافيه
تحيتـــــــــــــــــــــي
كالعاده دقيق الوصف ويختمر ابداعك بطريقة السرد المميزه
تقبل شغفي الدائم لتناول طروحتك الذهبية
مودتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.