سر المرأة المتوفاة قصة قصيرة لموباسان ترجمة خلف سرحان 2024.

A Dead Woman’s Secret
Guy de Maupassant
سر المتوفاة !
قصة قصيرة للأديب الفرنسي:- جي. دي. موبسان.
ترجمها عن الإنجليزية :- خلف سرحان القرشي.

(نشرت في دورية وج (أدبي الطائف) العدد الثامن الصادر مؤخرا).
———————————————————
كما ينبغي لامرأة عاشت طيلة حياتها طاهرة بريئة، قُبِضت روح العجوز قبضا يسيرا، وتوفيت بهدوء دونما ألم. هاهي الآن ترقد بسلام في سريرها ممددة على ظهرها، مغمضة عينيها، قسمات وجهها ساكنة، خصلات شعرها الأبيض الطويل مرتبة بعناية كأنها أتمت تسريحه قبيل دقائق من موتها.
ملامحها الشاحبة ساكنة تماما الآن، كلها إذعان وتسليم؛ الأمر الذي يجعل أي إنسان قادرا على أن يستشعر أي روح شفافة حلت في ذلك الجسد، وأي جسد مطمئن قادته تلك الروح، وكذلك أي خاتمة حسنة نالتها هذه الوالدة!
ابنها القاضي المعهود باستقامته الدائمة، يجثو الآن بجانب سريرها، وكذلك ابنتها (مارجريت) الملقبة بــ (الأخت أيولالي).
إنهما يبكيان بمرارة، كأن قلبيهما على وشك الانفطار حزنا وكمدا. منذ طفولتهما سلحتهما بمجموعة من المبادئ الأخلاقية والقيم الصارمة. ربّتهما على التمسك بالدين بلا هوادة وعلى الالتزام بالواجبات دون مساومة. فهاهو (الشاب) قد أصبح قاضيا يشار له بالبنان، وعرف عنه تمسكه بالقانون سلاحا به يضرب ذوي النفوس الرديئة بلا شفقة. أما (الفتاة) – بتأثير من قيم الفضيلة التي تشبعت بها في هذه العائلة الصارمة – فقد وهبت حياتها عروسا للكنيسة، واستعاضت بها عن الرجال، لدرجة أنها تمقت الارتباط بأي منهم.
إنهما بالكاد يعرفان والدهما، كل ما يعرفانه عنه أنه السبب الذي جعل من أمهما المرأة الأكثر شقاء، ولكن دون تفاصيل.
كانت الراهبة تُقبِّل على نحو مطرد يد المرأة العجوز، تلك اليد العاجية البيضاء، مثلها مثل صليب كبير ممدد على السرير الذي ترقد عليه الآن، وعلى الجانب الآخر من الجثة الممددة كانت اليد الأخرى تبدو ثابتة كأنها ممسكة بملاءة السرير بقبضتها المستمدة قوتها من الموت. إن تلك الملاءة يجب أن تحفظ من التجعد مثلها مثل ذكرى هذه اللحظات الأخيرة التي تسبق المثوى الأبدي.
بضع نقرات خفيفة على الباب، جعلت الاثنين يحركان رأسيهما لينظرا باتجاهه. إنه الكاهن الذي اضطر لترك طعام العشاء، جاء محمّر الوجه، متقطع الأنفاس من جراء مقاطعة لم يتهيأ لها ذهنيا، حيث كان قد أعد لنفسه كوبا من مخلوط القهوة القوية مع شيء من (البراندي)؛ من أجل أن يقاوم الإعياء الذي أصابه في الليالي الأخيرة، بالإضافة إلى المهمة الجديدة التي بدأت للتو.
بدا حزينا، ذلك الحزن المتكلف لكاهن يُعَدُّ الموتُ بالنسبة له مصدر رزق. أدى حركة الصليب واقترب بإيماءته المحترفة قائلا: " حسنا، أبنيِّ المسكينين، لقد أتيت لتتجاوزا هذه اللحظات الحزينة. لكن الفتاة رفعت رأسها فجأة وقالت: " شكرا أيها الوالد، لكني وأخي نؤثر أن نظل وحيدين معها. هذه أخر فرصة لنا لنراها، ونرغب أن نبقى معا ثلاثتنا كما اعتدنا ذلك عندما كنا صغارا مع أمنا المسكينة، أمنا الــ ………". حالت دموعها بينها وبين إتمام كلامها. وبهدوء أكثر، ركع الكاهن وهو يفكر في فراشه: "كما تريدان ابنيّ العزيزين". مرة ثانية، وبهدوء أكثر أدى الكاهن بضع صلوات، نهض، خرج بهدوء وهو يتمتم :"كانت قديسة!".
ظل الثلاثة معا؛ المرأة المتوفاة وابنها وابنتها. تكات الساعة المختفية في الظل، يمكن سماعها بوضوح تام. من خلال النافذة المفتوحة تهب رائحة منعشة لطيفة للعشب والغابات. ويتسلل شيء من ضوء القمر الخفيف. لا صوت يمكن أن يسمع على البسيطة الآن سوى نقيق بعض الضفادع بين حين وآخر وأيضا سقسقة بعض الحشرات المتأخرة في الهجوع. صفاء تام يحيط بهذه المرأة العجوز، يبدو كأنها تزفره من أعماقها لتشبع به الطبيعة من حولها.
صاح القاضي الذي ما يزال جاثيا ورأسه مدفون في فراش السرير، بكى في صوت تبدل إثر ما غمره من أسى وحزن وحاول أن يخبئه في الملاءات والبطاطين: "ماما، ماما، ماما". أما أخته فقد أخذت تضرب بجبهتها في السرير بشكل محموم كأنها في نوبة صرع، وظلت تئن وهي ترتجف "يا إلهي ….ماما! يا إلهي…ماما"
ما لبثت عاصفة الحزن تلك إلا أن هدأت تدريجيا. بدأ الأخ وأخته ينتحبان بصوت خافت، كما يحدث عندما يهدأ البحر بعد موج عاصف.
بعد مضي وقت طويل نسبيا رفعا رأسيهما ونظرا إلى ميتتهما، واسترجعا شيئا من الذكريات؛ ذكريات الأمس العزيز ، ذكريات الزمن القديم التي هبت الآن، وصعدت إلى ذهنيهما بكل تفاصيلها الصغيرة المنسية، تلك التفاصيل العميقة المألوفة، التي تعيد شيئا من الحياة إلى حياة الفقيد. تلك الذكريات البعيدة التي كانت بالأمس عزيزة غالية، وهاهي اليوم مؤلمة حارقة. استعادا مع كل ذكرى من تلك الذكريات؛ الظروف، الكلمات، الابتسامات وترنيمات الأم التي لن تكلم بعد اليوم إنسيا. ألقيا نظرة ثانية على جسدها المسجى، وجدَاها سعيدة هادئة. تذكرا كثيرا مما كانت تقوله لهما، تذكرا تلك الحركة المميزة ليدها الصغيرة التي كثيرا ما كانت تستعملها، عندما تريد التأكيد على شيء ما، كأنها تريد الإمساك بالوقت . إنهما يحبانها الآن أكثر من ذي قبل. لقد أدركا الآن عمق حزنهما وكم سيكونان وحيدين من دونها!
كانت بالنسبة لهما السند والمرشد، كانت كل شبابهما، وأجمل جزء في حياتهما وقد اختفى الآن والى الأبد. كانت أمهما الرابطة الموصلة بينهما وبين أسلافهما وفقدّاها للتو. أصبحا الآن كائنين معزولين ومقطوعين يصعب عليهما بعد الآن التفكير في ماضيهما.
قالت الراهبة لأخيها: " أتتذكر كيف اعتادت ماما أن تقرأ رسائلها القديمة؟ كل رسائلها هناك في ذلك الدرج. دعنا الليلة نقرأها بدورنا، ونحن بجوارها، لنعيش شيئا من حياتها عبر الرسائل. سيكون الأمر أشبه بطريق نعبره، لنتعرف على أمها، وعلى أجدادنا الذين لم نعرفهم، وتوجد رسائلهم هنا، وعنهم طالما حدثتنا. ألا تتذكر؟"
وأخذا من الدرج بضع رزم صغيرة من الورق الأصفر، حُزِمت بعناية، ورتبت واحدة بجانب الأخرى. ألقيا بهذه الآثار على السرير، واختارا واحدة منها كتبت عليها كلمة (أب). فتحاها وشرعا يقرآن فيها. كانت من تلك الرسائل ذات النمط القديم التي قد يجدها الشخص في بعض أدراج الطاولات القديمة لبعض العائلات، تلك الرسائل التي تفوح منها رائحة قرن آخر، وتعبق بشذى الماضي العتيق. بدأت الأولى منها بعبارة "عزيزتي" والثانية بـ "ابنتي الصغيرة الجميلة"، وثمة أخرى بدأت بـ " عزيزتي الابنة:".
فجأة بدأت الراهبة تقرأ بصوت عال، تقرأ على المرأة العجوز الميتة كل تاريخها، كل ذكرياتها الحنون قراءة جهرية. كان القاضي واضعا مرفقه على السرير يستمع وعيناه مثبتتان، لا يكاد يرفعهما عن أمه، تلك الجثة التي بدت سعيدة رغم أنه لا حراك بها. فجأة توقفت الأخت (أيللولي) عن القراءة قائلة: "هذه الرسائل يجب أن تدفن معها في قبرها. يجب أن يوضع لها كفن خاص بها، يرافق جثتها في لحدها".
تناولت رزمة أخرى لم تكن تحمل اسما. أخذت تقرأ بصوت ثابت:-
" عشيقتي الوحيدة: أحبك أقوى ما يكون الحب. منذ أمس أعاني من عذابات بعدِك اللعينة. ذكرياتنا تستحوذ علي. أشعر بشفتيك اللذيذتين تطبقان على شفتي وعينيك في عينَّي وصدرك ملاصق لصدري. آه، كم أحبك، لقد جعلتِنِي مجنونا. هاهما ذراعاي مفتوحتان، أتأوه مدفوعا بالرغبة لاحتوائك. روحي وجسدي يناديان بأعلى صوت. إنهما يريدانك. ما زلت أحتفظ بطعم قبلاتك الحالي في فمي…..".
اعتدل القاضي في جلسته، توقفت الراهبة عن القراءة، اختطف منها الرسالة. نظر في المكان الذي تُوَقَعُ فيه الرسالة عادة، لم يكن ثمة أي توقيع، فقط تحت تلك الكلمات عبارة "المغرم بك…. هنري"! والدهما كان اسمه (رينييه). الرسالة بالتأكيد ليست منه. فتَّش الابن بسرعة في رزمة الرسائل تلك، وتناول واحدة وقرأ فيها: "لم يعد بوسعي العيش دون مداعباتك لي"!
فجأة انتصب القاضي، مثلما يفعل تماما عندما يكون في مكتبه بالمحكمة، ألقى نظرة جامدة على المرأة الميتة، بينما كانت أخته الراهبة كانت منتصبة مثل التمثال، الدموع ترتجف في عينيها، ترقب أخاها تنتظر ما سوف يفعله. عَبَرَ القاضي الغرفة ببطء واتجه نحو النافذة، ومنها ظل يحدق في الخارج في ذلك الليل البهيم، وعندما أرجع البصر نحو أخته وجد عينيها قد جفت الآن، ما زالت واقفة بالقرب من السرير، مطرقة رأسها. تقدم قليلا وبسرعة التقط الرسائل، وألقى بها كيفما اتفق في الدرج، وأغلق الستائر المحيطة بالسرير. أشرق نور الصباح… شحُبَ ضوء الشموع التي على الطاولة… ترك الابن مقعده، دون أن ينظر ثانية إلى أمه … أصدر من أعماقه حكما يقضي بقطع أي صلة تربطهما بها… قال ببطء: " لنخرج الآن يا أختي!"
——————————————————————–
نبذة موجزة عن كاتب القصة:
جي دو موباسان
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة))
جي دو موباسان (Guy de Maupassant) (1850- 1893)
كاتب وروائي فرنسي وأحد آباء القصة القصيرة الحديثة. وكان عضوا في ندوة (إميل زولا).
ولد موباسان بقصر (ميرونمسنل بنورمانديا) عام 1850 م وكان له أب من سلالة أرستقراطية تدهورت إلى حد الإفلاس وكان أبوه اباحيا يخالط سامي النساء ودانيهن. أما أمه من سلالة من العامة سمت إلى الخلق الفني وكانت ترثى دوما ذكرى أخيها الشاعر وتطمح في أن ينشأ ابنها كرجل سوي.
درس موباسان القانون، والتحق بالجيش الفرنسي ثم عمل كاتبا في البحرية. وقابل (جوستاف فلوبير) عن طريق صلات أسرته ليصبح فيما بعد تلميذه المخلص، وقد قدم (فلوبير) لتلميذه نظرية للنجاح الأدبي تتكون من ثلاثة أجزاء : لاحظ، لاحظ، ثم لاحظ.
من أشهر قصصه : "كرة الشحم"، "بيير وجان" ومن أهم قصصه القصيرة: " العقد"، "الآنسة فيفي".
و قد كان يقول : " إن هناك من الحقائق ما يساوي الناس عداً.فكل منا يكون لنفسه صورة خادعة عن العالم. وهو خداع شعري أو عاطفي أو بهيج أو مقبض أو قذر أو كئيب حسبما تكون طبيعته.. كخداع الجمال وهو تقليد إنساني.. وخداع الدمامة وهو فكرة متغيرة.. وخداع النذالة الذي يستهوي الكثيرين. وكبار الفنانين هم أولئك الذين يستطيعون حمل الإنسانية على قبول انخداعاتهم الخاصة"
كان (موباسان) الرسام الأكبر للعبوس البشري ودوما ما كان يصاب بصداع وكان يتلوى ساعات من الألم حتى أصيب بالجنون سنة 1891 ومات في إحدى المصحات عام 1893م .
(العقد) واحدة من أشهر قصصه، إن لم تكن من أشهر القصص عالميا، وقد اجتمعت آراء كثير من النقاد في العالم علي أن هذه القصة هي الأنموذج الكامل للقصة القصيرة ذات النهاية المفاجئة، التي تتوافر فيها العناصر الأساسية للقصة القصيرة : الشخوص، والمكان والزمان، والمسوغات المنطقية للأحداث، والنهاية، كما تتوافر فيها عناصر أخرى مثل : التشويق، والمصادفة المعقولة، والتصوير الدرامي، والتدرج لبلوغ النهاية.
—————————————————————————–

A Dead Woman’s Secret
The woman had died without pain, quietly, as a woman should whose life had been blameless. Now she was resting in her bed, lying on her back, her eyes closed, her features calm, her long white hair carefully arranged as though she had done it up ten minutes before dying. The whole pale countenance of the dead woman was so collected, so calm, so resigned that one could feel what a sweet soul had lived in that body, what a quiet existence this old soul had led, how easy and pure the death of this parent had been.
Kneeling beside the bed, her son, a magistrate with inflexible principles, and her daughter, Marguerite, known as Sister Eulalie, were weeping as though their hearts would break. She had, from childhood up, armed them with a strict moral code, teaching them religion, without weakness, and duty, without compromise. He, the man, had become a judge and handled the law as a weapon with which he smote the weak ones without pity. She, the girl, influenced by the virtue which had bathed her in this austere family, had become the bride of the Church through her loathing for man.
They had hardly known their father, knowing only that he had made their mother most unhappy, without being told any other details.
The nun was wildly-kissing the dead woman’s hand, an ivory hand as white as the large crucifix lying across the bed. On the other side of the long body the other hand seemed still to be holding the sheet in the death grasp; and the sheet had preserved the little creases as a memory of those last movements which precede eternal immobility.
A few light taps on the door caused the two sobbing heads to look up, and the priest, who had just come from dinner, returned. He was red and out of breath from his interrupted digestion, for he had made himself a strong mixture of coffee and brandy in order to combat the fatigue of the last few nights and of the wake which was beginning.
He looked sad, with that assumed sadness of the priest for whom death is a bread winner. He crossed himself and approaching with his professional gesture: "Well, my poor children! I have come to help you pass these last sad hours." But Sister Eulalie suddenly arose. "Thank you, "father, but my brother and I prefer to remain alone with her. This is our last chance to see her, and we wish to be together, all three of us, as we–we–used to be when we were small and our poor mo–mother—-"
Grief and tears stopped her; she could not continue.
Once more serene, the priest bowed, thinking of his bed. "As you wish, my children." He kneeled, crossed himself, prayed, arose and went out quietly, murmuring: "She was a saint!"
They remained alone, the dead woman and her children. The ticking of the clock, hidden in the shadow, could be heard distinctly, and through the open window drifted in the sweet smell of hay and of woods, together with the soft moonlight. No other noise could be heard over the land except the occasional croaking of the frog or the chirping of some belated insect. An infinite peace, a divine melancholy, a silent serenity surrounded this dead woman, seemed to be breathed out from her and to appease nature itself.
Then the judge, still kneeling, his head buried in the bed clothes, cried in a voice altered by grief and deadened by the sheets and blankets: "Mamma, mamma, mamma!" And his sister, frantically striking her forehead against the woodwork, convulsed, twitching and trembling as in an epileptic fit, moaned: "Jesus, Jesus, mamma, Jesus!" And both of them, shaken by a storm of grief, gasped and choked.
The crisis slowly calmed down and they began to weep quietly, just as on the sea when a calm follows a squall.
A rather long time passed and they arose and looked at their dead. And the memories, those distant memories, yesterday so dear, to-day so torturing, came to their minds with all the little forgotten details, those little intimate familiar details which bring back to life the one who has left. They recalled to each other circumstances, words, smiles, intonations of the mother who was no longer to speak to them. They saw her again happy and calm. They remembered things which she had said, and a little motion of the hand, like beating time, which she often used when emphasizing something important.
And they loved her as they never had loved her before. They measured the depth of their grief, and thus they discovered how lonely they would find themselves.
It was their prop, their guide, their whole youth, all the best part of their lives which was disappearing. It was their bond with life, their mother, their mamma, the connecting link with their forefathers which they would thenceforth miss. They now became solitary, lonely beings; they could no longer look back.
The nun said to her brother: "You remember how mamma used always to read her old letters; they are all there in that drawer. Let us, in turn, read them; let us live her whole life through tonight beside her! It would be like a road to the cross, like making the acquaintance of her mother, of our grandparents, whom we never knew, but whose letters are there and of whom she so often spoke, do you remember?"
Out of the drawer they took about ten little packages of yellow paper, tied with care and arranged one beside the other. They threw these relics on the bed and chose one of them on which the word "Father" was written. They opened and read it.
It was one of those old-fashioned letters which one finds in old family desk drawers, those epistles which smell of another century. The first one started: "My dear," another one: "My beautiful little girl," others: "My dear child," or: "My dear (laughter." And suddenly the nun began to read aloud, to read over to the dead woman her whole history, all her tender memories. The judge, resting his elbow on the bed, was listening with his eyes fastened on his mother. The motionless body seemed happy.
Sister Eulalie, interrupting herself, said suddenly:
"These ought to be put in the grave with her; they ought to be used as a shroud and she ought to be buried in it." She took another package, on which no name was written. She began to read in a firm voice: "My adored one, I love you wildly. Since yesterday I have been suffering the tortures of the damned, haunted by our memory. I feel your lips against mine, your eyes in mine, your breast against mine. I love you, I love you! You have driven me mad. My arms open, I gasp, moved by a wild desire to hold you again. My whole soul and body cries out for you, wants you. I have kept in my mouth the taste of your kisses–"
The judge had straightened himself up. The nun stopped reading. He snatched the letter from her and looked for the signature. There was none, but only under the words, "The man who adores you," the name "Henry." Their father’s name was Rene. Therefore this was not from him. The son then quickly rummaged through the package of letters, took one out and read: "I can no longer live without your caresses." Standing erect, severe as when sitting on the bench, he looked unmoved at the dead woman. The nun, straight as a statue, tears trembling in the corners of her eyes, was watching her brother, waiting. Then he crossed the room slowly, went to the window and stood there, gazing out into the dark night.
When he turned around again Sister Eulalie, her eyes dry now, was still standing near the bed, her head bent down.
He stepped forward, quickly picked up the letters and threw them pell- mell back into the drawer. Then he closed the curtains of the bed.
When daylight made the candles on the table turn pale the son slowly left his armchair, and without looking again at the mother upon whom he had passed sentence, severing the tie that united her to son and daughter, he said slowly: "Let us now retire, sister."

i’ll come back soon
seems amazing
go on
نورتي غاليتي
الله لا يحرمنا جديدك
ودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Scroll to Top