اولادنا بين الكذب والدبلوماسية 2024.

وقع اختياري على هذا العنوان لأنه أحد أهم الإشكالات التربوية، فكثيرا ما يهتم الأهل بتنشئة أطفالهم على الصدق، وذلك إما بحكاية قصص الصادقين التي تحوي عظة تبين الفرق بين عاقبة الصدق المنجية ونتيجة الكذب الوخيمة، أو بربط واقع الطفل بهذه القيمة المثالية عبر مكافأة الصادق ومعاقبة الكاذب أو غير ذلك من الأساليب التربوية التي تهدف إلى إعلاء مفهوم الصدق بوصفه سمة أخلاقية ضرورية لتماسك المجتمع وبناء الثقة بين أفراده؛ ولكن الإشكال يتبدى في تعامل الطفل مع تناقضات الأهل بين الأقوال والأفعال، وكذلك صعوبة تفريقه بين الصدق المحبب والصراحة الجارحة إضافة إلى تعسر إدراكه الفارق بين الكذب المرفوض والدبلوماسية المطلوبة.

الكذب الدفاعي

قد يفوتنا أحيانا حقيقة أن الطفل يتعلم بالقدوة والتقليد أكثر مما يتعلم بالترغيب والترهيب؛ فحين تبرق أفعالنا بإشارات خاصة في حالة الشدة والانفعال مخالفة لما نغرسه في عقول أطفالنا فإن كل دروسنا ومواعظنا عن القيم والمُثل تتبخر، مما قد يُلجئ الطفل إلى الكذب الدفاعي الذي يكفيه شدة العقاب ولا ينفيه من مكانته بين أهله، والأمثلة كثيرة.

فربما يرتكب الطفل خطأ دون أن يراه أحد ككسر مزهرية غالية الثمن أو سكب الحليب على السجادة الفاخرة، ويلجأ أحد الأبوين لطمأنته برفع العقاب إذا حدّث بالصدق ومع اعتراف الطفل يبدأ العقاب القاسي.. ليكتشف أن الأمر لم يكن سوى خدعة لاستدراجه وفي أحسن الأحوال تذهب الأم وتروح وهي تلملم بقايا الزجاج المتناثرة أو يزبد الأب ويرغي وهو يأمر الخادمة بتنظيف السجادة دون أن يكف هؤلاء "المنظّرون" عن عزف الأنغام اللائمة للطفل والموبخة له، مما يرسم صورة كئيبة لا تُنسى ويرسخ معاناة نفسية لا تُمحى، ومن المسلّم به تربويا أن الفعل العاقل لن يكون له نفس تأثير رد الفعل؛ لأن الحساسية المرتفعة لدى الطفل تجعله أكثر تأثرا بأفعالنا العاطفية وارتكاساتنا الانفعالية، علما بأن اعتراف الطفل بالخطأ ليس مدعاة لمكافأته فقد ترتبط لديه المكافأة بالخطأ لا بالصدق، لكن يكفي أن نتمالك أعصابنا ونعلم أن السجادة والمزهرية وكل ما نملك لا يعادل نفسية سوية لأطفالنا.

إذن هذه صورة تهز مفهوم الصدق لدى الطفل.

ولا شك أن ثمة صورا أخرى موجودة أيضا وإن كانت أقل دراماتيكية، كأمر الأب أو الأم الطفل أن ينفي وجودهما بالبيت لانشغالهما أو عدم رغبتهما في التفاعل مع السائل عنهما.

الصراحة الكوميدية

على الجانب الآخر بعض الصور الكوميدية.. فمثلا عندما يأتي الجد ليقبّل الحفيد الصغير فينفر منه قائلا ببراءة: لا أحبك لأنك بدون أسنان! أو عندما تسأل صديقةُ والدتها الطفلةَ: ألستُ جميلة؟ فتقول لها: لا.. لأنك سوداء مثل الخادمة! بالطبع فبعض هؤلاء الكبار الذين انتقدهم الطفل قد يضحكون، ولكن بعضهم قد ينعتون الطفل بعدم التهذيب أو يصمتون فينبري أحد الوالدين مقطبا ناهرا الطفل على قلة أدبه، والطفل المسكين لا ينطق لأنه لا يستطيع محاكمة هؤلاء "الأوغاد" الكبار الذين حببوا إليه فضيلة الصدق فإذا صدق أساءوا له لفظا أو فعلا، والنتيجة أنه في كل الحالات التي تتم فيها معاقبة الطفل على أمر ليس ذنبه وحده، تظل ترسبات الطفولة وتراكمات الماضي تغفو في اللاشعور ثم تصحو مستقبلا على شكل سلوكيات متناقضة وازدواجية صارخة دالة على اهتزاز الشخصية وعدم الثقة بالنفس.

وتجدر الإشارة إلى الكذب الادعائي الذي يلجأ فيه الطفل إلى اختراع القصص الوهمية حول نفسه أو إعطاء معلومات خاطئة عما سئل عنه لتُكشَف كذبته بسهولة أو يحيك أي حبكة أخرى بهدف لفت انتباه الأهل عندما يوجهون عنايتهم لطفل آخر كمولود جديد، أو حينما تنشغل الأم عن الطفل بالعمل أو الدراسة أو غيرهما، فهل يُعتبر هذا الشكل من الكذب دبلوماسية لاشعورية للفت الانتباه؟ بالطبع فليس الكذب وسيلة الطفل الوحيدة الخاطئة للصراخ الصامت الذي مغزاه: أنا هنا، فقد يلجأ للسرقة وغيرها من الأفعال الشائنة.

الدبلوماسية وراثة أم بيئة؟

ولكن بما أن موضوعنا متعلق بالكذب فالسؤال المهم هو: كيف نجعل الطفل يفرق بين المواقف التي يُعد فيها الكذب مرفوضا وذلك النوع من الكذب المسموح به شرعا أو المقبول عرفا أو ما يسمى الدبلوماسية؟ وهو سؤال كبير حتى علينا نحن الكبار، لكن بما أن التساؤلات مشروعة والإجابات مفتوحة، أي لا نهاية للسؤال ولا للجواب في عالم متغير سريع، فلا بد أن سؤالا أكبر سيظهر دون جواب نهائي أو حديّ وهو: هل دبلوماسية الأطفال وراثة أم بيئة؟.

أستدعي بعض الأمثلة الطريفة من ذاكرتي كمحاولة للجواب على السؤال الأخير، فالمثال الأول عن طفلة بعمر 5 سنوات اعتادت أن تأتي مع والدها ووالدتها العربيين إلى المستوصف الذي يعملان به، فأصبحت كل الوجوه لديها مألوفة بما فيها وجه مديرة المستوصف التي سألتها ذات مرة: أي البلدين أجمل: هنا -تقصد السعودية- أم بلدك الأصلي؟ فقالت الطفلة: هنا أجمل بكثير! فسألتها المديرة: لماذا؟ فأجابت الطفلة: "علشان انت هنا يا طنط"! وكان جوابا مدهشا للحاضرين جميعا، وأكد لهم أن الطفلة كانت نسخة عن والدها الذي استطاع كسب ثقة المديرة طيبة القلب خلال فترة قصيرة.

والمثال الآخر عن طفل بعمر 10 سنوات لما انتبهت والدته لإجابات اللغة الفرنسية المكتوبة في كراسته بخط جميل خلاف خطه السيئ، وسألته عن الأمر أجاب بأنه خط معلمة اللغة الفرنسية التي تكتب له دون باقي التلاميذ، وعلل ذلك حين سألته متعجبة بأنه أخبر المعلمة بأن اللغة الفرنسية هي أحب المواد لديه رغم عدم حبه لها حقيقة لعلمه أن المعلمة ستسر من ذلك وبالفعل فقد كان.. عندها همست الأم بداخلها: حقا إن فرخ الوز عوام، وكانت تقصد أنه يشبه والده، رغم أنه لم يساهم في تربيته بحكم انفصالهما. فكيف سرى هذا الطبع من الوالد إلى الولد؟!.

ليس الجواب صعبا على الحالة الأخيرة إذا تذكرنا ما أكده علم الوراثة من أن الخبرات الوراثية تنتقل من الآباء للأبناء ومن الأجداد للأحفاد سواء كانت صفات خَلقية أو خُلُقية، ولكن كلنا يعلم أن الوراثة تعتمد على قوانين الاحتمالات؛ لذلك فقد لا تبدو الصفة الوراثية في الذرية الأولى ولكن ربما تظهر في الذرية العاشرة، ومن الواجب أن نعتمد على جهودنا التربوية في حال غياب الصفة الحسنة.

لكن ما العمل إذا كنا نحن الأبوين لا نمتلك هذه الصفة أساسا؟ هل نترك هذا للمدرسة ليكتسبها الطفل منها رغم علمنا أن المعلمين ليسوا كلهم مربين أو بالأحرى ليسوا مهتمين بالتربية؟ وكيف نطمح لهذا إذا كنا محبطين من المدارس التي لم تعد تتقن مهمتها التعليمية -والدليل استعانة أغلبنا بالمدرسين الخصوصيين- فكيف بمهمتها التربوية؟

براءة الأطفال والدبلوماسية

إذا كانت البراءة هي الصفة الأجمل في الطفولة فهل تعليم الطفل كيف يكون مرنا وحكيما -نوعا ما- يجعله يفقد جزءا من هذه البراءة الجميلة؟ من الضروري جدا أن ننظر إلى التربية على أنها إكساب الطفل جملة من الخبرات الحياتية والمعارف الأخلاقية كي يستطيع إنجاز مهمته كإنسان وليتمكن من الاندماج بالمجتمع لكن دون أن نشوه فرديته ونلغي اختلافه عن الآخرين، فمن حق كل منا أن يكون مختلفا عن غيره، وهذا الاختلاف هو أحد أسباب التنوع المطلوب في الحياة والذي يشكل أحد عوامل الجمال فيها؛ لذا يشار إلى التربية على أنها السير على خطين متوازيين هما خط الكائن الحر المتفرد وخط الكائن غير المنفرد أو المنخرط بالمجتمع، وهذا الانخراط أو الاندماج غير ممكن دون بعض المرونة حيث يحمي الفرد حقه دون أن ينكر حقوق الآخرين، ولكن تحديد انتهاء حقوقك كبداية لحقوق الآخرين هو الحكمة في حد ذاتها، وإذا كان كل شيء ممكنا بالتعلم لمن وهبه الله قدرا من الوعي، فهل من الممكن أن نتعلم كيف نكون دبلوماسيين، أي حكماء ومرنين، حتى نستطيع أن نكون قدوة لأولادنا في ذلك؟

هناك مواقف أباح الشرع فيها الكذب كالحرب وإصلاح ذات البيْن وإنقاذ مؤمن من ظالم؛ فالإسلام لم يحرم الكذب مطلقا وهذا دليل على أنه يوازن بين المصلحة والمبدأ، وإن كان المبدأ هو ما يجب أن تكون له الأولوية، كما أن هناك فرقا أيضا بين الكذب والتورية؛ فقد ورد أن الرسول عليه الصلاة والسلام خرج هو وصاحبه أبو بكر رضوان الله عليه، ليتسقط أخبار المشركين في إحدى غزواته، فوجدا رجلا يرعى الغنم، فسألاه عن قافلة قريش، فأجابهما الرجل بما يعلم ثم سألهما: من أين أنتما؟ فقال عليه الصلاة والسلام: نحن من ماء، وعادا أدراجهما، فانتبه الرجل وأخذ يتساءل: من أي ماء؟! وكان قصد الرسول عليه الصلاة والسلام أنهما مخلوقان من ماء، بينما فهم الرجل أنها قبيلة أو ما شابه، وهذا من حسن التخلص وسرعة البديهة وهما من أهم ميزات العربي الأصيل، فما المانع أن ننشئ أولادنا على الأصالة؟ وهل الأصالة إلا المرونة والحكمة وقد جُمعتا في كلمة واحدة؟!
منقول

اسرائيل مستعدة لغزو غزة لكنها تفضل الدبلوماسية 2024.

قال مسؤول كبير مقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان اسرائيل مستعدة لاجتياح بري لقطاع غزة لكنها تفضل حلا دبلوماسيا.

وقال المسؤول لرويترز "نفضل ان نرى حلا دبلوماسيا يضمن السلام لمواطني اسرائيل في الجنوب. اذا كان هذا ممكنا فلن تكون هناك حاجة للقيام بعملية برية. لكن اذا فشلت الدبلوماسية قد لا يكون امامنا خيار سوى الدفع بقوات برية."

تعاريف الدبلوماسية 2024.

1- تعريف معاوية بن أبي سفيان يقول : " لو ان بيني و بين الناس شعرة لما قطعتها إن أرخوها شددتها وإن شددتها أرخيتها".

2- تعريف ارنست ساتو: "ان الدبلوماسية هي استعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المستقلة.

3- تعريف شارل كالفو: الدبلوماسية هي علم العلاقات القائمة بين الدول كما تنشأ عن مصالحها المتبادلة و عن مبادئ القانون الدولي، و نصوص المعاهدات و الاتفاقات و معرفة القواعد والتقاليد التي تنشأ وهي علم العلاقات أو فن المفاوضات أو فن القيادة و التوجيه.

4- تعريف هارولد نيكلسون : يقول أن الدبلوماسية هي إدارة العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات او طريقة معالجة وإدارة هذه العلاقات بواسطة السفراء والممثلين الدبلوماسيين فهي عمل وفن الدبلوماسيين .

5- يقول الدكتور عدنان البكري: ان الدبلوماسية هي عملية سياسية تستخدمها الدولة في تنفيذ سياستها الخارجية في تعاملها مع الدول والأشخاص الدوليين الآخرين وإدارة علاقاتها الرسمية بعضها مع بعض ضمن النظام الدولي.

6- يقول مأمون الحموي: إن الدبلوماسية هي ممارسة عملية لتسيير شؤون الدولة الخارجية وهي علم وفن علم ما تتطلبه من دراسة عميقة للعلاقات القائمة بين الدول ومصالحها المتبادلة ومنطوق تواريخها ومواثيق معاهدتها من الوثائق الدولية، في الماضي والحاضر وهي فن لأنه يرتكز على مواهب خاصة عمادها اللباقة والفراسة وقوة الملاحظة
تعريف اسمه:الدبلوماسي هو الشخص الذي يلعب بمعاني الكلمات ليحصل على مايريد
ملاحظة:الموضوع اهداء لشخص في المنتدى لو كان ذكي بعرف حالو

سيدتي الكريمة انسه حلوه

موضوعك مميز، ورائع، وأن كنت سابقا قد تقدمتي بأستفتاء
عن دبلوماسيتي التي وضعتيها علي المحك وللنقاش وأبداء الرأي
أتمني أن تكون دبلوماسيتي قد ألهمتك الي كتابة هذا الموضوع وشكرا
لك علي الأهداء …. وبكل سرور أتقبله منك .. فمن يرفض هذا الكلام
الرائع عن صفة تحلي بها …. وصدقا لم يزعجني موضوعك أو كلماتك
بل بالعكس فقد أفرحتني وأسعدتني جدا ….
لك مني كل أحترام وتقدير

ذكي والله
شكرا على رد على الموضوع
اثبتلي بجد انك دبلوماسي خطير