فكن رجﻼ*رجله في الثرى ….. وهمته فوق هام الثريــــــــا
فإن*إراقـــة مـاء الحيـــــاة ….. دون إراقــــة مـاءالمحيــــا
ماء الوجه يرتبط بحالة اﻹنسان النفسية ،فكلما خﻼ اﻹنسان من الهم والغم ومن غلبة الدين وضيق الهموم كان وجهه صافيا*.
وقلة ذات اليد وغلبة الدين والفقر بوجه عام ليس*عيبا قادحا أبدا ﻷنه مسألة قدرية .*
فالله جل وعﻼ يقول :*((*يبسط الرزق لمنيشاء ويقدر*)) وقال سبحانه : ((*ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في اﻷرض*)).*فﻼ يمكن أن يُقدح في أحد ﻷنه كان فقيرا أو قليل ذات اليد**.
واقصد بماء المحيا:*أن الكبار من الرجالواﻷفذاذ من اﻷحرار واﻷعزاء من العباد يعلمون أن من حولهم من اﻷهل والقرابةواﻹخوان واﻷصحاب والخﻼن قد يكونون قليلي ذات اليد ، ويمنعهم إبائهم وشيمهموعزتهم أن يسألوا الناس ، فيحاول ذلك القيّم ذلك اﻷخ ذلك اﻷب ذلك المربي أنيحفظ على محيا أخيه أن يبقى محفوظا ، فيعينه دون أن يخدش حياءه .*
ﻷنه يعلم أن*اﻻستجداء واﻹلحاح في الطلب أمر غير مقبول*.فقد*كان جرير مثﻼ أحد رموز الشعر العربي في عصر بني أميه ، وﻻ يختلف أحد في أنه كان*ذائع الصيت ولديه من القدرة الشعرية ما لديه*.لكنه مع ذلكلما استجدى بشعره وألحّ في الطلب وأراق ماء وجهه في سﻼطين الخلفاء نزلت منزلته عندالناس.
دخل على عبد الملك بن مروان ليقول له**:
أتصحوا أم فؤادك غير صاحي ….. عشية هم صحـــبك بالرواح*
تقول العــــاذﻻت عﻼك شيب ….. أهذا الشيب يمـنعني*مــراح
يكلفني فـــؤادي من هـــواه ….. ضعــائن يجتزعن*على رماح*
عرابـــا لم يدن مع النصـــارى ….. ولم يأكـلنمن سمك القراح
وﻻ خﻼف في جمال المطلع ثم ينزل ليقول*:
تعـــــزّت أم حــزرة ثــم قـــالت ….. رأيتالـــواردين ذوو امتيــاح
تعــــلل وهي ساغبــة بنيهــــا*…..*بأنفــــاس من الشبب القراح
أغثنــــي يا فداك أبي*وأمــــي*….. بسيب منك أنك ذو ارتيـــــاح
سأشكر إن رددت*عليّ ريشي ….. وأنبت القوادم من جناحــــي
فأقول*:إن العقﻼء ﻻ يرضون هذا بمن حولهم ، والنبي*صلى الله عليه وسلم*أسوة في كل خير ، فلما شعر عليه*الصﻼة والسﻼم بقلة ذات اليد عند جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في*سفر له قال عليه الصﻼة والسﻼم لجابر : (*أتبيعني جملك ؟*) قال : نعم يا رسول*الله بكذا وكذا ، فاتفقا على السعر واشترط جابر أن يركب الجمل حتى يصل إلى المدينة*فوافق النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم إلى المدينة أمر صلى الله عليه وسلم*بﻼﻻ أن يعطي جابرا ثمن الجمل ثم رد الجمل إلى جابر فكأنه أعطاه المال منحة وهبة*لكن جعل مسألة البيع مدخﻼ نفسيا إلى قلب جابر دون أن يخدش عزته وحياءه .
والمرأة اللبيبة*إذا شعرت أن إحدى جاراتها أو زميﻼتها أو قريباتها قليلة ذات اليد انتهزت فرصة يتهادى النساء فيها في*الغالب كأن تضع المرأة مولودا أو تزف ابنة لها أو تنتقل إلى دار جديدة أو ما*شابه ذلك فتأتي بالهدية على مستوى أعلى حتى تسدد شيئا من فقر قريبتها أو غيرها من*النساء دون أن تخدش وأن تجبر صاحبتها على أن تطلب ذلك اﻷمر جهارا .
وينبغي على اﻵخرين على الذين نهبهمونعطيهم إذا قُدر لنا ذلك أن ﻻ يصيب اﻹنسان مضاضة في ذلك اﻷمر*فإن اﻹنسان إذا*أخذ ماﻻ دون أن يطلبه فقد وافق السنة ، فقد أخرج مسلم في الصحيح من حديث سالم ابن*عبد الله ابن عمر عن أبيه عبد الله ابن عمر عن جده عمر بن الخطاب*رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عمرا ماﻻ فقال*:*يا رسول الله ! إن في المدينة من هو أفقر مني ، فقال النبي *صلى الله عليه وسلم*لعمر :*)*يا عمر ما جاءك من هذا المال من غير أن تكون مشرفٍٍ له وﻻ سائل فخذه*وتموله فإما أن تنفقه على عيالك وإما أن تهبه لغيرك وما كان ﻻ فﻼ) . أي : ما لم*يأتك فﻼ تطلبه وﻻ تسأله . قال سالم : فكان أبي ، أي : عبد الله ابن عمر ﻻ يسأل*أحدا شيئا وإذا أحد أعطاه قبله.
وقد ثبت أن عبد الله ابن*عمر رضي الله عنه قبل أعطيات الحجاج بن يوسف رغم ما عرف عن الحجاج واشتهر أنه*رجﻼ ظالما غشوما , وربما كانت غالب أمواله ليست من طريق سليم شرعي*.
والمقصود منه :*أن حفظ اﻹنسان ﻹخوانهوخﻼنه ومراعاته لشؤونهم وتحمله لهم ماديا ومعنويا مما يكتب له به اﻷجر*ومما يدل على السؤدد والمروءة وعلو القدر*. وكلنا إن شاء الله طالب تلك الرفعة*الدنيوية المشروعة .
وفي اﻷسبوع القادم بإذن الله سنقف مع العظة السادسة ((*العرش والقلوب*)) .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
*
*
آيات وعظات " ماء المحيا "
صالح بن عواد المغامسي
ونفع بك وبكل ماتطرح
جعله الله في موازين حسناتك