د/ اشرف محمد على شلبى
عضو هيئة التدريس – جامعة بنى سويف
مرض الإدمان من الأمراض التي ينظر إليها ويتم التعامل معها من عدة زوايا وقد يرجع ذلك إلي طبيعة تأثيره التي تمتد لتشمل العديد من الجوانب. فهو يؤثر في المقام الأول علي الفرد ذاته ( المدمن ) سواء من الناحية الجسمانية أو النفسية أو الاجتماعية بالإضافة إلي تأثيراته الأخرى سواء علي الأسرة أو المجتمع بأسره . ويعد الجانب النفسي من الجوانب الهامة في مرض الإدمان نظرا لتأثيراته الكبيرة علي بقية الجوانب المتعلقة بحياة الشخص , وفي حقيقة الأمر لا يمكننا الفصل بين تلك الجوانب وبعضها البعض لأن الإنسان كل متكامل ومتفاعل لا يمكن التعامل معه بوصفه مجموعة من الأجزاء ولكن ذلك الفصل الذي نقوم به إنما هو محاولة للمزيد من الفهم لطبيعة كل جزء وبيان مدي تأثيراته علي بقية الأجزاء .
والمدمن من وجهة نظر علم النفس يمكن النظر إليه علي أنه شخص اعتمادي بحاجة إلي المساندة والدعم النفسي سواء كانت تلك المساندة وذلك الدعم من أشخاص أو من مواد مؤثرة نفسيا ليتمكن من مواجهة حياته ومشكلاته. كذلك يمكن القول بأن الإدمان عادة سلوكية تم تعزيزها بقوة ولفترة طويلة لما لها من آثار إيجابية( وذلك من وجهة نظر المدمنين ) وبالتالي أصبحت تلك العادة جزء أساسي وأسلوب يلجأ إليه المدمن في مواجهة كل ما يعترضه من مواقف حياتيه .
أسباب الإدمان من الناحية النفسية :
هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع بالفرد إلي الوقوع في دائرة الإدمان منها :
1.أزمة المراهقة :
وهي المرحلة العمرية التي تبدأ فيما بين 13 : 15 سنة وتستمر تقريبا حتى عمر 18 سنة وتتميز بوجود مجموعة كبيرة من التغيرات التي تطرأ علي الفرد سواء من الناحية الجسمانية أو النفسية أو الاجتماعية . وتدل العديد من الشواهد علي أن مشكلة الإدمان تبدأ في تلك المرحلة نظرا لطبيعة شخصية الفرد وسماتها والتي تميل غالبا إلي الاندفاعية والتهور والرغبة في مخالفة الآباء والكبار بوجه عام والتمرد علي كل القيود التي كانت مفروضة خلال مرحلة الطفولة بالإضافة إلي عدم اكتمال نمو التفكير بالشكل المنطقي العقلاني وسهولة الاستثارة والقابلية للإيحاء.
وجود بعض المشكلات الشخصية مثل الخجل والخوف الاجتماعي .
وجود بعض المشكلات الأسرية أو إدمان أحد أفراد الأسرة .
تبني بعض الأفكار الخاطئة عن المخدر .
الرغبة في الهروب من الواقع المحبط .
الفشل الدراسي أو المهني أو العاطفي .
بعض العلامات النفسية الدالة علي الإدمان :
هناك مجموعة من العلامات التي قد تشير إلي وقوع الفرد في مشكلة تعاطي المخدرات منها :
1.التغير الحاد في السلوك دون سبب واضح .
2.الميل للانطواء والعزلة .
3.العصبية الزائدة أو الانفعال السريع وغير المناسب .
4.الكذب واختلاق المبررات .
5.التغير في عادات النوم دون سبب
المضاعفات النفسية الناتجة عن الإدمان :
إن وقوع الفرد في دائرة الإدمان يؤدي للعديد من الآثار النفسية السيئة منها :
1.اللامبالاة وفقدان أغلب الاهتمامات .
2.الشعور بالإجهاد النفسي وفقدان النشاط .
3.شرود الذهن وضعف القدرة علي التركيز والانتباه.
4.التمركز حول الذات ( الأنانية ) .
5.صعوبة التحكم في الانفعال.
6.التخلي عن معظم القيم والمعايير وتبني قيم جديدة .
7.الخجل والخوف الاجتماعي .
الوقاية والعلاج من الإدمان :
تعتمد الوقاية من الوقوع في مشكلة الإدمان من الزاوية النفسية علي :
1.التوعية المستمرة بمشكلة الإدمان بين قطاعات المراهقين بأسلوب يتناسب مع طبيعة فهمهم
وخصائصهم الشخصية حتى لا تأتي بنتائج عكسية .
2.ضرورة إتباع الآباء لأساليب تربوية تعتمد علي الحوار المتبادل بينهم وبين الأبناء وخاصة
في مرحلة المراهقة .
3.المتابعة المستمرة من الأسرة للأبناء وخاصة في مرحلة المراهقة بأسلوب غير منفر وبعيدا
عن التسلطية .
4.التقويم والتدخل السريع لمعالجة أي انحرافات سلوكية أولا بأول .
5.استشارة العاملين في مجال الصحة النفسية والتربية حول أفضل الأساليب التربوية في كيفية
التعامل مع مشكلات المراهقين .
أما عملية العلاج فهي تعتمد إلي حد كبير علي مدي تقبل الأسرة للمريض ورغبتهم في مساعدته للتغلب علي تلك المشكلة وهذا بالطبع لا يقلل من أهمية دافعية المريض ذاته ورغبته في العلاج , فلابد من توافر كلا الشرطين حتى تأتي عملية العلاج بالنتائج المرجوة منها .
لقد تغير مفهوم علاج مرض الإدمان في الوقت الحاضر حيث أصبح ينظر إليه علي أنه مرض جسمي ونفسي واجتماعي يجب التعامل معه من خلال فريق علاجي متكامل يساعد الشخص كل حسب تخصصه علي كيفية التعامل مع مرضه وإعادة بناء شخصيته بشكل يساعده علي التوافق من جديد سواء مع ذاته أو مع الأخرى