تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » التفسير العلمي والأعجاز العلمي

التفسير العلمي والأعجاز العلمي 2024.

التفسير العلمي والأعجاز العلمي

الدكتور …. زغلول النجار

كثر الجدل في قضية العلاقة بين العلم والدين، وأنتم تفرقون بين "الإعجاز العلمي" و"التفسير العلمي"؟ فما الفارق وما فلسفتك في هذا التمييز؟
التفسير العلمي للقرآن الكريم هو محاولة بشرية لفهم دلالة الآيات الكونية في كتاب الله، وهي آيات تمثل ثلث القرآن الكريم في أكثر من ألف آية قرآنية كريمة، وقلت: إن هذه الآيات لا يمكن أن تفهم فهما صحيحا في إطار اللغة وحدها.. نعم القرآن الكريم نزل بلغة عربية، ولكن اللغة وحدها لا يمكن أن تعطي للإنسان القدرة على أن يفهم دلالات الآيات الكونية؛ لأن الآيات الكونية تتحدث عن أشياء وظواهر كونية لا يمكن أن تفهم إلا في إطار ما حققه العلم من إنجازات في فهم هذه الظواهر.

إذن فالتفسير العلمي محاولة بشرية لحسن فهم دلالة الآية الكونية، ونحن نحرص في التفسير العلمي على أن نوظف كل الحقائق العلمية المتاحة، لكن بما أن العلم لم يصل لكل الحقيقة في كل أمر من الأمور تبقى قضايا كثيرة عند حدود الظن، ويقف فيها العلم عند حدود النظرية أو الفرْض، فإذا لم يصل العلم إلي الحقيقة في قضية من القضايا التي تتعرض لها الآيات فأنا لا أرى ضيرا أبدا في توظيف النظرية السائدة أو الفرْضية السائدة حتى أفهم دلالة الآية، وإذا ثبت بعد ذلك أن النظرية كانت خاطئة فلا يمس هذا من جلال القرآن الكريم أو ينال منه في شيء؛ لأن التفسير عمل بشري يصيب فيه الفرد وقد يخطئ.

أما الإعجاز العلمي فهو موقف تحد نتحدى به الناس كافة؛ مسلمين وغير مسلمين، بأن كتابا نزل قبل أربعة عشر قرنا على نبي أمي -صلى الله عليه وسلم- في أمة كان غالبيتها أميين، وهذا الكتاب يحوي حقيقة كونية لم يصل إليها علم الإنسان إلا منذ سنين قليلة، ولم يكن لعقل أن يتخيل مصدرا لهذه الحقيقة الكونية في هذا الزمن السحيق إلا الله الخالق سبحانه وتعالى.

لذلك أقول: إنه لا يجوز لنا في الإعجاز العلمي أن نوظف النظريات والفرضيات، بل لا بد من توظيف الحقائق العلمية الثابتة القاطعة التي لا رجعة فيها، إلا في حالة واحدة وهي حالة الآيات التي تتحدث عن الخلق بأبعاده الثلاثة (الكون، الإنسان، الحياة) لأن الخلق عملية غيبية غيبة مطلقة لم يشهدها أحد من الإنس أو الجن، ولأنها لا تقع تحت إدراك الإنسان فلا يمكن أن يصل فيها بالعلم الكسبي إلى حقيقة أبدا، وهذه الأبعاد الثلاثة يدور فيها الإنسان في مدار النظرية والفرض، وتختلف هذه الفروض والنظريات باختلاف مفسرها وواضعها؛ هل هو مؤمن أم كافر، موحد أم مشرك، جاد أم هازل، سعيد أم شقي، وكل هذا يظهر في صياغة النظرية والفرضية.

ويبقى للمسلمين نور من الله سبحانه وتعالى في آية قرآنية أو في حديث شريف، ما يعيننا على أن نرجح نظرية ونرتقي بها إلى مقام الحقيقة، لا لأن العلم الكسبي قد أثبت علميا أنها حقيقة ولكن لظهورها في كتاب الله أو سنة رسوله؛ لأن الله هو خالق الكون وأدرى بصنعته من كل من سواه.

هل يمكن أن تقدم لنا نماذج أو أمثلة توضح هذا التمييز؟
مثلا يقول الله عز وجل: (وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ)، وفي تفسيرها قال الأقدمون: هو انصداعها عن النبات، وهذا صحيح حيث نضع البذرة في الأرض ونرويها فتنتفش التربة -بإذن الله وما أودعها من خصائص- وتزيد في الحجم وترتفع لأعلى وترق حتى تنشق وتفسح الطريق للنبتة الجديدة الطرية المنبثقة من البذرة، ولكن بعد الحرب العالمية نزل العلماء إلى قيعان البحار والمحيطات فوجدوا أن قيعان الأرض متصدعة بشبكة كبيرة من الصدوع تتراوح أعماقها من 64 إلى 150 كيلومترا وتحيط إحاطة كاملة بالأرض… وهذا بعد جديد للتفسير لم يكن معروفا زمن الوحي والتفسير، قابل للتغير مع الزمن.

أما الإعجاز العلمي فنجده مثلا في قوله تعالي: (والبحرِ المسجورِ)، والمسجور هو المتقد نارا، ثم يأتي العلم الآن ليثبت أن كل قيعان البحار والمحيطات مسجرة تسجيرا خفيا بالنيران.

ومن ناحية الارتقاء بنظرية من النظريات وجعلها حقيقة علمية نجد قوله تعالى: (أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ)؛ وهو ما نجده في نظرية تفسير نشأة الكون بالانفجار العظيم، وهو ما يرتفع بهذه النظرية إلى مصاف الحقيقة.

مشكورين دود على الفائدة الرائعة
أخي محمص القلوب

أشكر لك مرورك الكريم
لك أحترامي

أخي وأستاذي الفاضل Emad Alqadi
شاكرة لك من الاعماق هذا الجهود الرائع ..
جزآك الله خير الجزاء واحسن اليك
بارك الله فيك ويعطيك الف عافيه
دائماً نترقب ما هو جديد ورائع ومتميز
تحياتى وتقديري لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.