5- ان الحرب من الناحية الموضوعية و المنطقية ليست فقط قد أسقطت شرعية ما تم الاتفاق عليه فحسب ، و إنما ايضا قد أسقطت كل مبرر موضوعي آو منطقي لبقاء المنحدرين من الشمال و الجنوب في إطار سياسي واحد ، و هو ايضا الوضع الطبيعي الذي كان ينبغي ان نكون عليه منذ البداية انسجاما مع الواقع الموضوعي الملموس . و أتمنى على قادة جميع الأحزاب ان يدركوا ذلك جيدا قبل ان يجبرهم الواقع على إدراكه بثمن كبير . كما أتمنى على منظمات الأحزاب في الجنوب بالذات ان تدرك ذلك جيدا ايضا و ان تعمل على تشكيل لقاء مشترك خاص بها يتبنى القضيه الجنوبية و يناضل مع الحراك من اجل حلها أو ان تذوب بالكامل في الحراك ، و عليها كذلك ان تدرك بان دول الجوار قد لا تساعد على حل القضيه إذا ما قادتها هذه الأحزاب ، لان حلها عبر هذه الأحزاب يغير طابعها السياسي و يحولها من قضية وحده سياسيه بين الشمال و الجنوب إلى قضية سلطه و معارضه ، و هذا ليس حلا شرعيا لها مهما كان صائبا . حيث ان الحل الشرعي لهذه القضيه لابد و ان يكون بين الجنوبيين و حكام الشمال سواء كان على رأسهم علي عبدالله صالح أو غيره .
6- ان كل الأحزاب القائمة حاليا لا تملك هوية في القضيه الجنوبية ، لأنه لا يوجد حزب منها يدعي تمثيله للجنوب آو تمثيله للشمال . صحيح ان الجنوبيين في هذه الأحزاب منحازين باطنيا إلى الجنوب ، و ان الشماليين منحازين باطنيا إلى الشمال ، و لكن إخفاء هذا الانحياز و غياب إعلانه رسميا هو مغالطه للنفس و يجعل هذه الأحزاب بلا هوية في هذه القضيه بالذات . و لهذا و بسبب هذا الخلط الخاطئ الذي تركته لنا الحركة الوطنية و الذي أدى إلى التضحية بالوحدة ، فان هذا الخلط الخاطئ قد جعل الحزب الاشتراكي يسير عكس مجرى التاريخ كتحصيل حاصل لذلك . فقد أبقى نفسه و أخفى الدولة و تخلى عن مصير أهلها بعد حرب 1994م ، بينما مجرى التاريخ أخفى أحزاب البلدان الإشتراكية و أبقى دولها . و هذا التناقض الذي وقع فيه الحزب قد أدخله في علاقة نفي النفي مع القضيه الجنوبية و بالذات بعد حرب 1994م عندما تخلت قيادته عن مصير الجنوب و شاركت في شرعنه قهره مع بقية الأحزاب . و هذه العلاقة تعني موت القضيه الجنوبية ببقاء الحزب أو موت الحزب ببقائها بموجب قانون نفي النفي الموضوعي . و لو نقرأ الواقع بشكل جيد لوجدنا بأنه كلما برزت القضيه الجنوبية كلما أختفي الحزب و العكس . و هذا هو فعل قانون نفي النفي الموضوعي الذي لا يستطيع الحزب الخروج منه و العودة إلى ملازمة القضيه الجنوبية و الانسجام معها ، إلا بالعودة إلى أصله الجنوبي كما قال الدكتور عبدالرحمن الوالي قبل أكثر من ست سنوات ، و أرجو من الأمين العام ان يتمعن في ذلك تماما . كما ان مثل ذلك ينطبق على بقية منظمات الأحزاب في الجنوب بمن فيها منظمات حزب المؤتمر الشعبي العام . و اطلب ممن يخالفني ذلك ان يحتفظ بهذه الكلمات للتاريخ .
7- ان الجنوبيين الآن ، هم لأول مره يعملون لصالح قضيتهم ، و لكن نقطة الضعف الباقية هي عدم إظهار القيادة السياسيه لهذه القضيه . و في هذا الاتجاه أود القول بان هناك شيء اسمه قيادات ميدانيه ، و شيء اسمه قيادات سياسيه ، و كل من النوعين له صفات معينه و طريقة اختيار موضوعيه معينه . فالقيادات الميدانية هي من يفرزها الميدان بصرف النظر عن مستواها الفكري و السياسي ، و هي لا بد و ان تكون من الشباب و من الأبرز و الأقوى ميدانيا . أمّا القيادات السياسيه فهي من تفرزها الحياة السياسيه ، و هي لا بد و ان تكون من أهل الخبرة و من الأبرز فكريا و سياسيا و الأكثر صلابة و ثبات في الموقف السياسي و القادرة على المناورة السياسيه و التكتيك . ففي القضيه الجنوبية أفرز الميدان قياداته الميدانية بكثرة و لم يبق غير تنظيمها و إظهار قياده سياسيه لها من العيار الثقيل . و هذه القيادة سيكون من أهم واجباتها السياسيه مطالبة النظام عبر المجتمع الدولي بالاعتراف بالقضية الجنوبية والجلوس للحوار من اجل حلها على قاعدة الشرعية الدولية بموجب قراري مجلس الأمن الدولي أو على قاعدة الشرعية الشعبية بموجب استفتاء شعب الجنوب على قبول هذا الوضع أو رفضه ، خاصةً و انه لم يستفت على الوحدة عند إعلانها ، و خاصةً و ان الوضع القائم لم يكن قائما على اتفاقيات الوحدة و دستورها ، و إنما قائما على نتائج الحرب ، أي قائما على 7 يوليو 1994م . و إذا ما رفض النظام ذلك خلال هذه الفترة حتى الانتخابات القادمة ، فان على هذه القيادة ان تدعوا إلى رفض الانتخابات و تعمل بكل الوسائل السلمية على منعها في الجنوب ، و هذا هو الحل واقعيا و إقليميا و دوليا .
شكرا لك على متابعة الطرح
الحمد لله رب العالمين