بيان صحفي حول القضايا الراهنة التي يمر بها السودان
الحمد الله أبداً سرمداً , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحابته الغر الميامين النجبا.. أما بعد :
فقد دأبت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان ،على بيان الأحكام الشرعية في كثير من النوازل والخطوب في داخل السودان وخارجه،كما نص على ذلك ميثاقاها(أنظر المرفق1) ، والرابطة اليوم إذ تعقد هذا المؤتمر الإعلامي إنّما تريد أن تبين للناس الموقف الشرعي إزاء القضايا الراهنة ، تبياناً لما وجدوا و إفصاحاً بالحق فيما تيقنوا وإعذاراً إلى الله تعالى بإنفاذ الميثاق الذي أخذه الله علينا ،وعلى كافة العلماء من قبلنا في قول الله سبحانه : {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران:187]،ومن هذه الوقائع الكبرى ،وأحكامها الشرعية ما يلي :
أولاً: إن مبدأ الاستفتاء المؤدي إلى فصل الجنوب والمنبثق من اتفاقية نيفاشا باطل لا قيمة له من الوجهة الشرعية ،وقد أصدرت الرابطة الشرعية في ذلك بيانات عدة آخرها (بيان في وجوب نبذ إتفاقية نيفاشا) والاعتصام بشريعة الاسلام)(أنظر : المرفق(2))
ثانياً: يتحتم على حكومة الإنقاذ أن تفي بما عاهدت الله به من عشرين عاماً، وما وعدت به الشعب السوداني مراراً من تحكيم الشريعة الإسلامية تطبيقاً كاملاً وشاملاً ، ولكي يكون الدستور شرعياً فلا بد من النص الصريح على أن القرآن الكريم والسنة النبوية ،وما يتبعهما من الأدلة الشرعية، هو المصدر الوحيد للتشريع في السودان، وكل ما عداهما مما يخالفهما جاهلية ،وظلم وفسق كما قال جل وعز : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [المائدة:50] وقوله: (ولا يشرك في حكمه أحدا).
هذا ما يجب علينا في الحال، سواءً قرر الجنوبيون الوحدة أم الانفصال ، وإنما الشريعة الإسلامية دين الله لا مساومة فيه ولا مفاوضة ولا خيار قال الله تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20) }[الجاثية] هذا ولم يكن تعدد القبائل والأعراق، واللغات والديانات، في تاريخ الدول الاسلامية منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة مانعاً قط من تحكيم شريعة الله ،لأنها أحكم نظام وأعدله ، ومن ظن بشريعة الإسلام غير ذلك فقد ظن بالله المليك الواحد ظن السوء : {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) }[الجاثية] والدين الذي نظم العلاقة بين الرجل وزوجته، وبين للإنسان كيف ينام، وكيف يكون في حال قضاء الحاجة، هو نفسه الدين الذي وضع نظاماً محكماً في إدارة السياسة والاقتصاد ،هذا ما صرح به أحكم الحاكمين فقال : { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } [الأنعام:38] { وَنزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } [النحل:89]
ثانياً: ينبغي أن نعي جميعاً أن مخطط تقسيم السودان ليس مرده الخلاف في منهاج الحكم ،وإنما هو هدف يهودي صليبي يضعون له في كل بلد ذرائع شتى ،كما نسجوا من خيالهم في العراق قصة امتلاك صدام "اسلحة دمار شامل" ليدمرو بتلك الأكذوبة العراق كله تدميرا شاملاً ،-وقرر الكونجرس الأميركي تقسيمه- إلى مناطق ثلاث، كردية في الشمال، وسُنية في الوسط، وشيعية في الجنوب.ثم اعترفوا بعدها بكل صفاقة وجرأة أنهم كانوا خاطئين، والسودان موعود بأن يكون أكثر حظاً من العراق في التقسيم ،حيث أجمعوا أمرهم على تقسيمه إلى خمس دويلات هزيلات ،وإنا لنجزم يقيناً بما اطلعنا عليه من حقائق ووقفنا عليه من وثائق أن مشروع تقسيم السودان جزء من مخطط الشرق الأوسط الجديد. (أنظر المرفق(3))
ثالثاً:يحاول أعداء الاسلام مع أذنابهم المتحالفين معهم في الداخل استغلال الأحداث والأزمات لزعزعة أمن البلاد واستبدال قيم الإسلام وأخلاقياته بما يؤدي إلى انهيار المجتمع تفسخاً وتفريقاً ، فيتعرضون لأحكام الشريعة الإسلامية تلويحا وتصريحاً ، ويلِغون في العلماء المنافحين عن الشريعة طعناً وتجريحاً ، كما يرجفون بالمسيرات، والنشرات خلال صف المسلمين إيضاعاً وتخذيلاً،وما حديثهم هذه الأيام عن إلغاء بعض الحدود والتعازير الشرعية إلا ليسدوا على أهـل الإسلام باب الأوبة الصادقة إلى الشريعة الإسلامية انقيادا وتسليماً؛ كما يدعي بعضهم من أن وقوع الخطأ في التطبيق يكون مسوغاً لإلغاء الأحكام من أصلها, حتى يتسنى لهم نشر أفكارهم بكل سهـولة و ارتياح وهذا باطل من القول وزور لأن احكام الشريعة لا يبطلها عدل عادل ولا جور جائر، فليحذر المسلمون من هذه الحيل الماكرة .
رابعاً: وكما كان حقاً علينا أن نحذر مكر الصهاينة والأمريكيين وعملائهم كذلك ينبغي أن نأخذ حذرنا من الشيعة الحاقدين ، الذين يتسللون اليوم إلى مدننا وقرانا ،لتشييع الغافلين والإغراء بالوقوع في الصحابة الأجلاء الصادقين ،وعلى رأسهم جل العشرة الذين هم بالجنة مبشرين ،وقد رصد العلماء والدعاة كثيرا من محاولات نشر هذا الإفك المتدثر كذباً بحب آل البيت ،من خلال بعض النشاطات في مناسبة عاشوراء قبل أيام ،وقد أصدرت الرابطة الشرعية من قبل بيانات مفصلة في حوادث متعددة وقعت منهم ،(أنظر المرفق (4)) وكما يريد أولئك أن يخربوا البلاد بصنم العلمانية ،فإن هولاء الشيعة يستغلون تأزم الأوضاع في السودان لنشر أباطيلهم ،ومن عجائب قناة العربية ما أقدمت عليه من تشويه صورة العلماء في هذا البلد من أجل تصديهم للشيعة وقيامهم بتحذير العامة والخاصة من شرورهم كما في تقريرها عن الرابطة الشرعية يوم 10/ 12/ 2024م حيث بدرت منها بادرة السوء إلى رمي العلماء والدعاة المشهود لهم بالفضل والعلم والنصح بالحق للخلق لدى علماء المسلمين في السودان وخارجه ، بما ليس فيهم من ألقاب وافتراءات ،وتلك خصلة تنم عن الخيانة في عدم عرض الحقيقة بأمانة ،والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقول :[ من حالت شفاعته دون حد من حدود الله ؛ فقد ضاد الله في أمره ، ومن خاصم في باطل وهو يعلم ؛ لم يزل في سخط الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ما ليس فيه ؛ حبس في ردغة الخبال ؛ حتى يأتي بالمخرج مما قال ] رواه أبو داود والطبراني بإسناد جيد.
خامساً: إن على أهل السودان حكاماً ومحكومين أن ينتبهوا لهذه الأخطار المتربصة بهم من أعدائهم في الداخل والخارج ليسوموهم سوء العذاب في دنياهم وأخراهم،وإنما السبيل إلى الخلاص من ذلك كله بنصرة شريعة الاسلام ،قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9) }
وعلى حملة الشريعة من العلماء وأهل الفضل من الغيورين على حرمات الله واجب عظيم ،ألا وإن الدنيا ظل زائل ،عما قريب سنقف أمام الله تعالى فيحاسبنا على شهاداتنا ومواقفنا : {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) } [المؤمنون] وإن التصدي لذلكم المخطط الرامي إلى تفتيت البلاد ، وتشريد العباد ،لن يتأتى إلا بتوحيد الصفوف على أساس دين الله وشريعته ،يقول ربنا تبارك وتعالى : {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (21) [المجادلة] .
الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان