تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » القيم الأقتصاديه الأسلاميه

القيم الأقتصاديه الأسلاميه 2024.

من المعروف لدى الفلاسفة والمفكرين أن الفكر لا ينبع من فراغ وإنما ينبغي أن يستند إلى معلومات صحيحة ودقيقة ومتفق عليها. والفكر الإسلامي يوجد له أساس واضح وسليم يرتكز عليه هو النصوص الدينية التي أوحى الله تعالى بها إلى رسوله الكريم وشرحها علماء الإسلام على مر العصور.
إن التحليل الاقتصادي باعتباره من الفكر الإنساني يقوم على محاولة فهم ما يحكم الواقع الاقتصادي من أسس وركائز؛ وفي حالة الاقتصاد الإسلامي لا بد أن يرتكز التحليل الاقتصادي فيه على الضوابط المستفادة من النصوص الدينية، وبذلك يأتي التحليل بنتائج صحيحة.
من المنظور الإسلامي، يعد الاقتصاد والأخلاق موضوعا لا يتنازع حوله، فلا اقتصاد بدون أخلاق. إن الاقتصاد الإسلامي تفريع على كل قيم الإسلام، فهو اقتصاد قيمي.
إن الكثير من آيات القرآن الكريم عندما يكون الحديث فيها عن أمور اقتصادية تكون الإشارة دائما إلى القيم الإسلامية السمحة. مثال قوله تعالى : " أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم " من سورة الماعون، فيه إشارة عظيمة إلى قضية إعادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع، وضرورة إعطاء اليتيم والمحتاج ما يعينه على نوائب الدهر. وكذلك الأمر في قصة أصحاب البستان المذكورة في القرآن الكريم؛ وأيضا قصة قارون. إن قارون (وما أكثر أمثاله في عصرنا) كان مالكا للمال الوفير، فهو بالتالي خاضع لأحكام قيمية. لقد كان قارون يتصرف في ماله استهلاكا وإنفاقا وادخارا؛ لكن القرآن الكريم سجل عليه عدة انحرافات منها : -التعالي عن الناس – عدم مساعدة المحتاجين والفقراء والمساكين – استخدام المال من أجل الطغيان وقهر العباد والسيطرة على البلاد.
إن هذا المال الذي طغى قارون بسببه، جعل الشرع الإسلامي محاطا بضوابط تبين طرق وأسباب وقواعد الحصول عليه وحفظه. إن الإسلام يعتبر التنمية حقا مشروعا من حقوق الإنسان، فدعاه إلى استثمار كل عناصر الإنتاج المشروعة في العمل ورأس المال والموارد الطبيعية. يقول الحق سبحانه في الآية 15 من سورة الملك : " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا، فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور". ولقد جاء علماء الاقتصاد المسلمون بخمس وسائل تفيد حفظ المال أهمها أن لا ينفق المرء أكثر مما يكسب وهنا تظهر العلاقة بين الإنفاق والدخل؛ وأن يكون الرجل سريعا إلى بيع تجارته، بطيئا عن بيع عقاره كما حدد ذلك الإمام الدمشقي رحمه الله. أما القواعد الأخلاقية لحفظ المال وصونه فتتمثل في القناعة وشهامة النفس القوية، وفي طلب العلم وجمع المال، يقوم لقمان الحكيم لابنه : ( يا بني، شيئان إن حفظتهما لا تبالي ما صنعت بعدهما، ابدأ بدينك لمعادك، ودرهمك لمعاشك)؛ كما يلزم إنفاق المال في أبوابه أي في مجالات الخير والإحسان وكل ما يعود على الشخص بالنفع في الآخرة، لكن مع حسن تدبيره هذا المال. أما أسباب إضاعة المال فتكمن في كثرة المعاصي لأن المال تخربه المعصية وهذا حال قارون وأمثاله، وأيضا في تبذيره. ولقد نهانا الله عز وجل عن ذلك، لأن المبذرين إخوان الشياطين.
أما الغرب الكافر والعلماني فإنه لم يضع أي ضوابط لكسب المال فكل شيء يجوز من أجل الحصول على حفنة مال، ويشجع قيم الاستهلاك السلبي، وإضاعة المال في التفاهات وإمساكه عن أبواب الجميل والمعروف والبر والإحسان، والانهماك في يم من اللذات والشهوات. إنها قيم خطيرة ما فتئ الغرب يدعو إليها ويعمل على أن تعم بلداننا الإسلامية بشتى الوسائل ومختلف الأساليب.
لكن الإسلام حكيم بما يكفي، لقد جاء بما يمكن أن يحل المشاكل المالية لكثير من المسلمين الفقراء، بحيث أن الزكاة تغيث المسلم وتبعد عنه خطر التشرد والجوع – تقول الدكتورة نعمت مشهور من جامعة الأزهر – والآثار الاقتصادية للزكاة تلقي بظلالها على كل من الفرد والمجتمع. يقول الله سبحانه وتعالى : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها). وهذا خطاب عام لكل حاكم وليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، يقول الدكتور محمد عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر لمجلة الوعي الإسلامي : "الواجب على الحكومة طبقا للأمر الإلهي القيام بشؤون الزكاة جمعا وتحصيلا، وهو ما قام به الخلفاء الراشدون ومن تبعهم من الحكماء في عصر الحضارة الإسلامية، إذ أنهم أنشأوا المؤسسات لإدارة الزكاة مثل ديوان الزكاة وبيت مال الزكاة، وفي الوقت المعاصر توجد كثير من الدول الإسلامية التي تطبق الزكاة من خلال مؤسسات حكومية تشرف عليها مثل المملكة العربية السعودية واليمن وماليزيا …). وليست الزكاة وحدها التي تجب على المسلم لبلوغ قيم التكافل والتضامن الاجتماعي الغائبة عن الأهداف المسطرة لاقتصاديات البلدان العلمانية.
لقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزكاة، فقال : "إن في المال حقا سوى الزكاة ثم تلى قوله تعالى : (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيئين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة) آية 177 من سورة البقرة. فلقد جاء ذكر إيتاء المال مرتين : مرة عند إيتائه للمساكين، والثانية عند إيتاء الزكاة.

منقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.