عندما علم المتنبي أن الشعراء قد كادوا له عند سيف الدولة وأن سيف الدولة بدأ بتقريبهم من بلاطه الأميري أدرك المتنبي أنه سوف يخرج من هذه المعمعة بلا ناقة ولا جمل وأن موقف الشعراء الذين ساسوا عند الأمير أقوى من موقفه مع أنه أفنى وقتا طويلا في ديوان الأمير عندها قرر المتنبي الخروج إلى مصر بنفسه ولكن قرر أن يخرج شجاعا وأن لا يخرج بظروف غامضة فقرر أن يوجه رسالة ودية إلى سيف الدولة ويذيق النماقين من الشعراء صنوف الأذى الشعري في القصيدة التي مطلعها (وَاحَـرَّ قَلبـاهُ مِمَّـن قـَلْـبُهُ شَبـِمُ / ومَـن بِجـِسمـي وَحـالي عِنْـدَهُ سَقَـمُ )
والتي جاء فيها البيت المشهور الذي تغنى به الفراعنة في احد الردود أَنـامُ مِـلءَ جُفُـوني عـن شَوارِدِهـا / ويَسْـهَـرُ الخَلْـقُ جَرَّاهـا ويَختَـصِـمُ
والتي أصبحت تنشد إلى يومنا هذا مخلدة موقف المتنبي الرجولي فقد كان رحيله رحيلا مشرفا مع كونه يستطيع الرحيل في ظروف معتمه وبدون تعريض نفسه لخطر ردة فعل سيف الدولة ولكن كان يدرك أن التاريخ سيخلد ذلك ضده وضعفا فيه فأراد تخليد ذلك لصالحه وشجاعة له
ويعيد التاريخ نفسه و يتكرر هذا الموقف أمام ملايين الناس مرة أخرى وبعد مئات السنين وكأن السيناريو يعيد نفسه مع متنبي النبط الشاعر ناصر الفراعنة
تلك اللحظات حينما تقدم وأمام المشاهدين وكأن خطوات المتنبي تقرع الأرض في ديوان سيف الدولة ليقول للجميع أني أعلم بما كدتم به قائلا ( أبارك لحامل البيرق مقدما ) ولكن عندي مجموعة رسائل فكانت رسالته الأولى لشعب الإمارات وابوظبي وال نهيان حينما نثر عليهم كلمات الورود وكأنه يقول كما قال المتنبي في نفس القصيدة . (يـا مَن يَعِزُّ عَلَينـا أن نُفارِقَهـم / وَجداننـا كُـلَّ شَيءٍ بَعـدَكـُمْ عَـدَمُ )
ثم حدد أنه سيخرج بناقته وحدها وحدد وجهته إلى رنيه بوادي سبيع كما خرج المتنبي هو وحصانه وحدد وجهته حينما قال (لَئِـن تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عن مَيامِنِنـا لَيـَحْـدُثَـنَّ لِمـَنْ ودَّعْتـُهُـمْ نَــدَمُ ) وضمير هذا جبل قرب دمشق يدل تيامنه على الخارج من الشام والمتجه الى مصر وقد وعد بالندم وقد ندم سيف الدولة فعلا والرسالة الثالثة كانت للشيخ محمد بن زايد حينما قال ( ياحمد ) الرسالة الرابعة كانت لشعراء لجنة التحكيم فأنشد يقول (ناقتي ياناقتي ما عليك من الهروج .. صيحتين في قفا الذيب يقفاه العجاج)..( العدل يبقى عدل والدروب العوج عوج .. والعمى من لامعاه من فعل كفه سراج)
هنا بدأت رحلة العودة وكأن الفراعنة امتطى ناقته وهو ينشد على درهامها كلمات تطمئنها حيث بدا عليها التأثر أكثر منه بقوله ماعليك من الهروج… قصيدتين تروعهم ولا ترين غير غبار ذئابهم وهي كنايه عن تهرب اللجنة من مواجهة قصائده بينما بين ما ارتكبته اللجنة من أخطاء حينما أتت بما نهت عنه فنفت العفة في قصيدة ناصر (يامنيرة ..وهي كلام مسموع) وقد أتت هي بالنساء حضورا يتمايلن أمام الرجال بكل عفة!!!!! ( وهو مشهد مرئي ) لذلك كانت كلمة (العمى) بليغة في المثل الذي ضربه لهم قائلا (والعمى من لامعاه من فعل كفه سراج) … وكأنه المتنبي وهو يقول أيضا في نفس القصيدة التي ودع بها (ومـا انتِفـاعُ أَخـي الدُنيـا بِنـاظرِهِ **** إِذا اســتَوَتْ عِنـدَهُ الأَنـوارُ والظُلَـمُ)
(يا مكثرت الحكي والفعايل عوج هوج .. ما يحذف الناس من كان بيته من زجاج ) ربما أراد الشاعر أن يذكر شعراء اللجنة بقصائدهم العوجاء كما قال المتنبي في تلك اللحظات( بــأَيَّ لَفْــظٍ تَقُـولُ الشِـعْرَ زِعْنِفـةٌ **** تجُــوزْ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وِلا عَجَـمُ) .. (يا حمد طير(ن) جناحه ورا صدري يروج .. ويش اسوي كانه أفلت من اضلوعي وراج)) يقدم الشاعر هنا اعتذاره للشيخ محمد مما سيسمعه من قلبه
( مولدي في أرض عبقر من العام محجوج .. أنشدوا عن مولدي ليلة الحج ألف حاج) هنا أسقط كلمة (مولدي) على أول حضور له وأسقط (أرض عبقر)على مسرح شاطئ الراحة الذي تردد عليه الشعراء وأسقط (ليلة الحج) على الحلقة الثالثة التى ظهر فيها واسقط (ألف حاج )على الجمهور المتواجدين في المسرح تلك الليلة فأراد أن يقول : اسألوا الجمهور في تلك الليلة لماذا وقفوا جميعا ؟ وتمثل أمامي المتنبي ببيته العظيم وفي نفس الموقف سَــيَعْلَمُ الجَـمْعُ مِمَّـن ضَـمَّ مَجْلِسُـنا **** بِــأنَّني خَـيْرُ مَـن تَسْـعَى بِـهِ قـدَمُ( ماثنوا عزم ابن عباس أصحاب البروج .. لين زوجها من أعزب حدب سيفه زواج)..( والدهر معنى دخوله من الداخل خروج .. والله لا زبن دخيلًَ ولا سنع خراج)
يقصد أن العالم الجليل الزاهد عبدالله بن عباس لم يبلغ تلك المرتبه إلا بعد أن طلق الدنيا وزوجها بغيره وكانت الدنيا توصف بجمال امرأه قرشية اسمها بثينة الجمحي .حيث قال للدنيا لما عرضت نفسها عليه : فارجعي واطلبي زوجا غيري ، فلست من شأني ..يقول احد الشعراء لقد خاب من غرته دنيا دنية /وما هي إن غرت قرونا بنائل أتتنا على زي العزيزة بثينة /وزينتها في مثل تلك الشمائل وأراد أن يذكر في البيت الآخر بالذي اشترى الدنيا وخسر الآخره وليس كما فعل ابن عباس رضي الله عنه وكان واجب ناصر كمسلم التذكير ( زبن دخيلًَ) كناية عن سلوم الرجال (سنع خراج) كناية عن اداء واجب الدين المطالب يا حمد دونها ضرب الفجوج .. دونها شرب بقراح(ن) مثل شرب بهماج هنا استعراض تجربه (القراح والهماج) كناية عن تنوع التجربة فمرة حلوة ومرة مالحة و(الفجوج) جمع فج وهي الآبار الفواره والمصطلح يستخدم في عمان والامارات كثيرا وتمثل بيت المتنبي في تجربته واستعرض في ذلك اليوم البيت الذي يقول : صَحِـبتُ فـي الفَلَـواتِ الوَحشَ مُنْفَرِداً **** حــتَّى تَعَجَّـبَ منَّـي القُـورُ والأَكَـمُ
(يا حمد لا تآمن الجدب في خضر المروج .. مزنه العذب الفرات أمطرت ملح أجاج) ( ولولا قولة والنعم معتلوا فوق السروج .. أمةً قبلك خبر حيها في الأرض داج) أراد أن يوجه رسالة إلى الشيخ محمد بالحفاظ على قدره بين الناس وأن الناس تقاتل كي تحافظ على كلمة والنعم والتي ستذهب بها هذه اللجنة التي بدأت تمطر الناس ماليس مطلوبا منها وأن المراعي الخضراء التي يتكسب منها البرنامج بدأت تتضرر فلا تأمن أن تجف تماما (أمةً قبلك خبر حيها في الأرض داج) أراد أن يقول اسأل من عاش من أهل التجارب السابقة
(لا تعجب من علوج توطتها علوج .. والله أن الشر للشر أحياناً علاج ) العلوج (هم الكفار غير العرب) اعتقد أن البيت معروف يقصد فيه إن اتيت بكلام تعتبرونه شر فهو علاج لما قدمتموه من شر مثل مايقال مايفك الحديد إلا الحديد في جنوب أفريقيا البيض ياطون الزنوج .. وفي شمال أفريقيا البيض ماترفع حجاج اسقط البيض (على اللجنة ) واسقط الزنوج المضطهدين على شعراء المسابقة واسقط (جنوب أفريقيا ) على الحصانة التي تتمتع بها اللجنة واسقط (شمال أفريقيا) على الساحة الشعرية بلا حصانه دولة جنوب أفريقيا والتي سكانها من الأوربيين البيض والتي تتمتع بحصانه دولية بإمكانها أن تضطهد الزنوج بدعم دولي وهو مايفعلة شعراء اللجنة في الشعراء المتسابقين بينما في شمال أفريقيا عندما تتخلى عن الحصانة لا يمكن لهذه اللجنة ترفع عينها في أعين الشعراء ولو كانوا من نفس الشعراء المضطهدين فأراد أن ينقل لهم الصورة التي هم عليها وكأنما أراد أن يقول لمحمد بن زايد كما قال المتنبي لسيف الدولة أُعِيـذُهـا نَظَــراتٍ مِنْـكَ صادِقـَـةً / أَنْ تَحْسَبَ الشَحمَ فيمَـن شَحْمُـهُ وَرَمُ أي أن عينك تستطيع تحديد الشعراء من المتشاعرين والسمنة من الورم
(باترفع عن رجالاً على الهينه تدوج .. عالمً رامت مرام الصقور وهي دجاج ) (قيصر من فوق غوج وكسرى فوق غوج .. والجماعة بينهم راكبين فوق صاج )
أنا لم أعلم بالتحديد من كان يقصد بقيصر ومن يقصد بكسرى ولكن ربما شخصين من لجنة التحكيم أو من أعضاء البرنامج البارزين ولكن الاسقاطه جميله من حيث أن الذين يجلسون على الصاج ( الواسطة ) ويحتمون ويتكئون على حصاني (قيصر وكسرى ) وهاتان شخصيتان لهما عظمتهما ( ولكنهما سقطا عبر التاريخ وانهار مجدهما) وهي كناية عن ضعف المتكأ
(وش نبي في هامةٍ همها ضحكة غنوج .. أو قيامة قامةٍ ماتقوم عود عاج) يقول إذا كان المجد بهذه الطريقة (الواسطة) فلا نريده فهو لا يبني عود من عاج عوضا من أن يبني قصر من عاج
(احمد الله يوم لي من خيال الموج موج .. اركبه لا هاج سيف البحر تحتي وماج) اعتزاز بالمقدرة الشعرية والقدرة على استحضار القصائد المناسبة لينثرها في شاطئ الراحة كلما استدعى ذلك منه وهي اعتزاز بما قدمه من جديد خلال المسابقة كل ما استدعى منه الموقف ذلك (عندما رد على من قال انه سرق وعندما طلب منه قصيدة غزل وعندما جرح في نقده بدر صفوق) كلها كانت مواقف طارئة صاغ لها الشاعر ما يناسبها من القصائد في حينها ووسط ضغط نفسي ليس كصاحب الصاج الذي لم يقدم قصائد جديدة
(ماتصفحت الليالي تصفح كاتلوج .. لين مع كل حادث(ن) ذي حدث عشنا مزاج)
(العقيله ماتبي غير ابن حربان زوج .. يوم حاجات الذيابه غدت عند النعاج)
العقيلة هي المرأة المنسوبه لشخص أو أسره كقول (عقيلة فلان ) أو (عقيلة بني هاشم) ولا أعلم إن كان يقصد بابن حربان الشاعر المعاصر مقبل ابن حربان أو لا ..لأني والله ما أعرف عن حياته الكثير غير أن كثير من أبيات قصائده كان للوشاه نصيب منها
عموما أراد الاشارة هنا الى الوشاية التي حصلت له وحالت بينه وبين الفوز كما حدث بين قيس وليلى وعنتر وعبلة وغيرهم حيث وجدت أوساط منعت تزويجهم يقول ابن حربان( يا تلتي على شبـا حـد مفتـوق / و يا شلع قلبي شلعة الرمح كونـه) (عليك يا حايس غلا كـل معشـوق / الحب لك مصيون ماحـد ٍ يخونـه)
( يا حيف يا خلي تطاوع هل البـوق / راعي النمايم كـل علـم ٍ يهونـه) ( ما شفت دمع العين لرضاك مدفوق / و هرجي وقف ورى لساني و دونه)
(ساقي النشوه لها من خروج في ولوج .. كم انا للصحو منها شديد الإحتياج)
ربما أراد الإشارة بصفة غير مباشره الى نشوى الرويني في توظيف كلمة (النشوة)هنا… وهي التي لها القدرة على أن تسوق الشعراء إلى الدخول والخروج من المسابقة …. وهو أمر ربما يحتاج إلى الإقناع
( يا حمد مسيار ربعي علي فوج فوج .. غايتي يوم الردي غايته نجمه وتاج) يقول للشيخ محمد بن زايد أن غايتي حصلت ولله الحمد وهي توافد قلوب الناس علي أفواجا أفواجا بينما الردى مراده الحصول على النيشان والرتبة وهو المركز الأول والحصول على البيرق من دون الناس .
بهذا الموقف الشجاع رحل ناصر الفراعنة من مجلس سيف الدولة ليخلد لنفسه موقفا تاريخيا بين الشعراء والجمهور ربما لن يدرك حجمه شعراء اللجنة إلا بعد أن يقرؤه في مذكرات ناصر الفراعنة أوعندما يأتي لهم أحفادهم ويقولون لهم من من الشعراء كان في لجنة التحكيم عندما أمطرهم فرعون الشعر بتلك القصيدة مكتوفي الأيدي كما كتف المتنبي أيدي الشعراء في مجلس سيف الدولة.
تحياتي للجميع
ملاحظة> الرؤية شخصية ولا تمثل رأي الشاعر ناصر الفراعنة وهي تحتمل الصواب والخطأ
الموضوع منقووول
أنا أؤيد كاتب الموضوع وأؤيد قناعتك بما أحتواه
ولولا أقتناعك به ما نقلته لنا
ولكن بخصوص دور نشوي الرويني…في خروج واستمرار الشعراء
فبهذا ظلم للجنة والجمهور
والله أعلم
أقبل أحترامي
بكل سرور
احتضنت صغحتي نور توقيعك
لله درك اخي
تقبل مني اسى معاني الحب
تلميذك الخالد