قال الإمام الترمذي – رحمه الله – :
باب ما جاء في خَـلْـق رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 – قال أنس بن مالك رضي الله عنه :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، ولا بالأبيض الأمهق ، ولا بالآدم ، ولا بالجعد القطط ولا بالسّبِط ، بعثه الله على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، وتوفاه الله على رأس ستين سنة ، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء .
الحديث رواه البخاري ومسلم .
معاني الكلمات :
البائن : الظاهر . أي ليس طويلا طولا مُفرِطاً .
الأمهق : شديد البياض .
الآدم : الأسمر .
الجَعْد القَطِط : الشعر إذا كان فيه التواء وانقباض .
السَّبِط : الشعر المسترسل .
قال ابن حجر – رحمه الله – : الشعر الجعد : هو الذي يتجعد كشعور السودان ، والسبط هو الذي يسترسل ، فلا يتكسر منه شيء ، كشعور الهنود ، والقطط بفتح الطاء البالغ في الجعودة بحيث يتفلفل . انتهى .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – تعليقا على أنه أقام بمكة عشر ، وأن الله توفّاه على رأس ستين سنة
وفي رواية : أقام بها ثلاث عشرة سنة ، فتُحمل رواية العشر على أن الراوي حذف الكسر الزائد على العشرة .
وفي رواية : وهو ابن ثلاث وستين ، وهي أشهر وأصح ، وتُحمل رواية الستين على أن الراوي حذف الزائد على العشرة أيضا .
2 – وعنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رَبْعة ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، حسن الجسم ، وكان شعره ليس بجعد ولا سبِط ، أسمر اللون ، إذا مشى يتكفـأ .
قال الألباني – رحمه الله – : أخرجه البخاري ومسلم .
معاني الكلمات :
رَبْعَة : أي كان متوسطاً بين الطول والقصر .
يتكفأ : أي يتمايل إلى قدام كالسفينة في جريها ، زاد في حديث علي رضي الله عنه : كانما ينحطّ من صَبب .
إشكال وجوابه :
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
الأمهق : بفتح الهمزة وسكون الميم ، هو الكريه البياض كلون الجص ، ولا بالآدم من الأُدمة بالضم ، بمعنى السمرة . أي ليس بأسمر ، وهذا يُعارض ما في رواية حميد عن أنس في باب الجمة واتخاذ الشعر : أنه صلى الله عليه وسلم كان أسمر اللون ، والجمع بينهما : بأن المنفي إنما هو شدة السمرة ، فلا ينافي إثبات السمرة في رواية حميد عن أنس . على أن لفظة : " أسمر اللون " في الرواية المذكورة انفرد بها حميد عن أنس ، ورواه عنه غيره من الرواة بلفظ : " أزهر اللون " ومن روى صفته صلى الله عليه وسلم أنس ، فقد وصفه بالبياض دون السمرة وهم خمسة عشرة صحابيا . قاله الحافظ العراقي ، وحاصله ترجيح رواية البياض بكثرة الرواة ومزيد الوثاقة ، ولهذا قال ابن الجوزي : هذا حديث لا يصح وهو مخالف للأحاديث كلها ، وقيل المراد بالسمرة الحُمرة ؛ لأن العرب قد تطلق على كل من كان كذلك أسمر ، ومما يؤيد ذلك رواية البيهقي : كان أبيض بياضه إلى السمرة . والحاصل : أن المراد بالسمرة حُمرة تخالط البياض ، وبالبياض المُثبت في رواية معظم الصحابة : ما يخالط الحمرة . انتهى .
3 – قال البراء بن عازب رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رَجِـلاً مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين ، عظيم الجُـمّـة إلى شحمة أذنيه ، عليه حُـلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم .
الحديث أخرجه البخاري ومسلم .
معاني الكلمات :
رَجِـلاً : هذا وصف للشعر ، وهو بمعنى ما تقدّم .
الجُمّة : ما سقط من شعر الرأس ووصل المنكبين .
واللمّة : ما جاوز شحمة الأذن ، وهي الوفرة .
وفي المسألة خلاف حكاه النووي في شرح مسلم .
الشيخ:عبد الرحمن السحيم
بقية حديث البراء رضي الله عنه .
وفي رواية عنه قال : ما رأيت من ذي لِمّـة في حُلّـة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، له شعر يضرب منكبيه ، بعيد ما بين المنكبين ، لم يكن بالقصير ولا بالطويل .
الحديث : رواه البخاري ومسلم .
————-
4 – عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير ، شَثْن الكفين والقدمين ، ضخم الرأس ضخم الكراديس ، طويل المَسربة ، إذا مشى تكفأ تكفّؤاً كأنما انحط من صَبَب . لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم .
الحديث : رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي .
قال الألباني : وسنده ضعيف ، لكن له طرق أخرى يتقوّى بها عند أحمد وابن سعد ، وجملة " شثن الكفين والقدمين " مع الجملة الأخيرة منه في صحيح البخاري . انتهى .
معاني الكلمات :
شَثْن : أي غليظ الأصابع والراحة .
الكراديس : رؤوس العظام .
المَسربة : الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسّرّة .
صبب : ما انحط وانحدر من الأرض .
5 – حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وقد ضعّفـه الشيخ الألباني – رحمه الله – .
6 – حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما .
وقد قال عنه الشيخ الألباني : ضعيف جداً .
7 – قال جابر بن سمرة رضي الله عنه :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم ، أشكل العين ، منهوس العقب . قال شعبة : قلت لِسِمَاك : ما ضليع الفم ؟ قال : عظيم الفم . قال : قلت : ما أشكل العين ؟ قال : طويل شق العين . قال : قلت : ما منهوس العقب ؟
قال : قليل لحم العقب .
الحديث : رواه مسلم .
الشيخ:عبد الرحمن السحيم
8 – وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان ، فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر ، وعليه حُلة حمراء ، فلهو عندي أحسن من القمر .
معاني الكلمات :
ليلة إضحيان : أي مضيئة مُقمرة .
9 – عن أبي إسحاق قال سأل رجل البراء بن عازب : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟ قال : لا ، بل مثل القمر .
الحديث أخرجه البخاري .
10 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض ، كأنما صيغ من فضة ، رَجِـلَ الشَّعر .
قال الألباني : تفرّد به المؤلف . وصححه في سلسلة الأحاديث الصحيحة .
معاني الكلمات :
صيغ من فضة : أي كأنه مصبوب من فضة لبياضه .
رَجِِـل الشَّعر : هذا وصف شعره أي يبدو للناظر كأنه مُرجّل وليس كذلك .
11 – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عُرِضَ عليّ الأنبياء ، فإذا موسى ضَربٌ من الرجال كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى ابن مريم فإذا أقرب الناس من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود ، ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من به شبها صاحبكم ( يعني نفسه ) ، ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية .
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه .
معاني الكلمات :
ضرب من الرجال : قال القاضى عياض : هو الرجل بين الرجلين في كثرة اللحم وقِلّـته .
شنوءة : قبيلة من اليمن ، ورجال هذه القبيلة متوسطون بين الخفّـة والسمن .
الشيخ:عبد الرحمن السحيم حفظه الله
12 – عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما على وجه الأرض رجل رآه غيري . قال الجريري : فقلت له : فكيف رأيته ؟ قال : كان أبيض مليحا مقصدا .
الحديث : أخرجه مسلم .
معاني الكلمات :
قوله : وما على وجه الأرض رجل رآه غيري . يؤكد أن أبا لطفيل عامر بن واثلة آخر الصحابة موتاً .
مقصداً : هو الذي ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير . وملح الشيء أي حسُن فهو مليح .
13 – حديث ابن عباس ، وهو ضعيف جداً ، كما قال الألباني .
باب ما جاء في خاتم النبوة :
14 – عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال : ذهبت بي خالتي إلى النبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن ابن أختي وجِـع ، فمسح رأسي ، ودعا لي بالبركة ، وتوضأ ، فشربت من وَضوئه ، وقمت خلف ظهره ، فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه ، فإذا هو مثل زر الحجلة
الحديث : أخرجه البخاري ومسلم .
معاني الكلمات :
وجِــع : أي مريض
الحجلة : طائر معروف ، والجمع حَجَـل .
وزرّها : بيضها .
يعني أن خاتم النبوة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم مثل بيضة الحجلة .
15 – عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : كان الخاتم بين كتفيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غُـدة حمراء مثل بيضة الحمامة .
الحديث :
أخرجه مسلم .
معاني الكلمات :
الغُـدّة : قطعة اللحم ، وهذا لا يُنافي ما جاء في رواية مسلم أنه كان على لون جسده ، والتشبيه ببيضة الحمامة في المقدار ، وقيل في الصورة واللون .
وقال في لسان العرب : الغُدَّةُ و الغُدَدَةُ : كل عُقْدَةٍ فـي جسد الإِنسان أَطاف بها شَحْم . والغُدَدُ : التـي فـي اللـحم ، الواحدة غُدَّةٌ وغُدَدَةٌ . و الغُدَّةُ و الغُدَدَة : كل قطعة صُلْبة بـين العصَب . و الغُدَّةُ: السِّلْعَة يركبها الشحم ، والغُدَّة : ما بـين الشحم والسنام . والغُدَّة والغُدَدُ : طاعون الإِبل . انتهى .
والمقصود وصف حجم ولون خاتم النبوة .
16 – عن عاصم بن عمر بن قتادة عن جدته رُميثة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولو أشاء أن أقـبّـل الخاتم الذي بين كتفيه من قـُـربِـه لفعلت – يقول لسعد بن معاذ يوم مات : اهتز له عرش الرحمن .
الحديث : أخرجه الإمام أحمد في المسند .
وقال الألباني : صحيح .
17 – قال أبو زيد عمرو بن أخطب الأنصاري : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا زيد أُدنُ مِنّي فامسح ظهري . قال : فمسحت ظهره ، فوقعت أصابعي على الخاتم . قلت : وما الخاتم ؟ قال : شعرات مجتمعات .
وفي رواية للإمام أحمد قال : فأدخلت يدي في قميصه فمسحت ظهره ، فوقع خاتم النبوة بين أصبعي . قال : فسُـئل عن خاتم النبوة . فقال : شعرات بين كتفيه .
الحديث : أخرجه الإمام أحمد في المسند .
وقال الألباني : صحيح .
معاني الكلمات :
قوله في وصف خاتم النبوة : شعرات مجتمعات .
وفي الرواية الأخرى : شعرات بين كتفيه .
لا ينفي أن يكون الخاتم كبيضة الحمامة أو الحجلة كما تقدّم ، وإنما يُثبت هذا الحديث أن على الخاتم شعرات .
وفرق بين وصف من يرى ، ووصف من يتحسس الشيء .
18 – عن بريدة – رضي الله عنه – قال : جاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب ، فوضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا سلمان ؟
قال : صدقة عليك وعلى أصحابك .
قال : أرفعها فإنا لا نأكل الصدقة .
فرفعها ، فجاء من الغد بمثله ، فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا يا سلمان ؟
فقال : هدية لك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ابسطوا .
ثم نظر إلى الخاتم الذي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به ، وكان لليهود فاشتراه رسول الله عليه وسلم بكذا وكذا درهماً على أن يغرس نخلاً فيعمل سلمان فيه حتى تُطعم ، فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخيل إلا نخلة واحدة غرسها عمر ، فحملت النخل من عامها ، ولم تحمل النخلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شأن هذه النخلة ؟ قال عمر : يا رسول الله أنا غرستها . فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غرسها فحملت من عامها .
الحديث :
أخرجه الإمام أحمد ، وحسّـنه الألباني .
معاني الكلمات :
قوله : ابسطوا . يعني ابسطوا أيديكم وكُـلـوا .
وإنما جاء سلمان – رضي الله عنه – أول مرة بتمر وقال عنه : صدقة ، ثم جاء مرة ثانية وقال : هدية ؛ لأن سلمان – رضي الله عنه – كان يبحث عن الحق ويُفتش ويسأل الأساقفة فدلّـه صاحب عمورية على النبي صلى الله عليه على آله وسلم وأخبره بقرب مبعثه .
وقال الأسقف لسلمان : قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرا إلى أرض بين حرّتين بينهما نخل به علامات لا تخفى :
يأكل الهدية
ولا يأكل الصدقة
بين كتفيه خاتم النبوة .
فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل . في حديث طويل رواه الإمام أحمد وغيره في قصة إسلام سلمان – رضي الله عنه – ورحلته بحثاً عن الحق .
فهذه ثلاث علامات من علامات النبوة أُخبر بها سلمان – رضي الله عنه – قبل أن يُبعث النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، فأراد سلمان – رضي الله عنه – أن يتأكد من تلك الصفات .
وتلك الصفات مما كان عند أهل الكتاب من صفة النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، مما يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل .
19 – عن أبي نضرة العوفي قال : سألت أبا سعيد عن خاتم رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم ؟ يعني خاتم النبوة فقال : كان في ظهره بَضعة ناشزة .
الحديث :
قال الألباني : تفرد به المؤلف هنا . يعني في الشمائل .
وقال عنه : حسن .
معاني الكلمات :
بَضعة : قطعة
ناشزة : مرتفعة
يعني كأن الخاتم في كتفه صلى الله عليه على آله وسلم قطعة لحم ظاهرة .
20 – عن عبد الله بن سرجس – رضي الله عنه – قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ناس من أصحابه ، فدرت هكذا من خلفه ، فعرف الذي أُريد ، فألقى الرداء عن ظهره ، فرأيت موضع الخاتم على كتفيه مثل الجُمع حولها خيلان كأنها ثآليل ، فرجعت حتى استقبلته ، فقلت : غفر الله لك يا رسول الله . فقال : ولك .
فقال القوم : استَغْفَر لك رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم . فقال : نعم ، ولكم ، ثم تلا هذه الآية ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَوَالْمُؤْمِنَاتِ ) .
الحديث :
أخرجه مسلم باختلاف يسير .
معاني الكلمات :
الجُمْـع : جُمع الكفّ ، وهو هيأة اليد بعد جمع الأصابع .
خِيلان : جمع خال ، وهو النقطة أو الشامة السوداء .
ثآليل : جمع " ثؤلول " وهو خرّاج صغير كالحمصة يظهر على الجسد نتوء واستدارة .