تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » حديث النهاية

حديث النهاية 2024.

إنها ليلته الأولى بكل إرتباكاتها بكل صمتها بكل أرقها لقد عادوا اليوم إلى بيوتهم وتركوه وحيدا مع أولئك الذين يرقدون
على أسرتهم لا يؤنسهم سوى ألمهم أراه من طرف غرفتي يمر كل ربع ساعة يسئل الممرضين عن أي شكوى لقد دخل
الي غرفتي مرتين وسألني عن حالي إبتسمت له وقلت له إنني بخير لن أزيد ليلته صعوبة سإخفي عنه حقيقة ذلك الإلم
الذي يجتاح صدري كل حين لست أستهين به ولكنني شكوت ألمي لآخرين إبيضت شعورهم وإزدادت نظاراتهم سماكة دون
جدوى سأدعه يمضي ليلته بسلام فهل ستتركه أنت كذلك وجودك اليوم بجانبي هي إجابتك إذا سأرحل معك الليلة سأنسى
أمر ذلك الطبيب المبتدىء وسأبدأ بالتهيء لا أريد أن أرحل وكل هذه الفوضى حولي ألقي نظرة على منضدة بجانب سريري
وُضِعت عليها أكياس طعام أحضرها أولادي بالأمس كنت أعلم عدد الأيام التي سيغيبونها بعدد أكياسهم كان على المنضدة
ثلاثة أكياس هذا يعني انني سأفسد مخططاتهم برحيلي يمر ممرض بالغرفة أعطيه الأكياس وأطلب منه أن يلقي بالعلب الفارغة
في القمامة أعدل من هندامي ألقي بنظرة إلى صورة إمرأة عجوز قد سبقتني منذ سنة أخرج مصحفا قديما من تحت وسادتي
أقرأ منه مايسمح به نظري حتى حان الوقت عرفت ذلك من ألمي الذي إزداد وطأة من إقترابك مني من صوت زوجتي
الذي أصبح يناديني أفقد وعيي يتوقف نبضي ويهدأ تنفسي لم أكن أعلم أن الرحيل معك بمثل هذا الضجيج بعد خمس دقائق
يأتي مسرعا في وجهه آثار نوم إذا فقد غفا في ليلته الأولى يجس نبضي ويبحث عن تنفسي ثم يبدأ محاولاته المتخبطة
في إنعاشي ثلاثون دقيقة هي التي حددتها كتبه لكي يوقف توسلاته الإرجاعي ويراقب لبرهة ذلك الخط المستقيم الذي ترسمه
أسلاك أوصلها إلى صدري ليعلن بعدها عن وقت رحيلي الساعة الرابعة وثلاث دقائق بعد منتصف الليل ها هو من جديد يتمسك
بترهات الدقائق وينسى أن يسلط ضوء على بؤبؤ عيني التي لا تزال تستجيب نعم لم أرحل لا تجد حرجا في أن تخبرني بذلك
الآن ستمنحني دقائق أخرى لأحس به يلقي على منضدتي ملف ضخم إمتلأ بأوراق بحثت دون جدوى عن سبب لألمي تأخذه الحيرة
إنني خسارته الأولى وبذلك سيكتب شهادته الأولى ((إنتقل إلى رحمة الله تعالى )) ويكتب إسمي ثم يملأ بياناتي ويتوقف محتارا
أمام سبب الموت يقلب الأوراق من جديد ثم يصيبه اليأس فيكتب جملة تعلمها من الآخرين ((توقف في الجهاز الدوري والتنفسي
مما أدى إلى توقف عمل الدماغ )) كلام عائم ولكنه يناسبني ألا يحق لي الإحتفاظ بسبب موتي أخيرا حان الوقت عرفت ذلك من
نظرتك إلى هيا بنا الآن سأرحل وقد ضمنت إنني علقت في ذاكرة أحدهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.