الجزء الثاني
وأيضاً: فإن الأب وغيره لا يملك التصرف في مال ابنته البكر البالغ بغير رضاها ، فكيف يملك التصرف في نفسها ومستقبلها ، والنفس فوق المال ، والخسارة في المال أمر هين ، بجانب التضرر الذي سيحصل من الزواج غير المرضي من جانبها.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن الإسلام أعطى للمرأة البالغة العاقلة ، بكراً أو ثيباً ، كامل الحرية في رفض من لا ترضاه لها زوجاً ، ولا حق لأبيها أو وليها أن يجبرها على من لا تريده.
ومما يدل على ذلك أيضاً :
(أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيَّرها صلى الله عليه وسلم ).
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: إن عندنا يتيمة ، وقد خطبها رجل معدم ، ورجل ميسر ، وهي تهوى المعدم ، ونحن نهوى الميسر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم يُر للمتاحبين مثل النكاح).
وحتى لا ترتكب المرأة شططاً في اختيار من ترضاه ، فقد جمع الإسلام بين جعل التزويج لولي المرأة ، وحق المرأة في قبول من ترضاه من الأزواج ، ورد من لا ترضاه ، فمنع الأولياء من الاستبداد في تزويج من لهم عليهن ولاية من بنات وأخوات وغيرهن بغير رضاهن.
وكذلك أعطى الأولياء حق رد الزوج من غير الكفء الذي لا يرضاه أولياؤها وعصبتها ، لأن الزواج بغير كفء سبَّة لهم وعار عليهم ، فيكون هذا الزواج سبباً لوقوع العداوة والشقاق بين أهل الزوجة وأهل الزوج ، بدلاً من المودة والتراحم اللذين تدعو إليهما المصاهرة.
أعطى الإسلام هذا الحق للمرأة قبل أربعة عشر قرناً، وفي زمن كانت المرأة فيه تباع كالسلعة، ولا يرعى لشخصيتها أي اعتبار وذلك يعتبر أسمى ما نالت المرأة من الحرية والكرامة.
والإسلام عندما أعطى هذا الحق للمرأة ، كان يهدف إلى خير الفرد والمجتمع ، فالزواج الناشئ عن تراض ورغبة وحرية تامة ، لا شك أنه سيوجد البيت الهادئ والأسرة المستقرة المتعاونة المتفاهمة المترابطة ، وينتج الأولاد الأسوياء في كل شيء ، في الصحة والفكر والأخلاق والتآلف والتراحم ، ربه يتحقق المعنى السامي للزواج الذي ذكره الله سبحانه في قوله:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ).
وإذا فقدت الحرية والتراضي في الزواج، فقد فُقد التلاؤم والترابط بين ربي الأسرة، فيحدث النفور والتباغض، ويتعرض الأولاد – نتيجة هذا – لسوء التربية والتوجيه، وربما التشرد، فيكون منهم المجرمون، والعالة، والجانحون.
فالحرية في اختيار الزوج – فوق أنها حق أعطاه الإسلام للمرأة – لها أثرها الكبير في الفرد، والأسرة والمجتمع.
وقد حكى العرب عن آباء تعسفوا مع بناتهم، وتأذى بناتهم بذلك التعَسف حتى صدر منهن ما لا يحمد من البنت في حق أبيها .
افلام عالم حواءانجليزى
" وأتبع صلى الله عليه و سلم ذلك بأن من حق المرأة المطالبة بالطلاق إن لم يوف الرجل بواجباته الزوجية " ، وهو حق آخر للمرأة، يساعدها في دخول حياة زوجية جديدة أكثر توفيقاً ونجاحاً
إلى جانب الحقوق الزوجية الأخرى مثل حقها في الصداق ( المهر)، وحقها في الخلع، وحقها في النفقة، فقد أوجب الإسلام على الزوج أن ينفق على زوجته مع حسن معاملته لها، وفي هذا سأل أحد الناس النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ فقال : يارسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت … ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ".
ولاية المرأة في الزواج
لقد أصبحت المرأة في بلادنا وزيرة و سفيرة و طبيبة و محامية و قاضية و مهندسة و عاملة و معلمة و تبوأت أعلى المناصب إلا أن ولايتها على نفسها و على أولادها قاصرة و مشروطة .
فهي لا تستطيع تزويج نفسها و لا تستطيع أن تكون ولية على أولادها القواصر حتى بعد وفاة والدهم .
فقد جاء قانون الأحوال الشخصية واضعاً شروطاً في ولايتها على نفسها و على حقها بتزويج نفسها و ولايتها على أولادها في حين جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة و الحقوق .
للرجل و المرأة متى أدركا سن البلوغ حق الزواج و تأسيس أسرة دون قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين و هما يتساويان في الحقوق… الخ.
أما نصوص الدستور العربي فقد أيد ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق و الواجبات .
تحمي الدولة الزواج و تشجع عليه و تعمل على إزالة العقبات. ..الخ.
كذلك الأمر بالنسبة للقانون المدني سن الرشد هي ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة
أما قانون الأحوال الشخصية :
لم ينظر إلى المرأة نظرة الإنسان الطبيعي الذي اكتملت مداركه العقلية و أصبح حراً في اختياره فقد نظر إلى المرأة نظرة قاصرة .
فقد جعل زواج المرأة مشروطاً بموافقة الولي و الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث بشرط أن يكون محرماً عليها.
و اشترطت فيما لو أرادت الكبيرة التي أتمت السابعة عشر من العمر الزواج و هو سن الزواج وفق قانون الأحوال الشخصية يشترط الكفاءة… و الكفاءة حق خاص للمرأة و الولي فإذا كان الزوج غير كفؤ وفق وجهة نظر الولي أن يطلب فسخ النكاح و الكفاءة أمر متروك لعرف البلد
و الولاية في الزواج : هي القدرة على إنشاء العقد نافذاً غير موقوف على إجازة أحد .
سبب الولاية و علتها :
تعددت الآراء بشأن سبب الولاية و علتها ف منهم من قال أن علة الولاية في عقد الزواج على الصغيرة بسبب العجز الذي لأجله وجدت الولاية .
و فريق آخر قال أن العلة في الولاية هي البكارة و الصغر و أيهما وجد كان موجباً للإجبار .
و أخر أن علة الولاية على الصغيرة هي عدم تجربة الحياة الزوجية .
فالولاية تابعة لوليها سواء أكانت كبيرة أم صغيرة لأنها تجهل أمور الزواج أما إذا تزوجت و طلقت أو مات عنها زوجها فلا يجوز لوليها أن يزوجها دون أخذ رأيها و موافقتها إذا كانت بالغة .
ولاية الاختيار :
للمرأة البالغة العاقلة أن تزوج نفسها بمن أرادت على أن يكون الزوج كفؤاً لها و بمهر المثل .
ذهب المذهب الحنفي: إذا بلغت الفتاة العاقلة سن البلوغ فلها الحرية باختيار زوجها كما تملك عقد زواجها بنفسها بشرط الكفاءة و مهر المثل دون استشارة أحد .
أما الإمام أحمد : فقال لا بد من إذن وليها و يعتبر عقداً موقوفاً على إجازته أما رأي المذهب الشافعي فكان: للمرأة البالغة العاملة أن تتولى صيغة العقد بنفسها و لكن ليس لها أن تنفرد بالزواج دون موافقة وليها فإن رضي وليها أنشأت العقد بعبارتها .
الراجح في المذهب الحنفي :
للمرأة البالغة العاقلة الحق في التصرف في سائر أفعالها لكمال أهليتها و بما أن عقد الزواج كبقية العقود من حيث الإنشاء فالمرأة تعتبر فيه كاملة الأهلية فلها أن تزوج نفسها كما لها أن توكل الغير في تكوين هذا العقد و ذلك قياساً على العاقل البالغ إذ لا فرق بينها ما دام لم يرد نص يفرق بين أهلية
وفقره غنا وحزنه فرحا وضيقه فرجا و أنزله منازل الصدقين والشهداء
واجمعه في الجنة مع من يحب و يشاء
وجميع المسلمين
اللهــم ثبــت أقدامنــا واقبــل توباتنــا واغســل حوباتنــا واختــم بالصالحات أعمالنــا ووالدينــا واخواننــا وأخواتنـا والمسلميــن آميــن ،،
جـــزاك الـــلـــه خيـــر
..
وينكتـــب بموازيـــن أعمـــالك
وجعـــلك ممـــن تقول لهم الجنـــه أقبلـــوا فأنتـــم مـــن سكانـــي ،،
اللهــــم آميــــــــن ،،