السيد أبو داود
حوار مع أد. محمد يحيى
حاوره:السيد أبو داود
مقولة "مشروع الهلال الشيعي" التي وردت على لسان الملك عبد الله الثاني ملك الأردن مقولة حقيقية إلى حد بعيد تكشف حقيقة الأهداف الإيرانية الشيعية في العالمين العربي والإسلامي.
في هذه السطور نحاور المفكر الإسلامى الدكتور محمد يحيى ليحلل أبعاد مشروع الهلال الشيعي ويفضحه، والدكتور محمد يحيى أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة و أحد المفكرين القلائل الذين ساهموا فى تأصيل فكر الحركة الاسلامية فى مصر و العالم العربى عبر كتبه المتعددة و مقالاته فى الكثير من الصحف و المجلات الإسلامية، وهو لم يكن معروفا عنه مهاجمة السياسة الإيرانية…ولكن الرجل انتفض وهاله ما حدث بعد انهيار نظام صدام حسين فى العراق وبعدما تم رفع القناع الشيعي عن وجه إيران وعن وجه شيعه العراق.
** منذ متى بدأت إيران فى التفكير فى مشروع الهلال الشيعى ؟
* الآن نستطيع أن نقول إن ذلك حدث مع قدوم الثورة الايرانية عام 1979 .. والثورة فى بدايتها أعلنت أنها ثورة إسلامية و طرحت أطروحات سياسية و فكرية و ثقافية غير طائفية لتسوق نفسها فى العالم الإسلامى .. ولكن بمرور السنين وبعد موت الخميني ظهرت الناحية المذهبية واضحة. فالملمح المذهبي كان مستترا وراء معارك الثورة الإيرانية ولم يظهره الإيرانيون إلا بعد أن ثبتت الثورة أقدامها وبعد الهدوء على الساحة الإيرانية وبعد أن خفت حدة المعارك مع الولايات المتحدة وأوروبا .
وفى السنوات الاخيرة ظهر الوجه المذهبى الإيراني القبيح فى أفغانستان حيث تحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية التى تسميها بالشيطان الأكبر ضد طالبان "السنية". وممارسات الإيرانين الداخلية كانت تنم عن وجه مذهبي صارخ فتعاملهم مع المسألة الكردية الداخلية لم يكن على أساس إسلامي واسع .. بل نظروا إلى القضية على أنها قضية سنية ومن ثم حاربوا الأكراد من هذا المنطلق. والأقلية السنية داخل إيران تعاني الأمرين وهناك ضغوط شديدة عليها و اضطهاد وقتل لقادتها وأئمتها. وتحالف الثورة الإيرانية مع النظام السوري لم يكن تحالفا إسلاميا، خاصة بعدما تبين أن مشروع النظام السوري ليس مشروعا نضاليا ضد إسرائيل و أمريكا وأن الأمر لا يعدو أكثر من شعارات . وما جذب الإيرانيون للنظام السورى هو حقيقته العلوية النصيرية و بعدها الشيعي وليس نضاله ضد أعداء الأمة كما يزعم .
وعلى الساحة الإسلامية العالمية خيلت إيران على المسلمين بما يسمى يوم القدس وهو احتفاليه مظهرية خالية من المعنى …فى الوقت الذى لم يكن فيه دعم إيرانى حقيقي لحماس و الجهاد و إنما كان الدعم على أسس مذهبية بحتة لحزب الله فقط وسنتحدث لاحقاً عن دوره .
** كيف أدارت إيران حربها ضد العراق؟
* كانت إيران تدعى أن الحرب مع صدام هى بمثابة حرب بين علمانية صدام و إسلامية إيران، لكنهم لم يكونوا صادقين فى هذا الادعاء ، وإنما إيران كانت تفلسف الأمر على أن المسألة حلف شيعي ضد السنة. ولما دخلت أمريكا العراق ظهرت إيران على حقيقتها ..وظهر الإعلام الإيرانى مؤيدا للانتخابات بشكل جنونى بل ويؤيدها أكثر من بوش نفسه، لأن الإيرانيين يحلمون بأن يسيطر الشيعة على العراق ويؤسسوا للدولة الشيعية التى تعلن عن امتداد الهلال الشيعي لأرض الرافدين.
** لكن إيران قالت إنها محايدة فى الحرب الأمريكية على العراق؟
* موقف إيران كان محيرا ..فقد أعلنت أنها محايدة فى قضية إزالة نظام صدام حسين ..وفى نفس الوقت أعلنت أنها ضد العدوان ..رغم أن الموقفين لا يمكن الجمع بينهما. إلا أن مشروع الهلال الشيعي هو الذى يفسر الموقف الإيرانى حيث رأت إيران و شيعة العراق فى صدام حسين "السني" خطراً أكبر من عداء أمريكا. فباتوا محايدين بين الحكم فى دولة مسلمة والمعتدين على هذه الدولة المسلمة.
وتلخص الموقف الإيرانى في أن مصلحة الشيعة فى التحرر أهم من مصلحه العراق فى الاستقلال, حتى وإن كانت النتيجة احتلال العراق كله. ولابد في هذا الأمر من الإشارة إلى مشاركة مراجع شيعية دينية وسياسية واجتماعية في المعارضة المرتبطة بالولايات المتحدة و التي جرت في الخارج وتم فيها التنسيق بين المخابرات الأمريكية وهذه الرموز الشيعية.
** هل كان هناك تنسيق فى المواقف بين إيران والولايات المتحدة أثناء غزو العراق و بعده؟
* قبل الحرب وأثناءها كانت دبلوماسية الأبواب الخلفية بين أمريكا وإيران على أشدها .. وتم هذا التنسيق فى العواصم الأوروبية ، وأدى هذا التنسيق إلى موافقة إيران على تجنيب دخول قوات بدر إلى العراق وتم تحييدهم ، وتم الزج بمجموعات من المخابرات الإيرانية ومن المعارضة العراقية فى شمال العراق عبر إيران وبالتفهاهم مع واشنطن . لكن بعد سقوط نظام صدام قامت إيران بإلزام شيعة العراق بطرق مباشرة وغير مباشرة بالحياد وعدم التعرض للأمريكيين مقابل تخفيف الضغط على إيران وتهدئة حملات الإيرانيين المعارضين فى أمريكا وإنهاء منظمة مجاهدي خلق وإغلاق الملف النووي الإيرانى مؤقتا و تسليم قائمة بأسماء أعضاء تنظيم القاعدة المعتقلين فى إيران.
** هل هناك دور تقوم به إيران لتكون هوية العراق هي الهوية الشيعية؟
* قامت فلسفه إيران وشيعة العراق على أن شيعة العراق وقعوا منذ قرون طويلة تحت وطأة الحكم التعسفى للسنة ولا سيما فى العقود الثلاثة الماضية. ونحن لا ننفي وقوع ذلك فى عهد صدام حسين لكن هناك ظلم وقع على السنة أيضا وأعدم الكثير منهم وشردوا و صودرت أموالهم وطردوا من وظائفهم، وربما يفوق عددهم من وقع عليهم مثل ذلك من رموز الشيعة . عدد من قتلوا أو عدموا من الشيعة أكبر ولذلك أسبابه مثل ما حدث منهم فى جنوب العراق ووسطه من أعمال تخريبية بعد انسحاب العراق من الكويت عام 1991.
وبادر الشيعة إلى الاستيلاء على مساجد أهل السنة فى المناطق التى بها أغلبية شيعية ،وعمدوا إلى تغير أسماء الأحياء و الشوارع، وسعى الشيعة إلى جعل الحوزة الشيعية فى النجف لها سلطات على المرافق والجامعات، وسهل لهم الاحتلال الأمريكى ذلك ، مثل تعيين أحد علماء الدين الشيعة مسؤولا عن الأوقاف،ومعروف أن الأوقاف سنية، كما سمحوا للشيعة ببناء حسينيات على الأراضي المملوكة للدولة.
** هناك كثيرون متوهمون بأن إيران تشجع المقاومة في العراق؟
* هذه أكذوبة كبيرة ..إيران لم تشجع المقاومة فى العراق ولا فى أفغانستان ..بل تحالفت مع المحتل الامريكى ضد المسلمين السنه فى هذه البلاد.
** وما علاقه حزب الله اللبناني بالمقاومة فى فلسطين وما علاقة إيران بذلك؟
* ما يمكن أن يقال هنا هو كلام الشيخ صبحي الطفيلي أحد أقطاب الشيعة فى لبنان و أحد المؤسسين لحزب الله والذى انشق عليه.
يقول الطفيلي: إن نهاية حزب الله بدأت منذ دخول قيادتة فى صفقات تفاهم يوليو تموز عام1994 وتفاهم أبريل نيسان 1996م مع إسرائيل الذى أسبغ حماية على المستوطنات الإسرائيلية بموافقة وزير خارجية ايران. ويقول الطفيلي: إن المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت فى سبيل تحرير الأراضى العربية المحتلة تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية ، ومن يحاول القيام بأى عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويتعرض للتعذيب فى السجون. ويقول ميشال سماحة وزير الإعلام اللبنانى السابق: إن حزب الله جعل الحياة مستقرة في جنوب لبنان بسيطرته على الأنشطة العنيفة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون فى مخيمات اللاجئين القذرة المتناثرة في أنحاء المنطقة ورصدها أحيانا. ويقول: إن أمريكا وقعت فى الخطأ بعدم سعيها للتفاهم مع حزب الله .. ويضيف سماحة: إن حزب الله ملتزم بإصرار سوريا على منعها منفذى العمليات الانتحارية الفلسطينيين المحتملين من عبور الحدود إلى إسرائيل.
** لكن كيف سار الدور الايرانى فى أفغانستان ؟
* قبل الاحتلال الأمريكي لأفغانستان لجأت طهران الى تأمين الطائفة الشيعية في أفغانستان والتي تقبع وسط البلاد بعيدا عن الحدود الإيرانية من خلال السعي بالحصول على ضمانات من باكستان باستخدام نفوذها لدى طالبان من ناحية, وإقامة الجسور مع حكومة طالبان دون أن تضحي بالتحالف الشمالي المعارض, بعد أن ثبت بالتجربة أن سياسة ضخ السلاح للشيعة والتي انتهجتها إيران على مدى السنوات العشرين الماضية لم تكن كافية لحمايتها.
وبعد العدوان الأمريكي حددت إيران سياستها من زاوية رئيسية هى: ماهو نصيب الشيعة فى حكم البلاد … خاصة وأن إيران كان لها موقف واضح من طالبان قبل الغزو الأمريكي وصل إلى حد التهديد بالحرب … وكرست إيران كل سياستها فى أفغانستان من منظور مصلحة الشيعة هناك … وهذا يفسر وضع شيعة أفغانستان الذين لم يحاربوا الجيش الأمريكي ولم يحاربهم الجيش الأمريكى . إن عددا من الكتاب الأمريكيين يعتبرون أنه لولا المساعدة الإيرانية اللوجستية والتكتيكية للأمريكان لفشل غزوهم لأفغانستان . وفى هذا الصدد ننقل هنا ما قاله على أكبر هاشمي رفسنجانى يوم 8 فبراير عام 2024 م والذى نقلته جريدة الشرق الأوسط فى اليوم التالي حيث قال فى جامعة طهران: "القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت فى دحرها ولو لم نساعد قواتهم فى قتال طالبان لغرق الأمريكيون فى المستنقع الأفغاني..ويجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيرانى الشعبي ما استطاعت أن تسقط طالبان"
اختكم فارسية
.
أشكركي لطرح موضوع هام كهذا ولكن ليأخد الموضوع حقه سيتم نلقه للقسم المختص
تحياتي
أم أحمد