تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » رجل اشترى الآخرة بالدنيا وآثر الله ورسوله على سواهما

رجل اشترى الآخرة بالدنيا وآثر الله ورسوله على سواهما 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على سيدنا وامامنا وشفيعنا المصطفى محمد افضل صلاة وسلام اما بعد :

……. كان الفتى سعيد بن عامرالجمحي واحداً من الآلاف المؤلفة اللذين خرجوا إلى منطقة التنعيم في ظاهر مكة بدعوة من زعماء قريش ليشهدوا مصرع خبيب بن عدي أحد أصحاب محمد بعد أن ظفروا به غدراً ..
وقف الفتى سعيد بن عامر الجمحي بقامته الممدودة يطل على خبيب وهو يقدم إلى خشبة الصلب وسمع صوته الثابت الهادئ من خلال صياح النسوة و الصبيان وهو يقول : إن شئتم أن تتركوني أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلو ثم رآه يقبل على زعماء القوم و يقول : والله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعاَ من الموت لاستكثرت من الصلاة !!
ثم أبصر سعيد بن عامر خبيبا يرفع بصره إلى السماء من فوق خشبة الصلب ويقول :
اللهم أحصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تغادر منهم أحدا ثم لفظ أنفاسه الأخيرة و به ما لم يستطع إحصاءه من ضربات السيوف و طعنات الرماح ..

عادت قريش إلى مكة و نسيت في زحمة الأحداث الجسام خبيباَ و مصرعه لكن الفتى اليافع سعيد بن عامر الجمحي لم يغب خبيب عن خاطره لحظة لأن خبيبا علم سعيدا ما لم يكن يعلم من قبل ، علمه أن الحياة الحقة عقيدة و جهاد في سبيل العقيدة حتى الموت و علمه أيضا أن الإيمان الراسخ يفعل الأعاجيب و يصنع المعجزات وعلمه أمراَ آخر هو أن الرجل الذي يحبه أصحابه كل هذا الحب إنما هو نبي مؤيد من السماء عند ذلك شرح الله صدر سعيد بن عامر إلى الإسلام ..

هاجر سعيد بن عامر إلى المدينة و لزم رسول الله صلوات الله عليه وشهد معه خيبر و ما بعدها من الغزوات و لما انتقل النبي الكريم إلى جوار ربه وهو راض عنه ظل من بعده سيفا مسلولا في أيدي خليفتيه أبي بكر وعمر ، وعاش مثلا فريدا فذا للمؤمن الذي اشترى الآخرة بالدنيا ، وآثر مرضاة الله وثوابه على سائر رغبات النفس وشهوات الجسد ، وكان خليفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفان لسعيد بن عامر صدقه وتقواه ، ويستمعان إلى نصحه ويصيخيان إلى قوله ..
ولقد دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعيدا إلى مؤازرته وقال : يا سعيد إنا مولوك على أهل (حمص).
فقال سعيد : يا عمر ناشدتك الله ألا تفتني ..
فغضب عمر وقال : ويحكم وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني !! والله لا أدعك .. ثم ولاه على (حمص) وقال : ألا نفرض لك رزقا؟
قال : وما أفعل به يا أمير المؤمنين ؟! فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي ، ثم مضى إلى حمص وما هو إلا قليل حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من اهل حمص فقال لهم : اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم ، فرفعوا كتابا فإذا فيه : فلان وفلان وسعيد بن عامر ، فقال : ومن سعيد بن عامر ؟!
فقالوا : أميرنا ..!!
قال : أميركم فقير؟!
قالوا : نعم ووالله إنه ليمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار ، فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته.
لم يمض على ذلك طويل وقت حتى أتى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقد أحوالها فلما نزل بحمص لقيه أهلها للسلام عليه فقال :
كيف وجدتم أميركم ؟ فشكوه إليه وذكروا أربعا من أفعاله ، كل واحد منها أعظم من الآخر .
قال عمر : فجمعن بينه وبينهم ، ودعوت الله ألا يخيب ظني فيه ، فقد كنت عظيم الثقة به فلما أصبحوا عندي وهم وأميرهم ، قلت : ما تشكون من أميركم ؟
قالوا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ..
فقلت : وما تقول في ذلك يا سعيد ؟ فسكت قليلا ، ثم قال :
والله إني كنت أكره أن أقول ذلك ، أما وإنه لا بد منه ، فإنه ليس لأهلي خادم ، فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم ، ثم أتريث قليلا حتى يختمر ، ثم أخبزه لهم ، ثم أتوضأ وأخرج للناس .
قال عمر : وما تشكون منه أيضا ؟
قالوا: إنه لا يجيب أحدا بليل ..
قلت : وما تقول في ذلك يا سعيد ؟
قال :إني والله كنت أكره أن أعلن هذا أيضا .. فأنا قد جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل ..
قلت : وما تشكون منه أيضا؟
قالوا : إنه لا يخرج إلينا يوما في الشهر ..
قلت : وما هذا يا سعيد ؟
قال : ليس لي خادم يا أمير المؤمنين ، وليس عندي ثياب غير التي علي ، فأنا أغسلها في الشهر مرة وأنتظرها حتى تجف ، ثم أخرج غليهم في آخر النهار.
ثم قلت : وما تشكون منه ايضا؟
قالوا : تصيبه من حين إلى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه .
فقلت : وما هذا يا سعيد ؟!
فقال :شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك ، ورأيت قريش تقطع جسده وهي تقول : أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ فيقول : والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي ، وأن محمدا تشوكه شوكة … وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لا يغفر لي … وأصابتني تلك الغشية.
عند ذلك قال عمر : الحمد لله الذي لم يخيب ظني به ، ثم بعث له بألف دينار ليستعين به على حاجته فلما رأتها زوجته قالت له : الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك ، اشتر لنا مؤنة واستأجر لنا خادما فقال لها : وهل لك فيما هو خير من ذلك ؟ قالت : وما ذاك.؟!
قال : ندفعها إلى من يأتينا بها ، ونحن أحوج ما نكون إليها.
قالت : وما ذاك؟!
قال : نقرضها الله قرضا حسنا.
قالت : نعم وجزيت خيرا.
فما غادر مجلسه الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صرر ، وقال لواحد من أهله : انطلق بها إلى أرملة فلان ، وإلى أيتام فلان ، وإلى مساكين فلان …
رضي الله عن سعيد بن عامر الجمحي فقد كان من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ..
"

لكــــــــــــــــم مني كل الاحترام والتقدير الفقيرة لعفو ربها رحيق الجنة وشكرا ……


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.