عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار) أخرجه البخاري.
الـشـرح
ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ في هذا الباب : باب الرفق باليتامى والمستضعفين والفقراء ونحوهم ، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله )) وأحسبه قال : (( وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر ))، والساعي عليهم هو الذي يقوم بمصالحهم ومؤنتهم وما يلزمهم .
والأرامل هم الذين لا عائل لهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ، والمساكين هم الفقراء ؛ ومن هذا قيام الإنسان على عائلته وسعيه عليهم ، على العائلة الذين لا يكتسبون ، فإن الساعي عليهم والقائم بمئونتهم ساع على أرملة ومساكين ، فيكون مستحقاً لهذا الوعد ويكون كالمجاهد في سبيل الله ، أو كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذين لا يفطر .
وفي هذا دليل على جهل أولئك القوم الذين يذهبون يميناً وشمالاً ويدعون عوائلهم في بيوتهم مع النساء ، ولا يكون لهم عائل فيضيعون ؛ لأنهم يحتاجون إلى الإنفاق ويحتاجون إلى الرعاية وإلى غير ذلك ، وتجدهم يذهبون يتجولون في القرى وربما في المدن أيضاً ، بدون أن يكون هناك ضرورة ، ولكن شيء في نفوسهم ، يظنون أن هذا أفضل من البقاء في أهليهم بتأديبهم وتربيتهم .
وهذا ظن خطأ ، فإن بقاءهم في أهلهم ، وتوجيه أولادهم من ذكور وإناث ، وزوجاتهم ومن يتعلق بهم أفضل من كونهم يخرجون يزعمون أنهم يرشدون الناس وهم يتركون عوائلهم الذين هم أحق من غيرهم بنصيحتهم وإرشادهم ، ولهذا قال الله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) [الشعراء:214] ، فبدأ بعشيرته الأقربين قبل كل أحد.
أما الذي يذهب إلى الدعوة إلى الله يوماً أو يومين أو ما أشبه ذلك ، وهو عائد إلى أهله عن قرب فهذا لا يضره ، وهو على خير ـ لكن كلامنا في قوم يذهبون أربعة أشهر ، أو خمسة أشهر ، أو سنة ـ عن عوائلهم ؛ يتركونهم للأهواء والرياح تعصف بهم ، فهؤلاء لا شك أن هذا من قصور فقهم في دين الله عز وجل .
وقد قال النبي عليه الصلاة : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) (60) فالفقيه في الدين هو الذي يعرف الأمور ، ويحسب لها ، ويعرف كيف تؤتى البيوت من أبوابها ، حتى يقوم بما يجب عليه .
بورك بــك..
نـــدووش..