تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » سقوط الخلافة الاسلامية

سقوط الخلافة الاسلامية 2024.


سقوط الخﻼفة اﻹسﻼمﯿة
27 رجب 1342هـ ـ 3 مارس 1924م

إنه الحدث اﻷهم واﻷخطر في أوائل القرن العشرﯾن، والمصاب الجلل الذي أصاب أمة اﻹسﻼم في العصر الحدﯾث، ولم ﯾكن هذا السقوط مفاجأة، أو نتاج موقف أو هزﯾمة طارئة، بل محصلة جهود متضافرة ممتدة لعشرات السنﯿن اشترك فﯿها أطراف متباﯾنة، منهم عدو حاقد، وطاعن حاسد، وعمﯿل خائن، وشعوبي جاهل، ومفتون متغرب، ومسلم أحمق ساذج، وفي النهاﯾة سقطت الخﻼفة العثمانﯿة التي ظلت تؤرق مضاجع صلﯿبي أوروبا ﻷكثر من ستة قرون.

«ﯾرجع أصل العثمانﯿﯿن إلى القبائل التركمانﯿة، وﯾعتبر اﻷمﯿر »عثمان بن أرطغرل ،مؤسس الدولة العثمانﯿة سنة 699هـ، في منطقة اﻷناضول أو آسﯿا الصغرى وقد مرت الدولة العثمانﯿة بسبعة مراحل انتقلت بها من حال إلى حال كما ﯾلي:

يتبع ..

ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﺸﺄة واﻟﺘﻜﻮﯾﻦ: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 699ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 805 ﻫـ : ،وﺗﻨﺎوب ﻓﯿﻬﺎ أرﺑﻌﺔ ﺳﻼﻃﯿﻦ، أوﻟﻬﻢ ﻋﺜﻤﺎن اﻷول وراﺑﻌﻬﻢ ﺑﺎﯾﺰﯾﺪ اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ وﺣﺎوﻟﻮا ﺧﻼل ﻫﺬﻩ اﻟﻔﺘﺮة ﺗﺮﺳﯿﺦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﻧﺎﺿﻮل، وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻣﺎرات اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺮة ﻓﯿﻬﺎ، ﺛﻢ اﻻﺗﺴﺎع ﻓﻲ أوروﺑﺎ، وﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﺧﺘﺘﻤﺖ ﺑﺼﺪﻣﺔ ﺗﯿﻤﻮرﻟﻨﻚ اﻟﻘﺎﺳﯿﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺳﻬﻞ أﻧﻘﺮة ﺳﻨﺔ 805ﻫـ، واﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺘﻔﻜﻚ اﻟﺪوﻟﺔ وﻋﻮدﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺑﻊ رﻗﻢ واﺣﺪ ﻣﺮة أﺧﺮى، وﻇﻠﺖ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 816 ﻫـ.

ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﻬﻮض واﻟﻔﺘﺢ: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 816 ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 918 ﻫـ : وﻓﯿﻬﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﻮة اﻻﻛﺘﺴﺎح اﻟﺘﯿﻤﻮري، وأﺧﺬت ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻮض ﻣﻦ ﻧﻔﻖ اﻟﺘﺸﺮذم، واﺳﺘﻌﺎدت ﻋﺎﻓﯿﺘﻬﺎ، واﺗﺤﺪ اﻷﻧﺎﺿﻮل ﻣﺮة أﺧﺮى، وﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻣﺮاد اﻟﺜﺎﻧﻲ، ﺛﻢ ﺗﻮﺟﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﺘﺢ اﻷﻋﻈﻢ ﻟﻠﻘﺴﻄﻨﻄﯿﻨﯿﺔ ﺳﻨﺔ 857ﻫـ، ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻟﻘﺐ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﻔﺎﺗﺢ، وﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ، وﻛﺎن ﺳﻘﻮط اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﯿﻨﯿﺔ ﯾﻤﺜﻞ ﺧﺎﺗﻤﺔ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ.

ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ وأوج اﻟﻘﻮة: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 918 ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 974 ﻫـ: وﻓﯿﻬﺎ ﺗﻨﺎوب ﻋﻠﯿﻬﺎ اﺛﻨﺎن ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﺴﻼﻃﯿﻦ »ﺳﻠﯿﻢ اﻷول« ووﻟﺪﻩ »ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ«، وﺑﻠﻐﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ أوج ﻗﻮﺗﻬﺎ، واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، واﺗﺴﻌﺖ ﻟﺘﺸﻤﻞ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﺤﺠﺎز واﻟﯿﻤﻦ واﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ وﺻﻠﺖ ﺣﺘﻰ ﺑﻮﻟﻨﺪا واﻟﺒﻠﻘﺎن ﻛﻠﻪ ﺗﻘﺮﯾﺒًﺎ، ووﺻﻠﺖ اﻟﺠﯿﻮش اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ إﻟﻰ أﺳﻮار ﻓﯿﻨﯿﺎ، وﺳﯿﻄﺮت اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺑﺼﻮرة ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺎر واﻟﻤﻀﺎﯾﻖ، وﻟﻜﻦ ﺷﻬﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﺑﺪاﯾﺔ دﺧﻮل اﻟﯿﻬﻮد واﺳﺘﻮﻃﺎﻧﻬﻢ ﺑﺄﻗﺎﻟﯿﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ، وﺑﺪاﯾﺔ ﻋﺼﺮ اﻻﻣﺘﯿﺎزات اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ، وﻛﻼ اﻷﻣﺮﯾﻦ ﺳﯿﻜﻮن ﻟﻪ ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻛﺒﯿﺮ ﻓﻲ إﺿﻌﺎف اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ.

ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻀﻌﻒ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 974ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1171 ﻫـ: وﻓﯿﻬﺎ ﺗﻨﺎوب ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻠﻄﺎﻧًﺎ، أوﻟﻬﻢ ﺳﻠﯿﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ وآﺧﺮﻫﻢ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺜﺎﻟﺚ، وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ »ﻗﺮاﺑﺔ ﻗﺮﻧﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن« ﺳﯿﻄﺮة ﻗﺎدة اﻟﺠﻨﻮد اﻹﻧﻜﺸﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﯿﺪ اﻷﻣﻮر، واﻣﺘﺪاد أﯾﺪﯾﻬﻢ ،إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻔﺎء ﺑﺎﻟﻌﺰل واﻟﺘﻮﻟﯿﺔ وﺣﺘﻰ اﻟﻘﺘﻞ، وﻗﺪ ﻗﻮﯾﺖ ﺷﻮﻛﺘﻬﻢ وﻛﺜﺮت ﺛﻮراﺗﻬﻢ وﻓﺴﺪت أﺧﻼﻗﻬﻢ ﺑﺸﺪة، وأﺻﺒﺢ ﺑﺄﺳﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻋﺪوﻫﺎ، واﺗﺼﻔﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺎﻧﺤﺴﺎر اﻟﻤﺪ اﻟﺠﻬﺎدي ﻓﻲ أوروﺑﺎ، وﻇﻬﻮر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻣﺜﻞ روﺳﯿﺎ واﻟﻨﻤﺴﺎ اﻟﻠﺘﯿﻦ ﺣﻤﻠﺘﺎ ﻟﻮاء ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺑﺼﻮرة ،ﺷﺒﻪ داﺋﻤﺔ، واﺗﺼﻔﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ أﯾﻀًﺎ ﺑﻜﺜﺮة اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺎت ﻣﻊ اﻟﺪول اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ واﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻗﯿﺪًا ﺛﻘﯿﻼً ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ، ﻛﻤﺎ ﻛﺜﺮت اﻟﺜﻮرات اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ﻣﻦ وﻻة اﻷﻗﺎﻟﯿﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﺷﻌﺮوا ﺑﻀﻌﻒ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻋﻠﯿﻬﻢ، ﻓﺜﺎروا ﺑﻐﯿﺔ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﻤﺎ ﺗﺤﺖ أﯾﺪﯾﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺛﻮرة أﺑﺎﻇﺔ ﺑﺎﺷﺎ ﺑﺎﻷﻧﺎﺿﻮل، وﺛﻮرة ﻓﺨﺮ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﺑﻠﺒﻨﺎن، وﻛﺎن اﻟﺬي ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء اﻟﺪوﻟﺔ ﺻﺎﻣﺪة ﻃﻮال ﻓﺘﺮة ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﻊ ﻃﻮﻟﻬﺎ وﺿﻌﻔﻬﺎ، وﺟﻮد رﺟﺎل أﻛﻔﺎء أﻗﻮﯾﺎء ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺼﺪر اﻷﻋﻈﻢ »رﺋﯿﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ« أﻣﺜﺎل ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﻘﻠﻲ، ﺳﻨﺎن ﺑﺎﺷﺎ، آل ﻛﻮﺑﺮﯾﻠﻲ .

يتبع ..

ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺤﻄﺎط واﻟﺘﺮاﺟﻊ: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1171ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1327 ﻫـ: وﺗﻨﺎوب ﻓﯿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﺒﻼد ﺗﺴﻌﺔ ﺳﻼﻃﯿﻦ، أوﻟﻬﻢ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺜﺎﻟﺚ وآﺧﺮﻫﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻫﻮ أﻓﻀﻠﻬﻢ وأﻋﻈﻤﻬﻢ، وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻣﺘﺪادًا ﻃﺒﯿﻌﯿًﺎ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺮﻫﻠﺖ ﻓﯿﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺸﺪة، وﻗﺪ اﺗﺼﻔﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺄﻣﻮر ﻫﺎﻣﺔ وﺧﻄﯿﺮة، ﻣﻨﻬﺎ: ﺗﻮﺣﺪ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺻﻠﯿﺒﻲ ﻇﺎﻫﺮ وﺑﯿﻦ ، دﺧﻮل اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ ،اﻟﻤﺎﺳﻮﻧﯿﺔ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﯿﺔ واﻟﺘﻐﺮﯾﺒﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻛﺜﺮة اﻟﻔﺘﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ واﻟﻌﺮﻗﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎم واﻟﯿﻮﻧﺎن واﻷرﻣﻦ، ﻇﻬﻮر اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺴﻠﻔﯿﺔ ﻛﻄﻮق ﻧﺠﺎة ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ، ﻇﻬﻮر أﺳﺮة ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻣﻦ دور ﺧﻄﯿﺮ ﻓﻲ ﺗﻤﺰﯾﻖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ، ﺿﯿﺎع ﻣﻌﻈﻢ أﺟﺰاء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ آﺳﯿﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮوس، ﻗﯿﺎم ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ أو اﻟﻄﻮراﻧﯿﺔ وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻇﻬﺮت اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ، ﻣﻤﺎ أدى ﻟﻈﻬﻮر ﺣﺮﻛﺔ اﻻﺗﺤﺎد واﻟﺘﺮﻗﻲ اﻟﻤﺎﺳﻮﻧﯿﺔ، ﺑﺪاﯾﺔ ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﯿﻬﻮد ﻟﺸﺮاء ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ وﺗﺼﺪي اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﺤﺎوﻻت، ﻣﻤﺎ أدى ﻟﺘﺂﻣﺮ اﻟﯿﻬﻮد وﺻﻨﺎﺋﻌﻬﻢ ﻋﻠﯿﻪ ﺣﺘﻰ ﻋﺰﻟﻮﻩ، وﺳﯿﻄﺮة ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﺰﯾﻤﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﯿﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺜﺮة اﻟﻬﺰاﺋﻢ واﻟﻤﺆاﻣﺮات.

ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﻜﻢ اﻻﺗﺤﺎد واﻟﺘﺮﻗﻲ: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1328ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1340 ﻫـ : وﻫﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻓﯿﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺠﻬﻮدات أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﺣﯿﺰ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ، ﻓﻔﻲ ﺧﻼل اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ ﻓﻘﻂ ﺧﺴﺮت اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻛﻞ وﻻﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﻘﺎن واﻟﻌﺮاق واﻟﺸﺎم وإﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ودﺧﻠﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻼ داع، ﺧﺴﺮت ﻓﯿﻬﺎ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد، واﻧﺪﻟﻌﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ أﻣﯿﺮ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﺨﺪوع اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺣﺴﯿﻦ، واﺣﺘﻠﺖ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﺗﻤﻬﯿﺪًا ﻟﺘﻘﺪﯾﻤﻬﺎ ﻏﻨﯿﻤﺔ ﺑﺎردة ﻟﻠﯿﻬﻮد.

مرحلة اﻻنحطاط والتراجع: من سنة 1171هـ حتى سنة 1327 هـ: وتناوب فﯿها على حكم البﻼد تسعة سﻼطﯿن، أولهم مصطفى الثالث وآخرهم عبد الحمﯿد الثاني وهو أفضلهم وأعظمهم، وكانت هذه المرحلة امتدادًا طبﯿعﯿًا لمرحلة الضعف السابقة، والتي ترهلت فﯿها الدولة بشدة، وقد اتصفت هذه المرحلة بأمور هامة وخطﯿرة، منها: توحد الجهود الصلﯿبﯿة اﻷوروبﯿة ضد الدولة العثمانﯿة في صورة تحالف صلﯿبي ظاهر وبﯿن ، دخول المحافل ،الماسونﯿة واﻷفكار العلمانﯿة والتغرﯾبﯿة والقومﯿة إلى بﻼد الدولة العثمانﯿة كثرة الفتن الطائفﯿة والعرقﯿة في الشام والﯿونان واﻷرمن، ظهور الدعوة السلفﯿة كطوق نجاة ﻹنقاذ المسلمﯿن، ظهور أسرة محمد علي وما كان له من دور خطﯿر في تمزﯾق الدولة العثمانﯿة، ضﯿاع معظم أجزاء الدولة العثمانﯿة في آسﯿا الوسطى لصالح الروس، قﯿام فكرة القومﯿة التركﯿة أو الطورانﯿة وفي مقابلها ظهرت القومﯿة العربﯿة، مما أدى لظهور حركة اﻻتحاد والترقي الماسونﯿة، بداﯾة محاوﻻت الﯿهود لشراء فلسطﯿن وتصدي السلطان العظﯿم عبد الحمﯿد الثاني لهذه المحاوﻻت، مما أدى لتآمر الﯿهود وصنائعهم علﯿه حتى عزلوه، وسﯿطرة حالة عامة من الهزﯾمة النفسﯿة عند العثمانﯿﯿن بسبب كثرة الهزائم والمؤامرات.

مرحلة حكم اﻻتحاد والترقي: من سنة 1328هـ حتى سنة 1340 هـ : وهي المرحلة التي بدأت فﯿها كل مجهودات أعداء اﻹسﻼم والدولة العثمانﯿة تدخل حﯿز التنفﯿذ، ففي خﻼل اثنتي عشرة سنة فقط خسرت الدولة العثمانﯿة كل وﻻﯾاتها في البلقان والعراق والشام وإفرﯾقﯿا ودخلت الحرب العالمﯿة اﻷولى بﻼ داع، خسرت فﯿها مئات اﻵﻻف من الجنود، واندلعت الثورة العربﯿة بزعامة أمﯿر مكة المخدوع الشرﯾف حسﯿن، واحتلت إنجلترا فلسطﯿن تمهﯿدًا لتقدﯾمها غنﯿمة باردة للﯿهود.

ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﻘﻮط: ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1340ﻫـ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1342 ﻫـ: وﻫﻲ أﻗﺼﺮ اﻟﻤﺮاﺣﻞ، إذ ﻛﺎن ﯾﻘﺘﺼﺮ دورﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﯿﻞ اﻟﺨﺎﺋﻦ اﻟﺬي ﺳﯿﻄﻠﻖ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ اﻟﻤﺜﺨﻨﺔ ﺑﺎﻟﺠﺮاح واﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮﻏﺮة، وﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺳﻮى ﻋﺎﻣﯿﻦ، ﻗﺎم ﺻﻨﯿﻌﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻷوروﺑﻲ، اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺼﻨﻢ »أﺗﺎﺗﻮرك«، ﻓﻲ 27 رﺟﺐ 1343ﻫـ ـ 3 ﻣﺎرس 1924م ﺑﺈﻋﻼن ﺳﻘﻮط اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ، وﻃﺮد ﺑﻨﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﻣﻦ اﻟﺒﻼد، وﻗﯿﺎم اﻟﺠﻤﻬﻮرﯾﺔ ،اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ أﺷﺪ ﺻﻮر اﻟﻌﻠﻤﻨﺔ ﺷﺮاﺳﺔ، وﻗﻄﻊ أي ﺻﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻹﺳﻼم وﺑﺬﻟﻚ ﺳﻘﻄﺖ واﺣﺪة ﻣﻦ أﻗﻮى وأﻃﻮل اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺗﺎرﯾﺦ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ.

وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻌﺮض اﻟﺴﺮﯾﻊ ﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺑﻤﺮاﺣﻠﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﯾﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن أﺳﺒﺎب ﺳﻘﻮط ﻫﺬﻩ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺮﯾﻘﺔ ﯾﻨﻘﺴﻢ ﻷﺳﺒﺎب داﺧﻠﯿﺔ وأﺧﺮى ﺧﺎرﺟﯿﺔ.

أوﻻً: اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ:

(1) ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺷﺮع اﻟﻠﻪ ﻋﺰ وﺟﻞ، وﻣﻨﻬﺞ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ،اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻣﺘﻤﺴﻜﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ، ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﯿﻨﯿﺔ، واﻟﺒﻠﻘﺎن وﺗﻮﺳﻌﺖ ﺣﺘﻰ ﺑﻮﻟﻨﺪا، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻗﻮﯾﺔ وﻣﺘﻘﺪة، ﻇﻠﺖ راﯾﺎت اﻟﺠﻬﺎد ﺧﻔﺎﻗﺔ، واﻟﻌﺰ واﻟﺘﻤﻜﯿﻦ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻟﺠﻬﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام، وﻟﻤﺎ ﻓﺴﺪت اﻷﺧﻼق واﻧﺤﺮﻓﺖ اﻟﻨﻮاﯾﺎ، وﺣﺮص اﻟﻜﺒﯿﺮ واﻟﺼﻐﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﯿﺎ وﺟﻤﻊ اﻷﻣﻮال اﻧﻬﺎر اﻟﺼﺮح اﻟﻌﻈﯿﻢ.

(2) إﻫﻤﺎل اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺮآن واﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ.

(3) ﺗﺮك اﻟﻘﺎدة اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﯿﻦ ﯾﺠﺎوزون ﻣﺪاﻫﻢ وﯾﺘﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ ﺷﺌﻮن اﻟﺤﻜﻢ.

(4) ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ أي ﺷﺨﺺ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻨﺎﻓﺲ اﻟﻤﺮﺷﺢ 813» ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ، وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻇﻬﺮت ﻓﻜﺮة ﻗﺘﻞ اﻹﺧﻮة ﻃﯿﻠﺔ ﻗﺮﻧﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﻫـ ـ 1003ﻫـ« ﺛﻢ اﺳﺘﺒﺪﻟﺖ ﺑﻌﺰل اﻹﺧﻮة ﻣﻊ اﻟﺤﺮﯾﻢ، وأﯾﻀًﺎ ﻧﻈﺎم ﺗﻌﯿﯿﻦ اﻟﻮﻻة اﻟﺬي ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ أن ﯾﻤﻜﺚ أي واﻟﻲ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺻﻼﺣﻪ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 3 ﺳﻨﻮات .

(5) ﺗﺮك اﻟﺪﻋﻮة ﻟﻺﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ، واﻻﻛﺘﻔﺎء ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﻀﻮع ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ، وﻗﺪ ﻣﺜﻠﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺸﻌﻮب ﻗﻨﺎﺑﻞ ﻣﻮﻗﻮﺗﺔ ﻣﻌﺪة ﻟﻼﻧﻔﺠﺎر ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ.

(6) اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻄﺮق اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ، وﻣﺎ اﺳﺘﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﯿﻮع اﻟﺒﺪع واﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت واﻟﺨﺮاﻓﺎت، وﻓﺴﺎد اﻟﻌﻘﯿﺪة، ﺣﺘﻰ اﻋﺘﻘﺪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺸﺠﺮ وﺣﺘﻰ ﻣﺪاﻓﻊ اﻟﻤﯿﺪان، ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ ﻣﺪﻓﻊ ﻣﺮاد اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد، واﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻨﺬر اﻟﻨﺎس إﻟﯿﻪ وﯾﻄﻮﻓﻮن ﺑﻪ، وﻗﺪ أﻟﻒ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻷﻟﻮﺳﻲ رﺳﺎﻟﺔ أﺳﻤﺎﻫﺎ »اﻟﻘﻮل اﻷﻧﻔﻊ ﻓﻲ اﻟﺮدع ﻋﻦ زﯾﺎرة اﻟﻤﺪﻓﻊ».

(7) ﻏﯿﺎب اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻘﺎدة اﻟﺮﺑﺎﻧﯿﯿﻦ ﻣﻤﺎ أدى ﻟﺠﻤﻮد اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ وﺳﺪ ﺑﺎب اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﻤﺬﻫﺒﻲ .

(8) اﻟﺘﺮف واﻻﻧﻐﻤﺎس ﻓﻲ اﻟﺸﻬﻮات واﻟﺰواج ﻣﻦ اﻷﺟﻨﺒﯿﺎت اﻟﻼﺗﻲ ﯾﻜﻮن وﻻؤﻫﻦ ﻟﺒﻼدﻫﻦ اﻷﺻﻠﯿﺔ، ورﺑﻤﺎ ﺗﺂﻣﺮوا ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻦ اﻷﻓﻌﻰ اﻟﺮوﺳﯿﺔ اﻟﯿﻬﻮدﯾﺔ »روﻛﺴﻼن».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.