تواجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ضغوطا من الكونغرس وجماعات حقوق الإنسان للضغط على الرئيس المصري حسني مبارك للعمل على جعل النظام السياسي في بلاده منفتحا قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة هناك العام المقبل.
ومن المقرر أن يلتقي أوباما في البيت الأبيض مساء الأربعاء مع مبارك البالغ من العمر 82 عاما، والذي يحكم مصر منذ 29 عاما وذلك مع بدء الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين العرب وإسرائيل المتوقفة منذ ما يقرب من عامين.
وحسب بعض المسؤولين فإن مصر التي تربطها بإسرائيل معاهدة سلام مرشحة للعب دور مركزي في هذه العملية، بل إنها ستتولى على الأرجح استضافة الجولات اللاحقة من تلك المفاوضات.
وقد رفض البيت الأبيض التعليق على احتمال ممارسة أوباما ضغوطا على مبارك بشأن الانتخابات خلال اجتماع يوم الأربعاء.
ومع اقتراب تلك الانتخابات، يتهم البعض في واشنطن الولايات المتحدة الأميركية بأنها لا تقوم بما يكفي لضمان حريتها ونزاهتها.
ويسود اعتقاد في أوساط العديد من متابعي شؤون الشرق الأوسط بأن حسني مبارك يمهد الطريق أمام تمرير السلطة لابنه جمال (47 عاما)، في خطوة يحذر بعض المحللين من أنها قد تعرض للخطر التطور الديمقراطي في دولة عربية رئيسية.
وحسب مسؤول مصري، فإن جمال يرافق أباه في رحلته إلى واشنطن إلا أنه لن يشارك في المفاوضات المرتقبة.
وإذا ما تمخضت الانتخابات المذكورة عن قلاقل وعدم استقرار في مصر، فإن ذلك سيتسبب في صداع لواشنطن التي تعتبر منذ أمد بعيد مصر الدعامة الأساسية لسياساتها الشرق أوسطية.
ويمكن لإدارة أوباما أن تتعرض لانتقادات في الشرق الأوسط إذا تركت انطباعا لدى الجماهير بأنها تساعد في تمديد فترة قبضة عائلة مبارك على السلطة في مصر.
وفي هذا الإطار، يتساءل المحلل الأمني في مؤسسة كارنغي للسلام في واشنطن روبرت كاغان قائلا "هل ستبقى واشنطن مكتوفة الأيدي وتسمح بكل بساطة بأن يحدد مبارك من يخلفه؟", مضيفا أن واشنطن "تعيش في الوقت الضائع مع مبارك".
وكثيرا ما اصطدمت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش مع القاهرة عندما كانت الولايات المتحدة تدعم بقوة الديمقراطية في الشرق الأوسط بعد غزوها للعراق عام 2024.
ولم يقم مبارك بزيارة واشنطن خلال فترة ولاية بوش الثانية، الأمر الذي فسره العديد من المسؤولين الأميركيين على أنه احتجاج على دعوة الولايات المتحدة لإحداث تغيير سياسي في مصر.
يذكر أن أوباما كان أقل صراحة في دعوته إلى الانفتاح السياسي في الشرق الأوسط مقارنة بسلفه بوش.
وقد خفضت وزارة الخارجية الأميركية من تمويلاتها المخصصة لتعزيز الديمقراطية. كما وافقت في العام الماضي على مطلب مصري بأن تتولى الحكومة المصرية تحديد الجماعات المحلية التي تنطبق عليها صفة "منظمات غير حكومية" مما يخولها لتلقى المساعدات الخارجية.
ويقول النشطاء المصريون إن هذا الموقف الأميركي، سمح للحكومة المصرية بتعزيز سيطرتها على العملية السياسية في البلاد وتجفيف منابع تمويل المجتمع المدني في مصر.
ويقول مدير مركز دراسات حقوق الإنسان بالقاهرة بهاء الدين حسان إن العديد من المنظمات غير الحكومية التي تعتبرها الحكومة المصرية غير قانونية لم تعد تحصل على التمويل الأميركي ولا حتى الأوروبي.
ويؤكد المتحدث باسم السفارة المصرية في واشنطن كريم حجاج أن حكومة بلاده تعمل على تهيئة الظروف لانتخابات نزيهة.
ويرى أن "القانون الانتخابي المصري يوفر ضمانات كافية لإجراء انتخابات نزيهة"، وهو ما قال إن حسني مبارك حريص عليه كذلك.
غير أن عددا من المشرعين الأميركيين يضغطون على الإدارة الأميركية لحمل القاهرة على فعل المزيد.
ويناقش مجلس الشيوخ مشروع قرار غير ملزم من يرمي لجعل الحوار حول الديمقراطية وحقوق الإنسان جزءا رسميا من العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة ويدعو كذلك واشنطن لممارسة مزيد من الضغوط على القاهرة لإنهاء قانون الطوارئ المطبق في مصر منذ عام 1981، والذي يسمح لقوات الأمن باحتجاز المشتبه فيهم دون توجيه تهم لهم.
وفي الآونة الأخيرة، تقدم عدد من المنظمات التي تتخذ من أميركا مقرا لها، مثل المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي, بطلب مكتوب إلى مبارك للسماح لهم بمراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة, غير أن حجاج أكد أنه من غير المرجح أن يتم ذلك.
ويرى العديد من خبراء الشرق الأوسط أن حكومة مبارك قد تواجه تحديا سياسيا صعبا في انتخابات العام القادم إذا ما جعلت القاهرة نظامها السياسي أكثر انفتاحا.
ويبدو المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أبرز الشخصيات المعارضة، خاصة بعد إعلانه في الأسابيع القليلة الماضية عن التحالف السياسي مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية القوية.
منقول من الجزيره نت