تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » وجاءت سكرة الموت لفضيلة الشيخ محمد حسان

وجاءت سكرة الموت لفضيلة الشيخ محمد حسان 2024.

وجاءت سكرة الموت لفضيلة الشيخ محمد حسان

القرآن علاج لغفلة القلوب

الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، وما كان معه من إله، الذي لا إله إلا هو، فلا خالق غيره، ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62]. هو الواحد الذي لا ضد له، وهو الصمد الذي لا منازع له، وهو الغني الذي لا حاجة له، وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، هو جبار السماوات والأرض، فلا رَادَّ لحكمه ولا معقب لقضائه وأمره. وأشهد أن حبيبنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته، وَصَلِّ اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله المحبين للعلم والعلماء، حياكم الله جميعاً وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا أن ينظر وجوهكم، وأن يزكي نفوسكم، وأن يشرح صدوركم، وأن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين وسيد المرسلين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير. أحـبائي يا مِلْءَ الفؤاد تحـية تجـوز إليكـم كل سـد وعـائق لقد شدني والله شوق إليكـم مكلل بالحب والتقدير والدعاء المشفق وأرقني في المظلمات عليكـم تكـالب أعــداء سعـوا بالبوائق أردتم رضـا الرحمن قلباً وقالباً ومـا أرادوا إلا خطـير المــآزق فسدد الله على درب الحـق خطـاكم وجنبكم فيه خفـي المزالق أيها الأحبة في الله! تلبية لرغبة الكثيرين من أحبابي وإخواني فإننا الليلة على موعد مع محاضرة في الرقائق، والحق أقول: إننا نعيش عصراً طغت فيه الماديات والشهوات وغفل كثير من الناس عن طاعة رب الأرض والسماوات؛ لذا فإنني أرى -مع الإخوة الذين أَلَحوُّاْ علي أن يكون لقاؤنا الليلة في الرقائق- أن القلوب تصدأ، وأن هذه القلوب تحتاج من آن إلى آخر إلى من يذكرها بعلام الغيوب، فتعالوا بنا الليلة؛ لنعيش مع كلام الحق، مع قول الصدق، مع أصل العز والشرف، مع نبع الكرامة والهدى، مع القرآن الكريم، مع القرآن الذي ضيعته الأمة فضاعت، مع القرآن الذي هجرته الأمة فأذلها الله باليهود إخوان القردة والخنازير، مع القرآن الذي ظنت الأمة أنه ما أنزل إلا ليكتب على الجدران، أو ليوضع في علب القطيفة الفخمة الضخمة، ويهدى إلى سادة القوم وَعِلْيَةِ الناس في المناسبات الرسمية والوطنية وغيرها. تعالوا لنعيش الليلة مع آيات من القرآن الذي قال الله عز وجل فيه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإسراء:9-10].

تفسير قوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق…)

سنعيش الليلة مع آيات من كتاب الله عز وجل، فأعيروني القلوب والأسماع أيها الأخيار! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:20-22]. (وجاءت سكرة الموت بالحق) والحق: أنك تموت والله حي لا يموت. (وجاءت سكرة الموت بالحق) والحق: أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب. (وجاءت سكرة الموت بالحق) والحق: أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران. (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ذلك ما كنت منه تفر، ذلك ما كنت منه تهرب، ذلك ما كنت منه تجري، تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض، وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع، وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ، ولكن أيها القوي الفتي! أيها الذكي العبقري! يا أيها الوزير! ويا أيها الأمير! ويا أيها الكبير! ويا أيها الصغير! اعلم أن: كـل باك سيبكى وكـل نـاع سينعى كل مذكور سيفنى كل مذكور سينسى ليس غـير الله يبقى من عـلا فالله أعلـى (وجاءت سكرة الموت بالحق) إنها الحقيقة الكبرى التي تعلن على مدى الزمان والمكان في أذن كل سامع، وعقل كل مفكر، ورأس كل طاغوت: البقاء لله الحي الذي لا يموت، إنها الحقيقة الكبرى التي تصبغ الحياة البشرية كلها بصبغة الذل والعبودية لقهار السماوات والأرض، إنها الحقيقة الكبرى التي تسربل بها طوعاً أو كرهاً العصاة والطائعون، بل والأنبياء والمرسلون، إنها الحقيقة التي أمرنا حبيبنا ونبينا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم أن نذكرها ولا ننساها، كما في الحديث الذي رواه الترمذي بسند حسن من حديث فاروق الأمة عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أكثروا من ذكر هادم اللذات)، وفي لفظ: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات، قيل: وما هاذم اللذات يا رسول الله؟! قال: الموت)، إنه الموت أيها الأحباب!

الدنيا زائلة

يا من عشت للدنيا! يا من عشت للكرسي الزائل! يا من عشت للمنصب الفاني! يا من ظننت أن كرسيك لا يزول! ويا من ظننت أن منصبك لا يفنى! أين الحبيب رسول الله؟! أين سيد الخلق؟! أين حبيب الحق؟! أين من قال له ربه: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34] ؟! . أيا عبـد كم يراك الله عاصياً حريصاً على الدنيا وللموت ناسيا نسيت لقاء الله واللحد والثرى ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى تجرد عرياناً ولو كان كاسيا ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها لكان رسول الله حيَّاً وباقياً ولكنها تفنى ويفنى نعيمها وتبقى الذنوب والمعاصي كما هيا كم ستعيش؟ إن عمرك في حساب الزمن لحظات، وما هي النتيجة؟ وما هي النهاية؟ يا أيها الإنسان! يا أيها الكبير! ويا أيها الصغير! يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ [الانشقاق:6]، وقال تعالى: كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة:26-30]. ويفتح سِجِلُّكَ يا مسكين! ويفتح ملفك يا غافل! وإذا به فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة:31-32]، سمع الأذان وسمع النداء يقول: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، وهو ما زال جالساً على المقهى في معصية الله جل وعلا، لم يُجِبْ نداء الحق جل وعلا. تأتي للصلاة في فتور كأنك قد دعيت إلى البلاء وإن أديتها جاءت بنقص لما قد كان من شرك الرياء وإن تخلو عن الإشراك فيها تدبر للأمور بالارتقاء ويا ليت التدبر في مباح ولكن في المشقة والشقاء وإن كنت المصلي يوماً بين خلقٍ أطلت ركوعها بالانحناء وتعجل خوف تأخير لشغل كأن الشغل أولى من لقاه وإن كنت المجالس يوماً أنسا قطعت الوقت من غير اكتفاء أيا عبد لا يساوي الله معـ ك أنساً تناجيه بحب أو صفاء يا غافل! يا لاهي! أيها الساهي! يا من نسيت حقيقة الدنيا ونسيت الآخرة! يا من تركت الصلاة! يا من ضيعت حقوق الله! يا من عذبت الموحدين لله! يا من بارزت رسول الله بالمعصية! يا من عق أباه! يا من عق أمه! يا من قطع رحمه! يا من ضيع حقوق الله! دع عنك ما قد فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته بل أثبتاه وأنت لاه تلعب والروح منك وديعة أودعتها ستردها بالرغم منك وتسلب وغـرور دنيـاك التي تسعى لهـا دار حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم والنهار كلاهما أنفاسنا فيهما تعد وتحسب

(كلا إذا بلغت التراقي)

كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ [القيامة:26] أي: إذا بلغت الروح الترقوة وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:27] من الذي سيرقيه؟! من الذي سيبذل له الرقية؟! من الذي سيبذل له العلاج؟! فهو من هو؟! هو الملك .. هو الحاكم .. هو الوزير .. هو الأمير، صاحب الجاه .. صاحب المنصب .. صاحب السلطان، احضروا الأطباء، احضروا الطائرة الخاصة؛ لتنقله على الفور إلى أكبر المستشفيات وأكبر الأطباء، ولكن إذا اقتربت ساعة الصفر وانتهى الأجل لا تستطيع قوة على ظهر الأرض، ولا يستطيع أهل الأرض ولو تحولوا جميعاً إلى أطباء أن يحولوا بينك وبين ما أراد رب الأرض والسماء، ولو كنتم في بروج مشيدة، انظر إليه: الأطباء من حول رأسه وقد حان الاحتضار، فاصفر وجهه وشحب لونه وبردت أطرافه وتجعد جلده، وبدأ يحس بزمهرير قارس يزحف إلى أنامل يديه وقدميه، يحاول جاهداً أن يحرك شفتيه بكلمة التوحيد فيحس أن الشفة كالجبل لا يتزحزح! إلا لمن يسر الله له النطق بكلمة التوحيد، فينظر إلى الأطباء من حول رأسه، وينظر إلى زوجته، وإلى أولاده وإلى أحبابه وإلى إخوانه نظرة استعطاف، نظرة أمل، نظرة تمنٍّ، فهو يقول لهم بلسان الحال، بل وبلسان المقال: يا أحبابي! يا أولادي! أنا أخوكم، أنا أبوكم، أنا حبيبكم، أنا الذي بنيت القصور، وأنا الذي عمرت الدور، وأنا الذي نَميْتُ التجارة، فمن منكم يزيد في عمري ساعة أو ساعتين؟! وهنا يعلو صوت الحق: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:83-96]. سبحانك يا من ذَلَلْتَ بالموت رقاب الجبابرة سبحانك! يا من ذَلَلْتَ بالموت رقاب الأكاسرة، سبحانك! يا من ذللت بالموت رقاب القياصرة! فنقلتهم بالموت من القصور إلى القبور، ومن ضياء الغرف والمهود إلى ظلمة اللحود، ومن ملاعبة الجواري والغلمان إلى مقاساة الهَوَامِّ والديدان، ومن التنعم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الوحل والتراب، سبحانك!

تفسير قوله تعالى: (وقيل من راق)

وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:27] من يرقيه؟! من يكتب له الرقية؟ من يعطيه العلاج؟! من يحول بينه وبين الموت؟! لا أحد، (وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ) وقيل فيها تفسير آخر: من يرتقي بروحه بعدما فارقت جسده إلى الله جل وعلا؟! (من راق) من الذي سيرتقي بها من الملائكة؟ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة:28-30]. سَفرِيْ بعيد وزادي لـن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبـني ولي بقايا ذنوب لست أعلمهـا الله يعلمهـا في السـر والعلـنِ أنا الذي أغلق الأبواب مجتهـداً على المعاصي وعين اللـه تنظرني ما أحلم الله عني حيث أمهلـني وقد تماديت في ذنبي ويستـرني كأنني بين جل الأهل منطرحـاً على الفراش وأيديهـم تقلبـني وقد أتوا بطبيب كـي يعالجـني ولم أر الطِّب هذا اليـوم ينفعـني واشتد نزعي وصار الموت يجذبهـا من كل عـرق بلا رفق ولا هون وقام من كان حِـبَّ النـاس في عجل نحـو المغسل يأتيني يغسلني فجاءني رجل منهم فجـردني من الثيـاب وأعـراني وأفـردني وأودعوني على الألواح منطـرحاً وصار فوقي خرير الماء يُنْظِفُـنِي وأسكب الماء من فوقي وَغَسَّلَـنِي غسلاً ثلاثاً ونادى القوم بالكفنِ وَحَمَّلُوني على الأكتاف أربعة من الرجال وخلفـي من يشيعني وقدموني إلى المحراب وانصرفــوا خلف الإمام فصلـى ثم ودعني صلوا علي صلاة لا ركوع لهــا ولا سجود لعـل الله يرحمـني وأنزلوني إلى قبري علـى مَهَــلٍ وَقَدَّمُوْا واحداً منهـم يُلَحِّـدُنِي فَكَشَّفَ الثوب عن وجهي لينظرني فأسكب الدمع من عينيه أغرقنـي وقال هلوا عليه التُّرْب واغتنمـوا حسن الثواب من الرحمن ذي اِلمنَنِ وتقاسم الأهل مالي بعدما انصرفـوا وصار وزري على ظهري فأثقلني يا نفس كفي عن العصيان واغتنمي حسن الثواب من الرحمن ذي المنن وقال آخر: أيامن يدعي الفهـم إلى كم يا أخا الوهم تعبي الذنب والذم وتخطي الخطأ الجـم أما بان لك العيب أما أنذرك الشـيب وما في نصحه ريب أما نادى بك الموت أما أسمعك الصوت أما تخشى من الفوت فتحتاط وتهتــم فكم تسير في الزهو وتنقـض إلى اللهو كأن الموت ما عم كـأني بك تنحط إلى اللحـد وتنغــط وقد أسلمك الرهط إلى أضيـق مــن سَمْ هناك الجسم ممـدود ليستأكلــه الــدود إلى أن ينخر العـود ويمســي العظم قد رَمْ فزود نفسك الخـير ودع مـا يعقب الضـير وهيء مركب السير وخــف من لجة اليـم بذا أوصيك يا صاح وقـد بحتك من بـاح فطـوبى لفتى راح بـآداب محمــد يأتم

الموت حق

قال الله: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]، فالموت حق أيها الأحبة! ولو كان الأمر ينتهي عند الموت لاسترحنا كثيراً، ولكن بعد الموت بعث، وبعد البعث حساب، وفي الحساب سؤال، والسؤال بين يدي ملك الملوك وجبار السماوات والأرض. إن الموت حقيقة لا تنكر، ورحم الله الفضيل بن عياض إذ لقيه رجل فسأله الفضيل عن عمره فقال الرجل: عمري ستون سنة، قال الفضيل : إذاً أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله، يوشك أن تصل. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال الفضيل : هل عرفت معناها؟ قال: نعم، عرفت أني لله عبد، وأني إلى الله راجع، فقال الفضيل : يا أخي! إن من عرف أنه لله عبد وأنه إلى الله راجع عرف أنه موقوف بين يديه، ومن عرف أنه موقوف عرف أنه مسئول، ومن عرف أنه مسئول فَلْيُعِدَّ للسؤال جواباً، فبكى الرجل وقال: يا فضيل ! وما الحيلة؟ قال الفضيل : يسيرة. قال: ما هي يرحمك الله؟ قال: أن تتقي الله فيما بقي، يغفر الله لك ما قد مضى وما قد بقي. ورضي الله عن هارون الرشيد الذي يوم أن نام على فراش موته قال: أريد أن أرى قبري الذي سأدفن فيه، فحملوا هارون إلى قبره، هارون الذي كان يخاطب السحابة في كبد السماء ويقول لها: أيتها السحابة! في أي مكان شئت فأمطري فسوف يُحْمَلُ إلي خراجك هاهنا إن شاء الله، حمل ليرى قبره فنظر هارون إلى قبره وبكى، ثم التفت إلى أحبابه من حوله، وقال: مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:28-29]، أين المال؟! أين الدولارات؟! أين السيارات؟! أين العمارات؟! أين الأراضي؟! أين السلطان؟! أين الجاه؟! أين الوزارة؟! أين الإمارة؟! أين الجند؟! أين الحرس؟! أين الكرسي الزائل؟! أين المنصب الفاني؟! مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:28-29]، وبكى هارون وارتفع صوته ونظر إلى السماء وقال: يا من لا يزول ملكه! ارحم من قد زال ملكه، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16]، أين الفراعنة؟! أين الأكاسرة؟! أين القياصرة؟! أين الظالمون؟! أين الطواغيت؟! أين الظالمون؟! وأين التابعون لهم في الغي؟! بل أين فرعون و هامان ؟! أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان هل أبقى الموت ذا عـز لعزته أو هل نجا منه بالسلطان إنسان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا إنس ولا جـان وقال آخر: يا نفـس قـد أزف الرحيــل وأظلـك الخطـب الجليــل فتأهبـي يا نفــس لا يلـعب بــك الأمــل الطـويـل فلتـنزلـن بمــنزل ينســى الخـليــل بــه الخـليـل ولـيركـبن فيــه عليـ ـك مــن الثـرى ثقـل ثقيـل قرن الفنــاء بنـا فمــا يبقى العزيز ولا الذليل من الباقي؟ إنه الحي الذي لا يموت، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27]، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88]. فيا أيها الحبيب! يا أيها الكريم! هل ذكرت نفسك بهذه الحقيقة؟ هل تذكرت الموت؟ هل أعددت ليوم سترحل فيه عن هذه الدنيا؟ من منا كتب وصيته ووضعها تحت رأسه في كل ليلة؟! يا من شغلك طول الأمل! أنسيت يوماً سترحل فيه عن دنياك؛ لتقف بين يدي مولاك، وليس الموت هو نهاية المطاف، ولكنني أقول: إننا سنبعث؛ لنسأل بين يدي ملك الملوك وجبار السماوات والأرض، سنعرض على هذه المحكمة الكبيرة التي قال الله عز وجل عنها: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8]، سينادى عليك باسمك واسم أبيك: أين فلان بن فلان؟ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ [ق:20]، إنه يوم القيامة يوم الحسرة والندامة، يوم الصيحة، يوم الحاقة، يوم القارعة، يوم الآزفة، إنه يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]. إنه يوم الوعيد، وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:21]، عن عثمان بن عفان -كما نقل ذلك عنه الحافظ ابن كثير- أنه قال في خطبته: سائق يسوق العبد إلى الله، وشهيد يشهد على أعمال العبد بين يدي مولاه. ستساق إلى الله جل وعلا وسينادى عليك يا مسكين! ليكلمك ملك الملوك بغير ترجمان! تفكر الليلة، لو عدت إلى بيتك ووجدت شرطياً يقدم لك رسالة فيها: إنك مطلوب غداً؛ للوقوف أمام قاضٍ من قضاة الدنيا الحقراء الفقراء الضعفاء الأذلاء، أتحداك أن تنام الليلة، ولكن ستفكر كثيراً، فهل فكرت في موقف ستسأل فيه من ملك الملوك وجبار السماوات والأرض؟ أين الإمارة والسلطان؟! أين الجاه؟! أين الكراسي؟! أين الجند؟! تذكر وقوفك يوم العـرض عريانا مستوحشاً قلق الأحشـاء حيرانا والنار تلهب من غيظ ومن حنـق على العصاة ورب العرش غضبانا اقرأ كتابك يا عبدي على مَهَــلٍِ فهل ترى فيه حرفاً غير مـا كانا فلما قرأت ولم تنكر قــراءته وأقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكـتي وامضوا بعبد عصـى للنار عطشانا المشركون غداً في النار يلتهبــوا والمؤمنون بدار الخلد سكـانا

(اتقوا النار ولو بشق تمرة)

جاء في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أَشْأَم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة). يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]. اتقوا النار، فإن حرها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامعها حديد. هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [الحج:19-21]. اللهم حَرِّمْ جلودنا على النار، ووجوهنا على النار، وأبشارنا على النار، اللهم إنا ضعاف لا نقوى عليها فَنَجِّنَا، اللهم إنا ضعاف لا نقوى عليها فنجنا، اللهم أدخلنا الجنة مع الأبرار برحمة منك يا عزيز يا غفار! فتسأل بين يدي الله، ويكلمك الله ليس بينك وبينه ترجمان، انظر أيها الموحد! انظر أيها المؤمن! واسجد لربك شكراً أنك من أتباع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم. وممـا زادني فخـراً وتيهـاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسلت أحمـد لي نبيا اسجد لربك شكراً يا من وحدت الله! اسمع ماذا قال إمام الموحدين وقدوة المحققين وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة، حتى يضع رب العزة عليه كَنَفَهُ)، والكنف لغة -لا تأويلاً للصفة-: هو الستر والرحمة، ونحن لسنا ممن يؤول صفات الحق جل وعلا، وإنما نؤمن بأسماء الجلال وصفات الكمال من غير تحريف لألفاظها ولا لمعانيها، ومن غير تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ لأن الله جل وعلا جل عن الشبيه وعن النظير وعن المثيل، لا ند له، ولا كفؤ له، ولا شبيه له، ولا مثيل له، ولا نظير له، ولا والد له، ولا ولد له، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]. (يُدْنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع رب العزة عليه كَنَفَهُ ويقرره بذنوبه، يقول له ربه جل وعلا: لقد عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فيقول المؤمن: رب أعرف -يقولها مرتين- فيقول الله جل وعلا: ولكني سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليوم). أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن ينادى عليهم بهذا النداء: (ولكني سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليوم)، من الذي يقال له هذا؟ إنه الموحد المؤمن. أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الإيمان، وأن يختم لي ولكم عند الموت بالتوحيد. اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ورضواناً، اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض، برحمتك يا أرحم الراحمين!

السؤال بين يدي الله

يوم القيامة ينادى عليك لِتُسْأَلَ بين يدي الله جل وعلا: أين فلان بن فلان؟ أَقْبِلْ للعرض على الله جل وعلا، فتجد نفسك واقفاً بين يدي الحق فتعطى صحيفتك، هذه الصحيفة التي لا تغادر بلية كتمتها، ولا مصيبة ومعصية أسررتها، فكم من معصية قد كنت أخفيتها أظهرها الله لك وأبداها! وكم من مصيبة كنت قد أخفيتها ذكرك الله إياها؟! فيا حسرة قلبك وقتها على ما فرطت في دنياك من طاعة مولاك، فإن كنت من المؤمنين أعطاك الله كتابك باليمين، وأنارت أعضاؤك وأشرق وجهك، وانطلق النور من بين يديك وعن يمينك، كما قال الله جل وعلا: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التحريم:8]. أما أهل النفاق -أهل الظلمات- فينادون أهل الأنوار كما قال الله حاكياً عن المنافقين والمنافقات قولهم للذين آمنوا: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ [الحديد:13-14] ألم نحضر معكم الجماعات والجمعات؟ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [الحديد:14]. ينطلق وكتابه بيمينه بعدما سعد سعادة لن يشقى بعدها أبداً، ينطلق في أرض المحشر مع إخوانه وأحبابه وأترابه ومن هم على شاكلته والنور يشرق من وجهه وأعضائه! كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (منهم من يكون نوره كالجبل، ومنهم من يكون نوره كالنخلة، ومنهم من يكون نوره كالرجل القائم، ومنهم من يكون نوره على إبهامه يَتَّقِدُ مرة ويطفأُ مرة). والأثر ذكره الإمام السيوطي في الدر المنثور، وقال الإمام الذهبي : هو صحيح على شرط البخاري ، ينطلق والنور يشرق من وجهه وأعضائه وكتابه بيمينه، والله لقد سعد سعادة لن يشقى بعدها أبداً، ينطلق إلى إخوانه وأحبابه من الموحدين في أرض المحشر ويقول لهم: شاركوني السعادة! شاركوني الفرحة! شاركوني البهجة! اقرءوا معي كتابي! انظروا: هذا كتابي بيميني! اقرءوا: هذا توحيدي، وهذه صلاتي، وهذا صيامي، وهذا حجي، وهذا بري، وهذه صدقتي، وهذه دعوتي، وهذا عملي، اقرءوا معي: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ [الحاقة:19-33]. هل أعددت لهذا اليوم جواباً أيها الحبيب! تعال إلى فلاح الدنيا والآخرة، أيها الشاب! أيها الوالد الكريم! أيها الابن الحبيب! أيها الأخ الفاضل! أيتها الأخت الفاضلة! هَيَّا جميعاً لِنَتُبْ إلى الله جل وعلا في هذه الليلة الكريمة المباركة التي دمعت فيها العيون، وخشعت فيها القلوب لعلام الغيوب، تعالوا بنا لنجدد التوبة والأوبة والعودة، ولنكن على يقين جازم بأن الله جل وعلا لا يغلق باب التوبة في وجه أحد طرقه في ليل أو نهار: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. يا من أسرفت على نفسك في المعاصي! أَقْبِلْ إلى الله جل وعلا، ولا يَصُدَّنَّكَ الشيطان عن الله، واعلم بأن الله كريم، واعلم بأن الله رحيم، واعلم بأن الله سيغفر لك أي ذنب ما دمت موحداً لله جل وعلا. وفي صحيح مسلم وسنن الترمذي من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عَنَانَ السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم! لو أتيتني بِقُرَابِ الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة). وأختم بقول الله عز وجل: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:31-35]. هل عرفت المزيد أيها الحبيب! إن نعيم الجنة ليس في لبنها ولا في خمرها ولا في قصورها ولا في ذهبها، ولا في حريرها، ولا في حورها، ولكن نعيم الجنة في رؤية وجه الله جل جلاله، وهذا هو المزيد، لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]، وقال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]. أسأل الله جل وعلا أن يمتعني وإياكم بالجنة، وبالنظر إلى وجهه الكريم، وأن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الأخ عايش غريب
أشكر لك هذا النقل الطيب الهادف
جزاك الله خيرا
ونفع بك

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو نضال 1

الأخ عايش غريب
أشكر لك هذا النقل الطيب الهادف
جزاك الله خيرا
ونفع بك

الله يحييك اني الاسعد تواجدك في موضوعي

جزاك الله خيراً
اخـــي

سبحانك ما اعظم رحمتك بناء وحلمك علينا
الله يسعدك على الطرح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.