حجبت السلطات التركية أمس موقع ”يوتيوب” على الإنترنت بعد أيام من حظر خدمة ”تويتر” كإجراء احترازي بعد تسريب تسجيلات صوتية منسوبة إلى مسؤولين كبار يبحثون عملية عسكرية محتملة في سوريا، من بينهم رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو الذي اعتبر أن عمليات التنصت على مسؤولين حكوميين تشكل ”إعلان حرب على الدولة”.
يأتي هذا التطور الجديد في وقت أقفلت الحملة الانتخابية أبوابها، ويستعد الناخبون الأتراك للإدلاء بأصواتهم غدا الأحد في أكثر الانتخابات المحلية مصيرية على الإطلاق، ستكون مؤشرا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، حيث أعلن أردوغان أنه ”سيبتعد عن الحياة السياسية إن فشل في هذه الانتخابات”، إلا أنه في حالة فوزه فمن المرجح جدا أنه سيترشح لرئاسيات أوت 2024.
وأعلنت الحكومة التركية أول أمس أنها بدأت تحقيقا معمقا حول تسريب تسجيل صوتي لاجتماع سري بشأن سوريا عُقد الأسبوع الماضي، يعكس حالة ”العجز التركي” تجاه الملف السوري، وعُقد الاجتماع في مكتب وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، وضم القائد الثاني للجيش الجنرال يشار غولار، ووكيل وزرارة الخارجية فريدون سينرلي أوغلو، ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان.
وقالت الخارجية التركية إن التسجيل كان لاجتماع عقد بشأن سوريا، وملف ضريح سليمان شاه داخل الأراضي السورية المهدد من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
غير أن مواقع إخبارية ذكرت أن التسجيل تضمن اقتراح رئيس جهاز المخابرات التركي إرسال صواريخ إلى سوريا لإطلاقها على مناطق خالية من السكان في جنوب تركيا تكون ذريعة مقنعة للقيام بعملية عسكرية في سوريا.
وفي هذا السياق، حذَّر ديفيد ميدان رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) السابق والممثل الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي لشؤون أمن الطاقة، رئيسَ جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان من امتلاك النظام السوري أسلحة كيماوية وصواريخ بعيدة المدى قد يستخدمها ضد تركيا. وذكرت صحيفة ”طرف” التركية أن ”ميدان” أكد خلال لقائه الأخير برئيس جهاز المخابرات فيدان في العاصمة التركية مخاطرَ عملية عسكرية محتملة ضد سوريا، وشدد على خطورة الصواريخ بعيدة المدى التي تمتلكها سوريا.
من جهة أخرى، قالت الجريدة الرسمية إن تركيا عزلت مراد بيار وكيل وزارة الدفاع للصناعات الحربية، على أن يسري القرار على الفور. ولم تقدم الوزارة سببًا للقرار، وكان بيار شخصية محورية في مفاوضات تركيا مع الصين بشأن شراء نظام دفاع صاروخي، ما أثار تحفظ حلف الناتو الذي تعد تركيا عضوا فيه.
وأظهر أردوغان خلال 60 تجمعا شعبيا قاده في أنحاء متفرقة من البلاد أنه لازال الرجل الأكثر شعبية في تركيا، وأظهرت محطات التلفزيون التركية حشودا بعشرات الآلاف من الناس يشاركون في تجمعاته في مختلف الميادين المفتوحة، ويحملون أعلام حزب العدالة والتنمية.
غير أن القنوات التلفزيونية التركية أظهرت أيضا قدرة المعارضة ممثلة في ثلاثة أحزاب رئيسية على الحشد، وهي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب السلام الكردي، هذا الأخير الذي يهيمن على البلديات في جنوب شرق تركيا التي تسكنها أغلبية كردية، إلا أن حزب السلام سيواجه منافسة شرسة من حزب العدالة والتنمية الذي استطاعت حكومته أن توقع اتفاق سلام مع حزب العمال الكردستاني وأن تقوم بعدة إصلاحات لصالح الأكراد.
ويمثل الفوز ببلديتي إسطنبول وأنقرة الرهانَ الأكبر بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري المعارض بقيادة كمال كيلجدار أوغلو، باعتبارهما تمثلان نحو ربع الكتلة الانتخابية في تركيا.
ورغم أن نتائج سبر الآراء تعطي الأسبقية لحزب أردوغان في إسطنبول وأنقرة، إلا أن الفارق بينهما ليس كبيرا خاصة في العاصمة أنقرة، وإن كان أردوغان قد حسم معركته في إسطنبول قبل الأوان بعدما تمكن من جمع نحو مليون ونصف مليون شخص خلال تجمع واحد فقط، إلا أن المعركة الانتخابية ستكون حامية الوطيس مع حزب الشعب الجمهوري في أنقرة والتي استنجد فيها بمرشح الحركة القومية في الانتخابات البلدية السابقة التي حقق فيها مفاجأة عندما حصل على 30% من الأصوات، وقد التحق قبل شهرين بحزب الشعب الجمهوري.
غير أن حزب الشعب الجمهوري يسيطر على مدن الشريط الساحلي الغربي المطل على بحر إيجه، وأبرز مدنه إزمير ثالث أكبر مدينة في تركيا ومرسين وأنطاليا السياحيتان، لذلك دفع حزب العدالة والتنمية بأحد كوادره القوية ممثلا في وزير النقل لكسر هيمنة حزب الشعب الجمهوري على مدينة إزمير.
أما حزب الحركة القومية فيسعى للمحافظة على بلديات المدن التي يسيطر عليها، وأهمها أضنة وإسبارطا وباليكسير.
مصطفى دالع