الطريقِ، و أفقتُ لأجدَ نفسي
وحيداً وسطَ غابةٍ سوداءَ، فماذا أقول؟
بظلمتِها، بقسوتِها، بوحشتِها
مجردُ ذكراها، تصنعُ شكلاً للخوف.
…
و مسحهُ في شعرِ ذاك الرأسِ الدامي
الذي لم تكد تبقى من قفاه حتى قطعة.
حزناً شديدَ الإتلافِ بحيثُ أنّ مجردَِ
فكرةِ الحديثِ عنه تمزقُ قلبي نصفين.
ثمرةَ العارِ إليهِ – هذا الذي أمضغُ،
إذن فلسوفَ أبكي، و أخبرُ القصةَ خلفَ دموعي.
إلى هذا العالمِ السفليّ، لا يمكنني أن أحزرَ،
و لكنكَ تبدو لي من حديثِكَ فلورنسياً.
سماحةَ الحاثمِ أمامي رئيس الأساقفةِ روجيري
الآنَ سأخبركَ لماذا أنهشُ دماغَه.
كان عليّ أن أسجنَ حتى الموتِ بسببِ خداعِه،
سوفَ تعلمُ الآنَ ما لا كنتَ تعلم –
موتي المتباطئ عديم الانساينة- سوف أخبركَ بالكامل:
و بعدَ ذلك أحكمْ بنفسِك إن كان قد أذنبَ بحقي
يُدعى الآنَ برجَ الجوعِ على شرفي
(لا يزالُ الناسُ يمشون بجوارِه)
ما بينَ أعمدتِها، و عندما نمتُ تلكَ النومة الشريرة
التي انكشفت من خلالها غلالة المستقبلِ أمامي.
يلحقُ الذئبَ و جرائه عبرَ الجبالِ التي تخفي
روكا عن بيزا. جرى الأبُ و أبناءهُ
و أدركهم الضعفُ؛ و عندها أظنني رأيتُ
جوانبهم و هي تتمزقُ تحتَ نواجذِ الكلابِ المتوحشة.
استيقظتُ لأسمعَ أبنائي المحبوسين معي،
يبكونَ وسطَ نومهم المعذّب، طالبين قطعةَ خبز.
تكبحَ الدمعَ الذي يترقرقُ على نذيرِ الشؤمِ
الذي سطعَ في قلبي؛ و لو أنكَ لم تبكِ،
الطعامَ اقتربت. و استيقظ عيالي،
كلُ فردٍ منهم قلقٌ من مزاجِ حلمهِ الأسود.
أصواتِ المطارقِ و هو تهوي مغلقةً البوابة:
حدقتُ في وجوهِ عيالي بدون أيّ كلمة.
همُ الذين بكوا: "ما الذي يزعجكَ يا أبانا، تبدو غريباً،"
حبيبي أنسلم، أصغر أبنائي، رفعَ صوتَه.
لا طوالَ ذلك اليوم، و لا طوال تلكَ الليلة،
إلى أن رأيتُ شمساً جديدةً تشرق.
و رأيتُ وجوههم الأربعة و قد ارتسم عليها
نفسُ الخوفِ و نفس الهزال اللذين اعترياني،
أنني أمضغُ نفسي جوعاً. نهضوا
دفعةً واحدة، سمعتهم أمامي يصرخون:
أكلتنا: أنتَ من وضعَ هذا اللحمَ الملعونَ
على عظامِنا، حقّ لكَ أن تنهشَه."
لماذا لم تتثاءبي لتبتلعينا؟ طوالَ ذلك اليوم
و ما بعدَه، جلسنا في صمتٍ. و في اليومِ الرابعِ،
ممداً تحتَ قدميّ، فوقَ أرضيةِ السجنِ:
"أبي، لماذا لا تفعلُ شيئاً؟" و عندَها مات.
الواحد تلوَ الآخر، في اليومين الخامسِ و السادس.
و بعدَها، و قد فقدتُ بصري، بدأتُ بالزحفِ
ليومينِ ناديتُ باسمائهم، دونَ أن يجيبوا
و حينَها، غلبني الجوعُ، و غلبَ حزني أيضاً."
و سرعانَ ما انكبّ على الجمجمةِ ينهشُها بين أسنانِه
كما لو كانَ كلب درواس ينهشُ عظماً.
في الجنةِ، في الأرضِ، و حتى في الجحيم!
بأيّ حكمةٍ تحكمُ قوتُكِ و تختارَ للعبدِ المكان!
صفوفاً طويلةً من الجحورِ المحفورةِ وسطَ الصخر؛
كلها بحجمٍ واحد، و كلها دائري الشكل.
الموجودةِ أمامَ حبيبتي سان جيوفاني،
بُنيتْ كي تحميَ الرهبانَ الذين أتوا للتعميد؛
كي أنقذَ ولداً علقَ وسطَها و كادَ يغرقُ.
ليكن هذا كافياً كي يُخرسَ كلَ الرجال).
تنبثقُ حتى الساق. و باطنا القدمين يحترقان
و مفاصلُ الساقين ترتعشُ و تطوّح في كلِ اتجاه.
دليلي، الذي لم يشتتهُ ضجيجُ العصاةِ
ترجّلَ فوقَ القاربِ، مشيراً إليّ بأن أتبعَ:
و لم يتوقفْ اهتزازُ القاربِ حتى ترجلتُ فوقَه
و انطلقنا عبرَ الماءِ، مغادرينَ الشاطئ،
ذاكَ القاربُ العتيقُ يبحرُ بتثاقلٍ
لم يسبق له أن أبحرَ بمثلهِ من قبل.
و بينما نحنُ نعبرُ ذاكَ الوحل الميت،
ارتفعَ الطينُ أمامي، و من وسطهِ انبعثَ صوتٌ:
"من أنتَ يا من أتيتَ ها هنا قبلَ وقتِك؟"
أجبتُ: "إن كنتُ أتيتُ، ها هنا، فأنا لا أبقى.
و لكن أنتَ، من أنتَ، يا أيها الساقطُ و الوسخ؟"
فأجابَ: "أنا شخصٌ أبكي." فقلتُ:
"عسى أن تبكيَ و تنوحَ إلى أبدِ الآبدين،
إذ أني أعرفكَ، يا كلبَ جهنم، حتى بوساختِك هذه."
عندَها مدّ ذراعيه نحوَ القاربِ، و لكنَ
أستاذي قذفهُ بعنفٍ وسطَ النهرِ صارخاً: "إلى الأسفل،
إلى الأسفل، مع باقي الكلاب!" ثمَ عانقني قائلاً:
"أيتها الروحُ المترفعة، أقبلكَ جزاءَ صنيعِك،
مباركةٌ هي الأمُ التي حملت بك. ففي الدنيا
هذا الشخصُ كان أكثر غضباً. لا أحدَ
يترحمُ على ذكراه، و ها هو ظلهُ في الوحل.
ما أكثرهم من هم على شاكلته، من عتاةُ الغضبِ
الذين سوفَ يأتون إلى بحيرة الوحلِ ها هنا
مخلّفين ورائهم لعنةً تلحقهم إلى يوم القيامة."
قلتُ: "سيدي، لسوفَ يتماشى مع رغباتي
أن أرى هذا البائسَ يُجرُ وسطَ الفضلاتِ
قبلَ أن نمضي تاركينَ هذا الوحلَ و تاركينه."
قالَ لي: "قبلَ أن تظهرَ الضفةُ الأخرى
عبرَ الضبابِ، سوفَ تُدرِكَ ما تسأله
هذه أمنية يجبُ أن تُحقّق."
و بعدَها بدقائق، رأيتُ تلكَ الروحَ الكريهة
مشوهةً ما بينَ زمرةِ العصاةِ المتسخّين
و هوَ ما أحمدُ ربي كلَ يومٍ من أجلِه.
"وراءَ فيليبو أرجينتي!" صرخوا بصوتٍ واحد
و الكلبُ الفلورنسي المجنون فرّ أمامَ صرخاتِهم
و عضّ نفسَهُ من الغضبِ، بينما اجتمعوا حولَه.
رائع ما خطت به اناملك
لقد ابدعت .. وقد راق لي ابداعك
بس احب ان اضيف ما بخاطري عندما قرات الموضوع
عنون الموضوع الكوميدي الالهيه وانا ما احسست به
حزن وماساة يثر بنفس
شاكرة لك مجهودك المبذول الله لايحرمنا جديدك
لك احترامي سيادتك
رائع ما خطت به اناملك
لقد ابدعت .. وقد راق لي ابداعك
بس احب ان اضيف ما بخاطري عندما قرات الموضوع
عنون الموضوع الكوميدي الالهيه وانا ما احسست به
حزن وماساة يثر بنفس
شاكرة لك مجهودك المبذول الله لايحرمنا جديدك
لك احترامي سيادتك
عزيزتي اشكر لك مرورك وتشريفك لموضوعي ..
اما في ما يخص تعقيبك ..
لقد كان شرح الموضوع وافي ..
والعنوان احيانا يتخذ صاحب الكتاب عنواين غريبة لللفت الانتباه وقد بين لكي المكتوب ما اراد به من الكوميديا ..
وللمعلومية اكثر ..
هذه القصائد ضمن كتيب اسمه الجحيم لدانتي اليجيري ولكني للاسف بحثت عنه سواء عن طريق النت او عن طريق بعض المكاتب وقد جاتني الصعوبة في ايجاده ولكن ع الوعد باني سو ابتاعه عما قريب عن طريق احد المعارف واتيح الفرصة للجميع للتعرف على هذا المبدع ..
لك شكري مرة اخرى ..
تقبلي مني فائق إحترامي لسيادتك..
واتمنى ان تصل الى ما تتمناة
الله لا يحرمنا تواجدك
واتمنى ان تصل الى ما تتمناة
الله لا يحرمنا تواجدك