قصة عقوق الحب..!
للكاتبة: نبض الحنين ♥
موآآآصفآآت ..!
رواية : عقوق الحــب
النوع : درامـي – اجتماعي
الحلقات : 24 حلقة
الملاحظات : القصة جريئة بحدود
مدخل ..
هو .. ذلك الصبي الذي
اختيرت سراب زوجةً له
لأخلاقها و جمالها ..
فكان الزواج تقليدياً بحتاً ..
قضى سنينه معها ..
بالحب و الوفاء ..
و أنجبوا طفلين أحداهم في الصف الأول
و الآخر لم يتجاوز الثلاث سنين
أيسر « هذا الرجل الذي طالما كرّس حياته من أجلهم بدأ يتغير شيئاً فشيئاً..
بلغ هو الـ 37 عام بينا هي تسير في العام الـ 29
يعانقان معاً الحب و المودة الحقيقة ..
إلى أن قُلِبت المشاعر نحوها
و لأسباب مبهمة ..
تدارج قلبه في نبذها ..
دون سابق إنذار أو سبب يغفر له موقفه
على شَرَفات الغرفة تقف متبسمة ..
تستوقفها عبارة التقطتها قبل بضع سنين ..
تحمل الكثير من الأحاسيس القرمزية ..
"أحبــــكِ سراب "
نفضت من رأسها الذكرى و الأمل معاً ..
سراب " لا يمكنني إجباره ، لقد فشلت في كل محاولة أقوم بها "
………….
أيسر ، يرتشف القهوة مع إخوته في الصالة ، مستمتعاً بالحديث معهم..
يتلقى سؤالاً خاطفاً من أخيه ..
" أين تنصحني قضاء شهر العسل مع خطيبة المستقبل ؟ "
أبتسم أيسر" فكر في هذا لاحقاً ، أتمم المتبقي من أمور خطبتك ثم اختاروا
معاً المكان المناسب "
قاطع حديثهم صوت سراب " أيسر هل لك أن توصلني إلى بيت والدي ؟
فاليوم قد وصل من الهند "
نظر أيسر في أخيه " أتقدم لي المساعدة و توْصِلَها عِوَضاً عني ؟ "
أخيه محمد " و لكن ، لا تود الاطمئنان على صحته ؟ فقد أتى بعد تلقي العلاج هناك "
أيسر " ليس الآن ، سأطمأن عليه لاحقاً "
تدخلت سراب " شكرا لك محمد ، لن أذهب ، أعاود شكري لك ، لك وحدك "
عادت أدراجها إلى شقتها المتواجدة في الطابق العلوي ..
……….
محمد " أيمكنك إخباري لمـ "
قاطعه أيسر " لا يمكنني "
أنزل رأسه " حسناً "
غادر أيسر من وسط أخوته متجهاً لها ..
فتح باب الغرفة ، فوجدها تحتضن الفراش باكية ..
أقترب منها ، جلست تمسح دموعها دون أن تنظر في عينيه ..
أيسر " أأعتبره حماقةً منكِ ؟ "
رفعت رأسها تبصره بتعجب " حماقة ؟!! و الله كنت أضنك أتيت لتمسح على جروحي "
أيسر بلا مبالاة " لا ترفعي الأمور إلى مستوى عالي ، و كفي عن التذمر سراب ،
فأنا أصبحت لا استسيغ الحديث معك "
سراب " أصبحت ؟!! فأنت كنت و لا زلت لا تستسيغ حتى النظر في عيناي ،
صبرت على ذلك ليس من أجلك ، من أجل أولادنا فحسب "
قاطعها " لا تتظاهري بالأم المثالية كثيراً ، فما تقدميه من أجلهم اقل بكثير
من الأمهات العاديات "
لم يكن بمقدورها تقبل ما تسمعه ، وقفت لتفتح الباب و وهي تشخص بأنظارها نحوه ..
سراب " أخرج منها ، و أعلم انك لن تتمكن من دخولها ثانيةً "
وقف قليلا ، ثم أنصرف غاضباً ، بينما هي ، ارتمت على الأرض تبكي بحرقة ..
كانت عيون الناس تتربص لهم حاسده ، أما الآن فعيون الحساد لم تدرك ماذا
فعلت السنين بهم ..
•• بعد أسبوع ••
في تلك الليلة الساكنة ، خرجت سراب من غرفتها تقصد أبناءها ، لتطبع قبلة
على جبهتهم و تطمأن على أحوالهم ثم تغدو إلى النوم مجددا ً ..
فتحت باب غرفتها لتتفاجئ بوجوده هناك ، و لكنها اعتبرته كقطعة أثاث في الغرفة ،
فـ لم تعيره أدنى اهتمام ، و استلقت على سريرها لتخلد إلى النوم ..
أيسر " أريدك أن تنصتي لي فقط "
سكت قليلاً ثم واصل " أريدك أن تفهمي إن ما اشعر به حِيالك هو بسببك ،
لا أريد أن تعذريني و لا أطلب منك تقدير موقفي ، ما أريده هو أن تسترجعي
كل الماضي لتدركي أنكِ المخطأ الأول ، عندما كنت احبكِ ، لم أسمع قط كلمة طيبة منك ،
فكنتِ زوجة تقوم بواجبها فقط ، تأخذين حقكِ مني و أأخذه منكِ ، انجبتي الطفلين
و أنا مدرك أنكِ لم تقصري بتربيتكِ لهم و عنايتك و أناقض حديثي معك قبل أسبوع
بشأن هذه النقطة ، و لكن ليس من حق الزوج أن يلتمس الحب في عيني زوجته ؟
أليس من حقه أن يسمعها ولو مرة واحدة ؟ كلمة أحبك الذي استفقدتها 10 سنين
ربما تغير الكثير ، جحودك العاطفي جعل قلبي يهوى غيرك ، فقد كنت أجد لديها
كل ما استفقده عندكِ ، ربما تسمعيني الآن فـ لم تبالي بكلامي ، و ربما غرقتِ في
النوم فـ لم تسمعي كل ما قلته و لكن كنت بحاجة إلى البوح ، ربما ارتاح قليلا من
كتمة الصدر الذي ترافقني "
وقف قليلا ، ثم أنصرف من الغرفة و أغلق الباب من خلفه ..
لم يعلم أنها مختبئة بنفسها و مشاعرها أسفل هذا الغطاء ..
تماسكت قليلا و هي تكتم بكاؤها ..
لم تستطع التصبر أكثر ، أجهشت باكية ..
تبكي بحرقة كادت أن تُوْقف قلبها عن النبض ..
و هو من خلف الباب يستمع إلى بكاؤها ..
=)
رفعت هاتفها بتوتــر ، استجمعت كُل قواها لتضغط على الزر الأخضر ..
أغمضت عيناها و هي تتطلق تنهيدة خرجت من الأعماق ..
بعد حين لم يكن بطويلاً ، تلقّت الإجابة على الهاتف ..
قالت بهدوء " دكتورة نورة ؟ "
أجابتها " نعم "
سراب " أود الاستفسار عن موقع العيادة التابعة لكِ "
دوّنت سراب المعلومات في ورقة صغيرة كانت مستقرة وسط كفِها ..
…………..
هو ..
خلع حذائه عند باب شقته ..
فتح الباب و تقدم بخطوات مهلوعة ..
أراد السيطرة على تنفسه المضطرب و لكن يعجز ..
تقدم للصالة ، وجدها بجانب طفليها المندمجين في مشاهدة التلفاز ..
تركها و قصد غرفته ليرتاح قليلا من عبئ الموقف ..
طفليه الذين تسابقوا من أجل استقباله ببهجة و ابتسامة ، تركهم دون
أن يعيرهم أدنى اهتمام ..
حالته الغريبة أثارت فضول سراب ، و لكنها عاهدت نفسها أن تكون بعيدة
عنه و عن حياته و تبقى لأطفالها فقط !
مسك القبضة ، أنزلها بهدوء و تفاجئ بإقفال باب الغرفة ..
شَخّص بأنظاره نحوها ، لم يرغب بإجبارها على فتح الغرفة ، فقد عرف
جيداً مقصدها ..
أوّت أن تقف لتفتح له الباب و قد تنازلت عن قرارها تعاطفاً معه ..
وقفت بمجرد أن رُفِعَت يده لتمنعها ..
و كأنه بذلك يشير بعدم قبول تعاطفها ..
دخل غرفة أبنيه و أغلق خلفه الباب ..
نظرت سراب لساعة الحائط ، فتداركت الوقت فأخذت طفليها و نزلت بهم
إلى غرفة ياسمين ‘ اخت زوجها ‘ ..
سراب " لي طلب ! هل لك أن تقدمي المساعدة لي ؟ "
باسمين " تفضلي "
سراب " ذاهبة إلى مشوار مستعجل ، أريدك أن ترعي أطفالي إلى حين عودتي "
ياسمين " لا تقلقي بشأن ذلك ، سوف أتولى رعايتهم "
تركتهم ، و خرجت ..!
نقطة واحدة استطاعت تدبيرها ، أما الثانية فوقفت عاجزة ..
فكرت ، و استفكرت ، فـ لم تجد أي بديل سوى الاتصال بالتاكسي ،
و هي مدركة جيداً أن أيسر لا يقبل بذلك على أي حال ..
ركبت خلفاً ..
فتحت حقيبتها لتخرج الورقة التي دوّنت بها موقع العيادة ..
بحثت أكثر فأكثر ..
طلبت منه الوقوف قليلاً ريثما تذهب لتجلب الورقة ..
نزلت من السيارة ، تسابق خطواتها ..
تضع يدها على قلبها ، تستمع إلى دقاته المضطربة ..
فتحت باب غرفتها و بدأ مشوار البحث هنا و هناك ..
وقفت متجمدة عندما تذكرت أنها كانت في غرفة طفليها و هي تتحدث مع الدكتورة ..
وضعت يديها على جبهتها بتوتر ..
اقتربت من النافذة لتطمئن على وجود سائق التاكسي ..
تنهدت بارتياح ..
فكرت قليلاً ووجدت أن تعاود الاتصال بالدكتورة أفضل بكثير من الدخول للغرفة ..
عادت إلى السائق مرة أخرى ..
سراب " أعتذر يا عم عن تأخري "
السائق " لا بأس ، أين تودين الذهاب ؟ "
سراب " إلى عيادة الدكتورة نورة ، تمهل قليلاً ريثما تجيب على الهاتف ،
الورقة التي كنت قد كتبت بها العنوان قد فقدتها "
السائق " حسنا ، و لكن ألا تعلمين في أي منطقة تتواجد ؟ لعلها تجيب على
الهاتف و نحن في المنطقة ذاتها ..
سراب " أجل ، اتذكر جيداً في اي منطقة "
أعطته اسم المنطقة و هي لا زالت تضع الهاتف عند أذنها تأمل أن تجيب
و تخلصها من الموقف المحرج ، و لكنها تفاجأت عندما سألها السائق ..
" أتقصدين عيادة الأمراض النفسية للدكتورة نورة ؟ "
تجمدت ملامحها و هي تجيب بتوتر " نعم "
قدّم لها حل دون أن تتوقع ، و لكن لازمها الإحراج طوال الوقت ، فقد جهلت
تماماً اللافتة الكبرى للعيادة ذاتها ..
وصلت إلى هناك ، و دقاتها تتسارع شيئاً فشيء ..
قد تأخرت عن موعدها ما يقارب 20 دقيقة ..
تأمل أن يسير الموضوع على خير ..
………..
مستلقي على سرير ابنه الأكبر ..
متأثر جداً بما مرّ به من موقف ..
نطقها دون قصد و أمام جميع زملائه ..
لم يستطع تعديل موقف ..
فتركه كما تركه ، و كلٌ منهم برمج الموقف حسب رأيه ..
و هو ..
أنسحب ، ليتفادى الإحراج الذي وقع فيه ..
تقف عند طاولة الاستقبال ..
توّجه أنظارها بقلق إلى العاملة التي انشغلت بالحديث مع الدكتورة
على الهاتف ..
أغلقت السماعة لتقول " تفضلي ، الدكتورة بانتظارك "
هزت رأسها بارتياح " شكراً "
تناولت حقيبتها من الطاولة و توجهت للغرفة ..
……..
تجلس مواجهة لدكتورة ، تأخذ نفس عميق كما طلبت منها لتخفيف
من توترها الحاد ..
الدكتورة " عزيزتي ، أريدك أن تغمضي عيناك الجميلتان ، و تضبطي
من تنفسك المضطرب "
فعلت كما أمرت ..
الدكتورة " ما المشكلة التي تعانين منها ؟ "
صمتت قليلا لتجيب " برودي العاطفي يرغم زوجي بالنفور مني "
هزت رأسها " أكملي "
سراب " تزوجنا تقليدياً منذ 10 سنوات أو أكثر بشهر أو شهرين فقط ،أحبني
حباً جما لدرجة كنت أخاف أن افقده ، مرت السنين و تحقق ما كنت أخشاه ،
و لكن لم افقده هو ! بل فقدت قلبه ، بعد 5 سنوات من الحب و المودة أصبح ينفر مني
شيئاً فشيئاً ، يختلق المشاكل على أتفه الأمور و أبسطها ، أحيانا يشب بيننا شجاراً
و السبب يعود في عدم استطاعتي قول كلمة أحبك ، ربما أنطقها صحيح ! و لكن
لا يستشعر معناها ، أحبه كثيراً ، أراه نصفي الآخر و كذلك نصفي الأيسر ، لأنه
يمتلك قلبي ، و لكن لا استطيع ، صدقيني لا استطيع ، حاولت كثيرا و افشل في كل
محاولة ، أحيانا استغل فرصة خروجه من المنزل لأقوم بتجهيز كل ما تفعله الزوجة
الرومانسية شموع و بتلات ورد ووو ، و فور دخوله الغرفة لا يرى شيئاً ، لأني قمت
قبل دخوله بإطفاء جميع الشموع و إزالة كل شيء ، لا أمتلك الجرأة في ذلك ، كلمني
كثيراً و حكا لي أنه يشعر بنقص في حياتنا الزوجية ، و ما أنا سوى زوجة تقوم
بواجبها فقط ! 8 سنوات من زواجنا ، فإذ به يصارحني برغبته بالزواج من أخرى و "
قاطعتها لتسأل " لديكم أطفال ؟ "
أجابتها " أجل ، طفلين أحدهم في العام السابع و الأخر لم يتجاوز الثلاث "
هزت رأسها " امممم حسناً ، أكملي ، ما كان شعورك عندما أبدى رغبته بالزواج ؟ "
أجابتها " تحطمت كثيراً ، و لكنني لم أمانعه ، فقط طلبت منه أن لا يخبر أحداً
بذلك ، فليتزوج سراً ، و من ذلك الزواج بدأ يكرهني تدريجياً ، ناهيك عن هجره لي "
أطرقت الدكتورة رأسها لتلقي نظرة شاملة على الأحداث ..
بعد هدوء " لا زلتي تحبيه ؟ "
سراب بعد صمت " ليس كالسابق "
الدكتورة " حسناً ، كما فهمت أنه ينام خارج المنزل "
سراب " أبداً "
بتعجب " لم ينم يوماً واحداً خارج المنزل "
سراب " بلا ، و لكن قديماً جدا ً "
الدكتورة " قبل أن يتزوج ؟ "
سراب " بكثير "
بعد تفكير " حسناً ، و النهار ؟ متى يعود ؟ أحكي لي يومه كاملاً "
سراب " يستيقظ صباحا ليغدوا إلى عمله و بعد الساعة الثانية ظهراً يأتي
للمنزل يستلقي قليلا و عند الساعة ثلاث ظهراً ينزل إلى بيت والده فقد جعلهم
يعتادون على إزالة طبق له فهو أصبح لا يرغب في طعامي ، يجلس في بيت
والده وسط أخوته يستمتع بالحديث معهم ، و أحياناً كثيرة يخرج مع أخيه لينضموا
مع رفاقهم في المنطقة ، يأتيني الساعة العاشرة بعدما أستمتع معهم ، و يض
ع رأسه لينام مرة أخرى "
الدكتورة " امممم ، لا استطيع أن أقدم لك بعض العلاجات النفسية الآن ، لان هناك
الكثير من الأمور المبهمة في حياتك ، ما أطلبه منك الآن أن تستكشفي حقيقة زواج
زوجك بأي طريقة من الطرق ، لأن و لربما كان كلاماً فقط ، و الله أعلم "
تجمدت أنظار سراب و هي تبصر الدكتورة ..
" أمِنَ الممكن أن تكون زواجه كذبة ؟ "
الدكتورة " نسبة من الاحتمال "
سراب " لا أضن ، كذبة تمد سنتان و نصف ؟!! "
أجابتها الدكتورة " عزيزتي سراب ، معظم الرجال يتعايشن مع كذبات لأغراض
عديدة ، منها كانتقام ، و منها كتسلية ، و منها أيضا من يجد المتعة فيها ،
و بعضهم يكذب و يتورط في البوح عن كذبته "
سراب بعدم تصديق " بدأت أطرافي ترجف "
الدكتورة " لا داعي للخوف أبدا ، كوني طبيعية جداً "
مدت يدها بتحية " نلقاك بعد إسبوع "
هزت رأسها وهي تصافحها " حسنا ً "
………….
عادت إلى المنزل و طيور الوساوس تحلق فوق رأسها ..
أخذت طفليها و غدت لشقتها ، فرأته مستلقي على الكنبة أمام التلفاز ..
نظرت إليه ثم أمرت طفليها بالدخول إلى الغرفة و قد عزمت على مصارحته
و كشف الحقيقة المجهولة خلف ثنايا جحوده ..
أوت أن تتحدث فجاءها السؤال خلف ملامحه المكفهرة ..
أيسر " أين كنتِ ؟ "
سراب بجرأة " كنت حيث كنت "
وقف مسترسلاً " مادمتِ على ذمتي فأنت غير مسموحة على خروجك
دون إذني "
سراب بلا مبالاة " و هل تطلب مني طاعتك ؟ "
أيسر " دامكِ على عهدي أنت مجبرة بطاعتي و الالتزام بجميع واجباتكِ "
سراب باستهزاء " هذا و إن كنت يا سيد أيسر تعطيني حقوقي بأكمل وجه ،
مضحك أنك تطالب بالواجبات و لا تلتزم بالحقوق ، كن منصفاً يا أخي ! "
ألقت عليه كومة الكلمات لتنسحب من وقع الخِطاب ..
مسك ساعِدُها ليلويه بغضب ..
سراب " أتضن نفسك رجلاً ؟ "
أيسر بغضــب " رجلاً رغم أنفكِ و أنف أبيكِ أيضا ً "
جاءهم من خلفهم صوت أبنهم الأكبر
جاءهم من خلفهم صوت أبنهم الأكبر ..
بنبرة طفولية خائفة " ماما ، بابا ، ما بكم ؟ "
ألقوا أنظارهم عليه فتحسسوا نظراته الخائفة ، أنجبر أيسر على ترك يد
زوجته و بداخله يتوعد بها اشد الوعيد ..
أيسر " عزيزي إياد ، ليس هناك شيء ، عد إلى غرفتك حبيبي "
ثبت إياد خطواته و كأنه لم يشعر بالأمان لكلماته ..
أيسر بأمر " إياد ، عُد ، إلى ، غرفتك "
هز رأسه " أريد البقاء معكم "
كاد أن ينطق أيسر غاضباً ليرغمه على الدخول و لكنها تدخلت في الوقت المناسب ..
سراب " حبيبي إياد عُد إلى غرفتك و استمتع باللعب مع أخيك ، و أنا سوف أقوم
بإعداد أشهى عشاء لأعز أبن "
إياد بابتسامة " أريد بطاطس مقلي "
سراب " من عيناي "
عاد لغرفته متبسماً ، بينما سراب دخلت المطبخ هروباً من غضبه المخيف ..
انشغلت بالطبخ و قلبها الهلوع يتراقص خوفاً ..
وقف و سند جانبيه على الباب ..
أيسر بهدوء " أتعلمين ما الموقف الذي مررت به اليوم ؟ "
استقوت لهدوئه ..
سراب بكبرياء " لستُ راغبة بمعرفته "
أيسر " عندما كنت أتحدث مع زملائي عن الحب و المسؤولية و الحياة الزوجية ،
شعرت بأنني أقل خبرة بينما كنت أكبرهم سناً و أكثرهم فترة في خوض التجربة "
كانت هي تستمع لحديثه بإنصات و لكنها تظاهرت بعدم المبالاة ..
واصل حديثه " عندما حكا زميلي قصة أحد معارفه و قال بأنه أنفصل بعد 5 سنوات
من الزواج و السبب يعود إلى عدم قدرتها على تحمل المسؤولية ، لم أشعر بنفسي
و أنا أفتري عليك كذباً ، أخبرتهم بأنك عديمة المسؤولية في كل النواحي ، الشخصية
و الزوجية و كذلك التربية ، أعلم ما قلته خاطئ و لكني لم أفقهه ، كنت أريد أن أكبر
في نظرهم و قد أنزلتك في أقل المستويات "
لم تتحمل سراب ما يقوله و لكنها تظاهرت بعدم المبالاة فقط دموعها كانت تسقط بحرارة ..
أيسر " لا أود الاعتذار ، و لكنني مجبر ليس حباً بكِ ، و لكني مسئولٌ عند الله "
اقتربت من المغسلة بقهر و أخذت تعيد غسل الأواني النظيفة ، حاولت ضبط أعصابها
و لكن لسانها خان الموقف ..
سراب " و لما الاعتذار ؟ فما قلته عادي جداً أمام تصرف الأطفال "
أيسر يحاول تهدئة الموقف " أحفظي لسانكِ "
سراب " جيد جداً ، يجب عليّ أن أحفظ لساني أمام ما يدعى برجل و هو في الحقيقة
خاليٌ من الرجولة !! صحيح ؟ "
أبصرها بحدة فالتفتت له ..
سراب " أتنكر ذلك ؟ أتنكر أنك عديم الرجولة ؟ لما لم تذكر هذه النقطة عند زملائك ؟
رجاءاً أخبرهم عندما تلتقي بهم بأنك من تطالب بالحقوق و تدعي بفقدانها قد حرمت
زوجتك من أبسط حقوقها و انت تعرف مقصدي جيداً "
أيسر " أنهي الحديث الآن ، لأني لا أود أن أتصفح الدفاتر القديمة "
سراب " لن أسكت ؟ إلى متى و أنا صامتة ؟ كفى إلى هذا الحد "
أيسر بنبرة حادة " سراب "
أعطته ظهرها و هي تتذمر " سراب و سراب ! أنا المخطئة الذي أضعت سنين
عمري مع رجل عفواً طفل لم أرى منه جميلاً "
أيسر بغضب " كفي عن التذمر و إلا .. "
قاطعته دون أن تبالي " و إلا ماذا سيد أيسر ؟ "
واصلت سراب في البوح عما كان يجول في خاطرها ، تنطق بكل كلمة و كأنها
تزيح من قلبها صخور الهموم ، و لكن أيسر ما كان ينصت لها ، فإدعائها له بعديم
الرجولة كفيلة بأن تمر كل ذكرياته معها و لكن ليست الجميلة ، و بذلك فقد أعصابه
حينها ..
صرخ بأعلى صوته " سراااااااااااب ! "
صمتت وهي تنظر في عينينه المخيفتين ..
أقترب منها و بنظرة حادة و نبرة تهديد " من الطفل ؟ أعيدي ما قلتهِ سابقاً ،
من عديم الرجولة ؟ "
ابتعدت عنه وهي صامته و في كل خطوة تبتعدها يقترب منها ليصرخ بها ..
أيسر " مـــــــن ؟! "
أجابت بخوف " و من تعتقد يكون غيرك ؟ "
و منها لم يتمالك أعصابه ، مد يده لشعرها و أخذ برأسها لعند صنبور الماء ،
فتح الصنبور و جعل يغمر رأسها بماؤه و هو يقول ..
أيسر " أغسلي من رأسكِ ما قلتيه فأنا رجلاً رغم انفكِ "
سراب تمسك بيده تحاول أن تبعده عنها ، حاولت جاهدا أن تفر من الماء و لكن
يده كانت أقوى ..
أخذها ليرميها أرضاً و غادر الشقة تاركها بدموعها و نحيبها ، وقف عند الباب
يحاول تهدئة أعصابه الثائرة قبل أن يخرج ..
أخذ نفساً طويلاً ، و حاول السيطرة على اضطرابات تنفسه ..
مسك قبضة الباب ليخرج ، فأنصدم لاحمرارها ، وقف يتأملها ، و قد بدا يحس
بحرارتها ..
لحظات قليلة و إذا به يدرك عظم المصيبة ..
عاد بكل خوف و هلع ، عاد يجري لها ، تقدم نحوها مسك وجهها و هو ينادي ..
أيسر " سراب ! سراب "
لم تجبه بل كانت تبكي بحرقة ..
أيسر " اقسم إني لم أدرك أنه ماء حار ، سراب أيؤلمكِ "
أبعدت يديه عنها " أتركني "
أيسر هز رأسه " لا استطيع "
تركها يجري ليعود مسرعاً حاملاً معه عباءتها ..