السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يومٌ في حياة المغفور له امتنّ الله تبارك وتعالى على نبيِّـه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم ، فقال في مَعرِض امتنانه عليه : (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) . قام النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى ورِمت قدماه . قالوا قد : غفر اللهُ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّرَ . قال " أفلا أكونُ عبدًا شكورًا " . الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: مسلم – وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة في أوقات دون أوقات ، فيجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها . وقد استوقفتني بعض أحواله صلى الله عليه وسلم مما لم تكن في أوقات اجتهاده ، بل هي من عامة أيامه صلى الله عليه وسلم . أما الموقف الأول قال رضي الله عنه : صلَّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فافتتح البقرة ، فقلت : يَركع عند المائة ، ثم مضى ، فقلت : يُصلي بها في ركعة ، فمضى ، فقلت : يركع بها ، ثم افتتح النساء فقرأها ، ثم افتتح آل عمران فقرأها ، يقرأ مُترسِّلا ، إذا مَـرّ بآية فيها تسبيح سبّح ، وإذا مَـرّ بسؤال سأل ، وإذا مَـرّ بتعوّذ تعوّذ ، ثم رَكَع ، فَجَعَلَ يقول : سبحان ربي العظيم ، فكان ركوعه نحواً من قيامه ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قام طويلا قريبا مما رَكَع ، ثم سجد ، فقال : سبحان ربي الأعلى ، فكان سجوده قريبا من قيامه . رواه مسلم . صلَّيتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ ليلةٍ . فافتتح البقرةَ . فقلتُ : يركع عند المائةِ . ثم مضى . فقلتُ : يصلي بها في ركعةٍ . فمضى . فقلتُ : يركع بها . ثم افتتح النساءَ فقرأها . ثم افتتح آلَ عمرانَ فقرأها . يقرأ مُترسِّلًا . إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّحَ . وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل . وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذَ . ثم ركع فجعل يقول " سبحانَ ربيَ العظيمِ " فكان ركوعُه نحوًا من قيامِه . ثم قال " سمع اللهُ لمن حمدَه " ثم قام طويلًا . قريبًا مما ركع . ثم سجد فقال " سبحان ربيَ الأعلى فكان سجودُه قريبًا من قيامِه . ( قال ) وفي حديثِ جريرٍ من الزيادةِ : فقال " سمع اللهُ لمن حمده . ربَّنا لك الحمدُ " . الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: مسلم –
هذه ليلة ليست من ليالي الاجتهاد ، ولا من ليالي إحياء الليل ، وشـدّ المئزر ، وإيقاظ الأهل ، بل هي ليلة من عامة الليالي ، قام فيها النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ ما يزيد على خمسة أجزاء ، قراءة متأنِّـيَـة مترسّلة ، يقف عند آيات الرحمة فيسأل ، وعند آيات العذاب فيتعوّذ ، ثم يركع بمثل هذا القَدْر من القيام ، ثم يقوم طويلاً مثل ذلك ، ويسجد مثل ذلك ! ونحن إذا اجتهدنا في قيام رمضان وقرأ الإمام جُزءاً رأينا أنه قد أطال ، ولو كان ذلك في ليالي العَشْر ! ولعلنا نتساءل : وأما الموقف الثاني : وكيف كان استغفار من غُفِر له ؟ روى الإمام مسلم من حديث الأغر المزني – وكانت له صُحبة – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه لَيُغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة . إنه لَيُغانُ على قلبي . وإني لأستغفرُ اللهَ ، في اليومِ ، مائةَ مرةٍ الراوي: الأغر المزني أبو مالك المحدث: مسلم – وفي حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس توبوا إلى الله ، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة . رواه مسلم . الراوي: الأغر المزني أبو مالك المحدث: مسلم – وفي رواية : إنْ كُـنّـا لَـنَعُـدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة : رب اغفر لي وتُبْ عليّ إنك أنت التواب الرحيم . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه . وفي حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة . رواه البخاري . واللَّهِ إنِّي لَأستَغفرُ اللَّهَ وأتوبُ إليهِ في اليومِ أَكْثرَ مِن سَبعينَ مرَّةً الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – فهذا ما يُعـدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد ، وفي يوم واحد ، وهو الذي غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّـر . فهل قُلنا في سَنة واحدة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد ؟ أو في يوم واحد ؟ وهل فَعَلْنَا في سَنَة واحدة ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة ؟ ونحن الذين غرقنا في أوحال الخطايا فنحن أولى بِالاستغفار فيا رب : كتبه وتخريج الأحاديث مجهود شخصى
|
||
ربنا يهدينا ويبارك لينا يارب
ويجعلنا من عباده المهتدين الصالحين
في حفظ الله ورعايته