( نحن الآن حيث أحضرتنا أفكارنا… و سنكون غدا حيث تأخذنا أفكارنا )
إن معظم الناس تُبرمج منذ الصغر على أن يتصرفوا أو يتكلموا أو يعتقدوا بطريقة معينة سلبية ، و تكبر معهم حتى يصبحوا سجناء ما يسمى "بالبرمجة السلبية "التي تحد من حصولهم على أشياء كثيرة في هذه الحياة .
فنجد أن كثيرا منهم يقول أنا ضعيف الشخصية , أنا لا أستطيع الإمتناع عن التدخين ، أنا ضعيف في الإملاء ، أنا …… . و نجد أنهم اكتسبوا هذه السلبية إما من الأسرة أو من المدرسة أو من الأصحاب أو من هؤلاء جميعا.
و لكن هل يمكن أن تتغير هذه البرمجة السلبية و تحويلها إلى برمجة إيجابية .
الإجابة نعم و ألف نعم .
و لكن لماذا نحتاج ذلك .؟؟؟؟
نحتاج ان نبرمج أنفسنا إيجابيا لكي نكون سعداء ناجحين، نعيش حياة طيبة. نحقق فيها أحلامنا و أهدافنا . و خاصة و أننا مسلمون و لدينا وظيفة و غاية لا بد أن نصل إليها لنحقق العبادة لله سبحانه و تعالى و نحقق الخلافة التي استخلفنا بها الله في الأرض .
التحدث إلى الذات :
هل شاهدت شخصا يتحدث مع نفسه بصوت مرتفع و هو يسير و يحرك يديه و يتمتم و قد يسب و يلعن . عفوا
أو هل حصل و أن دار جدال عنيف بينك و بين شخص ما و بعد أن ذهب عنك الشخص ، دار شريط الجدال في ذهنك مرة أخرى فأخذت تتصور الجدال مرة أخرى و أخذت تبدل الكلمات و المفردات مكان الأخرى و تقول لنفسك لماذا لم أقُل كذا أو كذا .
و هل حصل و أنت تحضر محاضرة أو خطبة تحدثت إلى نفسك و قلت . أنا لا أستطيع أن اخطب مثل هذا أو كيف أقف أمام كل هؤلاء الناس , أو تقول أنا مستحيل أقف أمام الناس لأخطب أو أحاضر .
إن كل تلك الأحاديث و الخطابات مع النفس و الذات تكسب الإنسان برمجة سلبية قد تؤدي في النهاية إلى أفعال وخيمة .
و لحُسن الحظ فأنت و أنا و أي شخص في استطاعتنا التصرف تُجاه التحدث مع الذات و في استطاعتنا تغيير أي برمجة سلبية لإحلال برمجة أخرى جديدة تزودنا بالقوة .
و يقول أحد علماء الهندسة النفسية : " في استطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا و مستقبلنا و ذلك بإعادة برمجة حاضرنا . "
إذا من هذه اللحظة لابد أن نراقب و ننتبه إلى النداءات الداخلية التي تحدث بها نفسك .
و قد قيل :
راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالا .
راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات .
راقب عادتك لأنها ستصبح طباعا .
راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك .
و هناك بعض الحقائق العلمية نحو عقل الإنسان و نركز خاصة على العقل الباطن:
إن العقل الباطن لا يعقل الأشياء مثل العقل الواعي فهو ببساطة يخزن المعلومات و يقوم بتكرارها فيما بعد كلّما تم استدعاؤها من مكان تخزينها .
فلو حدث أن رسالة تبرمجت في هذا العقل لمدة طويلة و لمرات عديدة مثل أن تقول دائما في كل موقف … أنا خجول أنا خجول … أنا عصبي المزاج , أو أنا لا أستطيع مزاولة الرياضة , أنا لا أستطيع ترك التدخين …. و هكذا فإن مثل هذه الرسائل سترسخ و تستقر في مستوى عميق في العقل الباطن و لا يمكن تغيرها , و لكن يمكن استبدالها ببرمجة أخرى سليمة و إيجابية .
و حقيقة أخرى هي أن للعقل الباطن تصرفات غريبة لابد أن ننتبه لها .
فمثلا لو قلت لك هذه الجملة :" لا تفكر في حصان أسود " ,, هل يمكنك أن تقوم بذلك و تمنع عقلك من التفكير . بالطبع لا فأنت غالبا قد قمت بالتفكير في شكل حصان أسود لماذا ؟ ؟ .
إن عقلك قد قام بإلغاء كلمة لا و احتفظ بباقي العبارة و هي : فكر في حصان أسْوَد . إذا هل ممكن أن نستغل مثل هذه التصرفات الغريبة للعقل .
القواعد الخمس لبرمجة العقل الباطن :
1- يجب أن تكون رسالتك واضحة و محددة .
2- يجب أن تكون رسالتك إيجابية (مثل أنا قوي . أنا سليم أنا أستطيع الامتناع عن … .
3- يجب أن تدل رسالتك على الوقت الحاضر .( مثال لا تقول أنا سوف أكون قوى بل قل أنا قوي )
4- يجب أن يصاحب رسالتك الإحساس القوي بمضمونها حتى يقبلها العقل الباطن و يُبرمجها .
5- يجب أن تكرر الرسالة عدة مرات إلى أن تتبرمج تماما .
كيف يكون تحدثك مع الذات ذو قوة إيجابية :
1- دوّن على الأقل خمس رسائل ذاتية سلبية كان لها تأثير عليك مثل :
أنا إنسان خجول ،أنا لا أستطيع الامتناع عن التدخين ، أنا ذاكرتي ضعيفة ، أنا لا أستطيع الكلام أمام الجمهور ،أنا عصبي المزاج ، و الآن مزق الورقة التي دونت عليها هذه الرسائل السلبية و ألق بها بعيداً.
2- دون خمس رسائل ذاتية إيجابية تعطيك قوة و ابداً دائما بكلمة "أنا" مثل :
"أنا أستطيع الامتناع عن التدخين" .. " أنا أحب التحدث إلى الناس " .. " أنا ذاكرتي قوية "…أنا إنسان ممتاز " .. أنا نشيط و أتمتع بطاقة عالية ".
3- دون رسالتك الإيجابية في مفكرة صغيرة و احتفظ بها معك دائما .
4- و الآن خذ نفساً عميقاً ، و اقرأ الرسالات واحدة تلو الأخرى إلى أن تستوعبهم .
5- إبدأ مرة أخرى بأول رسالة ، و خذ نفساً عميقاً ، و اطرد أي توتر داخل جسمك ، اقرأ الرسالة الأولى عشر مرات بإحساس قوي ، أغمض عيناك و تخيل نفسك بشكلك الجديد ثم أفتح عينيك .
ابتداء من اليوم احذر ماذا تقول لنفسك ، و احذر ما الذي تقوله للآخرين و احذر ما يقول الآخرون لك ، لو لاحظت أي رسالة سلبية قم بإلغائها بأن تقول " ألغي " ، و قم باستبدالها برسالة أخرى إيجابية .
تأكد أن عندك القوة ، و أنك تستطيع أن تكون ، وتستطيع أن تملك ، و تستطيع القيام بعمل ما تريده ، و ذلك بمجرد أن تحدد بالضبط ما الذي تريده و أن تتحرك في هذا الاتجاه بكل ما تملك من قوة ، و تذكر دائما : " التكرار أساس المهارات " …
لذلك عليك بأن تثق فيما تقوله ، و أن تكرر دائما لنفسك الرسالات الإيجابية ، فأنت سيد عقلك و قبطان سفينتك … أنت تتحكم في حياتك ، و تستطيع تحويل حياتك إلى تجربة من السعادة و الصحة و النجاح بلا حدود .
من كتاب قوة التحكم في الذات للدكتور ابراهيم الفقي
منقوووول