تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الخوف والرجاء

الخوف والرجاء 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(62)الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ(63)لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(64)} سورة يونس0
وقال{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40)فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41)} سورة النازعات0

الخوف من الله تعالى سمة المؤمنين, وآية المتقين ,وديدن العارفين ,خوف الله تعالى فى الدنيا طريق للأمن فى الآخرة, وسبب للسعادة فى الدارين ,ودليل على كمال الايمان وحسن الاسلام وصفاء القلب وطهارة النفس, اذا سكن الخوف فى القلب أحرق مواضع الشهوات منه وطرد بهرج الدنيا عنه, وهو سوط الله يقوم به الشاردين عن بابه ويرد به الآبقين الى رحابه .

الله تعالى يريد لعباده ان يعرفوه ويخشوه ويخافوه, وقد وصف لهم الادلة الساطعة, والبراهين القاطعة التى تدل على عظمته, وتنبئ بكبريائه ليهابوه ويخافوه ويجلوه, ووصف تعالى فى كتابه العظيم, وفيما أوحى الى نبيه الكريم؛ وصف شدة عذابه, وقوة بطشه, وسرعة أخذه, ودار عقابه, وما أعده لاعدائه من العذاب والنكال, وذكر النار واهوالها ,وما فيها من الزقوم والضريع ,والحميم والسلاسل والاغلال, والفظائع والاهوال, ودعا عباده الى خشيته وتقواه, والبعد عن سخطه والمسارعة الى رضاه, وامتثال أمره, واجتناب نهيه0

قال تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (33) سورة لقمان

احتوى القران الكريم على آيات من الوعيد تزلزل الوجدان ,وتهز النفوس ,وتفتت الاكباد ,وتقرح الجفون, وبين أنها تخويف لعباده ليسلكوا النهج القويم ويخالفوا اصحاب الجحيم0

قال تعالى{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ(15)لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ(16)}سورة الزمر

وقد اخبر تعالى أن كتابه الكريم, ومواعظه البالغة, وحكمه النافعة, ونذره القاطعة لا تظهر ثمرتها ,ولا تبدو بركتها إلا للخائفين من ربهم, والمشفقين من معبودهم0

قال تعالى{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(51)}سورة الأنعام
وقال تعالى {طه(1)مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(2)إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى(3)}سورة طه0

وقال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(23)} سورة الزمر0
وقال تعالى{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ(45)} سورة ق0

فالخائف يتذكر ويتعظ ,ويخشع ويعتبر, ولذلك كان لسان حالنا الانبياء_ عليهم السلام_ :{قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (15) سورة الأنعام,
والمؤمنون الصادقون هم: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(37)} سورة النــور,
وهم الذين:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(16)} سورة السجدة,
ومن أعظم صفاتهم أنهم:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا(7)وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8)إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا (9)إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا(10)} سورة الإنسان0

فكانت النتيجة المبهجة, والثمرة المباركة: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا(11)} سورة الإنسان0

المسلم الصادق, والمؤمن الخاشع؛ هو الذى عرف الله تعالى حق المعرفة, وعرف قوله جل وعلا: { وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ(30)} سورة آل عمران
فهو يخاف الله تعالى ويحذره, ويهابه ويتقيه, قال صلى الله عليه وسلم (من خاف أدلج ,ومن أدلج بلغ المنزل))0

وقال وهب بن منبه_ رحمه الله_ :ما عبد الله تعالى بمثل الخوف 0
وقال ابو سليمان الدرانى: أصل كل خير فى الدنيا والاخرة هو الخوف من الله عز وجل, وكل قلب ليس فيه خوف الله فهو قلب خرب0

فأين القلوب الممتلئة بخوف الله,المفعمة بخشية الله,المترعة بمهابة الله,أين القلوب التى ذلت لعزة الجبروت ,وخشعت لصاحب الملكوت ,وأعدت لما بعد الموت0

الخوف شجرة طيبة إذا ثبت أصلها فى القلب امتدت فروعها الى الجوارح,فآتت أكلها الطيبة بإذن ربها وأثمرت عملا صالحا ,وقولا رابحا ,وسلوكا قويما ,وفعلا كريما تخشع الجوارح, وينكسر القلب,ويرق الفؤاد, وتزكو النفس,وتجود العين 0
إذا خاف المرء ربه أخاف الله منه كل شئ,وان لم يخف ربه أخافه من كل شئ0

الخوف من الله تعالى؛مانع للذنب,عاصم من الخطأ,حافظ من الزلل,مبعد عن الخلل,حافز للنفس,موقظ للضمير,حاث على الاجتهاد,وأنى لقلب لم يزرع فيه خوف الله أن يرتدع عن
الهوى,ويرعوى عن الجهل,وكيف لفؤاد لم تسكنه خشية الله والهيبة لجلاله,والوجل من بطشه,والاشفاق من وعيده؛كيف له أن يعمر بالطاعة,ويتجافى عن المعصية,ويتنكر للخطيئة,ويستوحش من الذنب0

ان الخوف سمة لأولى الالباب:{الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ(20)وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ} (21) سورة الرعد ,

وخوف الله تعالى هو الذى حجب قلوب الخائفين عن زهرة الدنيا وعوارض الشبهات.وقوة مراقبة المرء لربه,ومحاسبته لنفسه بحسب قوة معرفته بجلال ربه والخوف من وعيده0

الخائف من الله تعالى عاقبته الامن والسلام,وثوابه ان يظله الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله,,ذكر عليه الصلاة والسلام السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم القيامة فذكر منهم(رجلا دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إنى أخاف الله رب العالمين)),وذكر منهم(رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه))0

لقد ورد الحديث عن الخوف من الله تعالى فى القران الكريم والسنة النبوية بكلمات عدة وألفاظ متنوعة منها :الاشفاق ,والخشية ,والوجل ,والرهبة 0

بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.