363 – 449 هـ / 973 – 1057 م
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).
إيّاكَ والخمرَ، فهي خالبةٌ، غالبةٌ، خابَ ذلك الغَلَبُ
خابيةُ الرّاح ناقةٌ حفَلَت، ليس لها، غيرَ باطلٍ، حلَبُ
أشأمُ من ناقةِ البَسوس على النا سِ، وإن يُنَلْ عندها الطلب
يا صالِ، خَفْ إن حلَبت دِرّتها، أن يترامى بدائِها حَلَبُ
أفضلُ مما تضمُّ أكؤسُها، ما ضُمّنتَه العِساسُ والعُلَبُ
ما الثريّا عنقودُ كرمٍ مُلاحـ ـيٌّ، ولا الليلُ يانعٌ غِربيبُ
ونأى عن مُدامةٍ، شفقَ التغـ ـريبِ، فليتّقِ المليكَ اللبيبُ
طالَ ليلٌ، كأنّما قتلَ العقـ ـربَ ساطٍ، فغابَ عنها الدّبيب
سلكَ النّجدَ، في قِطار المنايا، قَطَرِيٌّ، ونَجدةٌ، وشَبيبُ
شبّ فِكرُ الحصيفِ ناراً فما يحـ ـسُنُن، يوماً، بعاقل، تشبيبُ
أين بقراطُ، والمقلِّدُ جاليـ ـنوسَ؟ هيهاتَ أن يعيشَ طبيبُ
سُبّبَ الرّزقُ للأنام، فما يقـ ـطعُ، بالعجز، ذلك التسبيب
وجرى الحتفُ بالقضاءِ، فما يسـ ـلَمُ ليثٌ، ولا غزالٌ ربيب
يطلُعُ الوافدُ المبغَّضُ، والعيـ ـشُ، إلى هذه النفوس، حبيب
خَبَّبَتْها عليه نُكدُ الرزايا، فنبا، عن قلوبها، التّخبيب
رأيتُ قضاءَ اللَّه أوجَبَ خلْقَهُ، وعاد عليهم في تصرّفه سَلبا
وقد غلبَ الأحياءَ، في كلّ وجهةٍ، هواهمْ، وإن كانوا غطارفةً غُلْبا
كلابٌ تغاوتْ، أو تعاوت، لجيفةٍ، وأحسَبُني أصبحتُ ألأمَها كلْبا
أبَينا سوى غِشّ الصّدور، وإنّما ينالُ، ثوابَ اللَّه، أسلمُنا قلبا
وأيَّ بني الأيّام يَحمَدُ قائلٌ، ومن جرّبَ الأقوامَ أوسعَهُم ثَلْبا
إذا كان رُعبي يورثُ الأمنَ، فهو لي أسَرُّ من الأمنِ، الذي يورث الرّعبا
ألمْ ترَ أن الهاشميّينَ بُلّغوا عظامَ المساعي، بعدما سكنوا الشِّعبا
وكان الفتى، كعْبٌ، تخيّرَ للسُّرى، أخا النّمر، فاستدنى إلى أجلٍ كعبا
وإنّي رأيتُ الصّعبَ يركبُ دائماً من النّاس، من لم يركب الغرضَ الصّعبا