إن كان سلاح المرأة دموعها،أو هكذا يقول الرجال،الذين ما استطاعوا الدفاع عن أنفسهم بمجاراتها
في البكاء.فقد عثر الرجل على سلاح ليس ضمن ترسانة المرأة،ولا تعرف كيف تواجهه،لأنها ليست
مهيأة له في تكوينها النفسي.لذا،عندما يشهره الرجل في وجهها يتلخبط جهاز الالتقاط لديها ويتعطل
… رادارها.إنها تصاب بعمى الأنوثة أمام الضوء الساطع لرجل اختار أن يقف في عتمة الصمت.
لا امرأة تستطيع تفسير صمت رجل،ولا الجزم بأنها تعرف تماما محتوى الرسالة التي أراد إيصالها إليها،
خاصة إن كانت تحبّه.فالحب عمى آخر في حد ذاته.
(أما عندما تكف عن حبه فلا صمته ولا كلامه يعنيانها،وهنا قد يخطئ الرجل في مواصلة إشهار سلاحه
خارج ساحة المعركة،على امرأة هو نفسه لم يعد موجوداً في مجال رؤيتها!) كما أن بعض من يعاني
ازدواجية المشاعر يغدو الصمت عنده سوطاً يريد به جلدك ،فيجلد به نفسه.
تكمن قوة الصمت الرجالي في كونه سلاحا تضليلياً.إنه حالة التباس،كتلك البدلة المرقطة التي يرتديها
الجنود كي يتسنى لهم التلاشي في أي ساحة للقتال.إنهم يأخذون لون أي فضاء يتحركون فيه.
إنه صمت الحرباء..لو كان للحرباء صوت.تقف أمامه المرأة حائرة،تتناوب على ذهنها احتمالات تفسيره
بحكم خدعة الصمت المتدرج في ألوانه من إحساس إلى نقيضه.
صمت العشق..صمت التحدي..صمت الألم..صمت الكرامة..صمت الإهانة..صمت اللامبالاة..
صمت التشفي ..صمت من شفي..صمت الداء العشقي ..صمت من يريد أن يبقيك مريضاً به .
.صمت من يثق بأنه وحده يملك دواءك..صمت من يراهن على أنك أول من سيكسر الصمت ..
صمت من يريد كسرك..صمت عاشقين أحبا بعضهما البعض حد الانكسار ..صمت الانتقام .
.صمت المكر..صمت الكيد..صمت الهجر ..صمت الخذلان..صمت النسيان..
صمت الحزن الأكبر من كل الاحزان..صمت التعالي ..صمت من خانك..صمت من يعتقد أنك خنته
ويريد قتلك بصمته..صمت من يعتقد انك ستتخلين يوما عنه فيتركك لعراء الصمت..الصمت الوقائي..
الصمت الجنائي..الصمت العاصف ..والصمت السابق للعاصفة..صمت الانصهار وصمت الإعصار..
الصمت كموت سريري للحب..والصمت كسرير آخر للحب ينصهر فيه عاشقان حتى الموت..
الصمت الذي ليس بعده شيء..والصمت الذي ينقذ ذلك "الشيء"ومنه تولد الأشياء مجددا جميلة
ونقية وأبدية بعد أن طهرها الصمت من شوائب الحب.
الصمت اختبار. طوبى لمن نجح فيه مهما طال. إنّه يفوز إذن بالتاج الأبدي للحبّ.. أو بإكليل الحريّة