وتنتهج الجماعات التكفيرية فكرا يقوم على مبدأ الجهاد ضد الكفار، وتسحب حكمها على من دونه من أركان نظام حكمه وصولا إلى قاعدة المجتمع التي تراها راضية بالحكم بغير شريعة الله، وتسحب عليها حكم الكفر، ومن ثم لا ترى غضاضة في استهداف المدنيين كونهم أبناء مجتمع كافر لا يقيم حدود الله. وقد اتجهت هذه الجماعات للانتشار في سيناء لعدة أسباب تناقشها هذه الدراسة منها ظهور تيارات الإسلام السياسي في المشهد، عقب ثورة 25 يناير، ما كان دافعا لعودة الجماعات ذات الأفكار التكفيرية، في محاولة لفرض رؤيتها على المجتمع سياسيا وميدانيا.
وتبرز أهمية دراسة تكوين هذه الجماعات وانتشارها في سيناء من عدة اعتبارات منها:
1ـ ضرورة فهم حقيقة وأبعاد ما يجري الآن في سيناء، كبقعة جغرافية شديد الأهمية للأمن القومي المصري، كونها تمثل نقطة التماس مع فلسطين المحتلة، حيث تنتشر الجماعات ذات الصبغة الجهادية.
2ـ ضرورة تتبع التطورات الفكرية والمنهجية للتيارات الإسلامية، وما يحدث من تداخل بين الحركات المختلفة، لاسيما تلك التي لا تتورع عن ممارسة العنف أو التكفير، وهو الأمر الذي يسمح بوضع تصورات تحد من آثارها على المجتمع والدولة.
3ـ حجم النفوذ الذي تتمتع به هذه التيارات في سيناء والتي استغلت الفوضى الأمنية عقب ثورة 25 يناير للتمدد، حيث تزداد أعدادها وتتسع رقعتها.
4ــ خطورة هذه التنظيمات، فرغم أن التنظيمات التكفيرية تعتبر الأقل عددا من ناحية الأتباع، إلا أنها تعتبر الأخطر، بسبب منهجها الخاص الذي يقوم على تكفير المجتمع ومنابذته.
وتنتظم هذه الدراسة في سبعة محاور تبدأ بالحديث عن مفهوم التكفير ونشأته التاريخية، وتنتهي بالتوصيات مرورًا بالحديث عن خريطة الجماعات الإسلامية والتكفيرية في سيناء، التحول من الفكر التكفيري الانعزالي إلى التكفيري الجهادي عند الجماعات السيناوية، وجه الارتباط بين التيارات الجهادية ونظيرتها التكفيرية، انتهاءً باقتراح رؤية مستقبلية لمستقبل الفكر التكفيري في مصر، وكيفية مواجهته