ولم يدلي العاهل الأردني ظهر الأحد بتوضيحات كافية حول موقف بلاده من الأزمة السورية في خطاب مهم ومنتظر ألقاه بتخريج فوج جامعة مؤتة العسكرية في مدينة الكرك جنوبي البلاد.
لكن وفقا لعضو البرلمان الأسبق والمحلل الأمني البارز مازن القاضي وضع النقاط فوق كل الحروف في خطابه ولم يترك سؤالا مطروحا في الشارع إلا ووفر الإجابة عليه .
وقال الملك أن الأردن سيتخذ (إجراءات) لحماية مصالحه إذا تجاهل العالم الأثار التي تنعكس على الأردن جراء المسألة السورية.
ومفردة إجراءات وفقا للناشط السياسي الذي إستعرض مع (القدس العربي) حيثيات الخطاب خالد رمضان تعني بوضوح إستعداد الأردن لمرحلة (تصعيد) عسكرية وأمنية محتملة في سوريا.
وأوضح الجنرال القاضي وهو أحد أبرز شخصيات الخبرة الأمنية في البلاد أن رسائل خطاب الملك واضحة ومحددة فالأردن لديه خيارات ووسائل كافية للدفاع عن مواطنيه وحدوده ومصالحه إذا أصر المجتمع الدولي على تجاهل الأردن.
يقول القاضي: الأردن لا يريد التدخل في الشان السوري ويفضل الحل السياسي حتى اللحظة ويهتم ببقاء المؤسسات السورية تقوم بواجباتها لكن ذلك لا يعني أنه سيقف صامتا لو حاول الحريق السوري العبور عبر الأردن.
بالنسبة للقاضي فقد أبلغ القدس العربي بان الملف السوري معقد ومفتوح على كل الإحتمالات ومن حق الأردن الدفاع عن نفسه وعن مصالحه مشيرا لإن هذا الحق قد يشمل إجراءات محددة ذات بعد أمني في مرحلة إنقلات قد تتطور في سوريا.
يشير القاضي لإن عشرات القرى الأردنية تقع في خط التماس المباشر مع الأراضي السورية من بينها 13 قرية في منطقته القبلية بني خالد ويشرح: نشتم البارود يوميا ونسمع أصوات المدافع وبيوتنا تهتز في بعض الأحيان ولدى مواطنينا مخاوف وهواجس لإن بعض القرى لا تبعد أكثر من كيلومترين عن مسرح عمليات النار داخل سوريا.
نحن بهذا المعنى الدولة الأكثر تأثرا فيما يجري بسوريا وتوجيهات قيادتنا واضحة وتقول بأن الأردن ليس خاليا من الخيارات وسيدافع عن نفسه ومصالحه عندما يتطلب الأمر على أمل أن ينتبه العالم ويتدخل لحقن الدماء في سوريا.
ويثق الجنرال القاضي بأن حضور روسيا مثلا على الساحل السوري حفاظا على مصالحها يعني بأن الأردن لن يفرط في رعاية مصالحه وحدوده.
وإنطلقت حالة حوار جدلية في الأردن حول (الإجراءات) التي ألمح لها الملك في خطابه بجامعة مؤتة حيث قال خبراء عسكريون أن إحتياطات إتخذت لتقنين كثافة اللاجئين السوريين ولمراقبة الحدود وهي إحتياطات ذات بعد عسكري.
وسبق للوفد الإعلامي الأردني الذي رافق الملك في رحلته الأخيرة لواشنطن أن إستمع مجددا لأفكار حول (منطقة عازلة) على الحدود الأردنية السورية.
ولا يستبعد الجنرال القاضي الذهاب نحو مناطق آمنة بهدف منع تدفق اللاجئين والعمل مع الدول المعنية على توفير وسائل إبقائهم في بلادهم , الأمر الذي ألمح له الملك عندما تحدث عن إتصالات مع روسيا واوروبا وأمريكا والمجتمع الدولي بهذا الخصوص.
ويتناقل مسئولون أردنيون أفكارا محددة حول حول مناطق آمنة وتوغل محتمل في أراضي جنوب سوريا من أجل الحفاظ على المصالح والحدود الأردنية إذا تجاوزت المعادلة الحل السياسي وإستمرت الأمور بالإنفلات وأصبح الأردن مهددا.
ووصف الناشط خالد رمضان الأجواء التي يعكسها خطاب الأردني بانها شعور بالتهديد متوقعا بأن يتمركز (دور) أردني محوري شمالي البلاد له صلة بالموضوع السوري.
توقعات رمضان أن ينعكس الأمر على الداخل الأردني ويتطلب تغييرات داخلية ضخمة قد يكون من بينها حكومة طواريء وتجميد الحياة البرلمانية وأجواء طواريء وهي إحتمالات إستمعت لها القدس العربي في عدة مواقع سياسية أردنية.
ووصف الجنرال القاضي بلاده بأنها مربط الفرس وبيضة القبان وسط الأمواج المتلاطمة في المحيط وقال بأن إستقرار الأردن عنصر أساسي في الحفاظ على ما تبقى من إستقرار المنطقة وأضاف: تدرك قيادتنا المشهد ونحن نقف معها في الحفاظ على المصالح الأردنية العليا.
وقال القاضي بان الأردن هو إشارة الإستقرار الوحيدة في المنطقة اليوم ونحن نتأثر بما يحصل بسوريا لحد كبير ولا تعجزنا الوسائل في الدفاع عن انفسنا.
ويرى محللون أن تهديدات حقيقية تطال الأردن خصوصا إذا إستمرت المعارك في سوريا وان عمان قد تكون مضطرة للتعامل مع سيناريو أمريكي يسعى لتوظيف الحدود الأردنية عسكريا في مرحلة متقدمة كما يلاحظ المحلل الإستراتيجي عامر سبايله.
وقدر وزير سابق تحدثت معه القدس العربي بان إشارات الخطاب الملكي الأخيرة لملف اللاجئين هي الأرضية التي تدلل على أن معادلة العمل العسكري قد تتغير في المسألة السورية.
ويرى رمضان بان الأردن وسط بؤرة التوتر الملتهبة وفي مسألة من حجم سوريا لا يمكن القول أن أي دولة في المنطقة تستطيع إتخاذ القرارات بصورة مستقلة تماما وحسب موقفها السياسي فالميدان يفرض شروطه اليوم.
وألمح القاضي بدوره إلى أن الأردن يراقب بحرص كل صغيرة وكبيرة على حدوده مع سوريا مشيرا لإن الأرض السورية تتحول إلى أرض صراع دموي بين حزب إلله اللبناني وتنظيم القاعدة وملحقاته والأردن على خلاف مع الإطارين وكلاهما ينظر لهما بريبة في الواقع الأردني.
القاضي يعتقد بان حزب إلله اللبناني وتنظيم القاعدة وقعا في المصيدة السورية وأنهما بصدد دفن بعضهما البعض في سوريا ملمحا لإن تلك قد تكون خطة بعض الأطراف ولإن سوريا الأن تشهد صراع أجندات ومصالح نفوذ إقليمية ودولية وفي حالة من هذا النوع يصبح لتزاما على الشعب الأردني ومؤسساته مراقبة المشهد جيدا والإستعداد لكل الإحتمالات.