هل رأيت ظلمتها؟
هل رأيت وحشتها؟
هل رأيت شدتها؟
هل رأيت ضيقها؟
هل رأيت هوامها وديدانها؟
أما رأيت أصحابك وأحبابك وأرحامك نقلوا من القصور إلى القبور..
ومن ضياء المهود إلى ظلمة الحود..
ومن ملاعبة الأهل والولدان إلى مقاساة الهواد والديدان..
ومن التنعيم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الثرى والتراب..
ومن أنس العشرة إلى وحشة الوحده..
ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل..
فأخذهم الموت على غره..وسكنوا القبور بعد حياة الترف والذة ..وتساوا جميعاً بعد موتهم في تلك الحفرة..
أتيت القبور فسألتها***أين المعظم والمحتقر؟!
وأين المذل بسلطانه***وأين القوي على ما قدر؟!
تفانوا جميعاً فما مخبر***وماتوا جميعاً ومات الخير!!
فيا سائلي عن أناس مضوا***أما لك فيما مضى معتبر!!
تروح وتغدو بنات الثرى***فتمحو محاسن تلك الصور!!
ماذا أعدت لأول ليلة تبيتها في قبرك؟؟
أما علمت أنها ليلة شديدة؟؟
بكى منها العلماء..وشكى منها الحكماء ..وشمر لها الصالحون الأتقياء…
فارقت موضع مرقدي***يوما فارقني السكون
القببر أول ليلة***باله قل لي ما يكون؟
أرى أهل القصور إذا أميتوا….بنوا فوق المقابر بالصخور…
أبوا إلا مباهاة وفخراً….على الفقراء حتى في القبور……
لعمرك لو كشفت التراب عنهم…فما تدري الغني من الفقير…
ولا الجلد المباشر ثوب صوف…من الجلد المباشر للحري.
إذا أكل الثرى هذا وهذا…فما فضل الغني على الفقير..
وروى أسيد بن عبدالرحمن أنه قال :"بلغني أن المؤمن إذا مات فحمل قال:أسرعوا بي,فإذا وضع في لحده..كلمته الأرض فقالت:كنت أحبك وأنت على ظهري,فأنت الآن أحب إلي في بطني..
وإذا مات الكافر فحمل قال:ارجعوا بي..فإذا وضع في لحده كلمته الأرض فقالت:كنت أبغضك وأنت على ظهري,فأنت الآن أبغض إلي في بطني..
والارض تنادى على ابن ادم كل يوم بلسان حالها وكانها تقول :
يا ابن آدم تمشي على ظهري ومصيرك في بطني!!
يا ابن آدم تأكل الألوان على ظهري,وتأكلك الديدان في بطني!!
يا ابن آدم تضحك على ظهري,فسوف تبكي في بطني!!
يا ابن آدم تفرح على ظهري,فسوف تحزن في بطني!!
الهم أحسن خاتمتنا يارب العالمين