حساسية الأنف وتدابيرها العلاجية
يشكو كثير من سكان مناطق ومدن معينة في العالم، من حساسية الأنف، التي تظهر أعراضها في شكل رشح أو انسداد في الأنف مع حكة أنفية وعطاس.
فكيف السبيل للوقاية منها؟ وما العلاج؟
تجيب على ذلك الدكتورة ابتهاج صالح غريب، استشارية جراحة الأنف والأذن والحنجرة وحساسية الأنف، وحاصلة على زمالة كلية الجراحين البريطانية للأنف والأذن والحنجرة وعضو الأكاديمية الأميركية والجمعية السعودية للأنف والأذن والحنجرة قائلة: «إن من المعروف أن جدة مدينة ساحلية شديدة الرطوبة في معظم فصول السنة، وهذه الصفة تجعل من السهل على المهيجات البيولوجية التكاثر داخل المنزل وخارجه». وهذه المهيجات بأنواعها تتسبب في عدة أشكال من الحساسية، ولكن أشهرها:
الحساسية الموسمية، وتبدأ خلال فصول معينة (من الربيع إلى الخريف) وهي فصول تكاثر النباتات، سواء الحشائش أو الأزهار أو الأشجار، وأهم أعراضها الرشح الأنفي .
الحساسية غير الموسمية، وهي التي تستمر طوال السنة، ومن أهم أعراضها الانسداد الأنفي.
وتأخذ مهيجات الحساسية أشكالا متعددة، منها:
الفطريات بأنواعها، ويزداد تكاثرها في الأجواء الرطبة.
«بق» الغبار المنزلي، ويحتاج إلى درجة حرارة لا تقل عن 25 درجة مئوية ورطوبة نحو 80 في المئة، لذا فهو ينتشر بكثرة من منتصف الصيف إلى آخره. ويتغذى البق على الخلايا الميتة المتساقطة من جسم الإنسان أثناء النوم، لذا نجده بكثرة في مراتب السرير والأثاث ومفارش غرف النوم.
بعض الحيوانات والطيور، قد تسبب الحساسية مثل الدواجن، القطط، الكلاب، الغنم، الأرانب، والخيول.
بعض أنواع الأدوية، فنجد بعض الناس يتحسسون من الأسبرين مثلا، الذي يوجد القليل منه في المعلبات الغذائية المنتشرة .
الحشرات، كالصراصير وغيرها، قد تسبب تهيج الأغشية المخاطية، ما يؤدي إلى استمرار أعراض الحساسية على مدار السنة .
كيف تبدأ الحساسية الأنفية؟
يصل المهيج بكمية كبيرة إلى الأغشية المخاطية المبطنة للأنف خلال فترات متقاربة، مسببا عدة تفاعلات في الغشاء المخاطي للأنف، ما يؤدي إلى زيادة عدد الأجسام المضادة في الأغشية المخاطية كرد فعل طبيعي من الجسم السليم، ولكن بكميات كبيرة.
وعند تعرض الشخص للمهيج مرة أخرى بكمية أقل بكثير من المرة الأولى ينتج عنه إفراز كمية ضخمة من الأجسام المضادة من نوع (E)، وهذه الأجسام بدورها تتفاعل مع بعض الخلايا المختصة بالمقاومة وتحطمها، فينتج عن ذلك تسرب مادة الهيستامين من الخلايا المحطمة، وهذه المادة (بالإضافة إلى مواد أخرى مشابهة) هي التي تسبب الأعراض الخاصة بالحساسية مثل (الهيجان، الحكة، الرشح، تضخم القرنيات الأنفية والعطاس).
يتم تشخيص الحساسية وتحديد المهيج بإجراء عدة اختبارات للحساسية، منها ما هو عن طريق الجلد، ومنها ما هو عن طريق أخذ عينة من دم المريض لتقدير نسبة وجود الأجسام المضادة.
العلاج
أولا: الابتعاد عن المهيجات الأنفية قدر الإمكان، وذلك بعمل الآتي:
عدم التعرض للغبار .
الابتعاد عن الدواجن والحيوانات والطيور المنزلية.
التخلص من البسط ذات الوبر والاستعاضة عنها بالبلاط الأملس أو الرخام.
تنظيف مكيفات الهواء بصورة دورية.
استعمال الستائر الناعمة أو المعدنية بدل ستائر المخمل.
تغيير شراشف السرير والمخدات باستمرار وتعقيمها.
استخدام بخاخات خاصة في غرف النوم للتخلص من البق الموجود في أغطية وشراشف السرير.
التوقف عن استخدام الأدوية المسببة للحساسية كالأسبرين وغيرها.
الابتعاد عن المهيجات الكيميائية كالكلوركس والفلاش والعطور النفاذة والبخور.
ثانيا: تنظيف الأنف بمحلول الملح للتخلص من المهيجات الأنفية العالقة في الأغشية المخاطية.
ثالثا: استخدام بخاخ الأنف الوقائي من نوع «صوديوم كروموجلايكيت» قبل بدء موسم الحساسية (للأشخاص الذين يعانون من الحساسية الموسمية).
رابعا: استخدام الأدوية المضادة للحساسية وأنواعها كثيرة، منها الموضعي، على شكل بخاخات أنفية، ومنها ما يؤخذ على شكل أقراص عن طريق الفم .
خامسا: استخدام حبوب الكورتيزون عن طريق الفم، وهذه الطريقة لا تعطى إلا بعد التأكد من خلو المريض من بعض الأمراض التي قد تزداد سوءاً عند استخدام هذا العلاج، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.
كما يجب إعطاؤها فقط بواسطة الطبيب المختص ولفترة محدودة .
سادسا: العمليات الجراحية، وتشمل:
كي أو استئصال جزئي لقرنيات الأنف، من أجل إزالة الانسداد الأنفي.
قطع العصب المختص بالتفاعلات الأنفية، ولكن لم تثبت هذه الطريقة جدواها على المدى البعيد.
سابعا: التلقيح المناعي (Desensitization) وهذه الطريقة لا تنفع إلا حين يكون المهيج معروفا، وحين يكون هناك عدد محدود من المهيجات.
وأيضا يجب عدم إجراء هذه الطريقة أثناء الحمل أو خلال الإصابة بأزمة ربوية حادة.
كما تجب ملاحظة أن هذه الطريقة تتعارض مع استخدام بعض أدوية الضغط والأدرينالين.
كما أن اللقاح قد يتسبب في حدوث صدمة تحسسية حادة.
لذا يحظر إجراء هذه الطريقة إلا في عيادة متخصصة جدا تحوي جميع وسائل الإنعاش الحيوي، وبواسطة الطبيب المختص فقط .
وأخيرا يجب أن ننوه بأن علاج الحساسية الأنفية يعتمد أولا وأخيرا على تعاون المريض مع الطبيب في اتباع طرق الوقاية، ومن ثم أخذ العلاج بالطريقة السليمة، حسب إرشادات الطبيب.
__________________