السؤال:
أنا الآن في السادسة عشرة ، وعندما كنت في الرابعة عشرة كان لي رفقة سيئة ، وكنت أقضي معهم معظم الوقت ، من ذلك أني كنت أخرج معهم في نهار رمضان ، فكنت أُفطر وأتناول الطعام وأشرب السجائر ..الخ
لا أتذكر كم عدد تلك الأيام التي أفطرتها ، كما أنه لم يخطر ببالي أنه سيجب عليّ القضاء ، هل من نصيحة ؟ هل يمكن لصيام النافلة أن يقوم مقام القضاء ؟
الجواب :
الحمد لله
الواجبات الشرعية لا تجب على الصبي إلا بعد بلوغه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ) رواه أبو داود (4399) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .
وعلامات البلوغ بالنسبة للذكر حصول واحد من ثلاثة أشياء : خروج المني ، أو نبات شعر خشن حول القُبُل ، أو بتمام خمس عشرة سنة .
والأنثى يحصل بلوغها بهذه العلامات الثلاثة ، وتزيد علامة رابعة وهي الحيض .
ولا يشترط ظهور كل هذه العلامات ، بل تحقق علامة واحدة منها كافية للحكم على الشخص بأنه قد بلغ .
وينبغي أن تنتبه إلى أن الأعوام المعتبرة في البلوغ : هي الأعوام الهجرية ؛ فإذا كانت سنك في الوقت الذي ذكرته : أربع عشرة سنة ميلادية ، فإن عمرك بالحساب الهجري سوف يزيد على ذلك قرابة نصف سنة ، والغالب في مثل ذلك أن تكون قد بلغت سن التكليف .
وهذا كله فيما لو لم تكن العلامات الأخرى قد ظهر عليك منها شيء .
فعلى هذا ، إذا وقع منك الفطر في نهار رمضان وأنت لم تبلغ بعد ، فإنه ليس عليك شيء ؛ لأن الصوم لم يكن واجباً عليك .
وأما إذا وقع الفطر في نهار رمضان ، وكنت قد بلغت في ذلك الوقت بإحدى علامات البلوغ التي سبق ذكرها ، فالواجب عليك التوبة والندم ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك الذنب العظيم.
وأما القضاء , فإن كان إفطارك في أثناء اليوم بعد أن شرعت في صيامه , فعليك القضاء , وإن كنت لم تصم من الأصل فلا قضاء عليك , وتكفيك التوبة النصوح إن شاء الله تعالى , وعليك الإكثار من صيام التطوع ، فإن ذلك يسدد النقص الحاصل في الفريضة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر ؟
فأجاب :
" الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر ، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر : فالراجح : أنه لا يلزمه القضاء ؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً ، إذ إنه لن يقبل منه ، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل ، وتعدي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال الله تعالى : ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها – أي : فعلها قبل دخول الوقت – لم تقبل منه ، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19/89) .
وفي حال وجوب القضاء ، إذا نسي الشخص عدد الأيام التي أفطرها من رمضان ، فإنه يعمل بغالب الظن ؛ لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16 ، فإذا غلب على ظنه أنه أفطر عشرة أيام ، فإنه يقضي تلك العشرة .
والله أعلم