لكني اليوم ما جئتكم لأحدثكم عن هذه الساعة بهذا المعنى لكني أردت بفضل ربي الكلام عن معنى آخر :
فبعض الناس يسعون طوال عمرهم لتحصيل الحسنات والعمل الصالح بأي شكل وفي أي مكان فتجده مصليا وصائما وقارئا للقرآن ومتصدقا وبارا بوالديه وغير ذلك من عمل الخير
وكل يوم يمر به يزداد رصيده وتتضاعف حسناته وهو يعمل ويعمل وينشط ولكن …….
وآه من لكن كم كدرت من صفونا وعكرت منابع سعادتنا هذه اكلمة (ولكن)
ولكن هذه الفئة التي حدثتكم عن نشاطها في العبادة اركتبت خطأا شنيعا
فلما قامت القيامة وبدأ الحساب والعرض على الله إذ بجبال حسناتهم تتهاوى وتتلاشى !!!!!!!
يا الله تخيل معي هذا المشهد ::
رجل أو امرأة يقفون في يوم العرض الأكبر ويرون حسناتهم وقد صارت جبالا
الحمد لله يا للفرحة والسعادة .
وهو يقف يمني نفسه بالجنة وقد رأى جبال من الحسنات وفجأة
يرى جبل أجر الصلاة قد نسف !
لا إله إلا الله
ما الذي جرى ؟
ثم
ينهار جبل أجر الصدقة !
إنا لله وإنا إليه راجعون .
ما الأمر ؟
وها هو جبل أجر الصيام يسوى بالأرض .
لا حول ولا قوة إلا بالله
ما السر ؟
يا للكارثة لقد صار عمله كله هباءا منثورا
وصار رصيده صفرا
فعلا لقد كان يوم القيامة بالنسبة لهذا العبد هو ساعة الصفر
أي ساعة نفاد الرصيد
فما سر تلك المصيبة الكبرى ؟!!
أكيد الكل الآن متشوق يعرف ما الذي حدث
يجيبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف
قال النبي عليه وسلم
« أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ
فيا كل من عبد الله ثم إذا خلا بنفسه أو مع رفقة سوء خاصوا في عرض هذا واغتابوا هذا لأنه ارتكب في حقهم ما أغضبهم وضربوا هذا ورموا هذا في عرضه وبما ليس فيه بل وربما قادهم الشيطان للكبائر :
أترضى لنفسك أيها المصلي الصائم العابد أن تأتي يوم القيامة فتجد حسناتك تأكلها هذه الجرائم وتصبح القيامة بالنسبة لك هي ساعة الصفر ؟!
اتق الله وانج بنفسك ولا تطلق للسانك العنان فهذا قد يوردك الموارد ويرمي بك في التهلكة فكن عاقلا واصبر ولا تضيع عملك الذي تعبت فيه فهذه ليست من شيم الحكماء
كما عهدناك دائماً، طيب النية، حريص على نشر الخير في الناس،
وبينهم،
وقد كان موضوعك مؤثراً بحق،
سواء بأسلوب طرحك له، أم بالموضوع بحد ذاته،
فما تكَلّمْتَ به اليوم لهو أمر خطير يقع فيه البعض منا (إن لم أقل الكثير منا)،
وقد تكون هنالك الكثير من الأعضاء، ما تورد صاحبها المهالك، وتؤدي به إلى ظلمات الإفلاس يوم القيامة،
ولكني أختص بذكر عضو من أهم الأعضاء في الإنسان،
ألا وهو اللــــسان،
ذلك السلاح ذو الحدين،
فإما أن يكون شاهداً لك، بقولك الخير، وقراءة القرآن، وذكر الله،
وإما أن يكون شاهداً عليك، بالخوض في أعراض الناس به، ونقلك للنميمة بين الناس، وشتم المسلمين،
وكما ورد عن رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما خاطب معاذاً رضي الله عنه:
(ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ —يقصد الإسلام والصلاة والجهاد !–
كف عليك هذا وأشار إلى لسانه
قال : يا نبي الله ! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟
قال : ثكلتك أمك يا معاذ !
وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم
)رواه الألباني
حديث صحيح
فالشاهد من هذا الحديث، أن اللسان قد بلغت من الأهمية بمكان، أن صارت هي من أهم أسباب دخول الناس في النار،
وإفلاسهم يوم لا ينفع الندم
فلنجعل ألسنتنا سلاحاً لنا في نشر الخير، ولا نجعلها سلاحاً علينا في أذية الناس
أخيراً أخي الكريم ابن بطوطة،
أشكرك من كل قلبي على الموضوع الرائع،
وجعله الله في ميزان حسناتك صدقةً جارية إلى يوم القيامة
لكَ مني كل ودي وتقديري
احتراماتي