تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » سياسة عزل مصر عن المنطقة واتجاهاتها!

سياسة عزل مصر عن المنطقة واتجاهاتها! 2024.

  • بواسطة
سياسة عزل مصر عن المنطقة واتجاهاتها!
مقالات بصراحة – آخر ساعة- بتاريخ ٢١/٠٥/١٩٥٧


ما أشبه البارحة ، باليوم ….
حقا يعيد التاريخ نفسه …. وإن كان بشكل آخر …..
يوثق الموقع الرسمي للرئيس جمال عبدالناصر ، جميع مقالات محمد حسنين هيكل التي كانت تظهر كل يوم جمعة تحت عنوان "بصــراحة" …
وحيث أن هذه المقالات ، تعتبر توثيق لأحداث هامة مرت بها منطقتنا … ، سأنشر عدد من تلك المقالات ، حيث يظهر منهم حقائق كثيرة … أهمهم … حقيقة واضحة … أننا لم نتغير ….
ويبقي السؤال الهام … لمـــاذا … تطورت جميع دول العالم أجمع … فتطورت دول من "منطقة دول "العالم الثالث" … إلي قوة "نووية" … "الهند … وباكستان … وإسرائيل … و … إيـــران" … بينما تتخلف مصر … بشكل واضح أدي إلي هامشيتها "عالميا" و "عـربيا" .. و "إقتصاديا" … وسياسيا …. وبالتالي أيضا فقدانها لقيمتها ووزنها

الفقرة التالية ، يبدأ بها موقع جمال عبدالناصر هذا الباب المخص لمقالات "بصراحة"


اقتباس

على مدى العقود الخمسة من الخمسينات إلى التسعينات اختلفت على الأمة العربية تطورات هامة وأحداث جسام أثرت في تاريخ العرب الحديث وعلى مدى هذه العقود تابع العالم العربي بشغف شاهداً من شهود هذه الأحداث أتاحت له الأقدار أن يكون على مقربة من كثير من تلك الوقائع، وهو الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل ، وقد أتاح له الحس الصحفي والرؤية المتعمقة إمكانية استقراءها وتفنيدها وعرضها على القارئ العربي بلغة سهلة وأسلوب مشوق وتداع للأفكار قل أن يجود العمل الصحفي بمثله. بدأ هيكل يكتب مقاله "بصراحة" منذ عام ١٩٥٧م وانتظم ظهور المقال كل أسبوع من عام ١٩٦٠ إلى ١٩٩٦م في جريدة الأهرام وأخبار اليوم وآخر ساعة وبعض الصحف العربية الأخرى. ونحن نقدم لكم هذه المقالات مصحوبة بإمكانية البحث المفصل في عنوان ومحتوى هذه المقالات.

فيما يلي مقال … من مقالات بصراحة – آخر ساعة- بتاريخ ٢١/٠٥/١٩٥٧

د. يحي الشاعر

سياسة عزل مصر عن المنطقة واتجاهاتها!
مقالات بصراحة – آخر ساعة- بتاريخ ٢١/٠٥/١٩٥٧ ١

سياسة عزل مصر عن المنطقة واتجاهاتها!

هذا التفكير السطحى الملون!

عملية أخذ السعودية وأخذ الأردن… وكيف تنتهى؟

الدعوة للقومية العربية "لا تشبه الدعوة" للعالم!

من الذى تم عزله حقيقة فى الأردن!

نفس التفكير السطحى الملون! أقصد نفس التفكير الذى تخصصت فيه واشنطن وتابعت على هداه سياستها كلها، لا فى الشرق الأوسط فحسب – وإنما فى مناطق العالم الحساسة عداه.

تفكير الجلوس بعيداً على الناحية الأخرى من الأطلنطى، فى مكاتب هادئة مجهزة بعوازل الصوت، منعشة، مجهزة بمكيفات الهواء، ثم رسم السياسة بعد ذلك وقفوا أمام خرائط كبيرة ملونة رشقت فوقها الأعلام المختلفة المتضاربة الأشكال والأحجام، واستقرت فى قلبها رؤوس الدبابيس بألوان قوس قزح ترمز إلى نقط الارتكاز فى السياسة الأمريكية بما فيها قواعد ومطارات، وقنابل، وصواريخ!

بوحى هذا التفكير السطحى الملون اندفعت أمريكا فى سياسة الأحلاف العسكرية!

بنظرة على خريطة ملونة فى مكتب هادئ منعش، فى واشنطن رسمت أمريكا سياسة الأحلاف، نطاقاً بنطاق، وخطاً يكمل خطاً، وحلقة تمسك بحلقة أخرى وتمتد السلسلة وتدور حتى تعانق خصر الكرة الأرضية بحالها!

وتم رسم النطاق، وتم رسم الخط، وتم رسم السلسلة التى تعانق خصر الكرة الأرضية.
ولم تكتشف أمريكا حتى الآن أنها أسيرة وهم كبير، أو ضحية خداع نظر.

أما فى الحقيقة… أما على الطبيعة… أما تحت ضوء الواقع الباهر، فإن النطاق المرتبط بالنطاق والخط الممتد إلى خط.. كانت كلها على خريطة، خريطة من ورق، قابل للبلى.. وللتمزق.

والحلقة فى الحلقة لم تستطع أن تحاصر إلا نموذجاً صغيراً للكرة الأرضية، مما يستعمل فى قاعات درس الجغرافيا.

آسيا… وملايينها

ولنأخذ مثلاً فى أحلاف أمريكا، ولن يكون هذا المثل هو حلف بغداد.

فقد يتهم أى مصرى بالعداء لحلف بغداد.. والتعصب ضده ولو من غير سبب.
لنأخذ مثلاً "حلف مانيلا" الحلف الذى صنعته أمريكا لكى تحمى به آسيا، كما أرادت أن تحمى الشرق الأوسط بحلف بغداد!

إن آسيا هى أكبر قارات العالم، ونصف سكانه يحتشدون فيها، فما هى الدول الآسيوية التى استطاعت أمريكا إقناعها بالاشتراك معها للدفاع عن آسيا.. أكبر القارات وأضخم القارات.
إن أمريكا لم تستطع أن تقنع بلد مثل الهند، بأن سياسة أمريكا فى آسيا تصون وتدافع عن آسيا، ولم تشترك الهند فى الحلف الآسيوى، بل أكثر من ذلك حاربته باعتباره خطراً على آسيا، وأمريكا لم تستطع إقناع بلد مثل الصين بسياستها فى آسيا، بل إن أمريكا لم تستطع إقناع نفسها بأن الصين.. الصين من أولها إلى آخرها.. بخمسمائة مليون نسمة فيها بلد واقع فى آسيا.. بل موجود على خريطة الدنيا أصلاً، ومن هنا لا تعترف أمريكا بحكومة الصين، ثم أن أمريكا لم تستطع إقناع بلد مثل إندونيسيا بحسن نواياها الآسيوية، والهند فيها 400 مليون، والصين 500 مليون، وإندونيسيا فيها100 مليون، أى أن مجموع سكان هذه الدول هو ألف مليون، فماذا بقى فى آسيا لكى يناصر سياسة أمريكا.. بل ماذا بقى من آسيا لكى تحميه أمريكا بحلفها الذى يهدف للدفاع عن آسيا، ومع ذلك فهناك حلف، وهناك قيادات، وهناك قواعد، وأهم وأخطر من ذلك هناك خرائط واشنطن، ونماذج للكرة الأرضية، وخطوط وأقلام ورؤوس دبابيس بألوان قوس قزح، هذا نموذج من التفكير السطحى الملون!

سياسة العزل

ونموذج آخر يجرى وراءه سياسة أمريكا هذه الأيام، وهو بيت القصيد فى هذا الحديث، ذلك هو سياسة عزل مصر، مرة أخرى مكتب هادئ منعش فى واشنطن، ومرة أخرى خريطة للشرق الأوسط.

يقول سيد اسمه جون فوستر دالاس، أو ليكن اسمه مفيكون يقول وهو يشير إلى الخريطة:
هذه مصر.. وهذه هى الدول العربية حولها، لقد فشلت محاولة ضرب مصر فى مصر، إذن تضرب مصر فيما حولها.

إٍن درع مصر هو نطاق القومية العربية الذى يحيط بها، إذن يُنزع هذا النطاق وتُعزل مصر، وساعتها يسهل تفتيت النطاق، وساعتها يمكن كسر مصر على مهل.

ويقول نفس السيد إذن "نأخذ" السعودية، ثم "نأخذ" الأردن، ثم نحاول بطريقة ما فى سوريا، وكلمة نأخذ ليست كلمتى ولا هى تعبيرى، وإنما هى كلمة جميع الصحف الأمريكية، ومن غير استثناء وصف محاولة عزل مصر! والنتيجة.. النتيجة هى نفس النتيجة التى أسفر عنها وانتهى إليها التفكير السطحى الملون، نفس التفكير السطحى الملون فى آسيا.
إن أمريكا لم تستطع أن تأخذ من آسيا غير مجموعة من الحكام، شيانج كاى شيك المطرود من الصين ملقى على الأرض بفشله وحقده فى فورموزا، سونجرام بيبول الذى تحتكر زوجته توزيع الكوكاكولا فى بلاده وتعلق إعلاناتها على دبابات الجيش فى سيام، حسين سهروردى العجوز المتصابى وتصرفاته فى الحفلات حديث السلك السياسى فى عاصمة الباكستان.

هكذا الألف والمائتان مليون الذين يعيشون فى آسيا، وهكذا حالهم مع سياسة أمريكا، ألف مليون شعوباً وحكاماً يعارضون، ومائتا مليون.. حكامهم ذهبوا إلى خدمة أمريكا ولم تذهب الشعوب، تلك هى نتيجة محاولات عزل مصر فى الشرق الأوسط، اليوم إذا استطاعت أن تصل إلى نتيجة محاولات عزل مصر فى الشرق الأوسط، اليوم إذا استطاعت أن تصل إلى غاياتها.

لم تربح أمريكا ولا تستطيع أن تربح – إذا ربحت – غير مجموعة من الحكام – حكام من غير شعوب وقادة من غير جيوش.

نحن وهم

إن الخطأ الأصلى الذى وقعت فيه أمريكا تجاه مصر أنها حاولت أن تقيس سياسة مصر بنفس قياس سياسة أمريكا.

إننا وهذا يصدق فى الأفراد كما يصدق فى الدول – نصف أنفسنا حين نحاول أن نصف الآخرين، أن مطامعهم فى خيالنا هى مطامعنا نحن. أن دوافعهم الخفية فى تصوراتنا هى دوافعنا نحن، أن الضمير الخفى يعبر عن اللسان فى كثير من الأحيان، هكذا تخطئ أمريكا تخلط ما تقوله مصر عن القومية العربية.. بما تقوله هى – أمريكا – عن العالم الحر! إن قصد أمريكا من العالم الحر والدعوة إليه هو أن تقود وأن تتزعم وأن تتحكم! هنا الخطأ الأصلى الذى وقعت فيه أمريكا، ذلك أن مصر لا تجرى وراء قيادة أو زعامة أو تحكم، ولو كان هذا هو قصدها فما كان أسهل تحطيمها وهزيمتها.. ذلك أن القوى التى تواجهها مصر فى دعوتها القومية العربية.. قوى هائلة لا قبل لمصر بها ولا طاقة لها عليها:
قوى تفوق قواها.. لا مرة ولا مرتين.. ولا عشر مرات ولا عشرين مرة وإنما تفوقها بآلاف المرات.. وعشرات الآلاف.

ومع ذلك فإن مصر لم تنحط ولم تنهزم، لماذا؟! ببساطة.. لأن الأمر ليس أمر قيادة أو زعامة أو تحكم، لأن الأمر، أمر فكرة، وليس أمر زعامة، إن مصر لا تقود.. وإنما "تعبر"، هنا الطاقة التى لا يمكن تحطيمها.. ولا يمكن عزلها، إن الأفكار أهداف غير عسكرية ولا يمكن تدميرها بالقنابل الذرية أو بالصواريخ الموجهة.. إنها طاقة ليست لها حدود، وهى طاقة غير منظورة، إنها داخل قلوب البشر، وفى عقولهم، وفى دمائهم، وهى داخل الأرض وعلى سطح الأرض وفى الهواء وفى السماء إنها شئ لا سلطان للملوك ولا للحكام عليه، إنها ليست جسداً فيُقتل ويُعذب فى السجون، أو يُعلق على صليب، تلك هى الحقيقة، حقيقة تنكرها أمريكا اليوم، ولن تجد مفراً من الاعتراف بها غداً عندما تكتشف أن الحساب الختامى لسياسة عزل مصر لم يزد على مجموعة من الحكام، شيانج كاى شيك… باسم آخر، سونجرام بيبول… باسم آخر، حسين سهروردى.. باسم آخر.

هذه هى النتيجة

إن الأمر إذن أمر فكرة، إنها الفكرة هى التى تصنع كل شئ.. حتى الأبطال ومع ذلك فهناك الدليل فى عمان، كان الملك حسين ملك الأردن يقولها.. وكان بطلاً فى عمان – كان بطلاً رغم كل الظروف المحيطة به، وتخلى الملك حسين عن الفكرة ولم يعد بطلاً لم يعد يملك إزاء شعبه غير أوامر حظر التجول.. وغير السجون.. وغير المشانق! وهل استطاع الملك حسين بعدها أن يعزل شعب الأردن عن مصر؟! الشىء الوحيد الذى استطاعه الملك حسين أو الذى استطاعته أمريكا بمعنى أصح هو أنها عزلت الملك حسين عزلته عن شعبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.