الأحلام هي الطريق السلطاني إلى أعماق النفس البشرية. فعندما نعاشر شخصا من الناس سنوات طويلة لا نستطيع أن نفهم منه أكثر مما يفهم عن نفسه طالما أن كل المعارف الشعورية جزئية ومتحيزة، بينما تكفينا بضعة أحلام لنتعرف بدقه على أعماقه.
ولكن لكي نفهم الحلم ينبغي أن نتبين وظيفته، التي لا تتضح إلا بفهمنا للنوم. وفهم الحلم لا يختلف في الواقع عن نفهم الهفوات والأفعال العرضية، فالفكرة الأساسية تنحصر في أن الانا تهيمن على مسرح الشعور وتفرض رقابة دفاعيه على جميع المواد النفسية التي يمكن أن تدخل إلى نطاق الشعور أو التي يمكن أن تخرج منه إلى حيز التعبير والتحقق الخارجي.
فالحفرات الغريزية التي تنطلق من منظمة الهو، وتبلغ ما قبل الشعور، تنظر الانا في أمرها بالرجوع إلى الانا العليا. فان رأت صلاحيتها ومسايرتها لقيم الانا العليا اتاحت لها أن تدخل إلى الشعور بل وان تخرج منه إلى حيز التنفيذ الفعلي. أما إذا رأت الانا عدم ملائمة هذه الحفزات الغريزية ، كان على ميكانيزمات الانا الدفاعية أن تضربها وان تعيدها من حيث أتت وان تقف في وجهها لتحول بينها وبين اى محاولة أخرى للتسلل. ذلك هو الكبت في صورته الأولية ولكن إذا تسللت تلك الحفزات إلى الشعور قبل أن تلحق بها دفاعات الانا فتعيدها من حيث أتت وتسد عليها كل طريق فذلك هو الكبت الثانوي . ويمكن للانا أن تسمح للحفزه الغريزية بالبلوغ إلى الشعور دون أن تسمح لها بأي صورة من صور التعبير الخارجي ألفاظا كانت أو أفعالا وذلك ما يسمى بالقمع .فإذا ما ضعفت رقابة الانا لسبب من الأسباب كان بوسع الحفزات الغريزية مكبوتة كانت أو مقموعه أن تستغل الفرصة وتنطلق في صورة هفوات أو أفعال عرضيه أثناء اليقظة أو في صورة أحلام أثناء النوم.
ولكن ما هو النوم؟
كل سلوك له دافع ، والنوم من حيث هو سلوك دافعه الحاجة إلى الراحة . ومن هنا فان النوم الهادئ يمثل أقصى صورة لخفض التوتر عند الكائن الحي، مما يرجح إلى اعتبار النوم موت صغير. وفى هذا بالطبع ما يؤكد ما ذهب إليه دكتور " صلاح مخيمر" من أن خفض التوتر ينتمي إلى غرائز الموت بينما اشتهاء الاستثارة أو التوتر هو المبدأ التفسيري لغرائز الحياة . ومن الناحية النشوئية يعتبر النوم بمثابة عودة وقتية إلى رحم الأم ، الأمر الذي يتضح من الظروف التي نحصل عليها والأوضاع التي نتخذها أثناء النوم . فنحن نحرص على درجة من الدفء والظلام وانعدام المثيرات وتتخذ أبداننا من الأوضاع ما يقترب من وضع الجنين في الرحم. كل شئ يبدو وكأن الانا أشبه شئ بذلك الحيوان الذي يعيش في القوقعة والذي يعود مع التعب أو الإجهاد أو الخوف إلى قوقعته.
فدلالة النوم هي العزوف عن الواقع مما يعنى أن النوم يمثل بالضرورة حالة تكون الانا فيها ضعيفة نسبيا لان الانا هي المختصة بالواقع والتكيف معه . و بلغه أخرى فان النوم يمثل حالة تكون فيها الحاجة إلى الراحة أقوى بالقياس إلى الحاجات الأخرى جميعا . ولكن هذا الضعف النسبي للانا اثنا النوم يعنى بالضرورة تقوية نسبية للجهازين الآخرين وهما " الهو ، والانا العليا " . والهو كما نعلم تشتمل بالإضافة إلى الحفزات الجنسية والغريزية، كل الحفزات الغريزية التي لم تقبلها الانا ومن ثم عانت الكبت . وهذه المكبوتات تميل دائما إلى العودة إلى نطاق الشعور ولكن دفاعات الانا تقف في وجهها وتحول بينها وبين ذلك . ولكن هذه الدفاعات أو الرقابة تكون أكثر تساهلا ، لأن الحفزات المكبوتة لو خرجت لن تنتقل إلى حيز الفعل ، طالما أن النائم يشبه سيارة ينعزل فيها المحرك عن العجلات. مما يعنى أن الأفكار التي تدور في المحرك تكون معزولة عن التعبير الحركي والسلوك الخارجي في صورة الفعل.
ولكن ليس معنى هذا التساهل أن تخرج الحفزات المكبوتة صريحة وعارية دون تنكر فلابد أن يأتي السلوك " الحلم " محصلة تتيح شيئا من الإشباع للحاجات المكبوتة وشيئا من الإشباع لحاجات دفاعات الانا . ومن هنا يكون الحلم إشباعا هلوسيا " ادراكات بغير موضوع " للحفزات المكبوتة ولكن على نحو من التنكر ، بحيث لا تنتبه الانا عند اليقظة إلى أن إشباعا قد تحقق للحفرة المكبوتة . أما إذا كانت الحفزات شعورية " مقموعة أو غير مقموعة " ولم يكتب لها الواقع الإشباع فإنها لا تستثير مقاومة الانا وبالتالي يمكن أن تحصل في الحلم على الإشباع بصورة صريحة مباشرة دون الحاجة إلى تنكر وهو ما يسمى بالأحلام " الشفافة أو الطفلية ".
ان شاء الله فيه تكمله لموضوع الأحلام…………………….
والتي افادتني انا شخصياً
تحياااااااااااتي لك وتقبل مروري بكل تقدير واحترام