((هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)) [لقمان:11].
*وَكِتابِي الفَضَاءُ اقرَؤُوا فيهِ************************* سُوَراً ما قَرَأتُهَا في كِتَابِ
*صُوَراَ تُدهِشُ العُقُولَ وَحُسناً********************* يسكُبُ السِّحرَ في الصُّخُور الصِّﻼبِ
سبحان من له في كل شيء آية، ليس لمُلكه نهاية، وليس لعظمته غاية، اقرأ آيات القدرة في صفحة الكون، وطالع معجزة الخلق في الحركة والسكون، في ((وَاللَّيْلِ إذا عَسْعَسَ)) [التكوير:17] * ((وَالصُّبْحِ إذا تَنَفَّسَ)) [التكوير:18]، في السمك السّارب، في النّمل الدّائب، في هالة النور تنشر رداء السَّناء في الفضاء، في النهار يتماوج، في البحر هائج، في النحل يلثم اﻷزهار، في الليل يُعانق النهار، في الدمع يترقرق، في الدماء تتدفق، في الزّهر يتشقّق، في الدّواب السائمة، في الوحوش الهائمة، في الطيور الحائمة، في الحيتان العائمة، في العود يشتد، في الظل يمتد، في الجبال ترتدي عمائم الثلوج، في القمر يهرول في البروج، في الشمس تتبرج سافرة على العالم، في النبت ما بين نائم وقائم.
في اﻷسرار تكنزها الضمائر، في اﻷخبار تختزنها السَّرائِر.
في الصخور كأنها تنتظر خبراً من السماء وهي صامتة، في الحجارة يكسرها اﻹنسان بفأسه وهي ساكتة، في الفجر يطلق من عباءته النور، في اﻷذهان باﻷفكار تمور، في الماء ينهمر من السماء، ويغوص في الرَّمضاء، يُقبل بالخُضرة والنَّماء، ويدلف بالحياة لﻸحياء، يهيج أحياناً ويهدر، ويزحف ويدمّر، ﻻ تحدُه الحدود، وﻻ تردُّه السّدود، وعظمته سبحانه في خلق اﻹنسان، وتركيبه في أحسن كيان، حيث جعل في العينين سِراجاً من النور، وأنشأ في القلب بصيرة تدرك اﻷُمور، وخلق العقل يقود هذا الكائن، ويوجهه وهو ساكن، في النبتة تشقّ طريقها إلى الفضاء وترفع رأسها إلى السماء، في العندليب يرتَجل على الغصن كالخطيب، في الحَمَام يشدُو بأحسن اﻷنغام، يشكو الحبّ واَلهُيام، والعِشق والغرام، في الغراب يخبئ رزقه في الخراب، ويدفن خصمه في التراب، في اﻷسد يطارد القنيصة، ويمزّق الفريسة. في النحل يئنّ، والذّباب يطِنّ، في الزّنبور يرِنّ. في عالم النبات، آﻻف المذاقات، ومئات الطّعومات، أخضر يعانق أحمر، وأصفر يضمّ أغبر، في اﻷوراق تميس في الطَّلّ، في الحشرات تهرب إلى الظل.
في الناقة تحِن إلي وليدها، وتشتاق إلى وَحيدهِا، في الليل يخلع ثيابه على اﻵفاق، في الضباب يخيّم على اﻷرض كاﻹطباق، في النار تحرق، في الماء يُغرِق.
في الضّياء يسطع، في الضوء يلمع، في العين تدمع، في البرق يكاد يذهب سناؤه باﻷبصار، في الصواعق تقصف الصخور واﻷشجار، في الرعد يدوِّي فيمﻸ العالم ضجيجاً، في الرَوضِ يفوح فيعبق به الجوّ أريجاً.
في أهل السلطان بين وﻻية وعزل، وأسر وقتل، وهزيمة ونصر، وسجن وقصر، في الموت يخترم النفوس، ويسقط على الرؤوس، ويأخذ الرئيس والمرؤوس، ويبزّ العريس والعروس، ويهدم اﻷعمار، ويعطِّل اﻷفكار، ويدخل كل دار، وُيخلِي الدِّيار.
في صنف من البشر، يعيشون البَطَر، له أموال كالجبال، وآمال كأعمار اﻷجيال، قُصور تُشاد، كأنها لن تُباد، وحدائق غنّاء، وبساتين فَيحاء.
وفي صنف آخر فقير، في دُنياه حقير، ﻻ يملك الفَتيل وﻻ القطمير، يبحث عن الرغيف، وينام على الرصيف، ولقلبه من خوف الفقر رجيف.
في أهل العافية يمرحون، وفي نعيمهم يسرحون، وبما أوتوا يفرحون.
*وفي أهل البﻼء، وفي أصحاب الضَّنكِ والشقاء، في ظلمات المحيطات، وفي مَتاهات الغابات، وفي مجاهل الفلوات. أرض تمتد بﻼ بشر، صَحارٍ قاحلة ليس فيها شجر، وعَوالِم موحشة ما يسكنها بدو وﻻ حضر.
نجوم تسقط، وكواكب تهبط، ونيازك تلتهب، ترمي بشَرَر ولهب، مجرات سُمِّيَّة، ومنازل قمريّة، حدائق بأثواب الحُسن تسُر الناظرين، ومشاهد في الكون جميلة تأخذ المبصرين، رِياض أنيقة تسرح فيها الغُزﻻن، باقات من الوُرُود بهيجة يلعب بها الولدان.
كلّ في فلكٍ يسبح، وكلّ في عالم يمرح، شمس تجري كأنها تبحث عن مفقود، قبل أن تطلع وتسجد للمعبود، آية باهرة، وحكمة ظاهرة، في خلق اﻹنسان، ذلك الكيان، الذي يحمل جامعات من السَّكناتِ والحركات، فذهن متوقد، وقلب متجدد، وخيال يطوي الزمان والمكان، ويُناقل اﻹنسان، بين خوف وأمان، وذاكرة حافظة، وألسنة ﻻفِظة، وشركات في كل اﻷعضاء، منها يجذب الهواء، ويسحب الماء، ويهضم الغذاء، ويجلب الدواء، ويُذهب الدّاء، ما بين دفع وضغط، وإخراج وشفط، ومؤسسات تشارك في بناء الجسم، وفي قيام الرسم، ليكون في أحسن تقويم، وأكمل تنظيم، في الطَّير وهو يبحث عن طعامه، ويعود إلى مستقره ومنامه، في الكائنات وهي في صراع محموم، وفي هُموم وغُموم، لتحصل على رزقها المقسوم، وعيشها المعلوم، في اﻹنسان وهو يفكر ويقدر، ويقدم ويؤخر، ويخطط وينظر، في الجبال واقفة في هيبة وجﻼل، في الروابي الخضراء آية في الجمال، في العافية واﻷسقام، في الحقيقة واﻷحﻼم، في اليقين واﻷوهام، في اﻹقدام واﻹحجام، في السحاب والسّراب، والضباب والرّضاب.
في اﻷحياء وحبها للبقاء، ومُدافعتها لﻸعداء، فهذا بمخلبه يصُول، وهذا بنابه يجول، و هذا بمنقره يُناضل، وذاك بريشه يقاتل، وآخر بسُمِّه يدفع، وغيره بجناحه يردع، منهم من يطير، ومنهم من يسير، ومنهم من يسبح، ومنهم من يمرح، ومنهم على رجلين، ومنهم على يدين، ومنهم من يطير بجناحين، هذا يزحف، وذاك يخطف، وهذا في قيده يرسُف، في التقاء اﻷحباب والفراق في الضّمّ والعِناق، وفي الركود واﻻنطﻼق.
في النجمة هائمة في صفحة السماء تبسم في حنادس الليل، في البدر تفنيه الليالي ويُدركه المحاق كأنه قتيل، في روعة اﻹشراق، وقد نشرت الشمس ضفائرها ونثرت جدائِلها على التِّﻼل، وبثت سحرها على الجبال. في الطبيب يشفي-بإذن الله- من الدّاء، فإذا أدركه الفناء، بار فيه الدواء، وعجز في عﻼجه اﻷطباء، في المريض ييأس من العافية، وتحارُ فيه اﻷدوية الظاهرة والخافية، ثم تدركه من الله عناية شافية، ورحمة كافية، في البراكين تثور بالدمار، في الزﻻزل تهزّ الدّيار، في السمِّ يُصنع منه الدواء، في الماء يكون سبباً للفناء، في الهواء يعصف فيدمر اﻷشياء، في الريح تكون رخاءً فتلقح الثّمار، وتسوق اﻷمطار، تُزجي السفن في البحار، ثم تكون عاصفة هوجاء، فتقتل اﻷحياء، وتنقل الوباء.
في النخل باسقاتٍ لها طلع نضيد. في الجبال تثبّت اﻷرض وقد كادت تميد، في اللبن يخرج من بين فرثٍ ودم، في كل مخلوق كيف وُجد من العَدَم، في اﻹبل كيف خُلِقت، في السماء كيف رُفعت، في الجبال كيفَ نصبت، في اﻷرض كيف سُطحت، في الضّحى إذا ارتفع، في الغيث إذا همع، في خلق اﻹنسان كيف ينكس، وفي عمره كيف يعكس، يعمّر فيعود كالطفل، فﻼ يُفرِّق بين فرضِ ونفل، في الطائر كيف يجمع القشّ، ويبني العُش، ويختار عيضه، ثم يضع بيضه، في العجماوات ما بين جائع وبطين، في الدّود تبحث عن طعامها في الطّير، في البُلبُل يُحبس في القفص فﻼ يبيض، ويعيش بجناح مهيض، في الحية وهي في الصحراء، تنصب جسمها كأنه عود لﻺغراء، فيقع عليها الهدهد، يظنَّها عوداً، فيكون طعامها، بعد أن رأى قيامها.
في الثمرة تُحمى بأشواك، كأنها أسﻼك، في اﻷطعمة ما بين حلو وحامض، وقلوي وقابض، في الناس ألف كواحد، وواحد كجيش حاشد.
*في البشر ما بين عاقل حصيف، وطائش خفيف، وتقيٍّ متنسك، وفاجر متهتك.
في اﻷرواح كيف تتآلف وتتخالف. في اختﻼف اﻷصوات، وتعدّد اللهجات، وتباين النغمات، وكثرة اللغات. في الحر يكاد يُذيب الحديد، وفي البرد يحوّل الماء إلى جليد. في اﻷرض يعلوها من الغيث بُرد أخضر، ويكسوها من القحط رداء أغبر.
في المعادن تذوب بالنار، فتسيل كأنها أنهار. في السماء تتلبَّد بالغيوم، ولها وجوم، كأن وجهها وجه مهموم، أو طلعة مغموم. في الشمس تكسف، في القمر يخسف، في كل ما ننكر ونعرف، في كل مولود حين يُوضع، كيف يهتدي إلى الثدي فيرضع. إن عاش الحيوان في جوٍّ معتدل كساه بالشعر، وإن عاش في بردٍ قارص غطّاه بالوبر، وإن عاش في الصحاري دثَّره بالصوف، ليُقاوم الحُتُوف، حيوان الغاب، يزوّده بنَاب، وطير العريش، يقوّيه بريش ليعيش. ينبت في الصحراء شجرةً جَرداء، تصبر لحرارة الرمضاء، ووهج البيداء، ويزرع في البستان شجرة ذات رواء وأغصان، نديّة اﻷفنان، مختلفة الطعوم واﻷلوان، جعل الصيد في البيد، ليحمي نفسه من التهديد، علم العنكبوت، كيف تبني البيوت، وهدى النّملة ﻻدّخار القُوت، جعل فوق العينين حاجبين، ليحميهما من ضرر المُعتَدين، وجعل أمامها رمشين، لتكون في حرزٍ أمين، وجعل فيهما ماء تغتسﻼن به كل حين، يسلّط الرياح على السحاب، فيقع التّﻼقح واﻹنجاب، إن شاء جعل الهواء عليﻼً، يحمل نسيماً جميﻼً، وان شاء جعله ريحاً عاصفةً، مدمّرة قاصفة، سبحان من حكم الكون بالقهر، مع علوّ القَدر ونفاذ اﻷمر.
له الملكوت والجبروت، وهو حيٌّ ﻻ يموت، أحسن كل شيء خلقه، وتكفّل بكل حي يوم رزقه، أوجد الحبّ وفلقه، تسمَّى بأحسن اﻷسماء، واتصف بأجمل الصفات واﻵﻻء، عطاؤه أنفع عطاء، جلّ عن الشّركاء، نصر اﻷولياء، وكَبَت اﻷعداء، عبادته فرض، والصدقة عنده قرض، وسلطانه عمّ السماء واﻷرض، يعلم الغيوب، ويقدّر المكتوب، ويمحو الذنوب، ويستر العيوب، ويهدي القلوب، وينقذ المكروب، نِعمه ﻻ تُعدّ، ونِقمه ﻻ تُصد، وعظمته ﻻ تحد، وعطاياه ﻻ ترد، منصورٌ من واﻻه، سعيدٌ من دعاه، موفَّق من رجاه، مخذول من عصاه، ومدحور من عاداه.
*من الذي قد استوى**************************** لملكِهِ قد احتوَى
*ومن هوَ العظيم********************************* والمُنعِمُ الكريم
*ومن يُجيبُ الداعي****************************** ﻷشرفِ المساعي
*ومن برى البرية********************************** ووسع البرية
*من أنزل الكِتابا********************************* وعلم الصوابا
*من كسر اﻷكاسِرة****************************** من قصر القيَاصِرة
*من خلقَ اﻹنسانا******************************* علمه البَيَانَا
*من أسدل الظﻼما****************************** ونشرَ الغماما
*من أطعم الخليقة******************************** وأوضح الطريقة
*الخيرُ قد أسداه********************************** والوصف قد هداهُ
*والشر قد أباده********************************** والحقُّ قد أعادَه
*وهو عظيم القُدرة******************************* فقدرن قدره
*يفعلُ ما يُريد************************************ وبطشه شديدُ
*وهو المُسمَّى بالصمَد**************************** فقُل هُو الله أحَد
*يعرف باﻵﻻء*********************************** والوصف واﻷسماء
*فﻼ تكيف في الصفة**************************** وغلط المكيفة
*وﻻ تُجادل فيه*********************************** كمذهبِ السفيه
*وقل نعم سلمنا********************************** يا ربنا علمنا
*واتبع الرسوﻻ************************************ وﻻ تكن جهوﻻ
*وكن على نهج السلف************************** واحذر أخِي من الخلَف
*واحترم الصحابة********************************* واﻵل والقرابة
*وكن تقيا واتبع*********************************** وﻻ تُطِعْ أهلَ البِدع
*وعظم الحديثا*********************************** وسر له حثيثاَ
*واطلُب هُديتَ عِلما**************************** حَباكَ ربي الفَهمَا
*ولهُ التوحيدُ************************************** يعرفهُ العبيدُ
*واجتنب الكﻼما******************************** والزور واﻵثاما
*ومنطقً أو فلسفة******************************** فكلُ هاتيك سفَه
*واتبع اﻷئمة************************************* فهم نُجُوم اﻷمة
*كالخلفاءِ اﻷربعة******************************** أهلُ العُﻼ والمنفعة
*كذا أبو حنيفة********************************** علومُهُ شَريفة
*ومالِكُ بنُ أنس********************************* في العلم كالمؤسس
*والشافعي محمد********************************* في علمهِ مجوًدْ
*وأحمدُ بنُ حنبلْ********************************* إمامُنا المُبجَّلْ
*وشيخُنا سُفيانُ********************************** بِزهدهِ مُزدانُ
*والبارعُ اﻷوزاعي********************************* قد جد في المساعي
*وأحمدُ الحراني************************************ العالم الرباني
*وبعده محمد************************************* في نجد جا يجدد
*وهذه وصية************************************* أبياتها محصِية
*موجزة لطيفة************************************ في لفظها خفيفة
*نظمتُها على عَجَل****************************** أرجو الرضا من اﻷجل
*فهو أحق من ذُكر****************************** وهو أجلّ من شُكر
*أساُله التوفيقا************************************ والفهم والتحقيقا
*وأشرف الصﻼةِ********************************* لصاحب اﻵيات
*المصطفى وصحبه * * * * * * * * * * * * * * * انسنابحبه
*وَكِتابِي الفَضَاءُ اقرَؤُوا فيهِ************************* سُوَراً ما قَرَأتُهَا في كِتَابِ
*صُوَراَ تُدهِشُ العُقُولَ وَحُسناً********************* يسكُبُ السِّحرَ في الصُّخُور الصِّﻼبِ
سبحان من له في كل شيء آية، ليس لمُلكه نهاية، وليس لعظمته غاية، اقرأ آيات القدرة في صفحة الكون، وطالع معجزة الخلق في الحركة والسكون، في ((وَاللَّيْلِ إذا عَسْعَسَ)) [التكوير:17] * ((وَالصُّبْحِ إذا تَنَفَّسَ)) [التكوير:18]، في السمك السّارب، في النّمل الدّائب، في هالة النور تنشر رداء السَّناء في الفضاء، في النهار يتماوج، في البحر هائج، في النحل يلثم اﻷزهار، في الليل يُعانق النهار، في الدمع يترقرق، في الدماء تتدفق، في الزّهر يتشقّق، في الدّواب السائمة، في الوحوش الهائمة، في الطيور الحائمة، في الحيتان العائمة، في العود يشتد، في الظل يمتد، في الجبال ترتدي عمائم الثلوج، في القمر يهرول في البروج، في الشمس تتبرج سافرة على العالم، في النبت ما بين نائم وقائم.
في اﻷسرار تكنزها الضمائر، في اﻷخبار تختزنها السَّرائِر.
في الصخور كأنها تنتظر خبراً من السماء وهي صامتة، في الحجارة يكسرها اﻹنسان بفأسه وهي ساكتة، في الفجر يطلق من عباءته النور، في اﻷذهان باﻷفكار تمور، في الماء ينهمر من السماء، ويغوص في الرَّمضاء، يُقبل بالخُضرة والنَّماء، ويدلف بالحياة لﻸحياء، يهيج أحياناً ويهدر، ويزحف ويدمّر، ﻻ تحدُه الحدود، وﻻ تردُّه السّدود، وعظمته سبحانه في خلق اﻹنسان، وتركيبه في أحسن كيان، حيث جعل في العينين سِراجاً من النور، وأنشأ في القلب بصيرة تدرك اﻷُمور، وخلق العقل يقود هذا الكائن، ويوجهه وهو ساكن، في النبتة تشقّ طريقها إلى الفضاء وترفع رأسها إلى السماء، في العندليب يرتَجل على الغصن كالخطيب، في الحَمَام يشدُو بأحسن اﻷنغام، يشكو الحبّ واَلهُيام، والعِشق والغرام، في الغراب يخبئ رزقه في الخراب، ويدفن خصمه في التراب، في اﻷسد يطارد القنيصة، ويمزّق الفريسة. في النحل يئنّ، والذّباب يطِنّ، في الزّنبور يرِنّ. في عالم النبات، آﻻف المذاقات، ومئات الطّعومات، أخضر يعانق أحمر، وأصفر يضمّ أغبر، في اﻷوراق تميس في الطَّلّ، في الحشرات تهرب إلى الظل.
في الناقة تحِن إلي وليدها، وتشتاق إلى وَحيدهِا، في الليل يخلع ثيابه على اﻵفاق، في الضباب يخيّم على اﻷرض كاﻹطباق، في النار تحرق، في الماء يُغرِق.
في الضّياء يسطع، في الضوء يلمع، في العين تدمع، في البرق يكاد يذهب سناؤه باﻷبصار، في الصواعق تقصف الصخور واﻷشجار، في الرعد يدوِّي فيمﻸ العالم ضجيجاً، في الرَوضِ يفوح فيعبق به الجوّ أريجاً.
في أهل السلطان بين وﻻية وعزل، وأسر وقتل، وهزيمة ونصر، وسجن وقصر، في الموت يخترم النفوس، ويسقط على الرؤوس، ويأخذ الرئيس والمرؤوس، ويبزّ العريس والعروس، ويهدم اﻷعمار، ويعطِّل اﻷفكار، ويدخل كل دار، وُيخلِي الدِّيار.
في صنف من البشر، يعيشون البَطَر، له أموال كالجبال، وآمال كأعمار اﻷجيال، قُصور تُشاد، كأنها لن تُباد، وحدائق غنّاء، وبساتين فَيحاء.
وفي صنف آخر فقير، في دُنياه حقير، ﻻ يملك الفَتيل وﻻ القطمير، يبحث عن الرغيف، وينام على الرصيف، ولقلبه من خوف الفقر رجيف.
في أهل العافية يمرحون، وفي نعيمهم يسرحون، وبما أوتوا يفرحون.
*وفي أهل البﻼء، وفي أصحاب الضَّنكِ والشقاء، في ظلمات المحيطات، وفي مَتاهات الغابات، وفي مجاهل الفلوات. أرض تمتد بﻼ بشر، صَحارٍ قاحلة ليس فيها شجر، وعَوالِم موحشة ما يسكنها بدو وﻻ حضر.
نجوم تسقط، وكواكب تهبط، ونيازك تلتهب، ترمي بشَرَر ولهب، مجرات سُمِّيَّة، ومنازل قمريّة، حدائق بأثواب الحُسن تسُر الناظرين، ومشاهد في الكون جميلة تأخذ المبصرين، رِياض أنيقة تسرح فيها الغُزﻻن، باقات من الوُرُود بهيجة يلعب بها الولدان.
كلّ في فلكٍ يسبح، وكلّ في عالم يمرح، شمس تجري كأنها تبحث عن مفقود، قبل أن تطلع وتسجد للمعبود، آية باهرة، وحكمة ظاهرة، في خلق اﻹنسان، ذلك الكيان، الذي يحمل جامعات من السَّكناتِ والحركات، فذهن متوقد، وقلب متجدد، وخيال يطوي الزمان والمكان، ويُناقل اﻹنسان، بين خوف وأمان، وذاكرة حافظة، وألسنة ﻻفِظة، وشركات في كل اﻷعضاء، منها يجذب الهواء، ويسحب الماء، ويهضم الغذاء، ويجلب الدواء، ويُذهب الدّاء، ما بين دفع وضغط، وإخراج وشفط، ومؤسسات تشارك في بناء الجسم، وفي قيام الرسم، ليكون في أحسن تقويم، وأكمل تنظيم، في الطَّير وهو يبحث عن طعامه، ويعود إلى مستقره ومنامه، في الكائنات وهي في صراع محموم، وفي هُموم وغُموم، لتحصل على رزقها المقسوم، وعيشها المعلوم، في اﻹنسان وهو يفكر ويقدر، ويقدم ويؤخر، ويخطط وينظر، في الجبال واقفة في هيبة وجﻼل، في الروابي الخضراء آية في الجمال، في العافية واﻷسقام، في الحقيقة واﻷحﻼم، في اليقين واﻷوهام، في اﻹقدام واﻹحجام، في السحاب والسّراب، والضباب والرّضاب.
في اﻷحياء وحبها للبقاء، ومُدافعتها لﻸعداء، فهذا بمخلبه يصُول، وهذا بنابه يجول، و هذا بمنقره يُناضل، وذاك بريشه يقاتل، وآخر بسُمِّه يدفع، وغيره بجناحه يردع، منهم من يطير، ومنهم من يسير، ومنهم من يسبح، ومنهم من يمرح، ومنهم على رجلين، ومنهم على يدين، ومنهم من يطير بجناحين، هذا يزحف، وذاك يخطف، وهذا في قيده يرسُف، في التقاء اﻷحباب والفراق في الضّمّ والعِناق، وفي الركود واﻻنطﻼق.
في النجمة هائمة في صفحة السماء تبسم في حنادس الليل، في البدر تفنيه الليالي ويُدركه المحاق كأنه قتيل، في روعة اﻹشراق، وقد نشرت الشمس ضفائرها ونثرت جدائِلها على التِّﻼل، وبثت سحرها على الجبال. في الطبيب يشفي-بإذن الله- من الدّاء، فإذا أدركه الفناء، بار فيه الدواء، وعجز في عﻼجه اﻷطباء، في المريض ييأس من العافية، وتحارُ فيه اﻷدوية الظاهرة والخافية، ثم تدركه من الله عناية شافية، ورحمة كافية، في البراكين تثور بالدمار، في الزﻻزل تهزّ الدّيار، في السمِّ يُصنع منه الدواء، في الماء يكون سبباً للفناء، في الهواء يعصف فيدمر اﻷشياء، في الريح تكون رخاءً فتلقح الثّمار، وتسوق اﻷمطار، تُزجي السفن في البحار، ثم تكون عاصفة هوجاء، فتقتل اﻷحياء، وتنقل الوباء.
في النخل باسقاتٍ لها طلع نضيد. في الجبال تثبّت اﻷرض وقد كادت تميد، في اللبن يخرج من بين فرثٍ ودم، في كل مخلوق كيف وُجد من العَدَم، في اﻹبل كيف خُلِقت، في السماء كيف رُفعت، في الجبال كيفَ نصبت، في اﻷرض كيف سُطحت، في الضّحى إذا ارتفع، في الغيث إذا همع، في خلق اﻹنسان كيف ينكس، وفي عمره كيف يعكس، يعمّر فيعود كالطفل، فﻼ يُفرِّق بين فرضِ ونفل، في الطائر كيف يجمع القشّ، ويبني العُش، ويختار عيضه، ثم يضع بيضه، في العجماوات ما بين جائع وبطين، في الدّود تبحث عن طعامها في الطّير، في البُلبُل يُحبس في القفص فﻼ يبيض، ويعيش بجناح مهيض، في الحية وهي في الصحراء، تنصب جسمها كأنه عود لﻺغراء، فيقع عليها الهدهد، يظنَّها عوداً، فيكون طعامها، بعد أن رأى قيامها.
في الثمرة تُحمى بأشواك، كأنها أسﻼك، في اﻷطعمة ما بين حلو وحامض، وقلوي وقابض، في الناس ألف كواحد، وواحد كجيش حاشد.
*في البشر ما بين عاقل حصيف، وطائش خفيف، وتقيٍّ متنسك، وفاجر متهتك.
في اﻷرواح كيف تتآلف وتتخالف. في اختﻼف اﻷصوات، وتعدّد اللهجات، وتباين النغمات، وكثرة اللغات. في الحر يكاد يُذيب الحديد، وفي البرد يحوّل الماء إلى جليد. في اﻷرض يعلوها من الغيث بُرد أخضر، ويكسوها من القحط رداء أغبر.
في المعادن تذوب بالنار، فتسيل كأنها أنهار. في السماء تتلبَّد بالغيوم، ولها وجوم، كأن وجهها وجه مهموم، أو طلعة مغموم. في الشمس تكسف، في القمر يخسف، في كل ما ننكر ونعرف، في كل مولود حين يُوضع، كيف يهتدي إلى الثدي فيرضع. إن عاش الحيوان في جوٍّ معتدل كساه بالشعر، وإن عاش في بردٍ قارص غطّاه بالوبر، وإن عاش في الصحاري دثَّره بالصوف، ليُقاوم الحُتُوف، حيوان الغاب، يزوّده بنَاب، وطير العريش، يقوّيه بريش ليعيش. ينبت في الصحراء شجرةً جَرداء، تصبر لحرارة الرمضاء، ووهج البيداء، ويزرع في البستان شجرة ذات رواء وأغصان، نديّة اﻷفنان، مختلفة الطعوم واﻷلوان، جعل الصيد في البيد، ليحمي نفسه من التهديد، علم العنكبوت، كيف تبني البيوت، وهدى النّملة ﻻدّخار القُوت، جعل فوق العينين حاجبين، ليحميهما من ضرر المُعتَدين، وجعل أمامها رمشين، لتكون في حرزٍ أمين، وجعل فيهما ماء تغتسﻼن به كل حين، يسلّط الرياح على السحاب، فيقع التّﻼقح واﻹنجاب، إن شاء جعل الهواء عليﻼً، يحمل نسيماً جميﻼً، وان شاء جعله ريحاً عاصفةً، مدمّرة قاصفة، سبحان من حكم الكون بالقهر، مع علوّ القَدر ونفاذ اﻷمر.
له الملكوت والجبروت، وهو حيٌّ ﻻ يموت، أحسن كل شيء خلقه، وتكفّل بكل حي يوم رزقه، أوجد الحبّ وفلقه، تسمَّى بأحسن اﻷسماء، واتصف بأجمل الصفات واﻵﻻء، عطاؤه أنفع عطاء، جلّ عن الشّركاء، نصر اﻷولياء، وكَبَت اﻷعداء، عبادته فرض، والصدقة عنده قرض، وسلطانه عمّ السماء واﻷرض، يعلم الغيوب، ويقدّر المكتوب، ويمحو الذنوب، ويستر العيوب، ويهدي القلوب، وينقذ المكروب، نِعمه ﻻ تُعدّ، ونِقمه ﻻ تُصد، وعظمته ﻻ تحد، وعطاياه ﻻ ترد، منصورٌ من واﻻه، سعيدٌ من دعاه، موفَّق من رجاه، مخذول من عصاه، ومدحور من عاداه.
*من الذي قد استوى**************************** لملكِهِ قد احتوَى
*ومن هوَ العظيم********************************* والمُنعِمُ الكريم
*ومن يُجيبُ الداعي****************************** ﻷشرفِ المساعي
*ومن برى البرية********************************** ووسع البرية
*من أنزل الكِتابا********************************* وعلم الصوابا
*من كسر اﻷكاسِرة****************************** من قصر القيَاصِرة
*من خلقَ اﻹنسانا******************************* علمه البَيَانَا
*من أسدل الظﻼما****************************** ونشرَ الغماما
*من أطعم الخليقة******************************** وأوضح الطريقة
*الخيرُ قد أسداه********************************** والوصف قد هداهُ
*والشر قد أباده********************************** والحقُّ قد أعادَه
*وهو عظيم القُدرة******************************* فقدرن قدره
*يفعلُ ما يُريد************************************ وبطشه شديدُ
*وهو المُسمَّى بالصمَد**************************** فقُل هُو الله أحَد
*يعرف باﻵﻻء*********************************** والوصف واﻷسماء
*فﻼ تكيف في الصفة**************************** وغلط المكيفة
*وﻻ تُجادل فيه*********************************** كمذهبِ السفيه
*وقل نعم سلمنا********************************** يا ربنا علمنا
*واتبع الرسوﻻ************************************ وﻻ تكن جهوﻻ
*وكن على نهج السلف************************** واحذر أخِي من الخلَف
*واحترم الصحابة********************************* واﻵل والقرابة
*وكن تقيا واتبع*********************************** وﻻ تُطِعْ أهلَ البِدع
*وعظم الحديثا*********************************** وسر له حثيثاَ
*واطلُب هُديتَ عِلما**************************** حَباكَ ربي الفَهمَا
*ولهُ التوحيدُ************************************** يعرفهُ العبيدُ
*واجتنب الكﻼما******************************** والزور واﻵثاما
*ومنطقً أو فلسفة******************************** فكلُ هاتيك سفَه
*واتبع اﻷئمة************************************* فهم نُجُوم اﻷمة
*كالخلفاءِ اﻷربعة******************************** أهلُ العُﻼ والمنفعة
*كذا أبو حنيفة********************************** علومُهُ شَريفة
*ومالِكُ بنُ أنس********************************* في العلم كالمؤسس
*والشافعي محمد********************************* في علمهِ مجوًدْ
*وأحمدُ بنُ حنبلْ********************************* إمامُنا المُبجَّلْ
*وشيخُنا سُفيانُ********************************** بِزهدهِ مُزدانُ
*والبارعُ اﻷوزاعي********************************* قد جد في المساعي
*وأحمدُ الحراني************************************ العالم الرباني
*وبعده محمد************************************* في نجد جا يجدد
*وهذه وصية************************************* أبياتها محصِية
*موجزة لطيفة************************************ في لفظها خفيفة
*نظمتُها على عَجَل****************************** أرجو الرضا من اﻷجل
*فهو أحق من ذُكر****************************** وهو أجلّ من شُكر
*أساُله التوفيقا************************************ والفهم والتحقيقا
*وأشرف الصﻼةِ********************************* لصاحب اﻵيات
*المصطفى وصحبه * * * * * * * * * * * * * * * انسنابحبه
كل الشكر والأمتنان لروعة طرحك
لقلبك أكاليل الورد
لقلبك أكاليل الورد
اسعدنى كل حرف وكل كلمه
جزاك الله خيرآ على ما اسعدتنى به
يسلمواعلى الطرح المميز
تقبل مروري
تحاياي
تقبل مروري
تحاياي