السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال الله تعالى
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)
أخبر سبحانه وتعالى عن سبب خيرية هذه الأمة أنه أمرها بالمعروف ونهيها
عن المنكر.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفرلكم
ذنوبكم )
والمعروف كل ما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم به،
والمنكر كل ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه،
كما أخبر سبحانه أنه لعن الذين كفروا من بني إسرائيل بسبب تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال:
(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون،كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه..)
كما أخبر سبحانه أن سبب بقاء الأمة وتمكينها في الأرض وإمدادها بالنصر هو قيامها بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى
(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)
أي قائمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سمى ذلك إصلاحا، ولم يقل وأهلها صالحون، لأن
صلاحهم بأنفسهم بدون إصلاح غيرهم بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، لا يكون ضمانا لبقائهم
كما جاء في الحديث لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم:
"أنُهلكُ وفينا الصالحون؟، قال صلى الله عليه وسلم:
نعم إذا كثر الخبث"،
ولما ذكر سبحانه هلاك الأمم السابقة في سورة هود قال:
(فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم)،
يعني لو كان فيهم من أولئك أحد لنجوا من العذاب. كما جعل سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببا للنصر والتمكين في الأرض، فقال سبحانه
(ولينصرن الله من ينصره وإن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاةوأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)،وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والواقعين في المنكرات المضيعين للواجبات بقوم استهموا – أي اقترعوا – على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها وكان الذين في الأسفل يستقون الماء من عند الذين في الأعلى، فقالوا لو خرقنا في نصيبنا خرقا نستقي منه الماء ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركهم الأعلون يخرقون السفينة لغرقوا جميعاوإن أخذوا على أيديهم ومنعوهم من خرق السفينة نجوا ونجوا جميعا،
فهكذا الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لو تركوا الناس في المعاصي ولم يأمروهم ولم
ينهوهم هلك الجميع، وإذا قاموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نجا الجميع من العقوبة، وقد قال الله تعالى
(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)،
وعملا بأمر الله سبحانه في قوله تعالى
(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)،
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثم الجميع وهلكوا.
وهذا الأمر واجب على كل مسلم بحسب استطاعته، قال النبي صلى الله عليه وسلم "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان
ولا ننسى قصة أصحاب السبت الذين اعتدوا على ما حرم الله أنه عندما نزل بهم العذاب لم ينج منهم إلا الذين أنكروا المنكر، قال تعالى
(فلما عتوا عما نهوا عنه أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون)
، إنها موعظة لنا وعبرة والسعيد من وعظ بغيره.
وكما قال لقمان لابنه: "يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"
وهدى الله الذين التبست عليهم الأمور والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته