باعتقادي أن أصحاب "الإعتدال" ينقسمون إلى قسمين : قسم أصابه الإختلال الفكري, نتيجة لضعف القدرات المعرفية الذاتية , و هو مالايسمح لهم بحرية التحليل التاريخي للأحداث المتراكمة فتراهم محاصرون بفترة زمنية ربما تمتد إلى عشر أو عشرين أو حتى خمسين عاما ,و هي تتعلق بتاريخهم الشخصي مضافاً إليه تاريخ الأقارب المباشرين,و تاريخ نجوم الفن و على الأخص "الحلوين "منهم
و قسم آخر, ممن شاءت الأقدار أن يكونوا في المكان المناسب و في الوقت المناسب مما سمح لهم , أو أجبرهم بموقعهم الذي هبط إليهم من السماء , و هؤلاء لاحول لهم و لا قوة , فهم لايرددون نهاراً إلا ما أوحيَ إليهم ليلاً.
التقيت منذ فترة بمواطن روسي, و لكوني فلسطيني (الله يجيركم) و لأنني مشاغب بالولادة و لدي فنون و مواهب خفية ألهمتني إياها حياة التنطيمات الفلسطينية و المخيمات و الأخبار و التلفزيون و أبو عمار و القيادة العامة و المرحوم وديع حداد "وستي" أي جدتي ام خالد و المخابرات –طولت عليكم- باختصار أستطيع معرفة و استكشاف الآراء السياسية لمحدثي بعد ثلاثين ثانية من بداية حديثنا – حتى لوتكلمنا عن البيض-لقد كان محدثي مواطن روسي و "لكنه" يهودي .
هذه "ولكنه" لها أهمية خاصة ,لقد أثبتت لي التجارب أنه ليس هنك يهودي روسي أو يهودي أمريكي او يهودي هندي, بل هناك روسي جاهز, و أمريكي جاهز و بولندي جاهز, لأي شئ جاهز؟؟؟ هم كلهم جاهزون لأن ينقلبوا خلال أقل من ثلاثين ثانية ليكونوا "مواطن إسرائيلي منذ ولادة إبراهيم" إن لم يكن قبل ذلك.
– شلوم ..- تحرشت به
– شلوم – اجابني و كأنني تواً خرجت من المعبد اليهودي,
-أمازلتَ هنا؟ سألته بدون خجل,
– و ماالفارق بين هنا و هناك؟؟ أجابني بسؤال كان واضحا منه تماما ,كل التاريخ الذي قرأته و الذي لم يقرأه حتى الآن جمهور الهاربين إلى الخوف و الجهل الذين لايخجلون حتى من تسميتهم "معتدلين" في حين المقصود أبناء الزانيا ت.
و للحقيقة فإن تسعين بالمائة من هؤلاء "مواطني أسرائيل منذ ولادة أبراهيم" المنتشرون في العالم يعتبرون أنفسهم جنوداً جاهزين في أي لحظة للدفاع عن "الوطن" بل أنهم يعيشون كل حياتهم من أجل هذا "الوطن"
– صمت نصف لحظة و سألني -مارأيك بالمهرجان الذي أقامه منذ يومين اللبنانيون لسمير القنطار؟بدى لي و كأنه شعر بنصر كبير و لسان حاله تعيد السؤال بطريقة "كيف تقيمون مهراجانا لسمير القنطار؟"
-إن قائدا عسكرياً يعود للمعركة أليس هذا سبباً للإحتفال به؟ تلعثمت الكلمات في فمه لجوابي هذا و بدى أنه قد بدأ يستوعب انني لست من المعتدلين " ابناء الزانيات" رغم أنني أمتاز بالمرح و اتحدث في بعض الاحيان مع اليهود عفوا مع الروس الجاهزين .
لقد بقي سؤاله عن مهرجان استقبال البطل سمير القنطار يدوي في أعماقي – إذاً , فقد هزهم هذا الحدث الذي رحت أبحث عن تأثيراته في الكيان الصهيوني ,
إحدى نتائج بحثي ,كانت مقالاً باللغة الروسية مترجمة عن العبرية ,وجدت أنه من الضروري ترجمتها للعربية , لعل و عسى أن يطلع عليها "المتقلقلون" بين نهج المقاومة و نهج "الإعتدال"أولئك الذين مازالوا غير قادرين على الحسم بين الدنيا و الآخرة.
كتب هذا المقا ل موشي فيغلين و هو عضو في الكنيست الصهيوني و عنوان المقال -رداً على إطلاق سمير القنطار-و إليكم مايقول :
رداً على استقبالات سمير القنطار
في الأيام الاخيرة, جعلت من نفسي غواصة ,فاختفيت عميقاً في قاع المحيط –ابتعدت عن كل وسائل المعلومات ,توقفت عن دخول شبكة الإنترنيت ,و تجنبت كل الأماكن التي يمكن أن أتعثر فيها على مذياع أو جريدة ,
كان هدفي من كل ذلك الإبتعاد عن المهرجان المنتظر و الأفراح العارمة التي لا بد من قيامها بمناسبة تحرير سمير القنطار.
فيما بعد تبين , أنني لست وحيدا , كثيرون فعلوا مثلي ,و تبين أيضاً أن لقرار إطلاق سمير القنطار عدا عن سيئاته الفاضحة, إيجابيات -لقد حصلنا على قليل من الوقت للتأمل-.
علي أن اعترف ,أن أفكاراً جمى جالت في دماغي و صالت خلال هذة الايام المُرّة , و في النهاية ا نهالت عليّ-
كما انهالت في حينه الرؤيا على أرخميدس – و بالرغم أني لم أجر صائحاً"وجدتها" كما فعل أرخميدس , و لكنها الحقيقة : كيف استطعنا "أ ي الإسرائيليون" الهبوط إلى هذا الحضيض -ياللحكمة-
إن كل مانعيشه اليوم ليس إلّا رعشات الرمق الأخير و ذلك لأسباب أكبر من "دولة إسرائيل"
وجوهر الأمر أننا نشاهد و بالعين المجردة زوال "المفهوم الإسرائيلي القومي" جذرياً .
نحن نرى كيف تتلوى أوروبا تحت الأجتياح الإسلامي,
لقد أنقذت القيم البروتستانتية و لزمن غير بعيد الولايات المتحدة من هذا الإجتياح , ولكن و بدون إذنٍ "من الباب الخلفي" هاهو حسين أباما يقتحم المعقل الأخير للحضارة الغربية و هي أي الولايات المتحدة لابد قادمة نحو السقوط حتى و إن لم ينجح أباما بانتخابات الرئاسة الأمريكية , إذ أن مجرد نجاحه بالدخول إلى حلبة سباق الإنتخابات الرئاسية و بلا أدنى شك يعتبر مؤشرا سيئاً واضحا لمستقبل الولايات المتحدة .لقد أثبتت التجارب قدرة الحضارة الغربية على صد أي عدوان خارجي و لكن بشرط أن يمتلك هذا العدو شكلاً معيناً كحدود جغرافية أو بناء قومي معين و لكن أن تمتد حدود و إستراتيجية هذا العدو إلى ماهو فوق ذلك فإن الحضارة الغربية تستسلم و بدون مقاومة, فما رأيكم ؟ مذا كان سيحصل لو أن هتلر تخلى عن الحرب المفتوحة و اعتمد في حينه على تكتيك الإسلام المعاصر ؟ -باعتقادي كان انتصاره حتمياً-و لرأينا العلم يسير تحت علم و شعار النازيين في أولمبياد ميونخ ,كما سيسير العالم قريباً في بكين تحت راية العلم الأحمر الأكثر دموية في تارخ البشرية.
و في كل الأحوال ,و للاسف فإن الحضارة الغربية لم تتميز يوما ما بقدرتها على الحفاظ على مبادئها و قيمها ,
من الواضح جداً ,لو أن هتلر اكتشف في حينه الحرب غير المباشرة و قام بدعم الأحزاب النازية المؤيدة لإيديولوجيته , و اشعل الحرب الإرهابية ,تحت ذريعة المساواة و حقوق الإنسان, لكانت هناك نتيجة واحدة-هي اضمحلال الغرب و وقوعة تحت السيطرة النازية مستسلماً و بدون مقاومة و ليس بعيدا مثال تسليم تشيكوسلوفاكية لهتلر ,و لا ننسى أن أنصار هتلر في الولايات المتحدة و إنكلترا لم يكونوا قلائل حتى خلال الحرب العالمية الثانية .
و ليعلم الجميع !
إذا كانت الحضارة الغربية قد نجت من الموت وتعافت فذلك لأن هتلر لم يستوعب ما يستوعبه اليوم حسن نصرالله.
و إليكم المثال التالي :
تقوم إسرائيل حالياً بمفاوضات ٍ مع حماس و حزب الله , و ليس مع لبنان و طبعاً ليس مع "دولة غزة",
و ذلك لأن العرب توصلوا لحقيقة و هي أنه من أجل دحر دولة ديمقراطية ذات طابع غربي يجب نقل ساحة المعارك نحو المستوى التصادمي للأسباب الوجودية لكل من الطرفين "الحضارتين", و اليوم بعد أن تبين لدينا أن أولمرت غير قادر على الإحتفاظ بالمفاهيم التي جاء على أساسها و برهن أن تكتيك أعدائنا "حماس و حزب الله" هو الأنجح , بل أبدى ضعفه و استسلامه لشروط هؤلاء اللا إنسا نيين, و إذا عنى هذا شيئاً, فإنما يعني انتصار مبادئهم و قيمهم و وجودهم على مبادئنا و قيمنا ووجودنا.
و حقيقة عامة تقول –في صراع القيم و المبادئ ,لاتوجد مساحة بين المتصارعين ,و ليس هناك معاقل مؤقتة يمكن اللجوء إليها, فالمساحة التي يتركها طرف يشغلها الطرف الآخر, و من يسلم المواقع" الفكرية و الحضارية" ,فإنه بالضرورة ,معترف بحق الطرف الآخر و عدالة مبادئه و حضارة معتقداته.
و قد يبدو تناقضاً, لكن المهزوم يصبح بشكل أو بآخر جزءاً من أجزاء المنتصر , و هو منذ لحظة استسلامه يبدأ بالعمل على بناء و تطوير إنتصار الآخر , و العمل لصالحه.
و تسهيلاً لإستيعاب القارئ , لما يدور في عالم اليوم , سأذكر أن برجي نيويورك لم يسقطوا نتيجة القصف المدفعي و الجوي لعدو ما, إذ أنه لم تعلن أي دولة في العالم الحرب على الولايات المتحدة الامريكية,
و لكن "البائس" بوش و بكل بساطة لم يسمح لنفسه بالإعلان أن الحرب على بلاده لم تعلنها دولة ما,و إنما
" دين "أو مايسمى بإحدى الديانات العالمية,
هو (أي بوش-المترجم-)لم يستطع رغم الوضوح الفاقع , أنه قبل دقيقة من توجيه ال"بوينغ" نحو البرج,كان خلف مقود الطائرة مواطن من المملكة السعودية ,و هو لم يصح"فلتعش العربية السعودية" , لقد كانت كلماته الأخيرة -الله أكبر-شعار الدين الإسلامي .
و بما أن الرئيس الأمريكي و صل إلى نتيجة ,و هي أن مثل هذه الهجمة يمكن أن تبقى بلا رد,فهو في النهاية أعلن الحرب على إفغانستان و العراق.
مذا تريدون!!!!!
أتريدون أن يعلن الرئيس الأمريكي الحرب على الإسلام؟
أم أن يعلن الإسلام دينا ممنوعاً خارجا عن القانون؟
أم أن يوجه الصواريخ نحو الكعبة المقدسة في مكة؟
أن أي تصرف كهذا , كان سيلغي المبادئ الأساسية للدولة الأمريكية,و على الأخص مبدأ فصل الدين عن الدولة ولذلك لم يكن لدى بوش إلا خيار وحيد هو إعلان الحرب على دولة ما فكان العراق ,
و حتى أنه بدى للوهلة الأولى ,و قد اقترب من النجاح ,و لكن من الذي خرج أخيرا منتصراً؟؟
لكي نجيب على هذا السؤال, يكفي أن نشير إلى كاريكاتورا مشهوراً اليوم في نيويورك-ساعة رملية تظهر ان الوقت الباقي لنهاية الحضارة الغربية يتناقص , و الطريق الوحيد لضمان الأمن هو العيش تحت نظام ديكتاتوري و ليس في ما يسمى "العالم الحر".
ماذا أقصد و لماذا أقول ذلك؟؟؟
-لأن سمير القنطار كان يجب أن نعيده –و لكن في كفن-و كان علينا أن نفعل ذلك مباشرة بعد الكشف عن أن الجنود "الإسرائيليين" أموات و كان يجب أن يقتل كل أمثال سمير القنطار في السجون "الإسرائيلية"في نفس اللحظه.
-و المناطق التي تنطلق منها صواريخ القسام في غزة يجب أن يتم إخلائها بكل الاشكال و هو مايجب أن نفعله بالمناطق اللبنانية التي تهدد شمال " إسرائيل"
و من المهم أن نعلم حقيقة بسيطة:
إن التهديد الحقيقي "لإسرائيل"ليس من قِبَل دول معينة لاتعترف "بدولتنا " و حقها قي الوجود,
ولذلك فإن دفاع "دولة إسرائيل" عن نفسها ليس من الضروري أن يخضع للقوانين و المعاهدات الدوليةالمعترف بها فيما بين الدول , ذلك أن هذه المعاهدات إذ تنطبق على حروب الدول , فهي لا تنطبق على صراع الحضارات و المبادئ التي يلغي وجود أحدها الآخر,
و يمكن للحومات و الدول أن تنأى بنفسها عن حروب كهذه,لانها لا تستطيع تحمل مسؤوليتها.
طبعاً,يمكننا أن نبقى محافظين على "احترامنا", فنعلن أنه من المهم لنا أن نحافظ على صفاتنا "كدولة ذات طابع غربي"و لذلك سنقترح مراعات كل قواعد اللعبة على الطريقة الغربية و و لكني في هذا الحال لست متأكدا أننا نستطيع بعد ذلك ضمان أي أثر "لدولتنا".
إذا كنا حقيقة نريد إنقاذ "إسرائيل"من الموت, علينا أن نفهم , ان صراعنا من العرب لايحمل طابعا قوميا, بل هو صراع ديني بحت, غير أننا نحاول دائماً الهروب من هذه الحقيقة, لأن اعتراقنا بها سيضطرنا لإلغاء المبدا الذي قمنا على أساسه " كدولة " حتى الآن .
من المهم جدا أن نفعل ذلك الآن, بما اننا مازلنا بوضع أفضل من وضع الولايات المتحدة الأمريكية, و لذلك لسبب وحيد هو أننا " و لو سراً"مارلنا ندعو دولتنا " دولة يهودية" و هو مايخفف من وطأة الإعتراف ,أن الإسلام إنما يهاجم اليهودية و ليس شيئاً آخر .
و للأسف مرة أخرى , فإن كل هذا إنما يصطدم بمشكلتنا الكبيرة –مشكلة القيادة- فقياداتنا تحبذ الإنتظار ,
إنتظار رد الفعل الدولي , و لذلك نراهم يمتنعون عن القيام بأي تصرف يمكن أن يكشف عن الوجه الحقيقي للصراع و طرق حله المطلوبة منهم.
فلو أن القيادات "الإسرائيلية" الحالية كانت قادرة على التصرف , لكان محو أي أثر للإسلام في منطقة الجبل المقدس , و بعث المعابد اليهودية على أثرها ,أول مايجب أن يقوموا به ,لأن في ذلك "أستقلال إسرائيل الحقيقي",
_من يحكم جبل الهيكل, يحكم كل أرض "إسرائيل"_ كتب في حينه أوريتسفي غرينبيرغ ,و هو باعتقادي بهذه الكلمات ,قد قال كل شئ .
إن جوهر الصراع الدائر في عالمنا عموماً و في الارض المقدسة على وجه الخصوص , هو صراع ديني حضاري وجودي,
إن اللحظة التي ستتخلى فيها " إسرائيل" عن السيطرة التامة على أهم مقدساتها "جبل الهيكل"و كل ما هو جزء من الأرض المقدسة ستكون "إسرائيل "قد فتحت ابواب القدس للمد اللإسلامي , لا بل و الاسوء من ذلك,
إن تخلي "إسرائيل"عن السيطرة التامة على جبل الهيكل سيكون اعتراف بعدالة قضية الإسلام و المسلمين و حقهم في كل "ارض إسرائيل".
ممكن طبعا إطعام سمير القنطار أفضل الطعام و توفير أفضل ظروف في غرفة سجنه , لكي نحصل على اعترافٍ
من الغرب باننا متحضرون,و لكن هذا لن يساعدنا , إذ أننا لم نفقد أهم سلاحٍ في حرب الوجود –سلاح الإيمان بعدالة قضيتنا و حقيقتها_ لم نفقده في الغرب, لقد فقد ناه في جبل الهيكل,
مترجم عن الروسية للمترجم بيوتر لوكيمسون
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم