بمااننا الان نعيش في جوا الصيف
والرحلات والسفر
والتجوال لذلك نتعايش معا
خواطر الراحة والترفيه والسياحة
وترتبط النفوس الان بمواعيد النجاحات والزيارات
والزيجات والارتباطات الأسرية والاجتماعية المعروفة.
ومع كل ذلك يرتبط الإنسان المسلم المستقيم بمنهج
ربه عز وجل وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم
من أجل قضاء صيفٍ يجمع بين المتعة الهادفة والالتزام المطلوب.
باعتبارها نشاطاً إنسانياً منتظماً، كثيراً مايرتبط فعله في فصل الصيف
وفي بعض البقاع والبلدان المعينة،
تحتاج إلى كلمة جامعةٍ وتوجيه حاسم،
حتى تكون على صراط الله المستقيم،
ولأجل نفي مايتعلق بها من تجاوزات أخلاقية ومالية وزمنية وغير ذلك.
السياحة في الشرع الإسلامي ينظر إليها من عدة زوايا:
– من زاوية كونها نشاطاً إنسانياً أو فعلاً بشرياً ينبغي أن ي
تقيد بجملة التعاليم والأدلة الشرعية، وألا يُفوّت فيه واجب ديني أو دنيوي،
أو يكون طريقاً لارتكاب محظور ومبغوض،
أو يكون هو نفسه فعلاً محرماً ومحظوراً.
– من زاوية كونها تجولاً في الأرض، ومشياً في مناكبها،
وتأملاً في كون الله، والنظر في آياته ومعجزاته، والتدبر في تنوع خلقه واختلاف مخلوقاته.
{ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم}
– من زاوية كونها مناسبة سنوية أو فترة زمنية يجدد فيها السائح نشاطه،
ويُزيل عن نفسه أعباء الأعمال وأتعاب الأشغال، ويُلحق بنفسه
وأهله ضروباً من الترفيه والانتعاش والانبساط والسرور،
الأمر الذي يبعث فيهم الحماس ومعاودته، والإتقان وملازمته.
– من زاوية كونها طريقاً للتعرف على المسلمين وعلى همومهم وأحوالهم وأوضاعهم،
ولتمكين الصلة بهم، وتحقيق معنى الأخوة العامة، المدعو إليها في القرآن العظيم،
في قوله تعالى: {إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم}.
– من زاوية كونها إطلالة على شعوب وفئات كثيرة،
واطلاعاً على ظروفهم وأوضاعهم، واغتنام ذلك من أجل الإفادة والتوجيه والإصلاح،
فكم من فئة بشرية صلح حالها وهُدي أفرادها، بسبب كلمة مُوجهة من
لسان رجل صادق، أو بسبب قدوة مُؤثرة بسيرة إنسان مستقيم.
هذه أهم الزوايا التي نُظر بموجبها في حقيقة السياحة في الشرع الإسلامي،
وهذا النظر متقرر في إطلاقه وعمومه، أي أنه متقرر من غير
ما يمكن أن يتعلق بهذه السياحة من شبهات وشوائب وملابسات
تجعل هذه السياحة غير مطلوبة أو منهياً عنها ومُرغباً في تركها.
ولذلك يتأكد على السائحين في الأرض استحضار الضوابط الشرعية للسياحة،
والمعالم الأخلاقية لها، حتى لاتؤدي هذه السياحة إلى نقيض مقصودها،
وإلى خلاف ما وُضعت له وشُرعت لأجله.
ضوابط السياحة
1- التقيد بمنهج الشرع وتوجيهاته وأدلته.
2- عدم ترك واجب ديني، كإقامة صلاة، وأداء زكاة، وإسداء نصحٍ…
3- عدم ترك واجب دُنيوي، كتربية ولد، وإنفاقٍ على زوجة أو والدة، وإضاعة مالٍ،…
4- عدم الوقوع في المحرم أو في طريقٍ يؤدي إليه،
فالمحرم كما ينص الفقهاء على ذلك، نوعان:
محرم لذاته، كالزنا والسرقة والظلم،
ومحرم لغيره، كالخلوة بالأجنبية، فإنها مُنعت سداً لذريعة الفتنة.
5- عدم الإسراف في المباح وعدم المبالغة في ممارسة الحق الشخصي،
ومن ضروب ذلك:
– الإسراف في النفقات والمصروفات، الأمر الذي يؤدي إلى إضاعة المال،
وقد عُلم أن من مقاصد الشريعة حفظ المال وصونه من كل ضياع،
وصرفه في مجالاته، وبمقاديره وشروطه.
وقد يكون هذا الإسراف ذريعة لحصول فقر أو وقوع حاجة في المستقبل،
وقد يكون ذريعة لإحياء العجب والافتخار في نفس المنفق المسرف،
وقد يكون ذريعة إلى تفويت حقوق مالية وأدبية أخرى كثيرة،
كتفويت حق قريب تعينت النفقة عليه، أو حق أسير أو محتاج
أو مظلوم أو يتيم أو أرملة أو غير هؤلاء ممن لزم الإنفاق عليهم
وسد حاجاتهم وتفريج كربهم، بموجب النصوص الإسلامية الداعية
إلى واجب النظر في أمور العامة، فضلاً عن الأمور الخاصة.
– هدر الأوقات والمبالغة في الترفيه واللعب والارتخاء،
الأمر الذي يؤدي إلى إخلال وهفوات كثيرة وخطيرة،
ومن هذا:
– الاستخفاف بالوقت الذي أقسم الله به لمكانته في تعميره بذكر الله
وبالصلاح الخاص والإصلاح العام.
– تعويد النفس على إدامة الراحة والخلود إلى عدم العمل والحركة،
والعزوف عن الفعل والنشاط والتحرك، والاستخفاف بأهمية العمل ومداومته،
وبعظمة المجاهدة المستمرة واليقظة الدائمة.
وقد يؤدي هذا الخلل إلى ترك بعض الواجبات الشرعية أو الدنيوية،
وإلى ترك بعض التكليف أو كله- لاقدر الله تعالى-.
– إشغال النفس بما لاينبغي الاشتغال به، وذلك بسبب الفراغ
الذي تكون عليه النفس في مثل هذه الظروف، وقد عُلم أن النفس
إذا لم تشغلها بالحق اشتغلت بالباطل، وإذا لم تلهها بالمعالي والمقاصد،
ألهتك بالسفاسف والمفاسد.
ولاينبغي أن يفهم هذا الكلام على أنه دعوة إلى إشغال النفس بالالتزامات
والجد والمجاهدة في جميع فتراتها وأطوارها، بل هو دعوة إلى التوسط والاعتدال والاتزان.
ولانرى بأساً أن نقول:
إن الترويح عن النفس مطلوب لابد منه، وعمل جدي وملتزم
إذا حَصّل أغراضه الشرعية. كتنشيط النفس وتجديد الحرص والإقبال على العمل
والجد والمجاهدة، وغير ذلك.
السياحة في نظر علماء الأصول
لعل لفظ السياحة
لم يذكره علماء أصول الفقه ومقاصد الشريعة في كتبهم
وآثارهم بهذه الدلالة والإطلاق،
أي بدلالة كونها نشاطاً إنسانياً على غرار ماهو عليه الآن،
أو بدلالة كونها فعلاً بشرياً يتعلق به حكمه الشرعي،
فالأصوليون والمقاصديون- كما هو معلوم- لاينصب شغلهم العلمي
في مجال الأحكام الفقهية العملية وفي أدلتها التفصيلية،
بل ينصب معظم جهدهم أو كله في دراسة الأصول والقواعد العامة والإجمالية،
وفي مقاصد التشريع وغاياته وأهدافه.
غير أن علماء الأصول والمقاصد قد تكلموا عن السياحة من
خلال الكلام عن بعض قواعدها وأصولها ومقاصدها التي اعتبرت
إطاراً إسلامياً عاماً ومستنداً دينياً إجمالياً، استمدت منه السياحة حكمها الفقهي التفصيلي.
ويمكن أن نورد بعض هذه القواعد والأصول
والمقاصد بكل اختصار واقتضاب:- قاعدة (هل المباح تكليف)، أي هل المباح يحصل به الامتثال
كفعل الواجب والمندوب، وكترك المحرم والمكروه.
ومعلوم أن أقسام الحكم التكليفي خمسة: (الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح).
وقد قرر بعض العلماء أن المكلف إذا فعل المباح بنية التعبد
وبقصد الامتثال ومن أجل تحقيق مقاصد شرعية معتبرة،
فإنه يُعد تكليفاً يُثاب عليه ويُؤجر. أما إذا فعله بنية التذرع إلى الحرام وبقصد مخالفة الشرع،
ومن أجل جلب مفاسد شرعية، فإنه يعد عصياناً يُعاقب عليه ويأثم به.
وفي موضوع السياحة، فإن السائح إذا فعل السياحة
بنية التأمل في عظمة الله وفي كونه وخلقه،
ويقصد تقوية البدن وتنشيط النفس وتشجيع الأولاد على القيام بالعبادة
وإدامة العمل الصالح وفعل الخير وأداء مختلف الواجبات الشرعية
والدنيوية فإنه مأجور ومشكور على كل ذلك. أما إذا فعلها بنية الفساد
والمخالفة الشرعية وغير ذلك، فلا شك في أنه آثم ومذنب- والعياذ بالله-.
– قاعدة (دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح)، فإذا علم السائح أنه سيرتكب بعض الذنوب، وسيقع
في بعض المحظورات أو في طرقها، فلا تردد في ترك السياحة،
وإن كان يغلب على ظنه أنه سيجلب بعض المصالح،
كمصلحة تقوية البدن وتنشيطه، ومصلحة التعارف مع أناس آخرين ودعوتهم،
ومصلحة جلب بعض الأمتعة الخاصة. فدرء المفاسد مُقدم على جلب المصالح.
– قاعدة (سد الذرائع)
فإذا كانت السياحة طريقاً أو ذريعة للفساد،
أو الإسراف في المال والوقت أو تضييع الواجبات أو التهاون فيها،
فلاشك في سد هذه الطرق والذرائع، لأن الذي يؤدي إلى الحرام حرام.
وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب.
– قاعدة (العذر يُزال)،
فإذا كانت السياحة ستجلب ضرراً خلقياً أو بدنيا أو عقلياً،
عقدياً أو سلوكياً، فلابد من إزالة هذا الضرر
بإزالة سببه وطريقه، والذي هو السياحة.
– قاعدة (مالايتم الواجب إلا به فهو واجب)،
فإذا كانت السياحة ستقوي السائحين جسمانياً وعقلياً ونفسياً،
وتحقق التعارف الهادف والتواصل المفيد، وتقوي الاقتصاديات النافعة،
وتجدد العزائم وتبعث في النفوس النشاط للعمل والعلم والإنتاج والتنمية،
فإذا كانت كذلك، فهي مطلوبة،
لأنها طريق إلى مقاصدها الشرعية المعتبرة.
– قاعدة (الموازنة بين المصالح)،
ومعنى هذا أن المصالح إذا تزاحمت وتعارضت،
فإنه يعمل بالترجيح والتغليب أي ترجيح المصالح الأهم على التي هي دونها،
وتغليب الأوكد والأعظم والأعم والأدوم.
فعلى السائح أن يوازن بين مصالحه، فيقدم الأهم على المهم،
كأن يُقدم الإنفاق لأجل الاقتيات والعيش على الإنفاق
من أجل السياحة والترفيه وأن يقدم تسديد ديونه على تسديد مبالغ الفنادق والشواطئ
والغابات وتذاكر الطائرات والقطارات والحافلات.
ولعل من قبيل هذا أن يقدم السياحة الداخلية على السياحة الخارجية،
كأن يقدم السياحة داخل بلده وبين أهله وبني وطنه،
على السياحة في بلادٍ أجنبية لايعرف فيها مآله ومصيره.
وفي السياحة الخارجية نفسها درجات وموازنات،
فله أو عليه أن يقدم السياحة في بلادٍ عربية وإسلامية
على السياحة في بلاد غربية أو شرقية قد يسيح فيها
ويعود كفناً بعد أن عصى وغوى.
حيآك ..
ودووم من تمييز لتمييز ..
أرق آلتحآآيآآآ..
روآن
التميز وجودك اكيد