هل سبق لك أن تعرضت لهجوم ادوار البرد أو ادوار حساسية الأنف؟
-هل تعاني من أعراض انسداد الأنف والرشح المستمر وبعد ذلك تعاني من صداع رهيب؟ كل ذلك وأنت تأخذ الأدوية المعروفة بأدوية البرد التي تراها في كل مكان حولك وفي كل الإعلانات ولكنها لا تعمل؟ إذا كنت تعاني من هذه الأعراض فتذكر التهاب الجيوب الأنفية!
في البداية يجب أن نضع نقطاً مضيئة لفهم المقصود بصحة الأنف والجيوب الأنفية وأول سؤال يتبادر إلى الأذهان هو أين مكان الجيوب الأنفية وما علاقتها بالأنف؟
الجيوب الأنفية هي مجموعة من الغرف المحاطة بغشاء مخاطي خاص حيث يوجد به أهداب تساعد مع الإفرازات الطبيعية الداخلية على حركة المخاط الدائمة وتنظيف الأنف والجيوب الأنفية، وهذه الجيوب تقع حول الأنف والعين وهي تلتقي بالأنف بفتحات صغيرة خاصة بكل جيب انفي.
وهنا يجب أن نسأل أنفسنا سؤالا آخر: لماذا نهتم بالتهابات الجيوب الأنفية وهل هي مثل أي التهاب آخر بالجسم؟
ان التهابات الجيوب الأنفية تشكل مرضا شائعاً يعد الثالث في الانتشار بين بقية الأمراض الأخرى، ويوجد في الدول الصناعية بنسبة تتعدى 15% من نسبة السكان، وفي دولنا العربية تزداد النسبة بسبب التلوث وحدوث الالتهابات المتكررة التي لا نهتم بعلاجها، كما انه يؤدي إلى حدوث مشاكل خاصة وعامة في جميع أعضاء الجسم. ولارتباطها الوثيق بالجهاز التنفسي السفلي فان 60 في المائة من مرضى الجيوب الأنفية يعانون مشاكل في الجهاز التنفسي السفلي، منها على سبيل المثال الربو الشعبي والتهاب الشعب الهوائية الصغرى، ويمكن أن تنشأ مضاعفات نتيجة لانتشار الالتهاب في الأماكن المحيطة بالجيوب الأنفية كالعين (وحدوث تجمع صديدي بها) أو في المخ (وحدوث التهابات بالأغشية السحائية المحيطة به) كما انه يمكن أن تنشأ التهابات بالأذن الوسطى كنوع آخر من المضاعفات.
الأسباب
أن معظم التهابات الجيوب الأنفية الحادة تسبقها التهابات فيروسية ينتج منها تورم الأغشية المخاطية التي تؤدي بدورها إلى توقف صرف الإفرازات وتجمعها، مما يجعل الجيوب الأنفية تربة خصبة لنمو البكتيريا المرضية، وأحيانا تحدث انتانات فطرية حادة. ومع أن هذه الكائنات وفيرة في مجال البيئة وتكون غير مؤذية عند وجود مناعة طبيعية للشخص، فإنها تسبب الإصابة عند تعرض الجهاز المناعي للمريض للخلل فيصبح عرضة للإصابة بهذه الفطريات.
بينما تنشأ الالتهابات المزمنة نتيجة لعدم علاج الأدوار الحادة وأحيانا نتيجة لالتهاب الأنف التحسسي أو حمى القش. كما يمكن أن تنشأ نتيجة لأنواع معينة من البكتيريا تفرز أنواعا معينة من السموم يتفاعل معها الجسم كذلك والجيوب الأنفية بطريقة مناعية خاصة مما يؤدي إلى حدوث تلك الالتهابات.
ويمكن أن تنشأ هذه الالتهابات نتيجة لتفاعل مناعي خاص مع بعض الفطريات، وتعد هذه من النظريات الحديثة لأسباب التهاب الجيوب الأنفية المزمنة. وتلعب الملوثات دورا مهما في زيادة حدة المرض والعرضة للإصابة به. ويمكن حدوث هذه الالتهابات المزمنة عند مرضى العوز المناعي أو عند وجود عيوب في إفراز المخاط أو حركته. وعند بعض المرضى يكون وجود أسباب لانسداد الأنف وفتحات تهوية الجيوب الأنفية سببا مهما لجعل المرض مزمنا.
الأعراض
ويجب أن نعلم أن هذه الالتهابات تنقسم حسب المدة إلى التهاب حاد وهو التهاب الأغشية المخاطية المبطنة للتجاويف الذي يستمر لمدة تقل عن ثلاثة أشهر وتسببه البكتيريا وعادة تسبقه أعراض البرد والحساسية أو تهيج الأنسجة نتيجة للملوثات البيئية، والالتهاب المزمن وهو الذي تطول مدته عن الثلاثة أشهر ويمكن أن تصاحبه لحميات بالجيوب الأنفية ويعد هذه النوع الأكثر خطورة وتكرارا عن الالتهاب المزمن غير المصاحب باللحميات.
أن أعراض التهابات الجيوب الأنفية يمكن أن تتشابه مع ادوار البرد المعروفة لمعظم الناس كما أنها تتشابه أيضا مع حساسية الأنف. وحتى لا يدخل المريض في دوامة التهابات الجيوب الأنفية يجب أن يضع علامات حمراء للتوقف عندها، ومن أهمها الاهتمام بادوار البرد المنتشرة، واستشاره الطبيب إذا استمرت هذه الأعراض لمدة تتراوح بين الخمسة إلى العشرة أيام.
ومن أهم الأعراض التي توحي بحدوث هذه الالتهابات هو حدوث الأعراض الرئيسية لأكثر من واحدة منها (انسداد الأنف، احتقان الأنف، الصداع، آلام الوجه، إفرازات الأنف الصديدية أو إفرازات خلف الأنف، حدوث تغير في حاسة الشم) أو حدوث واحدة من الأعراض غير الرئيسية معها (مثل ارتفاع درجة الحرارة، الضعف، الرائحة السيئة للفم، السعال بكثرة خاصة أثناء الليل).
التشخيص
حين يتوجه المريض بسرعة إلى الطبيب عند حدوث هذه الأعراض يستمع الطبيب للتاريخ الطبي للمريض ثم يفحصه فحصا عاما، ويفحص الأنف والجيوب الأنفية بصورة خاصة.
وهنا يأتي دور المنظار الأنفي في التشخيص حيث يستخدم الطبيب المنظار بعد وضع نقط لإزالة الاحتقان مع وضع مخدر موضعي يساعد على سهولة الفحص في العيادة الخارجية، ويسمح المنظار بتشخيص الكثير من أسباب المرض خاصة عند وجود أسباب عضوية لانسداد فتحات الجيوب الأنفية، مثل اعوجاج الحاجز الأنفي أو وجود تضخم بحجم ملفوفات الأنف. كما يتم تشخيص نوع المرض مثل الالتهابات الفطرية للجيوب الأنفية. وأحيانا يحتاج الطبيب إلى تصوير المريض بالأشعة المقطعية لتشخيص الحالة بصورة واضحة.
العلاج
بعد تشخيص الالتهابات وتحديد السبب إذا كان ممكنا يمكن للطبيب أن يصف العلاج الذي يرمي إلى الحد من الالتهابات وتخفيف الأعراض.
وتعالج التهابات الجيوب الأنفية الحادة بإنهاض الصديد من الممرات الأنفية والسيطرة (أو القضاء) على مصدر الالتهابات وتخفيف الآلام. وهذه الأدوية يجب أن لا تكتب إلا باستشارة الطبيب حتى لا تتحول البكتيريا العادية إلى أنواع مضادة لتلك المضادات الحيوية.
وغالبا ما يكون من الصعب علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمنة بالأدوية بنجاح، كما أن الأعراض تستمر حتى بعد فترات طويلة من تناول المضادات الحيوية. وبصفة عامة فان العلاج من التهاب الجيوب الأنفية المزمن هو مماثل لعلاج التهاب الجيوب الأنفية الحاد. ومع ذلك فان دور الانتانات الجرثومية وبالتالي فائدة المضادات الحيوية في علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن هو نقاش لن ينتهي. وأحيانا يتم وصف مركبات الكورتيزون لبعض الحالات، ولكن بطريقة سليمة حيث يمكن أن يكون لها العديد من الآثار الجانبية.
وعندما يفشل العلاج الطبي فان الجراحة تكون البديل الوحيد لعلاج هذه الالتهابات المزمنة. وتشير الدراسات إلى أن الغالبية العظمى من المرضى الذين تجرى لهم عملية جراحية بالمنظار تكون لديهم أعراض اقل ونوعية أفضل للحياة.
وفي الأطفال غالبا ما يتم القضاء على المشكلة عن طريق إزالة اللحمية المعرقلة للممرات الطبيعية للإفرازات، وعند عدم الاستجابة تجرى عملية باستخدام منظار الجيوب الأنفية، وبذلك يتم توضيح مشاكل الأنف والجيوب الأنفية بشكل أكثر دقة، كما يتم الدخول إلى الأماكن الضيقة بها مع المحافظة على الغشاء المخاطي المبطن للأنف. كما يسمح المنظار برؤية الزوايا الضيقة التي تصعب رؤيتها بالعين المجردة وبذلك يسهل الوصول إليها.
وتعتمد فكرة المنظار في توسيع فتحات الجيوب الأنفية المصابة مع إزالة اللحميات الموجودة والالتهابات مع المحافظة على الأغشية المخاطية.
نصائح للمحافظة على صحة الأنف:-
للمحافظة على صحة الأنف والجيوب الأنفية هناك عدد من النصائح التي يجب اتباعها ومنها: –
• سرعة اتخاذ التدابير التي تحد من عدد وخطورة هجمات البرد مع سرعة علاجها، مثلاً باستخدام مزيلات الاحتقان الموضعي لمدة لا تتجاوز 5 أيام، والذهاب إلى الطبيب إذا زاد دور البرد عن تلك الفترة.
• عدم النفخ الزائد من الأنف لإخراج الإفرازات من الأنف عند وجود البرد أو عند وجود التهابات بالجيوب الأنفية، حيث إن ذلك يساعد على انتشار الميكروبات في الجيوب الأنفية السليمة.
• استخدام المحلول الملحي لتنظيف الأنف عند وجود إفرازات فيه نتيجة لالتهابات الجيوب الأنفية.
• شرب كمية كافية من المياه (من 6 إلى 8 أكواب باليوم) خاصة مع زيادة درجة الحرارة وذلك للمحافظة على صحة الأغشية المخاطية المبطنة للأنف.
• التوقف عن التدخين وتجنب دخان السجائر وغيرها من ملوثات الهواء، حيث إن التدخين يؤدي إلى تقليل حركة الأهداب وجعل الإفرازات سميكة من دون حركة مما يعرضها للالتهاب.
• الابتعاد عن الأتربة والملوثات إن أمكن.
• عدم تغيير درجة حرارة الجو بصورة مفاجئة كالذهاب من مكان دافئ إلى مكان بارد مباشرة والعكس.
• غسل اليدين والمحافظة على نظافتهما لأنهما دائماً ما تشاركان في انتقال الميكروبات.
• الناس الذين يشكون من التهاب الجيوب الأنفية الذي يمكن أن تكون له صلة بالغبار وحبوب اللقاح أو الغذاء ينبغي لهم استشارة الطبيب حتى يجري لهم اختبارات مختلفة تمكنه من تحديد سبب الحساسية وعلاجها.
• السفر جوا أيضا يطرح مشكلة لمن يعاني من التهاب الجيوب الأنفية الحاد أو المزمن حيث يؤدي إلى احتقان فتحات تهوية الجيوب الأنفية وانسدادها مما ينتج منه زيادة أعراض الالتهاب، لذلك نوصي باستخدام قطرات الأنف أو الاستنشاق قبل الطيران لتجنب هذه المشكلة.
• يفضل عدم النزول في حمامات السباحة المزدحمة التي تعامل بنسبة عالية من الكلور حيث إنها تؤدي إلى تهيج واحتقان بطانة الأنف والجيوب الأنفية.
في حفظ الله ورعايته