" مسرح لرقصة الموتى " ؟؟؟
تيري رود – لارسن ليس غريباً عن المنطقة العربية، وشؤونها كما شجونها. ولا يستغرب بعض كبار المسؤولين في المنطقة أن يصدر عن هذا الخبير في الخفايا قبل الظاهر من الأحداث كلام كالذي أدلى به قبل ساعات من الانفجارين المدمِّرين قرب دمشق.
بل توقّف كثيرون عند قول لارسن إن لديه من المعلومات والتحاليل ما يجعله يعتقد ان الشرق الأوسط سيتحوّل "مسرحاً لرقصة الموت"، إن لم يكن مجلس الأمن مستعداً للتحرّك بسرعة قصوى في اتجاه التطورات السوريّة.
أما الهاجس الكبير الذي يقلقه فيستند الى عمليات تدفّق الأسلحة.. وفي غياب شبه تام لأية رقابة، عَبْر الحدود السورية والدول المحيطة بها.
وكخطوة أولى حثّ لارسن جميع الدول المعنية على تكثيف الرقابة، وطالب الشرعيّة الدولية بتغيير أسلوبها في التعامل مع ما سمّاه "الجحيم السوري" الذي قد لا تبقى نيرانه محصورة ضمن الحدود السوريّة، وخصوصاً بالنسبة الى لبنان الذي لا تحتاج تناقضاته البالغة الحساسية الى أية اضاءات أو ايضاحات.
إذاً، ليست سوريا وحدها في الدقّ. وليس لبنان وحده المهدد بانتقال "العدوى" الى أراضيه. بل المنطقة والدول المحيطة بسوريا، كما الدول الحليفة والمؤيّدة وان تكن بعيدة جغرافياً عن حدود النار، والانفجارات، والمواجهات.
فـ"رقصة الموت" إذا بدأت على المسرح السوري، فلا تستطيع المنطقة أن تسدّ أذنيها وتضع نظارتين غامقتي السواد على عينيها. "لم رأينا لم سمعنا لم حكينا"، وليس في هذه الرقصة ما يعنينا أو يخصّنا.
وفي رؤية تيري رود – لارسن، أن الوضع المتأجج والمزنّر بالسلاح والحرائق والقتلى والمواجهات قد أفسح في المجال للسيارات المفخخة والتفجيرات التي تحصد العشرات من الضحايا وتدمّر العشرات من المنازل والمتاجر والمؤسسات.
باختصار، لم يعد الوضع يحتمل التأجيل.
إنما ماذا يقترح لارسن أو سواه على مجلس الأمن من اجراءات وتدابير، حين يعلن كوفي أنان أن مبادرته اقتربت من الفشل، فيما "مسرح رقصة الموت" يقترب من الحرب الأهليّة؟
الى أن تتوافر عناصر اجراءات دولية، جديدة وجدية، يترتّب على الحكومة اللبنانيّة، شبه المشلولة وشبه المعطلة وشبه الغائبة عن الوعي، المسارعة الى تحصين البيت اللبناني انطلاقاً من الحدود المتداخلة في أكثر من موقع ومنطقة. والفالتة عملانياً وسياسياً وواقعياً من أية رقابة في أكثر من منطقة ومحافظة.
وقبل أن يبدأ قرع طبول رقصة الموت.
الياس الديري
" النهار " اللبنانيّة
11 آيار 2024