تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » استجلاء الصورة وشحذ الهمم

استجلاء الصورة وشحذ الهمم 2024.

استبطاء في الطريق (الدواعي والاسباب ):
بعض الناس يستغرب لضعف انتشار الدعوة الصحيحة المناهج و المتكاملة المبادئ والأهداف ….. التي ترفع راية الحق ، وتحمل مصابيح الهداية ومشاعل النور لإسعاد البشرية ، ولإزالة اللبس و الاستغراب عن هؤلاء نسوق الكلمات الآتية :-
إن طبيعة الطريق كما تقدم تتطلب عمل تربوي معين بمنهج ذي مراحل تدريجية معينة تسبق فيه التربية والإعداد والتأهيل وتأسيس المجتمع المسلم إقامة الدولة الإسلامية ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، (أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) ، ولله در القائل (أيها الدعاة أقيموا دولة الله في نفوسهم تقم في أرضكم ) فمراحل الطريق عملية وليست مراحل زمنية موقوتة ، وهذا هو الطريق الذي اختاره الله جل وعلا لوراثة الأرض ولا طريق غيره يتوسل به إلى نتائجه وثمراته كما قيل :
على المرء إن يسعى في الخير ** جهده وليس عليه إدراك النجاح
ومن المعلوم أن من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه ، والجماعة قد اختارت هذا الطريق الذي اختاره الله العليم الخبير لرسله وأنبيائه وأتباعهم ، ويوم أن استبطأ الصحابة رضوان الله عليهم الطريق أوضح لهم النبي صلى الله عليه وسلم طبيعة الطريق وأخبر بأنهم سيصلون به إلى نهاياته ونتائجه إن هم ضحوا في سبيله وصبروا على لأوائه كما في حديث خباب بن الأرت في البخاري وقد قال في نهايته (ولكنكم تستعجلون ) كما قال موسى عليه السلام لأصحابه كما في التنزيل ( قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل إن تأتينا ومن بعد ماجئتنا ، قال عسى ربكم إن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون )) الأعراف 128-129 وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا استراث أمراً تمثل بقول طرفة بن العبد
ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا ** ويأتيك بالأنباء من لم تزود
معلوم بداهة من طبيعة طريق الدعوة ، وسنة الله الثابتة في التغيير والإصلاح ، ومن سنن الله في الدعوات انه كلما بزغ نور للحق تنادت عليه عناكب الليل لتطفئه ( وانه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا) ، ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) التوبة 32 ، ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) الصف 8-9
وإذا نظر الإنسان إلى حجم التآمر ، والكيد والمكر الكُبّار المتنوع الذي دبر للجماعة ، وما منيت به في فتراتها الماضية من المؤامرات ، و التي من المفترض أن لا تبقى منها ولا تذر ، يعرف مدى فضل الله وعنايته بها أن أبقاها وثبتها لرفع لواء الحق والهدى ودفع الأثمان مهما كانت ، والفضل والمنة لله أو لاً وأخيراً .
وإذا تمهد هذا فانا نقول للمستبطئ الحركة والخطوات ، مهلاً عبد الله لا تستغرب إن رأيت في حركة الجماعة من الناحية الأفقية الامتدادية استبطاءاً ، خاصة بعد إن عرفت مقدار ما اعتراها في تاريخها الطويل وما تولد عن ذلك من مساع المعالجة والإصلاح وما جر ذلك من الصراعات والهزات والانشقاقات والتي تحتاج إلي جهد واستفراغ جهد، وكذا التحديات الخارجية وما يتطلبه ذلك من جهود في التصدي لمواجهته ، وما يجره من صراع من أجل وضوح الراية وتمييزها عن الرايات الأخرى ، وكم يحتاج التمدد والتوسع الافقى من تأهيل نوعى وتمدد رأسي في نواحي شتى – هو من التمدد والتوسع ذو العواقب المحمودة والأثر الطيب – من زمن مهما أستغرق ، وكم يتطلبه التغيير من تمهيد وإعداد وإصلاح لأداة التغيير ذاتها ، ألا وهى الجماعة ؛ وكم من جهود يحتاجها هذا ما يتفرع منه تكون خصماً على هذا النوع من التمدد والتوسع الافقى فضلاً عما يقع أثناء الحركة من التناقص المتوقع غير المرغوب بسبب ما سبق ؛ مما يضيق عن شرحه المقام فتقع الانشقاقات ، وقد يحصل التساقط بأسبابه المختلفة ، أو يضعف الانتماء وتفتر بعض الهمم والعزائم من جراء الابتلاءات والشبهات وما تقدم ذكره مما يقع من معاناة الطريق المضني الطويل ، بينما يتقوى البعض ويزداد يقينه بما يراه من وجوه الحق ويحصل عليه من الأجور المنتظرة المتولدة من معاناة المجاهدة الإصلاحية المخلصة في الطريق الصحيح ، وبالرغم من أن جهود البشر يعتريها النقص والضعف والخطأ ، لكن بحمد الله لم يتوقف العمل في لحظة من اللحظات طيلة هذه الفترة المليئة بالابتلاءات والمشحونة بالمتاعب والمعاناة والجهد المبذول في سبيل تصحيح المسيرة كما قدمنا ، وبهذا فلا يظن البعض أن جهود الجماعة تضيع وتذهب هباءاً منثورا ، هذا إلى جانب ما حققته الجماعة من إيجابيات ومكتسبات في مسيرتها القاصدة . ونقرر بأن التراخي الذي يحدث أثناء المسيرة يرجع كذلك إلى ضعف المتابعة ، والإهمال الذي قد يقع من التقصير أحيانا وقد يقع بصورة تلقائية ونتاج طبيعي لتقديم وتأخير في الأولويات بما تفرضه المرحلة ويقتضيه الظرف مما يتطلبه ذلك الإصلاح من جهد وبذل وترتيب وما يفرزه ذلك من مصائب ومصاعب مشكلات ومضاعفات يمكن تجاوزها ومعالجتها مهما استعصت إذا خلصت النيات وصحت المناهج ، فلا يستوحش المسلم من قلة السالكين وكثرة الهالكين . (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) الآية 249 من سورة البقرة .وكما قيل في الحكمة "كل شئ يبدأ صغيراً ثم يكبر ، إلا المصيبة تبدأ كبيرة ثم تصغر " هذا وبالرغم من أن كثرة أهل الحق مطلوبة تتوق لها النفوس وتشرأب لها الأعناق وهى منة من الله وفضل نسأل الله أن يمنُّ بها على هذه الفئة المنتهجة لمنهج أهل السنة ويربط قلوبها علي الحق إلا أن تكثير السواد لا تستعجل له الخطوات التربوية إذ أنها خطوات مرتبة لا يمكن تجاوزها يُسلم كل منها للذي يليه ، فهي خطوات آخذ بعضها برقاب بعض تفتقر إلى مضاعفة الجهود وإتقان المراحل لتحقق الغاية منها ، هذا ولا ننكر أن للكثرة التي تؤمن بهذا المنهج وتعمل له دور كبير في استكمال الخطوات ….وهى بهذا المعنى نعمة تستحق الشكر و البذل والاستغلال الأمثل ( واذكروا إذا كنتم قليلا فكثركم ) الآية 86 من سورة الأعراف . ثم إن الجماعة لا تبرئ نفسها من العجز الذي يعترى البشر والذي يستوجب من أفرادها التوبة والاستغفار، والرجوع إلى الله تعالى مع المراجعة الدائمة للأداء ، ومضاعفة الجهود لتعويض ما فاتها ، وتلافي ما وقعت فيه من التقصير، وإكمال ما وجد فيها من نقص، وتصحيح ما تخلل حركتها من أخطاء حتى يكتمل التأهيل المطلوب، مع استشعار الفقر إلى الله من قبل ذلك وبعده على الدوام ، ولها في الله أعظم الأمل في النهوض من الكبوات والإقالة من العثرات كما قيل :
وسوف تصفو الليالي بعد **** كدرتها وكل دور إذا ما تم ينقلب
وعندئذ فنصر الله قريب ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) ( ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ) .
المستقبل للإسلام :
كثير من الناس إذا نظر الى استعلاء أهل الكفر وطغيانهم وما وصلوا إليه من القوة والتقدم المادي في كل المجالات لا سيما العسكرية ، ونظر إلي واقع المسلمين واستضعافهم ، وعظيم تكاليف الدعوة والمطالب ، وحجم التحديات التي يواجهونها ، ساورهم اليأس ، وتسلل إليهم القنوط ، وأستبد بهم الضعف ، وأقعدهم عن العمل للإسلام ، وإلي هولاء نقول أنه من الثابت في السنن الكونية ، إن القوة إذا بلغت غاياتها ، ركن أصحابها إلي الدعة والتنعم والتراخي ، وأورثهم ذلك غروراً واحتقارا لمن دونهم ، فاستحالت قوتهم إلي ضعف وتقهقر وانهيار، مما يرفع روح التنافس عند مخالفيهم ويحفزهم علي الأخذ بأسباب القوة ويدفعهم للتفاني والتضحية والمثابرة والخروج من الذل والهوان ، فانه ما ضاع حق وراءه ملاحق ، خاصة إذا كان لهم ماض مشرق ضاع بسبب تفريطهم فيه كما قيل ( من لا ماض له لا حاضر له ) وفي التنزيل ( إن مع العسر يسرا ) فكيف إذا صاحب هذا التحرك الاعتقاد الجازم واليقين القاطع بأن النصر والغلبة متحققة لهم ، كما ثبتت النصوص بانهيار قوي الكافرين – بعد استعلائهم في آخر الزمان – وانهيار ملكهم وسلطانهم علي أيدي المسلمين وإعادة الخلافة الراشدة ، ونحن نسوق تلك النصوص المبشرة بأن المستقبل للإسلام ، والتي تستل من النفوس ، اليأس وتنزع القنوط وتقوي العزائم وتشحذ الهمم وتستنهضها لتهب لنصرة هذا الدين ، هذا ومن أعظم وأروع ما سطره يراع العلامة الشيخ محمد ناصر الألباني رحمه الله في هذا الصدد في مقدمة كتابه السلسلة الصحيحة تحت عنوان المستقبل للإسلام حيث قال: قال الله تعالي : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون) – التوبة الآية (33) وختمت في سورة الفتح بـ( وكفي بالله شهيداً ) الآية . قال تبشرنا هذه الآية الكريمة بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره وحكمه علي الأديان ، كلها وقد يظن بعض الناس أن هذا النصر قد تحقق بكامله في عهده  وعهد الخلفاء الراشدين والملوك الصالحين ، وليس ذلك كذلك ، فالذي تحقق أنما هو جزء من الوعد الصادق كما سيتأكد بالأحاديث التي سنوردها إن شاء الله ) الآية دليل علي إن الغاية من بعث النبي  بالهدي ودين الحق هو إظهار هذا الدين واستعلائه علي جميع الأديان بالدعوة والحجة والبرهان والبصيرة والقوة والحديد وما يتفرع عنه من اسلحة فتاكة وسنان "ما استطعتم من قوة " وقد قال السعدي رحمه الله في تفسيره عند تفسيرها ( أي ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية والراي وانواع الاسلحة ونحو ذلك مما يعين علي قتالهم وارهابهم وكل ما تكون النكاية فيه اشد فان مالا يتم الواجب الا به فهو واجب ) وأن هذا الإظهار بالايدي والابصار وتحقيق النصر والغلبة واجب علي أهل الإسلام والأحاديث ترفع همم العاملين وتزرع فيهم الأمل واليقين وتستل من نفوسهم اليأس المقعد . قال العلامة الألباني رحمة الله ( قد وردت أحاديث توضح مبلغ ظهور الإسلام ومدي انتشاره بحيث لا تدع مجالاً للشك بأن المستقبل للإسلام بإذن الله تعالي وتوفيقه وها أنا ذا أسوق ما تيسر من الأحاديث عسي أن تكون سبباً لشحذ همم العاملين للإسلام وحجة علي اليائسين المتواكلين ) والأمة المسلمة مفروض عليها الجهاد ومكلفة بمقاتلة أعداء الله وأن الجهاد ماض إلي يوم القيامة كما ورد بذلك الحديث . وفي حديث الطائفة الظاهرة الظافرة المنصورة ( لا تزال طائفة من أمتي علي الحق ظافرة وفي رواية منصورين وفي رواية ظاهرين لعدوهم قاهرين وفي رواية يقاتلون حتي ينزل عيسي بن مريم من السماء فيقول أميرهم تقدم فصل لنا فيدفعه عيسي قائلا بعضكم علي بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ) أو كما قال . وقد افاد الشيخ الألباني مشيرا الي ان في ذلك رد علي أولئك اليائسين الذين تركوا القيام بأمر الله والمجاهدة في سبيله انتظارا منهم لنزول عيسي بن مريم أو خروج المهدي الذي ثبتت به الأحاديث المتوترة ، والنصوص أثبتت استمرار الطائفة المنصورة الظاهرة والظافرة وأنه لا ينفك منها الزمان أبدا وأن وجوب الجهاد مستمر كما أن بعض النصوص تؤذن بزوال ملك اليهود وانهياره ، ففي صدر الإسراء يقول الله عز وجل ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءا وجوهكم – والخطاب موجه لليهود – وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبرأ) أي : وليحطموا ويدمروا ما علا اليهود تحطيماً وتدميراً وهو دمار حسي يصحبه الدمار المعنوي لان المصدر يرفع احتمال المجاز كما يقول أهل اللغة والأحاديث النبوية تشرح ما في الآية الكريمة ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأن رسول الله  قال ( لا تقوم الساعة حتي يقاتل المسلمون فيقتلونهم حتي يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر – هزيمة نكراء مصحوبة بالإكرام للمسلمين حيث ينطق الله الحجر والشجر – فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله خلفي وفي رواية ورائي يهودي تعال فاقتله إلا شجر الغرقد فانه من شجر اليهود ). وفي رواية البزار ورجالها ثقات رجال الصحيح كما جاء في مجمع الزوائد للهيثمي في المجلد السابع : ( أنتم شرقي الأردن وهم غربيه ) ويعقب راوي الحديث فيقول : وأنا لم نكن نعرف أين الأردن من الأرض يوم ذاك . يقول الشيخ العلامة عبد الله عزام تقبل الله شهادته في رسالته الإسلام ومستقبل البشرية تعليقاً علي هذا الحديث بعد إيراده له ما نصه ( فهذا يعني إن المنطقة قبل المعركة الفاصلة لابد أن تكون محكومة بالإسلام ويهيمن الإسلام علي الجندي والقائد والحاكم والمحكوم بدليل أن الشجر والحجر سينادي : يا مسلم هذا يهودي ورائي فأقتله ).
وقد جاءت الروايات تشير إلي أن رجوع المسلمين إلي الله واستسلامهم لشرعه وجهادهم في سبيله عندما تكون الفتن تبدأ في الأرض المباركة ، حيث الجماعة المسلمة ، وحيث يقوم فسطاط المسلمين ، ففي الحديث الصحيح الذي رواه أبو دواد في سننه مرفوعاً ( إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلي جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام) وهذا الحديث رواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ووافقه المنذري . أنظر مختصر أبي داود في كتاب الملاحم في سننه . وقال أبن معين ليس من حديث الشاميين شئ أصح من حديث صدقة بن خالد عن النبي  ( معقل المسلمين أيام الملاحم دمشق ) كذا في تخريج السنة 6/165 . أنظر مجمع الفوائد لمحمد بن محمد سليمان ج5/597 . وهو في كتاب فضائل أهل الشام دمشق للربعي بتخريج الألباني . وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود الطيالسي ( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ) وهذه وغيرها بشارات من فم النبي الشريف الصادق تبشر بمستقبل الإسلام ودور الشام وأهله وتبين أن الأرض المباركة والديار الشامية بكاملها سيكون لها دور كبير في تاريخ البشرية وقيادتها وأنها ستكون الحصن الحصين الذي تأوي إليه فئة المسلمين وعصبتهم ، وجماعة المسلمين أيام اشتداد المحن ونزول الفتن . وفي رواية الأمام احمد وأبي داود ( لا تزال طائفة من أمتي علي الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم ولا ما أصابهم من لوائه حتي يأتي أمر الله وهم كذلك قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال ببيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس ) الحديث قسم منه في الصحيحين وبقية الحديث جاء من روايات عديدة في غير الصحيحين بلغت مبلغ التواتر . وقد عقد البيهقي باب في سننه عنوانه باب إظهار دين النبي علي سائر الأديان ذكر فيه جانباً من هذه الأحاديث ج 9/177 ويقول الأمام الشافعي رحمة الله (ليظهرن الله دينه علي الأديان حتي لا يدان الله إلا به متى شاء الله) فإذا كان اليهود علي كفرهم وضلالهم وباطلهم أنما يصدرون في صمودهم عن عقيدة حرفوها واعتقدوا صحتها قد أعدوا عدتهم لها يستميتون في سبيلها وهم من أحرص الناس علي تحقيق باطلهم وأشدهم نخوة واعتزازاً ليهوديتهم فكيف بخير أمة أخرجت للناس أمة خير الأنام والإسلام وعندهم الأخبار القرآنية والأحاديث النبوية الصادقة المؤكدة بزوال ملك اليهود ودماره بأيدي أهل الإسلام ألا يكون ذلك محفزاً لهم لأعداد العدة والاستعداد والاندفاع لجهاد اليهود وقتالهم والا يجعلهم يصمدون ويصدرون عن اعتقاد جازم ويقين قاطع بأن المستقبل للإسلام وأن النصر حليفهم سواء أن شهد الواحد منهم ذلك النصر الموعود في الأخبار أو قُتل قبل تحققه وصعدت روحه مع الشهداء إلي بارئها تحت العرش بطلقة أو قذيفة تلصقه بجوار رب ودود جواد كريم يطلع عليهم إطلاعه فيقول ( تمنوا علي ) كما في الحديث الصحيح ونسأل الله تبارك وتعالي أن يكرمنا بذلك وأن نكون من جنود ذلك وشهوده بمنه وكرمه اله الحق آمين .
كما جاءت بعض النصوص تؤذن بزوال سلطان النصارى وقوتهم ملكهم كما في الحديث الذي رواه الأمام أحمد 2/176 والدرامي 1/126 وأبن أبي شيبة في المصنف 2/47/153 وأبو عمر الداني في السنن الواردة في الفتن عن أبي قبيل قال كنا عند الله عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً : القسطنطينية أو رومية ؟ – ورومية هي روما كما في معجم البلدان وهي عاصمة إيطاليا اليوم – فدعا عبد الله بصندوق له حلق قال فأخرج منه كتاباً قال فقال عبد الله بينما نحن حول رسول الله  نكتب إذ سئل الرسول  أي المدنيتين تفتح أولاً أقسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله  مدينة هرقل تفتح أولاً يعني قسطنطينية ) وأخرجه الحاكم 4/422/508/555 وعبد الغني المقدسي في كتاب العلم 1/2/30 وقال حديث حسن الإسناد . قال الألباني : وصححه الحاكم ووافقه الذهبي في ذيله وهو كما قالا الصحيحة 1/33 قال الشيخ عبد الله عزام المعروف أن القسطنطينية فتحت سنة 857 هـ علي يد محمد الفاتح العثماني أي بعد البشارة النبوية بثمانية قرون ونصف وستفتح روما بأذن الله لأن النبي  قد قال ذلك وهو قريب من تعليق العلامة الألباني علي هذا الحديث حيث قال : (وقد تحقق النصر الأول علي يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف وذلك بعد أكثر من ثمانية سنة من أخبار النبي  بالفتح وسيتحقق الفتح الثاني بأذن الله تعالي ولابد (ولتعلمن نباه بعد حين ) قال : ولا شك أيضاً إن تحقيق الفتح الثاني يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة إلي الأمة المسلمة وهذا ما يبشرنا به النبي  في الحديث الذي رواه الأمام أحمد في مسنده عن أبي داود الطاليسي وهو في مسنده أيضاً كما رواه البزار والطبراني عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله  ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً عاضاً أي ظالماً فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله إن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها أن يرفعها ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة ثم سكت ) قال الحافظ العراقي في محجة القرب إلي محبة العرب هذا حديث صحيح . وصححه الألباني كما في الصحيحة 1/35 برقم (5) وفي رواية البزار بسند صحيح بزيادة ( ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي  ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض يرضي عنها ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدراراً ولا تدع الأرض من نباتها وبركاتها شيئاً إلا أخرجته ) ويقيننا واعتقادنا أن هذا لابد أن يقع لأن رسول الله  صح عنه أنه قاله ونقل الشيخ الألباني مبشرات أخري بعودة الخلافة وقوة المسلمين وبسط سلطانهم علي الأرض ، منها ما رواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه وأبن ماجه والأمام أحمد من حديث ثوبان وشداد بن أوس أيضاً عن النبي  ( إن الله زوي لي الأرض – أي جمع وضم – فرأيت مشارقها ومغاربها وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ) الحديث قال : وأوضح منه وأعم ما رواه الأمام أحمد 4/103 والطبراني في الكبير 1/126 عن النبي  ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل بذليل عزاً الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر) وأخرجه أبن منده في الإيمان 1/102 وقال حسن صحيح ورواه الحاكم وقال صحيح علي شرط الشيخين ووافقه الذهبي 3/430 والبيهقي السنن الكبري 9/179 وقد اخرج الالباني هذا الحديث في كتابه تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ص (12) عن جماعة من الصحابة وله شاهد من حديث أبي ثعلبة الخشني مرفوعاً نحوه أخرجه الحاكم وصححه ورده الذهبي وهو صالح في الشواهد قال الألباني : ( ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمين أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم حتي يستطيعوا أن يتغلبوا علي قوي الكفر والطغيان كما وردت الأحاديث وساق طائفة منها ثم قال : هذا ومما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله  ( لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتي تلقوا ربكم ) رواه البخاري في الفتن من حديث أنس مرفوعاً . فهذا الحديث ينبغي أن يفهم علي ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها ، مثل أحاديث المهدي ، ونزول عيسي عليه السلام ، فأنها تدل علي أن هذا الحديث ليس علي عمومه ، بل هو من العام المخصوص ، فلا يجوز إفهام الناس أنه علي عمومه حتى لا يقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن ( أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )87 – يوسف . أسال الله أن يجعلنا مؤمنين به حقاً ) فهذه نصوص قاطعة تغرس الأمل الفسيح وتورث اليقين القاطع وتبشر بوعد الله تعالي ورسوله  الصادق بغد مشرق ومستقبل باهر للإسلام فإلي الجهاد والعمل والبذل والعطاء وترك التواكل أيها المسلمون مع يقينكم واعتقادكم بأن الإسلام قادم والخلافة الراشدة عائدة والإسلام مهيمن وبالغ ما بلغ الليل والنهار ( وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ومن أراد مزيداً وتعميقاً لهذا المعني فليرجع الفصل الذي عقد الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلته الصحيحة في هذا الشأن كما أشرنا إليه ورسالة المستقبل لهذا الدين للأستاذ سيد قطب تقبل الله شهادته ورحمه ، ورسالة الإسلام ومستقبل البشرية للشيخ عبد الله عزام رحمه الله وتقبل شهادته التي سبقت الإشارة إليها .
اللهم إنا نسألك ونتوجه إليك بأسمائك الحسني كلها وصفاتك العلي ما علمنا منها ما لم نعلم إن تنصر الإسلام وتعز المسلمين وتؤيد عبادك المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها فأنهم قلة فكثرهم وضعفاء فقوهم وفقراء فأغنهم سدد رميهم وصوب سهامهم وحقق نصرهم وفك اسرهم وحصارهم ووحد كلمتهم وأجمع صفهم علي الحق المبين وأعلي بهم كلمة الحق والدين وأفتح بهم العباد والبلد ومكن بهم لدينك في الأرض وعجل بهم الخلافة الراشدة والإمامة العظمي التي يعز فيها أهل طاعتك ويذل فيها أهل معصيتك ويؤمر بالمعروف وينهي فيها عن المنكر ويهيمن فيها منهجك علي الأرض اللهم عليك بأعداء هذا الدين من اليهود ومن هاودهم ، والنصارى ومن ناصرهم والشيوعيين ومن شايعهم والعلمانيين ومن عاونهم اللهم اجعل كيدهم في نحورهم وتدبيرهم في تدميريهم واجعل الدائرة عليهم ونكل بهم واقتلهم شر قتلة وممزقهم شر ممزق واهزمهم شر هزيمة واجعل هزيمتهم سبباً لهدايتهم واجعلهم عبرة للمعتبرين وأموالهم غنيمة للمسلمين بحولك وقوتك اله الحق آمين وصلي الله وسلم علي رسول الله الأمين سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا اله الا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
لا اله الا الله وحده لا شريك له .له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.