المادة العلمية تكاد تكون بالكامل منقولة عن أحد المشايخ الذين تولوا الرد على الكذاب الذي أثار تلك الشبهة الباطلة.
فاقرأ واصبر وانشر لغيرك.
______
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الآونة الأخيرة كثر ظهور من سماهم أحد الدعاة بالمرتزقة ممن ادعوا العلم والثقافة وما هم إلا لصوص سرقوا أبحاث غيرهم ويا ليتهم لما سرقوا سرقوا أبحاثا نافعة بل سرقوا أبحاث اعدائهم ممن أقام تلك الأبحاث خصيصا للطعن في الإسلام للقضاء على مصدر قوة المسلمين ألا وهو دينهم.
خرج هؤلاء المرتزقة ليشككوا المسلمين في كل شيء . فطعنوا في القرآن واتهموه بالكذب وعدم القداسة وكذلك طعنوا في البخاري كما يفعل المدعو إسلام البحيري.
وما داموا اجترأوا على القرآن والسنة فهل يعز عليهم الطعن في الصحابة ومن بعدهم من أئمة المسلمين كأصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم ؟
ومؤخرا خرج علينا فاشل من فشلتهم يدعي أن المسجد الذي سماه ربنا في القرآن (بالمسجد الضرار) والذي بناه جماعة من المنافقين على رأسهم أبو عامر الفاسق . زعم هذا الفاشل أن الذي بناه هم مجموعة من السلف والصحابة.
ولكي يلبس هذا الخبيث على المسلمين ويوهمهم بصدق كلامه ادعى أنه نقل هذا الكلام من كتاب لمفسر اسمه أبو بكر الجصاص في كتابه (أحكام القرآن).
في حين قال الجصاص:
(رُوِيَ عن جماعة من السلف إنهم كانوا اثنى عشر رجلا…) إذن فالسلف هنا ليسوا من بنى وإنم يحكون عن اثني عشر رجلا من قبيلتي الأوس والخزرج من المنافقين والجصاص ينقل عنهم هذه الحكاية.
فتعالوا نطالع ما قاله الجصاص وغيره من المفسرين ليتبين لنا كذب هذا الرجل وغيره.
مع التنبيه قبل البدء بأن القصة سواء ثبتت أم لم تثبت فإن الشاهد الذي نريده منها أنه لم يذكر فيها مطلقا أن الصحابة هم من بنى هذا المسجد الذي بني لمحاربة الدين.
فإن ثبتت القصة فالصحابة أبرياء وفق ما جاء في
احداثها وإن لم تثبت فكفى بهذا دليلا على كذب المدعي وجهله بصحة ما ينقل إضافة لتدليسه في النقل.
وفي حال عدم ثبوتها نتعلم أنه ليس كل مشهور منتشر يكون صحيحا وأن علينا التثبت من كل معلومة.
واخترت بفضل الله اثنين من التفاسير خشية الإطالة هما الجصاص وابن كثير . وستجد القصة في غيرهما من كتب التفسير كالقرطبي والطبري.
قال الجصاص:
قوله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا الآية روى عن جماعة من السلف إنهم كانوا اثنى عشر رجلا من الأوس والخزرج قد سموا استأذنوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في بناء مسجد لليلة الشاتية والمطر والحر ولم يكن ذلك قصدهم وإنما كان مرادهم التفريق بين المؤمنين وأن يتحزبوا فيصلى حزب في مسجد وحزب في مسجد آخر لتختلف الكلمة وتبطل الألفة والحال الجامعة وأرادوا به أيضا ليكفروا فيه بالطعن على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم والإسلام فيتفاوضون فيما بينهم من غير خوف من المسلمين لأنهم كانوا يخلون فيه فلا يخالطهم فيه غيرهم قوله تعالى وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل قال ابن عباس ومجاهدا أراد به أبا عامر الفاسق وكان يقال له أبو عامر الراهب قبل وكان شديد العداوة للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم عنادا وحسدا لذهاب رئاسته التي كانت في الأوس قبل هجرة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة فقال للمنافقين سيأتى قيصر وآتيكم بجند فأخرج به محمدا وأصحابه فبنوا المسجد إرصادا له يعنى مترقبين له وقد دلت هذه الآية على ترتيب الفعل في الحسن أو القبح بالإرادة وأن الإرادة هي التي تعلق الفعل بالمعاني التي تدعو الحكمة إلى تعليقه به أو تزجر عنها لأنهم لو أرادوا ببنائه إقامة الصلوات فيه لكان طاعة للّه عز وجل ولما أراد به ما أخبر اللّه تعالى به عنهم من قصدهم وإرادتهم كانوا مذمومين كفارا
______
قال ابن كثير:
سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ (1) الْكَرِيمَاتِ: أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقدَم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ يُقَالُ لَهُ: "أَبُو عَامِرٍ الراهبُ"، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّر فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَرَأَ علْم أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ فِيهِ عِبَادَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَهُ شَرَفٌ فِي الْخَزْرَجِ كَبِيرٌ. فَلَمَّا قَدم رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ لِلْإِسْلَامِ كَلِمَةٌ عَالِيَةٌ، وَأَظْهَرَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، شَرِق اللَّعِينُ أَبُو عَامِرٍ بِرِيقِهِ، وَبَارَزَ بِالْعَدَاوَةِ، وَظَاهَرَ بِهَا، وَخَرَجَ فَارًّا إِلَى كُفَّارِ مَكَّةَ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فألَّبهم عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاجْتَمَعُوا بِمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَقَدِمُوا عَامَ أُحُدٍ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانَ،
وَامْتَحَنَهُمُ اللَّهُ، وَكَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
وَكَانَ هَذَا الْفَاسِقُ قَدْ حَفَرَ حَفَائِرَ فِيمَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَوَقَعَ فِي إِحْدَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُصِيبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَجُرِحَ فِي وَجْهِهِ وكُسِرت ربَاعِيتُه الْيُمْنَى السُّفْلَى، وشُجَّ رَأْسُهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَتَقَدَّمَ أَبُو عَامِرٍ فِي أَوَّلِ الْمُبَارَزَةِ إِلَى قَوْمِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَخَاطَبَهُمْ وَاسْتَمَالَهُمْ إِلَى نَصْرِهِ وَمُوَافَقَتِهِ، فَلَمَّا عَرَفُوا كَلَامَهُ قَالُوا: لَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا يَا فَاسِقُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَنَالُوا مِنْهُ وسبُّوه. فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَر. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَاهُ إِلَى اللَّهِ قَبْلَ فِرَارِهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ وتمرَّد، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمُوتَ بَعِيدًا طَرِيدًا، فَنَالَتْهُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ النَّاسُ مِنْ أُحُدٍ، وَرَأَى أَمْرَ الرَّسُولِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فِي ارْتِفَاعٍ وَظُهُورٍ، ذَهَبَ إِلَى هِرَقْلَ، مَلِكِ الرُّومِ، يَسْتَنْصِرُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَعَدَهُ ومَنَّاه، وَأَقَامَ عِنْدَهُ، وَكَتَبَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالرَّيْبِ يَعِدُهُمْ ويُمنَّيهم أَنَّهُ سيقدمُ بِجَيْشٍ يُقَاتِلُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَغْلِبُهُ وَيَرُدُّهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا لَهُ مَعقلا يَقْدَمُ عَلَيْهِمْ فِيهِ مَنْ يَقْدَمُ مِنْ عِنْدِهِ لِأَدَاءِ كُتُبه ويكونَ مَرْصَدًا لَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَشَرَعُوا فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ مُجَاوِرٍ لِمَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَبَنَوْهُ وَأَحْكَمُوهُ،
______
بقي أن أنقل لكم بعض الأدلة على فضل الصحابة ومكانتهم عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فإذا عرفت فضلهم فأبغض في الله كل من تطاول عليهم وافضح كذبهم وخبثهم ولا تسمع لهم مرة أخرى.
بعض الأدلة على فضل الصحابة :
أما من القرآن :
ورد في سورة الأنفال (64): { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين }، أي: أن الله كافيك وكافي المؤمنين معك شر أعدائهم ومكرهم، وهذه تزكية للصحابة الكرام بأن الله كافيهم وناصرهم على عدوهم. ومنها ما في سورة الأنفال أيضاً (62) { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين }، وهذه منزلة عظيمة أنزلهم الله إياها إذ جعلهم أنصاره وأنصار نبيه – صلى الله عليه وسلم -.
وفي سورة الأنفال (63) قال تعالى: { وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم }، وهذه فضيلة عظيمة للصحابة من الأنصار والمهاجرين بأن الله حبب بعضهم لبعض، وجمع قلوبهم على الحق والهدى فأصبحوا من أتباعه وأنصاره .
وفي الأنفال (74) قال سبحانه: { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا وأولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزقٌ كريمٌ }، وفي هذه الآية جمع الله الفضل لفريقي الصحابة، وهم المهاجرون والأنصار، من هاجر، ومن آوى، فشهد لهم بحقيقة الإيمان، ووعدهم بالمغفرة والرزق الواسع.
وفي التوبة (100) قال تعالى: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }، وهذا تفضيل للسابقين من المهاجرين والأنصار في الأجر والثواب، وأن سبقهم لا يقصي من جاء بعدهم، بل هم معهم أيضاً في الرضوان والجنان مع الخلود التام .
وفي سورة الفتح أيضاً (29) قال تعالى: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود } إلى آخر السورة وهذه فضيلة أخرى سجلها القرآن للصحابة الكرام حيث جمعهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في وصفه لهم بأنهم أشداء على الكفار، رحماء بينهم، مواظبين على أداء الصلاة ابتغاء مرضاة الله تعالى، وأن علامة صلاتهم ظاهرة في وجوههم نوراً وبهاءاً.
{ لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم }، وهذه تزكية عظيمة للصحابة الكرام حيث جمعهم الله مع نبيه – صلى الله عليه وسلم – في الإيمان والجهاد والثواب في الآخرة والجزاء بالخلود في الجنات .
_________
أما من السنة :
" لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ ، وَلاَ نَصِيفَهُ".
رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم:
خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ.
رواه البخاري
وقال عليه الصلاة والسلام
يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيَقُولُونَ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ.
رواه البخاري
(الفئام : جماعة).
والله أعلى وأعلم.
انشر لغيرك