أزمة الهوية : الآباء قبل الأبناء .
فأزمة الهوية والتي نادى بها اريكسون تعكس تساؤل الفرد( في مرحلة المراهقة بالتحديد) عن الآتي : من أنا ؟ ومن أكون ؟
وهي حالة نفسية غير مريحة ، ويرى اريكسون أن مرحلة البلوغ والمراهقة من (13- 18 ) أي بداية الرشد ، هي مرحلة الإحساس بالهوية .
فعندما تتعرض أية هوية إلى تحديات وردود أفعال يبدأ هاجس الخوف على الهوية، ويبدأ الحديث عن (أزمة الهوية) ونحو ذلك، غير أن الأزمة ليست في ذات الهوية دوما، بقدر ما هي في خارجها لأنها نتيجة للمتغيرات التي تحدث حولها والتحديات التي تواجهها.
وحين نتكلم عن (أزمة) فإننا لا نحسها مباشرة، وإنما نلاحظها ونشعر بها من نواحي عديدة وبخاصة في العلاقات الاجتماعية والثقافية التي ترتبط بالآخر .
إن الأزمة التي يعيشها الشباب هي أزمة هوية "Identity crisis " وهي تلك الأزمة التي يؤدي فيها التساؤل :
" من أنا " إلى اهتزاز في كل مفاهيمه السابقة عن تصوره لذاته .
إن النجاح في هذه المرحلة يؤدي إلى اكتشاف الشاب لهويته ، وإذا فشل في ذلك فانه يضع في حالة ارتباك الدور ، أي محور صراعه هو الهوية في مقابل ارتباك الدور identity v/s role confusion .
وهذه تنعكس بدورها ليس فقط على الشباب ، بل أيضا عندما تختلط الأدوار لدى البالغين بسبب الانتقال القسري أو الهجرة الإجبارية من مكان لآخر بسبب عدة عوامل في الوطن الأصلي رغم أن الدراسات الإنسانية والاجتماعية ترى أن بناء الهوية يتم خصوصاً في التراتبية التي ينظم عبرها كل شخص انتماءاته المختلفة، فإنه من جانب آخر يمكن لبعض الهويات الجماعية أن تهيمن على هذا الشخص وتتحكم فيه .
وهذا هو محور حديثنا اليوم حيث إن ما نلاحظه من أزمة للهوية لا يكون عند المراهقين بل عند الكبار والراشدين في مجتمعنا العربي وخصوصا المهاجرين منهم أو المغتربين ، فالغالبية منهم قد فقد هويته ويعيش الآن أزمة هوية حقيقية بين من أنا ومن أكون ؟
نعم إن الغالبية الآن تعيش هذا الواقع وياليتها كانت مقصورة على الفتية أو المراهقين بل الطامة الكبرى أننا نجد هذه الأزمة الآن عند الراشدين ، فهؤلاء يعانون أكثر من أبنائهم بل إن سبب معاناة الأبناء من أزمة الهوية هو الآباء لأنهم – أي الآباء – هم أنفسهم قد فقدوا هويتهم وضاعت عليهم هم أنفسهم قبل أبنائهم ، فنجدهم مرة متدينين يقومون بتعاليم الدين الإسلامي على سبيل المثال والعادات العربية والقيم والمثل وفي موقف آخر قريب منه جدا نراهم بعيدين كل البعد بل ويدعون ويعلنون بكل صراحة عن أن سبب تخلفنا وجهلنا وما آل إليه حالنا هو هذه التعاليم الدينية والتقاليد الفانية البالية !!
وأمام الأبناء وأبناء الأقرباء وأبناء الأصدقاء ، وهنا لا نقول إن مثل هؤلاء مزدوج الشخصية بل على العكس أن شخصيته واحدة لكنه بالحقيقة فاقد للهوية فمن جهة يحاول أن يتعلم ويقلد الآخرين من عرب وغربيين ويحاول إشباع دوافعه وغرائزه المكبوتة ومن جهة أخرى يقف حاله عند ما تربى وعاش عليه لفترة طويلة من تربية وتعاليم وقيم ويا له من صراع افقده هويته فهو يريد ولا يريد وبدلا من تحديد خط محدد وهدف معين للسير فيه نجده قد ظل طريقه وضاع هو نفسه بين من أنا ومن أكون وماذا أريد ..
وهنا لابد أن نقول وبموضوعية إن واحدة من أسباب ضياع هويتنا هو ضياع فكر موحد يجمعنا وهدف سامي نسعى من خلاله إلى تحديد أنفسنا وهويتنا .
فتعصب الكثيرين منا إلى قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم الدينية جعل الآخرين ينفرون منها كلها ويبحثون عن ما يمكن أن يكون بديلا لها وهذا أصعب ما في الأمر .
ولو كنت الآن حيا ترزق أستاذي الكبير اريكسون لعدلت من نظريتك الكثير الكثير ولشرحت لنا وبينت لنا الحال أكثر …
م/ن
اسال الله التوفيق للجميع
غصووونه
أختي *غصن الأراك*
سرني مرورك العطر على موضوعي.
جزاك الله كل خير.
تحياتي وتقديري لك.