من شبه الجزيرة العربية، يعود تاريخها الى جذور
موغلة في اعماق التاريخ بل وما قبل التاريخ ، وقد تعاقبت حضارات عديدة على ارض عمان على
مدى الاف السنين مما اعطاها مكانة متميزة وسط حضارات العالم القديم وٕامبراطورياته
وتشكل عمان واحدة من اقدم الكيانات العرفية والسياسية في شبه الجزيرة العربية، حيث
والذي ،
كان يكتب بالعلامتين (ما) التي تعني السفينة و (جان) وتعني هيكل وبذلك يكون معنى الاسم
كاملا " هيكل السفينة".كما عرفت ايضا باسم " مزون " والذي اطلقه عليها الفرس ويشير
ذلك الى وفرة الموارد المائية بها ، وفي ذلك قيل :
إن كسرى سمى عمان مزونا
ومزون يا صاح خير بلاد
بلدة ذات مزارع ونخيل ومراع ومشرب غير صاد
وقد ارسل اليهما
النبي محمد – صلى لله عليه وسلّم– كتاباً حمله عمرو بن العاص طلب اليهما فيه اعتناق الدين
الإسلامي وذلك في السنة ٦ ه فاعتنق الأخوان الدين الجديد وعم الإسلام في عمان. وبهذا
احتلت عمان والعمانيون مكانة خاصة عند المسلمين وعند رسول لله الذي ورد عنه انه
قال:"رحم لله اهل الغبيراء (عُمان) امنوا بي ولم يروني".
في اوائل القرن السادس عشر وتحديدا في عام ١٥٠٧ م قام البرتغاليون بقيادة البوكيرك بغزو عمان مستغلين الحروب الأهلية وضعف دولة
النباهنة في اخر ايامها، ممكا مكنهم من السيطروا على اجزاء كبيرة من السواحل العمانية
وظلت عمان قابعة تحت الاحتلال الاستعماري البرتغالي١٧٤٤ م)، والذي اجمع – حتى قدر لله لعمان ظهور احد ابرز الشخصيات في التاريخ العماني وهو الإمام ناصر بن مرشد مؤسس دولة اليعاربة ( ١٦٢٤) العلماء على اختياره اماما لعمان عام ١٦٢٤ م.
وقد تمكن الإمام ناصر بن مرشد من توحيد البلاد تحت قيادته للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، و من
١٦ م.
وقد واصل بعده الإمام الجديد تحرير جل المناطق العمانية التي احتلها البرتغاليون ما عدا مسقط ومطرح اذ انه توفي في عام ٢٣ ابريل 1649م
سلطان بن سيف الذي بويع بالامامة في ابريل ١٦٤٩ م هذه المهمة في مطاردة البرتغاليين،خاصة وانه توفرت له الكثير من عناصر القوة المادية والعسكرية حتى تم تحرير مسقط، "ؤارغم الحاكم البرتغالي على التخلي عن القلعتين للقواتتالعمانية في ٢٣ يناير ١٦٥٠ م" وهو ما كان ايذانا بأفول نجم البرتغاليين من منطقة الخليج . وبنهاية عام ١٦٥٢ م لم يبق للبرتغاليين في الخليج الا وكالتهم في كينج.
والجدير بالذكر ا ن القوات العمانية
طاردت البرتغاليين الى سواحل فارس و الهند وشرق افريقيا، ويذكر مايلز ان اليعاربة صارت لهم السيادة الفعلية على المحيط الهندي ؤاصبحت سفنهم
تنشر الرعب في قلوب الأوروبيين لمدة قرن ونصف من الزمان
واستمرت دولة اليعاربة ممسكة بزمام الأمور في عمان حتى ضعفت الدولة اليعربية
اثر قيام الحرب الأهلية في عمان بين عامي ( ١٧١٨ /١٧٣٧ م) ،ثم ما اعقبها من صراع على السلطة بعد عزل سيف بن سلطان الثاني عن الامامة لسوء ادرته للبلاد ومبايعة بلعرب بن حمير في ١٧٣٧ م ،حيث رفض سيف بن سلطان القرار وطلب من الحكومة الفارسية في عهد نادر شاه ان ترسل له قوات كي يخضغ خصومه.
الصلح بين سيف بن سلطان و بلعرب بن حمير، وتمت بموجب هذا الصلح تنازل بلعرب عن الامامة لسيف حقنا للدماء وانقاذا لعمان من الغزو
الفارسي
سيرته ومخالفة للشريعة الاسلامية، وبايعوا سلطان بن مرشد بالامامة، وادى هذا الصراع الى سقوط دولة اليعارية بعد وفاة كل من سلطان ابن مرشد قائد المقاومة العمانية داخل الحصن الرئيسي في صحار، وسيف بن سلطان الثاني في قلعة الحزم بالرستاق وبوفاة الإمامين اعد المسرح لظهور
شخصية فذة استطاعت ان تلعب دورًا فاعلاً في التاريخ العماني الحديث و هي شخصية احمد بن سعيد والذي قاد المقاومة العمانية ضد الاحتلال
الفارسي واستطاع ان يوقف الحرب الأهلية، ويطرد الفرس من عمان، وتمت مبايعة بالامامة في عام ١٧٤٤
وفي عهده توطدت اركان الدولة العمانية وتمكن من اعادة توحيد البلاد وٕاخماد الفتن الداخلية، وٕانشاء قوة بحرية كبيرة الى جانب أسطول تجاري ضخم، وهو ما اعاد النشاط والحركة التجارية الى السواحل العمانية
وليس ادل على ذلك من انه ارسل نحو مائة مركب تقودها السفينة الضخمة "
الوقت بعد استنجاد الدولة العثمانية به، واستطاع الأسطول العماني فك الحصار عن البصرة،
فكأفأهم السلطان العثماني بتخصيص مكافأة او خراج سنوي صار يدفع الى ايام دولة السيد سلطان
ابن الامام احمد والى ايام ولده سعيد بن سلطان وبعد وفاة احمد بن سعيد عام ١٧٨٣ م انتخب
ابنه الرابع سعيدًا اماماً ثم ارغم سعيد على التنازل عن الحكم لصالح ابنه حمد في ( ١٧٩٢ م) وفي
عهده انتقلت العاصمة من الرستاق الى مسقط لتستقر فيها حتى الآن.
ولكن حكمه لم يدم حيث انه توفي في نفس العام متأثرا بمرض الجدري وبذلك تجدد الصراع على السلطة بين سعيد ؤاخويه قيس وسلطان، وكانت النتيجة اجتماعاً بين ورثة السلطة اسفر عن عقد اتفاق يتعلق بتقسيم عمان بين:
سعيد الذي بقي في الرستاق وسلطان وله السلطة في مسقط، وقيس ومركز سلطته صحار .
وبالنسبة للعلاقات مع فرنسا فقد كان القنصل الفرنسي في البصرة على صلة صداقة شخصية مع الإمام احمد بن سعيد.
ؤاثر احتلال نابليون بونابرت الذي ظهر في فرنسا لمصر زاد الصراع بين فرنسا وبريطانيا
على كسب ود عمان. وفي عام ١٧٩٨ م سيطر السيد سلطان على الموقف في المنطقة بأسرها
لا سيما بعد صدور مرسوم من الحكومة الفارسية اجاز ضم ميناء" بندر عباس" و" جوادر" و"شهبار" الى حكومة السيد سلطان بن احمد الذي اخضع جزيرتي " قشم" و" هرمز" و وضع فيها الحاميات العمانية
لتأمين السفن التجارية المارة بمضيق هرمز من والى الخليج العربي.
ولكن القدر لم يمهل السيد سلطان بن احمد كي يواصل تحقيق طموحاته في توسيع رقعة الدولة العمانية،فقد وقع قتيلا في ( ٣٠ نوفمبر ١٨٠٤ م). على يد بعض القراصنة اثناء رحلة بحرية كان يقوم بها بين البصرة وعُمان. ليخلفه في الحكم ابنه الشهير السيد سعيد بن سلطان والذي شهدت فترة حكمه قيام الإمبراطورية العمانية
– حفيد مؤسس الدولة البوسعيدية– في سمائ لعام ١٧٩١ م، وقبل مقتله في عام ١٨٠٤ م قام والده السيد سلطان بن احمد بتعيين محمد بن ناصر الجبري وصيا على ابنيه، سالم وكان يبلغ من العمر ( ١٥ ) عاما، وسعيد كان له من العمر ( ١٣ ) عاما، وفي هذه الأثناء قام عمهما قيس بن احمد حاكم صحار بمحاولة للاستيلاء على السلطة في عمان ،فاجتمعت الأسرة البوسعيدية وشاركت بالاجتماع السيد موزة بنت الامام احمد ؤاقر هذا الاجتماع طلب المساعدة من السيد بدر بن سيف بن الامام احمد والذي كان متواجدا في الدرعية "عاصمة الدولة السعودية الأولى"
بعد هربه من عمان على اثر فشل الانقلاب الذي قام به ضد السيد سلطان بن احمد عام ١٨٠٣ م،
وعندما وصلت الدعوة الى بدر من الوصي محمد بن ناصر فانه سرعان ما توجه الى مسقط ليمسك
بزمام الأمور هناك ، وقد استمر بدر بن سيف الحاكم الفعلي لعمان لمدة عامين حتى انتهى عهده بعد سقوطه صريعا على يد السيد الشاب سعيد بن سلطان بعد مبارزة رسمية بالسيف جرت بينهما في بلدة بركاء وبمقتل السيد بدر بن سيف تم لسعيد بن سلطان توطيد حكمه في عمان والمناطق التابعة لها .
وقد تميز السيد سعيد بشخصية قوية، وٕارادة صلبة، وافق واسع، وحنكة كبيرة، جعله بين الفريدين والأفذاذ في تاريخ شرق الجزيرة العربية وشرق افريقيا خلال القرن ١٩ م بل لا نكون مبالغين اذا اعتبرناه من الشخصيات الهامة جدا في تاريخ العرب الحديث والمعاصر.
خاصا بشرقي افريقيا ،
وقام الامام سلطان بن سيف الأول بتحرير مناطق شرقي افريقيا من البرتغاليين، وبفضل ذلك تدعم الوجود العماني في هذه المنطقة وعين الامام ولاة من الشخصيات العمانية عهد اليهم ادارة جزيرة زنجبار وبمبا وممباسا عام
زنجبار عاصمة ثانية
للشطر الإفريقي من امبراطوريته،
وذلك ادراكا منه للأهمية التجارية والاستراتيجية لهذه الجزيرة . وللمزايا العديدة التي كانت تتمتع بها. فمناخها
جميل، وهي ذات مركز وسيط للعمليات التجارية في مملكته، كما ان بها موانىء صالحة لرسو السفن، رغم خطورة قراره هذا، حيث ان المسافة بين العاصمتين تبلغ ٢٥٠٠ ميل والوصول من عُمان الى زنجبار تحكمه حركة الرياح الموسمية. اي ان الدافع الاقتصادي فقط كان وراء هذا القرار
الاستراتيجي وليس كما ذكر حسن غباش نقلا عن كاجار انه جاء “ بناءا على نصيحة الممثلين الفرنسيين، ليصبح اكثر استقلالا عن القوة الإنجليزية ؤاقرب الى ممتلكات صديقته فرنسا “.
ومنذ عام ١٨٤٠ م بدٔا السيد سعيد يطيل اقامته في زنجبار وذلك لما عرف عنه من شغفه بالتجارة وحبه لممارستها، لذا لم يجد مكانا اخر في ممتلكاته يستطيع من خلاله تنفيذ سياسته
الاقتصادية افضل من زنجبار، علاوة على ذلك سياسته الرامية الى تدعيم ممتلكاته الجديدة في
افريقيا .وقد نجح السيد سعيد من جعل زنجبار سوقا تجاريا ضخما،
وحولها من مجرد ميناء
صغير الى اعظم ميناء في شرقي افريقيا، فجذبت زنجبار اهتمام الدول الأجنبية ؤاصبحت
المستودع الرئيسي للتجارة الأ فريقية والآسيوية. وكان للسيد سعيد الفضل في اثراء اقتصاد
زنجبارعن طريق ادخال زراعة القرنفل، حيث ارسل عامله عبد العلي العجمي ليأتيه ببذر
القرنفل من جزيرة موريشيوس وتم غرسه امام بيت المتوني بزنجبار، وقد اصبحت زراعة القرنفل
الثروة الرئيسية لهذه المنطقة، وجعلت من زنجبار اول مصدر للقرنفل في العالم.
كما عمل السيد سعيد على تبسيط نظام الضرائب ولم يكن يفرض على الواردات التي تأتي الى الموانىء الافريقية اكثر من ٥% من ثمنها. اما الصادرات فقد اعفاها من الضرائب. وقد شجع كل ذلك على تنشيط التجارة في ممتلكاته.وقد ساهمت زنجبار مساهمة فعالة في اقتصاد الامبراطورية العمانية في ذلك الوقت واستفاد السيد سعيد من ذلك في تدعيم امبراطوريته المترامية الأطراف والتي امتدت من شواطىء بلاد فارس (بندر عباس) ومن بلوشستان (جوادر) حتى زنجبار لتصل الى رٔاس دلغادو على شواطئ افريقيا (الحدود الشمالية لموزمبيق حاليا).كما امتد النفوذ العماني في الإتجاه الشمالي الغربي حتى ممكلة اوغندا وغرباً حتى ا عالي الكونغو.
ومن اشهر السفن في تاريخ الإسطول العماني
الى وليم الرابع ملك بريطانيا عام ١٨٢٤ م وقد اطلق عليها الأخير اسم (الإمام) تكريماً لمهديها السيد سعيد بن سلطان.
إستقدام خبراء من بريطانيا وهولندا والبرتغال وفرنسا لتفقد السفن المصنعة له في ترسانات السفن في بومباي.
وقد وصف الاسطول العماني في عهد السيد سعيد بن سلطان بأنه كان اقوى اسطول تمتلكه دولة في النصف الأول من القرن ١٩ م من اليابان حتى رٔاس الرجاء الصالح، ويأتي في المرتبة الثانية بعد الاسطول البريطاني.