بقلم: محمد بشير الوظائفي ( كاتب وإذاعي )
عزيزنا القارئ: لقد أثبتت الإحصاءات أن هنالك ما يزيد عن ثمانية ملايين مدخن سابق من الرجال والنساء ، بنسبة 45% و 37% على التوالي . وتعتبر هذه أعلى نسبة مدخنين في العالم بالنسبة لعدد السكان. ولكن يبدو أن عملية الإقلاع عن التدخين أصبحت ظاهرة منتشرة – خاصة في انجلترا ، فقد انخفضت نسبة السجائر المباعة فيها في السنوات الأخيرة 10% عما كانت عليه سابقا .
وقد كانت نسبة الأطباء المقلعين عن التدخين هي النسبة الأعلى بين فئات المجتمع البريطاني حيث وصل عدد المدخنين من الأطباء حوالي ثلاثين ألف طبيب ، يليهم المدرسون ثم الرياضيون الذين شعروا أن التدخين يؤثر على لياقتهم البدنية وأدائهم للتمارين والألعاب الرياضية . وقد دلت الأرقام أن أكثر من 90% من هذه الفئات قد اقلعوا عن التدخين بمحض أرادتهم دون أية مساعدة خارجية .
واستنشاق دخان السيجارة – أيها القارئ الكريم – يصحبه أكثر من ألف مادة كيميائية مختلفة ، أو ما يطلق عليه ( القطران ) ، الذي يستقر في الأغشية الدقيقة التي تبطن المجرى التنفسي والرئتين . ولا يقتصر الأمر على القطران ، بل هنالك مواد سامة أخرى مصاحبة للدخان ، مثل اول أكسيد الكربون ، والنيكوتين ، وحامض الكربوليك ، والبيوتان ، والنشادر . وكلها تسير في مجرى الدم – عصب الحياة في الإنسان !
ولو سألنا أنفسنا : هل التدخين عملية إدمان ؟ لوجدنا الإجابة بالنفي طبعا ، لأنها عملية نفسية أكثر منها شيئا آخر . لذلك فنحن نجد أن صاحب الإرادة القوية يقلع عن التدخين خلال ساعات معدودة ! ولا يفكر بعض المدخنين بالإقلاع عن التدخين ، لإحساسهم بالصحة . وهم يرفضون مجرد الكلام عن أضرار التدخين والنتائج المدمرة المترتبة عليه . ولا يستطيع أحد عمل أي شيء أمام إصرار هذه الفئة من المدخنين . إلا إننا – للأسف الشديد – نلاحظ أن العديد من هؤلاء يقلعون عن التدخين فجأة .. عندما يصابون بمرض خطير أو عندما يأمرهم الأطباء بذلك .. ولكن بعد فوات الوقت …
وهنالك أسباب كثيرة تكمن وراء محاولة غالبية المدخنين الإقلاع عنه ، منها مثلا ما يجيب عليه هؤلاء :
اشعر كلما سعلت أن السيجارة تضرني أكثر مما تفيد !
أريد الإقلاع عن التدخين قبل أن أرزق بأبناء !
التدخين عادة ضارة يلفظها المجتمع ويلفظ من يمارسها !
اشعر بأنني مثال سيء للأجيال القادمة !
لا أريد أن أكون عبدا لهذه العادة السيئة !
التدخين يكلفني الغالي والنفيس !
حتى غير المدخنين يدفعون الثمن غاليا !
هنالك مكاسب كثيرة بعد الإقلاع عن التدخين !
حقائق وأرقام عن أخطار التدخين :
يسبب التدخين أكثر من (50) ألف حالة وفاة سنويا – في بريطانيا – وحدها . وهذا يعني ثمانية أضعاف الذين يموتون في حوادث الطرق !
يسبب أشكالا متعددة من السرطان – وخاصة سرطان الرئة – تصيب المدخنين أكثر من غيرهم !
تبين الإحصاءات أن ضعف الذين يموتون بأزمات قلبية تحت سن (65) من المدخنين – بالمقارنة مع غير المدخنين !
يسبب التهاب القصبة الهوائية المزمن وأمراض الصدر وضيق التنفس وقرحة المعدة للمدخنين أكثر من غيرهم !
يعاني المدخن كثيرا من أمراض الأسنان واللثة !
إن إجراء عملية جراحية للشخص المدخن يعتبر أصعب بكثير من إجرائها لغير المدخن ، كما أن عواقب العملية قد تكون وخيمة أحيانا على المدخن !
خطورة التدخين على الأم الحامل تنعكس على الجنين في بطن أمه ، ويخلق مشوها أو يعاني من أمراض لا حصر لها !
الامتناع عن التدخين :
تشير البحوث أن هنالك سبع فئات من المدخنين . وهذا التقسيم لمساعدة المدخن في معرفة السبب الذي من أجله يدخن ، ولإعطائه بعض الأفكار للامتناع عن التدخين :
أنت تدخن لأنك تشعر بأن في السيجارة راحة لك سواء بعد العمل أو بعد وجبة طعام دسمة. فإذا كنت تشعر بمتعة التدخين في تلك الأوقات عليك أن تجد وسيلة مسلية أخرى بديلة للتدخين ، كتناول بعض المشروبات الغازية والفواكه أو أي نوع آخر لا يؤدي إلى السمنة . ثم ابدأ بممارسة بعض الأنشطة الاجتماعية ، وخفف من تناول بعض المشروبات الساخنة أو الباردة التي تشجع على التدخين بعد الوجبات . وتذكّر دائما الفائدة الصحية التي ستجنيها عند الإقلاع عن التدخين .
السيجارة كمنشّط : إذا كانت السيجارة تشعرك بالنشوة والمتعة ، فلماذا لا تجد بديلا لها كالمشي أو ممارسة بعض التمرينات الخفيفة أو تناول بعض المشروبات المنبهة كالشاي أو القهوة ؟ حاول أن تأخذ نفسا عميقا ثم زفيرا ، فهذا يساعدك على التخلص من بعض آثار النيكوتين والقطران .
سهولة الحصول على السيجارة : أن شعورك بأنك بحاجة إلى شيء تداعبه بين أصابعك ، يجعلك تميل إلى السيجارة أو الغليون أو علبة الكبريت . فلماذا لا تستبدل هذه الأشياء بقلم .. أو قطعة نقود معدنية أو أي جسم صغير ؟ وأنت أيتها المدخنة ، اشغلي يديك بأعمال الإبرة أو الطبخ أو قراءة كتاب مفيد كلما شعرت بأن يديك بحاجة إلى سيجاره .
الرغبة الملحّة في التدخين : أحيانا تشعر أيها المدخن بأنك مدمن على التدخين ، ولا يمكنك الخلاص منه . فأنت إذن تدخن لأنك بحاجة إلى سيجاره ! فأحيانا تسير في منتصف الليل تبحث عن بائع سجائر لتشبع رغبتك … فلماذا لا تحاول تناول فنجان من الشاي أو القهوة أو مضغ اللبان كبديل للسيجارة ؟
التدخين كعادة : تجد أحيانا السيجارة بين أصابعك أو في فمك ، ولا تدري كيف وصلت إلى مكانها … وهذا دليل واضح على انك لست بحاجة إلى السيجارة ولكنها أصبحت عادة أكثر من أي شيء آخر . فلماذا لا تترك علبة السجائر بعيدة عن متناول يدك ؟ عوّد نفسك على التدخين في مكان واحد فقط .. ولا تحاول حمل علبة السجائر أينما ذهبت . لا تحاول شراء علبة جديدة إلا عندما تنتهي من الأولى تماما .
التدخين كعملية اجتماعية نفسيه : أحيانا لا تشعر بمتعة في التدخين ، وبالرغم من ذلك فأنك تدخن مقلدا بذلك كل المدخنين الذين يشاركونك الغرفة – أو المتواجدين في المجلس . وربما لا تشتري السجائر بصورة مستمرة ولكنك لا تمانع أبدا في قبول سيجارة تعرض عليك من آخرين . فلماذا لا تحاول اجتناب الأماكن التي يجتمع فيها المدخنون بصورة مؤقتة أو أن تعرض عن قبول أية سيجارة وتقول ( شكرا .. لا أدخن ) !
وأخيرا .. لا تكن أ سيرا للسيجارة