إن السعادة لا توجد إلا عند اقتراب الروح من خالقها عزَّ وجلَّ، وكلما ارتفعت الروح واقتربت أكثر من الملك
سبحانه وتعالى كانت أسعد ..
ولهذا حين تخرج أرواح المؤمنين من أجسادهم،
فإنها تصعد إلى أعلى وتقترب من الله تعالى ..
أما أرواح العصاة،
فلا تُفْتَح لهم أبواب السماء ولا يدخلون إلى السعادة ..
وحينما اقترب النبي صلى الله عليه وسلم
من موعد سعادته حين وفاته ،
جعل ينصب يده ويقول "اللهم الرفيق الأعلى" [متفق عليه
حتى قُبِضَ ومالت يده صلى الله عليه وسلم ..
فإذا أردت أن تصل إلى السعادة،
يجب أن تصعد بروحك إلى أعلى ..
وهذا لن يحدُث إلا إذا نزلت بجسدك إلى أسفل ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
"أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ" [صحيح مسلم]
وكلما سجدت وتذللت لربِّك أكثر،
أزددت قُربًا وارتفعت مكانتك أكثر ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من تواضع لله رفعه الله" [صحيح الجامع (6162)]
فالسجود هو سر الفرح والسعادة ..
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أمر يُسَرُ به،
خرَّ ساجدًا شكرًا لله تعالى. [صحيح الجامع (4701)]
فإنك حين تسجد لا تنزل إلى أسفل،
بل تسبح إلى أعلى فتقترب أكثر من ربِّك جلَّ جلاله ..
ولذلك تقول في سجــودك:
سبحـــــان ربِّي الأعلى
فما أحلى السجــــود
حين يلتصق جسدك بالأرض، وتقترب روحك من
فاطر السماوات والأرض ..
فتحس بالسعادة تتسلل إلى شِغاف قلبك وتسكن فيها ..
ولا تزال تسجد أكثر، فترتفع درجتك في الجنة أكثر ..
إلى أن تصل إلى قمة السعادة ..
إلى الفردوس الأعلى من الجنة ..
والتي سقفها عرش الرحمن جلَّ جلاله،
فأهلها جارهم هو الله عزَّ وجلَّ ..
عَن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ
قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي "سَلْ"،
فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ "أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟"،
قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ "فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"
[صحيح مسلم]
هل علمت الآن ما الذي كنت تفعله طوال سنوات عمرك؟
أرأيت مدى خسارتك لعدم استشعارك لجمال السجــود
طوال الفترة الماضية؟
وليس جسدك فقط هو الذي يسجد،
بل قلبك أيضًا وهو الأهم ..
الشيخ مشاري الخراز
شكر الله جهدكم هذا وجعله فى موازين حسناتكم
وغفر الله لك ولوالديك وللمسلمين