يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟ اِذْ رابَ دهرٌ وكانَ الدّهرُ ريَّاباَ
فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ وأرْمَلَة ٍ، وابكي اخاكِ اذا جاورتِ اجناباَ
وابكي اخاكِ لخيلٍ كالقطاعُصباً فقدْنَ لَّما ثوى سيباً وانهاباَ
يعدُو بهِ سابحٌ نهدٌ مراكلهُ مجلببٌ بسوادِ الَّليلِ جلباباَ
حتى يُصَبّحَ أقواماً، يُحارِبُهُمْ، أوْ يُسْلَبوا، دونَ صَفّ القوم، أسلابا
هو الفتى الكامِلُ الحامي حَقيقَتَهُ، مأْوى الضّريكِ اذّا مَا جاءَ منتابَا
يَهدي الرّعيلَ إذا ضاقَ السّبيلُ بهم، نَهدَ التّليلِ لصَعْبِ الأمرِ رَكّابا
المَجْدُ حُلّتُهُ، وَالجُودُ عِلّتُهُ، والصّدقُ حوزتهُ انْ قرنهُ هاباَ
خطَّابُ محفلة ٍ فرَّاجُ مظلمة ٍ انْ هابَ معضلة ً سنّى لهاَ باباَ
حَمّالُ ألويَة ٍ، قَطّاعُ أوديَة ٍ، شَهّادُ أنجيَة ِ، للوِتْرِ طَلاّبا
سُمُّ العداة ِ وفكَّاكُ العناة ِ اذَا لاقى الوَغَى لم يكُنْ للمَوْتِ هَيّابا
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ
انّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ
نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْرُوبِ
كمْ منْ منادٍ دعا وَ الَّليلُ مكتنعٌ نفَّستَ عنهُ حبالَ الموتِ مكروبِ
وَ منْ اسيرٍ بلاَ شكرٍ جزاكَ بهِ بِساعِدَيْهِ كُلُومٌ غَيرُ تَجليبِ
فَكَكْتَهُ، ومَقالٍ قُلْتَهُ حَسَنٍ بعدَ المَقالَة ِ لمْ يُؤبَنْ بتَكْذيبِ
لهفي عَلَى صخرٍ فانّي اَرَى لهُ نوافلَ منْ معروفهِ قدْ تولَّتِ
وَلهفي عَلَى صخرٍ لقدْ كانَ عصمة ً لمولاهُ إنْ نَعْلٌ بمولاهُ زَلّتِ
يَعُودُ على مَوْلاهُ مِنْهُ برَأفَة ٍ اذا مَا الموالي منْ اخيهَا تخلَّتِ
وكنتَ إذا كَفٌّ أتَتْكَ عَديمَة ً ترجي نوالاً منْ سحابكَ بلَّتِ
وَمختنقٍ راخَى ابنُ عمرٍو خناقهُ وَغمَّتهُ عنْ وجههِ فتجلَّتِ
وظاعِنَة ٍ في الحَيّ لَوْلا عَطاؤهُ غداة َ غدٍ منْ اهلهَا ما استقلَّتِ
وكُنْتَ لَنا عَيْشاً وَظِلَّ رَبَابَة ٍ إذا نحنُ شِئْنا بالنّوالِ استَهَلّتِ
فتًى كانَ ذا حِلْمٍ أصيلٍ وتُؤدَة ٍ اذَا مَا الحبَى منْ طائفِ الجهلِ حلَّتِ
وَما كرَّ الاَّ كانَ اوَّلَ طاعنٍ ولا أبْصَرَتْهُ الخيلُ إلاّ اقْشَعَرّتِ
فيُدْرِكُ ثأراً ثمّ لم يُخطِهِ الغِنى فمِثْلُ أخي يَوْماً بِهِ العَينُ قَرّتِ
فإنْ طَلَبُوا وِتْراً بَدا بِتِرَاتِهِمْ وَيَصْبِرُ يَحْميهِمْ إذا الخَيلُ وَلّتِ
فلستُ ازرَّا بعدهُ برزَّية ٍ فاذكرهُ الاَّ سلتْ وَتجلَّتِ
أعينيّ جودا ولا تجمُدا ألا تبكيانِ لصخرِ النّدى ؟
ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ ألا تبكيانِ الفَتى السيّدا؟
طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا
إذا القوْمُ مَدّوا بأيديهِمِ إلى المَجدِ مدّ إلَيهِ يَدا
فنالَ الذي فوْقَ أيديهِمِ من المجدِ ثمّ مضَى مُصْعِدا
يُكَلّفُهُ القَوْمُ ما عالهُمْ وإنْ كانَ أصغرَهم موْلِدا
تَرى المجدَ يهوي الَى بيتهِ يَرى افضلَ الكسبِ انْ يحمدَا
وَانَ ذكرَ المجدُ الفيتهُ تَأزّرَ بالمَجدِ ثمّ ارْتَدَى
ذكرْتُ أخي بعدَ نوْمِ الخَليّ فانحَدَرَ الدّمعُ مني انحِدارَا
وخيلٍ لَبِستَ لأبطالِها شليلاً ودمَّرتُ قوماً دمارا
تصيَّدُ بالرُّمحِ ريعانها وتهتصرُ الكبشَ منها اهتصارَا
فألحَمْتَها القَوْمَ تحتَ الوَغَى وَأرْسَلْتَ مُهْرَكَ فيها فَغارَا
يقينَ وتحسبهُ قافلاً إذا طابَقَتْ وغشينَ الحِرارَا
فذلكَ في الجدِّ مكروههُ وفي السّلم تَلهُو وترْخي الإزارَا
وهاجِرَة ٍ حَرّها صاخِدٌ جَعَلْتَ رِداءَكَ فيها خِمارَا
لتُدْرِكَ شأواً على قُرْبِهِ وتكسبَ حمداً وتحمي الذّمارَا
وتروي السّنانَ وتردي الكميَّ كَمِرْجَلِ طَبّاخَة ٍ حينَ فارَا
وتغشي الخيولَ حياضَ النَّجيعِ وتُعطي الجزيلَ وتُردي العِشارَا
كانَّ القتودَ اذا شدَّها على ذي وسومٍ تباري صوارا
تمكّنُ في دفءِ ارطائهِ أهاجَ العَشِيُّ عَلَيْهِ فَثارَا؟
فدارَ فلمَّا رأي سربها احسَّ قنيصاً قريباً فطارا
يشقّقُ سربالهُ هاجراً منَ الشّدّ لمّا أجَدّ الفِرارَا
فباتَ يقنّصُ ابطالهَا وينعصرُ الماءُ منهُ انعصارَا