تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » رجل الذاكرة

رجل الذاكرة 2024.

مقدمه عن الكاتب

ولد (بيتر بيسكل) عام 1935 في مدينة (ليتسرن) الألمانية وعمل كمدرس ثم ككاتب حر للأطفال عام 1955 إلى عام 1968. حصل عام 1965 على جائزة (المجموعة 47) وفي عام 1979 على جائزة مقاطعة (برن) في الأدب وفي عام 1981 على جائزة كتاب مدينة (برجن وانكهيم) وعلى جائزة (هيبل) عام 1986، ويعتبر كاتب الأطفال الأشهر والأفضل في (ألمانيا).
من أهم أعماله: (منزل الضيوف), (فصول السنة), (المسافر), (إلى باريس).

القصه

عرفتُ رجلًا يحفظ مواعيد القطارات عن ظهر قلب؛ إذ إن السكك الحديدية فيما يبدو كانت الشيء الوحيد الذي يثير اهتمامه بحق.

كان يقضي الساعات في محطة القطار، يراقب كيف تذهب القطارات وتجيء، ينظر بدهشة إلى العربات متعجبًا من قوة القاطرة وحجم العجلات، متعجبًا من حركة الموصلات الكهربائية السريعة وعمل مجلس إدارة المحطة الدءوب.

كان يعرف كل قطار يتوقف في تلك المحطة أو يمر بها، من أين يأتي وإلى أين يذهب وفي أي محطات أخرى سيتوقف. كان يعرف أرقام القطارات ومواعيدها وما إن كانت بها عربات طعام أو عربات بريد أو عربات نوم، وكان يعرف أسعار التذاكر والغرامات و… باختصار، كان يعرف كل ما يمكن معرفته عن السكك الحديدية.

لم يكن من مرتادي المطاعم أو دور السينما، ولم يكن يهوى التنزه أو ركوب الدراجة أو الاستماع إلى الراديو أو مشادة التليفزيون، ولا حتى كان من قراء الصحف أو الكتب أو المجلات؛ حتى إنه لم يكن يقرأ الخطابات التي تصله.

طبعًا لم يكن يملك الوقت ليفعل أيًا من ذلك، لأنه كان يقضي أيامه في المحطة.

فقط عندما تتغير خطة القطارات في مايو وأكتوبر لا يراه أحد لبضعة أسابيع، فقد كان يجلس في منزله أمام المنضدة ويحفظ خطة القطارات الجديدة، يقرأها من أول إلى آخر صفحة ويسجل التغييرات في ذاكرته، وبالطبع كان يسعد بذلك.

أحيانًا كان يحدث أن يسأله أحدهم عن موعد قيام قطار ما.

عندئذ كان وجهه يشرق و… وبالطبع لن ترغب في أن تسأله، لأنك إن استمعت إليه فلن تلحق بموعد القطار، فهو لن يتركك مطلقًا, بل سيخبرك بعدد العربات في القطار وطراز القاطرة والمحطات التي ستمر بها, ويوضح أنه يمكن استقلال هذا القطار إلى (باريس) مع تغييره بآخر في (أمستردام) أو (بروكسل)، مع إخبارك بموعد الوصول بالضبط.
لم يكن يستوعب أن الناس لا يهتمون بذلك، وعندما كان يتركه أحدهم ويواصل سيره دون أن ينتهي من سرد كل المعلومات التي لديه كان يستشيط غضبًا وينهال بالسباب!

هو نفسه لم يسافر بالقطار قط! كان يقول إن هذا ليس له معنى لأنه يعرف مسبقًا موعد وصول وقيام القطار, وكانت حجته في ذلك أن “الناس ذوي الذاكرة الضعيفة فقط هم الذين يسافرون بالقطار، لأنهم لو كانوا يملكون ذاكرة قوية مثلي لكان بإمكانهم معرفة مواعيد القيام والوصول كما أفعل، ولم لكن لزامًا عليهم أن يسافروا ويعايشوا وقت السفر!”

حاولت أن أوضح له قائلًا: “لكن هناك من يسعدون بالرحلة ويفضلون السفر بالقطار. ربما يناسبهم الجلوس إلى جوار النافذة ومشاهدة الموجودات في الخارج.”

لكنه غضب لأنه اعتقد أنني أسخر منه وقال: “حتى هذا موجود في خطة السفر، إنهم يمرون على (لوترباخ) و(ديتيجن) و(نيدربيت) و…”

وأخذ يحصي عدد المدن الألمانية التي تمر بها القطارات. تمالكت أعصابي وقلت له: “ربما يسافر الناس بالقطار لأنهم يرغبون في الذهاب إلى مكن ما.”

“حتى هذا لا يمكن أن يكون حقيقيًا.” قالها غاضبًا “لأن جميعهم تقريبًا يعود مرة أخرى! بل إنه يوجد بعض من يركبون من هنا كل صباح ويعودون في المساء. ذاكرتهم ضعيفة جدًا!”
وأخذ يسب من في المحطة، متهمًا إياهم بضعف الذاكرة، وأراد أن (يفسد متعة) ركاب قطار ما فقال لهم في شماتة: “ستمرون على (هاجن دورف)!”

ثم إنه صرخ: “لقد سافرتم بالأمس بالفعل أيها الأغبياء!”
وعندما اكتفى الناس بالضحكات المشفقة أخذ يجذبهم من على درجات القطار مقسمًا ألا يسافرون به أبدًا.

“سأشرح لكم كل شيء بالضبط: ستمرون في الساعة 14:27 على (هاجن دورف). أنا أعرف هذا بالضبط وسوف ترون. أنتم تضيعون أموالكم هباءً. كي شيء موجود في خطة السفر.”
فلما لم يعره أحدهم انتباهًا كاد يضربهم بزعم أن “الذي لا يسمع يجب أن يحس!”

طبعًا لم يكن أمام أمن المحطة سوى أن يخبره بأنه ممنوع من التواجد فيها بعد الآن إذا لم يهدئ ثورته. وأصاب الرجل الهلع لأنه لم يكن يستطيع الحياة بدون المحطة؛ هكذا لم ينطق بكلمة واحدة. فقط كنت تجده بعد ذلك اليوم جالسًا في صمت يراقب القطارات تأتي وتذهب، ومن آن لآخر يهمس لنفسه ببعض الأرقام، محاولًا فهم تصرفات الناس الغريبة.
إلى هنا وكان يمكن أن تنتهي الحكاية بالفعل…

لكن بعد مرور عدة سنوات تم افتتاح مكتب للاستعلامات بالمحطة، حيث جلس رجل بالزي الرسمي خلف الشباك. هذا الرجل كان يعرف إجابات كل الأسئلة التي لها علاقة بالسكك الحديدي؛ الأمر الذي لم يصدقه رجل الذاكرة. هكذا كان يذهب كل يوم إلى مكتب استعلامات مختلف ويسأل عن تفصيلة صعبة للغاية كي يختبر الموظفين

فمثلًا كان يسأل: “ما رقم القطار الذي يصل إلى (لوبك) أيام الآحاد في الساعة السادسة و24 دقيقة صيفًا؟” فينقر الموظف على بضعة أزرار في جهاز الكمبيوتر ويذكر له الرقم الدقيق.
ويسأل: “متى أصل إلى (موسكو) إذا سافرت من هنا في قطار التاسعة و57 دقيقة؟” فيجيبه الموظف.

استسلم رجل الذاكرة إلى قدره ومزق كل خطط السفر التي لديه وقرر أن ينسى كل ما يعرفه. إلا أنه ذات يوم سأل أحد الموظفين: “كم عدد درجات السلالم التي أمام المحطة؟” فقال الموظف إنه لا يعرف.

كاد الرجل يطير في الهواء من فرط السعادة وهو يهتف: “إنه لا يعرف! إنه لا يعرف!”
وأخذ يعد سلالم المحطة وطبع الأرقام في ذاكرته التي لم تعد تحمل أرقام ومواعيد القطارات.

ومنذ ذلك اليوم لم يره أحد مرة أخرى في المحطة، فهو الآن يتنقل في المدينة وينتقل من منزل إلى آخر ليعد درجات السلالم جيدًا، وعندما عرف أعدادها في المدينة كلها استقل القطار لأول مرة في حياته إلى مدينة أخرى ليعد السلالم هناك، ثم يتابع السفر ليعدها في العالم كله.
كل هذا ليعرف شيئًا لا يعرفه أحد…
شيئًا لا يمكن لأي موظف معرفته عن طريق الكمبيوتر

قلم من ذهب

جهد رائع وجميل

لكي فائق احترامي

صالح الفهيد شكرا لمرورك

الذي أنار صفحتي المتواضعه

تقبل ودي

مرحبا ….

أختي بيتال

شكراً لك على هذه القصة الجميلة

و شكراً لك على جهودك في المنتدى

تحياتي

لوسي…

الشكر لك عزيزتي على مرورك الذي اسعدني

تقبلي خالص شكري و تقديري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.