لم يكن الأسير العراقي المحرر علي البياتي يعلم أن القدر سيستجيب لدعائه ويجمعه مع شقيقته بعد فراق دام 36 عاما قضى 20 منها في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفي لحظة إنسانية أبكت الحاضرين في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد روى البياتي امام الصحفيين والمشاركين فى المؤتمر، قصة خروجه من العراق وانضمامه للمقاومة الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي ككل الشباب العربي الذي كان يحلم في ذلك الوقت بالدفاع عن فلسطين وعن قضيتها التي تعد قضية العرب جميعا.وقال البياتي وهو يحتضن شقيقته (استبرق) التي لم تستطع الحديث لعدم تمكنها من التوقف عن البكاء لشدة تأثرها بلقاء شقيقها "إنني ومثل أي عربي حر متضامن مع القضية الفلسطينية التحقت بالمقاومة الفلسطينية تحت قيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات انذاك وقمت بتنفيذ عملية فدائية ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي في نهاريا عن طريق البحر العام 1979، حيث استشهد فيها اثنان من رفاقي في حين تم اعتقالي أنا وزميلي الآخر وحكم علينا بالسجن مدى الحياة".وأضاف أنه تنقل في سجون الاحتلال إلى أن أنعم الله عليه بالحرية، حيث تم إطلاق سراحه في صفقة لتبادل الأسرى تم توقيعها العام 1999.وتابع وهو يذرف الدموع: "توجهت بعد ذلك إلى غزة حيث أولاني الرئيس الراحل ياسر عرفات برعايته وعشت كأي فلسطيني لي حقوق وعلي واجبات، وتزوجت من فلسطينية وأنجبت منها ولدين وبنتا ولم أتمكن من العودة للعراق لرؤية عائلتي منذ أن تم الإفراج عني، إلى أن تم الإعلان عن عقد هذا المؤتمر، حيث غمرتني الفرحة عندما علمت أنني سأكون ممثلا من بين الأسرى الفلسطينيين والعرب في مؤتمر بغداد".وعلى الرغم من سعادته التي لا توصف بقدومه إلى بغداد، إلا أن معاناة البياتي ما تزال مستمرة خاصة وأنه لم يتمكن من رؤية والدته التي حال المرض بينها وبين رؤية ابنها ولم تتمكن من الوصول لفندق الرشيد الواقع داخل المنطقة الخضراء حيث سينتظر يوما آخر حتى يمكنه الوصول إليها خاصة أن هناك إجراءات أمنية معينة لحماية المشاركين في المؤتمر.ويضيف البياتي "ان الساعات التي تفصل بيني وبين رؤية والدتي تمر بالنسبة لي أطول من سنوات السجن العشرين التي قضيتها في سجون إسرائيل". وعلى الرغم من أن قصة البياتي تبدو من أكثر قصص الأسرى المشاركين في مؤتمر بغداد إنسانية إلا أنه يراها تتضاءل أمام ما يعانيه زملاؤه وإخوانه من العرب والفلسطينيين في سجون الاحتلال ومعتقلاته.وشهد فندق الرشيد حالة من التدافع والالتفاف من جانب نزلائه حول الأسير العراقي المحرر لحظة احتضانه شقيقته (استبرق) التي جلست إلى جواره على أريكة صغيرة في أحد أركان البهو الرئيسي للفندق ولا تكاد عيناها تتحولان عن وجه أخيها الذي كان فراقه كابوسا يؤرق حياتها.وبشأن ما إذا كان قد راوده شعور بالندم نتيجة التحاقه بالمقاومة التي أضاعت أغلى سنوات عمره، رد البياتي بثقة، قائلا: "إذا كان هناك من وهب حياته من أجل فلسطين فهل نبخل نحن عليها بسنوات داخل السجون".والبياتي واحد من بين 110 أسرى من الفلسطينيين والعرب الذين يشاركون في مؤتمر بغداد ويروون معاناتهم في سجون الاحتلال الاسرائيلي.